جريدة زمان التركية:
2025-03-17@12:19:57 GMT

الحق والكذب

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

الحق والكذب

بقلم: ماهر المهدي

القاهرة (زمان التركية)ـ الحياة فيها كثير من التحديات، ومن أكبر التحديات التى تواجه الإنسان القدرة على الكذب والقدرة على تفادى الكذب والبعد عنه والقدرة على تحمل الكذب والعيش معه.

وتحدى الكذب هو تحد عظيم أمام كل الناس، بصرف النظر عن الجنسية والعقيدة والعمل والعمر والجنس، لأن الكذب يصيب الروح بالغثيان ويشوه المناظر الجميلة بلون الكذب المنفر سقيم الرائحة ويحيل الحياة الى ماء راكد عفن لا نماء فيه ولا خير ولا يطيب لأحد، لهذا  فمن الغريب أن نجد اليوم شعبا عانى من الاضطهاد والقتل والتعذيب والمطاردة والنفور – حول العالم وليس فى بقعة واحدة – يقتات على الكذب اليومى لحكومته التى تغتال شعبا آخرا وتفعل في أطفاله ونسائه ومرضاه وأرضه كل ألوان الحرمان والعنف والقتل والتخريب حتى قطع الرؤوس والتجويع المخطط المقصود للأطفال الرضع قبل الكبار، بينما القتلة يبيعون الوهم لأنفسهم بزعم الدفاع المشروع الدفاع عن النفس.

ولو أن هذه الحملة العسكرية المجرمة تستطيع القضاء على شعب ما لربما كان للمجرمين المرضى القائمين عليها حق فى تنفيذها واستكمالها، ولكن هيهات لهذه الحملة الآثمة ولأمثالها من الحملات أن تحقق غرضها فى الواقع والا لاستحالت الحياة ولما بقى أحد على وجه الأرض . ولا يحقق هولاء المرضى نجاحا الا فى الوصول الى درجات أكثر دناءة وانحطاطا – على المستويين الشخصى والمهنى – فى أعين العالم أجمع حتى فى أعين أنصارهم وتابعيهم الذين لا يجد بعضهم حرجا فى الخروج على العالم بالصراحة والحقيقة الفاجعة، لعلهم ينقذون شيئا من كرامة ويحققون انسانيتهم.

فالإنسان إنسان مع الجميع وتجاه جميع البشر – دون شروط – وليس تجاه أناس بعينهم دون الآخرين ولو كره المرضى هذه الحقيقة التى تفزعهم وتقض منامهم وتلطخ صورهم المنتشرة بلا معنى سوى النفاق واللامبالاة.

والحقيقة أن الحملة المجرمة التى تهدف إلى تصفية شعب فى وضح النهار فى صلف وبرود قد تصرف الأنظار الى الكراهية التاريخية التى لاحقت شعبا يشتكى كل يوم مما عاناه من الطرد والحصار والنفور والقتل ، إذ قد يبدو أن تلك الكراهية التاريخية لم تنبع من فراغ رغم أن الكراهية ليست عملا حميدا ولا محبوبا.

إن خطورة الحملة الراهنة من القتل والتصفية الغادرة ضد شعب محاصر مقهور محروم من الحياة فى سجن مغتوح لن تقتصر على فضح الحقيقة القبيحة لأصحاب حملة القتل وزعيمهم ، ولكنها ستغير التاريخ وستجعل من عظيم مخاوفهم حقيقة من دم ولحم يرونها أمامهم رأى العين ولا يصرفها عنهم نوم ولا يقظة.

Tags: اكاذيب اسرائيلفلسطين

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: اكاذيب اسرائيل فلسطين

إقرأ أيضاً:

الصعيد.. و"ناسه"

لست ممن يتابعون الأعمال الدرامية سواء فى رمضان، أو غير رمضان، بل إنني توقفت تمامًا خلال السنوات الماضية عن معظم ما يعرض على الشاشات، باستثناء بعض ما يتعلق بالأخبار أثناء الأحداث الهامة، غير أن مقاطع من مسلسل يتناول الحياة فى الصعيد يمر أمامي بين الحين والآخر أثناء تصفح الفيس بوك، الفنان مصطفى شعبان يتألق فى أداء دور كبير العائلة والذى يستمد سطوته من الثروات الضخمة التى حصل عليها من تجارة الآثار، وبالتالي كلمته نافذة على الكبير قبل الصغير، المسلسل الذى يحمل اسم "حكيم باشا" يتبارى فيه كبار النجوم فى أداء أدوارهم، وكذلك النجوم من شباب الفنانات، غير أن هذا العمل كما سابق كثيرًا من الأعمال لا تعبر عن واقع الحال فى الصعيد.

