ناشونال إنترست: الوقت ينفد لمنع حرب واسعة بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
التواجد العسكري الأمريكي وسياسات واشنطن في الشرق الأوسط "لا تردع العنف، ولا تعمل على استقرار المنطقة.. وتخاطر بتصعيد كبير".
وحسب تحليل أعده المحلل السياسي العسكري جون هوفمان، ونشرته مجلة "ناشونال إنترست"، وترجمه "الخليج الجديد"، محذرا من أن "الوقت ينفد بسرعة أمام منع مذبحة أكبر في غزة واندلاع حرب على مستوى المنطقة".
وتابع: "مثل هذه الأحداث سيبتلى الشرق الأوسط بتداعياتها، وستقوض مصالح الولايات المتحدة لأجيال".
ونوه التحليل إلى أنه "من غزة إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى اليمن، لا يمكن حل المشاكل السياسية التي يعاني منها الشرق الأوسط من خلال القوة العسكرية.. وفي جميع أنحاء المنطقة، نشهد حروبا تندلع دون أهداف سياسية معقولة".
وأضاف أن الهجوم الإسرائيلي على غزة ودعم الولايات المتحدة الذي لا يتزعزع له يكمن في قلب هذه الصراعات، مشددا على أن "وقف إطلاق النار في غزة يحمل أفضل فرصة لإنهاء تلك الصراعات، أو على الأقل قمعها إلى حد كبير".
اقرأ أيضاً
لماذا يصر بايدن على نفي ارتباط اضطرابات الشرق الأوسط بحرب غزة؟
وأشار إلى أنه "قد لا يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى وقف كامل للأعمال العدائية في المنطقة، إلا أن هذا الأمر سيمنع الجماعات المسلحة من التذرع بالحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة لقيامهم بأعمال عدائية على مستوى المنطقة"، وفق التحليل.
وأوضح أن واشنطن تخاطر "بحرب طويلة" في المنطقة"، معللا ذلك بأنه "لا هدف" لها، وداعيا إلى وقف الهجمات المتبادلة بين القوات الأمريكية ووكلاء إيران في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن هذا الوضع الذي تفجر منذ الحرب التي اندلعت في غزة بعد هجوم حماس إلى إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، يجب إنهاؤه في غزة ذاتها، ببذل "جهود أكبر نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ومنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح البريئة".
وأكد التحليل أنه من دون استقرار للوضع في غزة "لن تكون هناك تهدئة إقليمية، وما دامت الحرب في غزة مستمرة، سوف يستمر الشرق الأوسط في الانزلاق نحو حرب شاملة".
وأفاد بأن "الحروب التي ليس لها أهداف سياسية يمكن الوصول إليها لا تؤدي إلا إلى العنف من أجل العنف"، مضيفا أن "هجمات إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة لا تحمل أي وعد بتحقيق أهداف سياسية معلنة، ولهذا على واشنطن التحرك بسرعة لوقف تداعيات ما يحصل في المنطقة لحماية المصالح الأمريكية".
اقرأ أيضاً
إنهاء حرب غزة.. لماذا يصر الإعلام الأمريكي على إضاعة مفتاح وقف التصعيد بالشرق الأوسط؟
وحذر التحليل من أن إسرائيل لم تظهر أي استراتيجية سياسية طويلة المدى في غزة، باستثناء التدمير المنهجي للقطاع وسكانه، مشيرا إلى أن معارضة رئيس وزراء الاجتلال بنيامين نتنياهو المتفاخرة لحل الدولتين لا تترك سوى خيار حرب لا نهاية لها في القطاع.
وخارج غزة، كانت التأثيرات الإقليمية للحملة العسكرية الإسرائيلية عميقة بالفعل، فخطر اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان يتزايد يوما بعد يوم، ومن الممكن أن تنتقل الحرب بسهولة إلى لبنان مع نفس المشكلة الموجودة في الحرب في غزة: "الافتقار إلى أهداف سياسية واضحة وقابلة للتحقيق".
وفي العراق وسوريا، استهدفت الجماعات المدعومة من إيران مرارا وتكرارا أفراد الخدمة الأمريكية ردا على دعم واشنطن لحملة تل أبيب في غزة، مما أثار ردود فعل عسكرية من الولايات المتحدة.
وقد تم حتى الآن استهداف القوات الأمريكية المتمركزة في جميع أنحاء العراق وسوريا أكثر من 160 مرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث أصيب ما لا يقل عن مقتل 3 جنود وإصابة 83 آخرين.
يتم نشر القوات الأمريكية في العراق وسوريا دون أي هدف عسكري متماسك، في حين أنها تمثل هدفًا خطيرًا للحرب مع إيران.
اقرأ أيضاً
نيويورك تايمز: الحرب الإقليمية التي كان يخشاها الجميع بدأت بالفعل في الشرق الأوسط
وإلى الجنوب، شنت حركة الحوثي اليمنية أكثر من 30 هجوماً بطائرات بدون طيار وصواريخ ضد السفن التجارية في البحر الأحمر رداً على الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ورداً على هذه الهجمات، نفذت الولايات المتحدة ضربات متعددة ضد الحوثيين، وسط تقارير عن حملة عسكرية أوسع ومفتوحة ضد الجماعة اليمنية، وهو ما يعرض الهدنة الهشة بين السعودية والحوثيين، بعد ما يقرب من 9 سنوات من الحرب المدمرة للخطر، بينما يهدد أيضًا بتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
ولفت التحليل إلى أن الوجود الأمريكي وسياساته في الشرق الأوسط "لا يردع العنف، ولا يعمل على استقرار المنطقة".
وأضاف: "ما دامت الحرب في غزة مستمرة، فلسوف يستمر الشرق الأوسط في الانزلاق نحو حرب شاملة".
وخلص التحليل إلى أن "الحروب التي ليس لها أهداف سياسية يمكن الوصول إليها، لا تؤدي إلا إلى العنف من أجل العنف، ويجب أن يتم رفضها بشكل قاطع من قبل الجميع".
اقرأ أيضاً
أمن الشرق الأوسط 2024.. حرب غزة تهدد بإشعال 3 ساحات إقليمية
المصدر | جون هوفمان/ ناشونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الشرق الأوسط إسرائيل حرب غزة فلسطين الخليج إيران الحوثيون الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط أهداف سیاسیة فی المنطقة اقرأ أیضا إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
مخططات تقسيم الشرق الأوسط: الخلافات «وقود خبيث».. وإسرائيل