أول ما لفت نظري هو أن "حريم القصر" كما يسمونهم فى المسلسل خلعن غطاء الرأس فى وجود ابن العم، وعم الزوج، وأبناء عم الزوج، وهكذا، وكلهن صففن الشعر، وتركهن مسدلاً على الاكتاف، وهذا ما لا يحدث على الإطلاق مهما بلغت درجة الثراء فى العائلات، بل إن السيدة أو البنت بمجرد نزولها من شقتها الموجودة فى بيت العائلة لا تستطيع أن تتخفف من ملابسها، أو غطاء الرأس، فهي دائمًا مستعدة لدخول ضيف، أو أحد الأقارب، ناهيك بالطبع عن طريقة اللبس التى تميل إلى الفلكلور، وكمية الذهب المبالغ فيها التى ترتديها كل نساء العمل، صحيح هم يحبون الألوان الزاهية ويلبسونها فى المناسبات والأثرياء منهم يملكون من الحلى الذهبية الكثير ولكنهم أيضًا لا يلبسونه إلا فى المناسبات.

منذ سنوات لبيتُ دعوةً لحضور حفل عرس أحد الأبناء فى محافظة سوهاج، بادرتني إحداهن "إيه رأيك فى عيشتنا.. يا تري زي المسلسلات؟" قلت لها: بالطبع لا، فقالت: "إحنا نفسنا بنضحك على اللى بنشوفه عن ستات الصعيد ونتمنى يكتبوا حاجه حقيقية عنا"، لم أجد هناك كلمة "الحرمة" التى نسمع عنها فى المسلسلات والأفلام، ولكنني وجدت سيدات تذهبن إلى وظائفهن دون أية قيود، وفتيات تعلمن فى الجامعات، ونبغن فى كليات القمة، بالإضافة إلى شابات، وفتيات صغار تجدن كل حنو ومحبة من الكبار.

على مدى سنوات عمري المهني والشخصي، كانت الصورة الذهنية للجزء الجنوبي من الوطن هى صورة نمطية تعكس موروثات من السلوكيات والعادات وربما الصفات التى تدور جميعها حول الثأر، وقهر وتهميش المرأة، وخشونة التصرفات، وقسوة المشاعر، وفوق ذلك معدلات فقر تؤكدها إحصاءات رسمية، ومصادر بحثية، ولكنني مع أول زيارة اكتشفت عوالم أخرى لا تعكسها الصورة المصدرة لنا دومًا عن تلك البقعة من أرض الوطن.

تجارة السلاح والآثار والتهريب تلك هى صورة الصعيد فى المسلسلات مع تزيد وتصنع فى اللهجة، مع أنه هناك لكنة مختلفة لكل محافظة، ولكنها عامة ليست بتلك الخشونة التى تصدرها المسلسلات، فمع زيادة نسب التعليم والتأثر بما يقدم فى وسائل الإعلام اقتربت اللهجة من طريقة "القاهريين" فى الكلام، أضف إلى ذلك بالطبع أن هناك قامات سياسية، وثقافية، وإعلامية أثروا بعلمهم، وموهبتهم، وثرائهم الثقافي المجتمع المصري ككل على مر التاريخ.

نتمنى على كتّاب الدراما، وخاصة ما يتعلق منها بالصعيد، زيارة هذا الجزء الجنوبي من أرض الوطن، ومعايشة قضاياهم، ومشكلاتهم، وواقعهم بالفعل، حتى تكون الأعمال مرآة للواقع ورسالة تخدم، وتفيد.

مقالات مشابهة

  • سفاحون أرعبوا العالم.. إيميليا داير صنفوها بأبشع سفاحة في القرن الماضى بإنجلترا
  • 22 ميدالية في 3 أشهر.. إنجازات تاريخية لأبطال المؤسسات الرياضية العسكرية
  • إفطارهم في الجنة محمد مبروك.. صوت الحق الذى لم يسكت
  • الصعيد.. و"ناسه"
  • نجوم الأهلي يشاركون في الحملة الترويجية لكأس العالم للأندية 2025
  • ندوة تستعرض دور سلطنة عُمان الإنساني وجهود تأمين إمدادات الغذاء
  • نائب: الحق في الملكية الخاصة واحد من حقوق الإنسان الأساسية
  • عراقجي لترامب: ليس لأميركا الحق في إملاء سياسة إيران الخارجية
  • نشأت الديهي مصر ليست طرفًا في أي حرب.. وترحيب بتصريحات ترامب الأخيرة
  • كبسولة في قانون.. قبل ما تسيب حد يقعد في بيتك اعرف ما هو وضع اليد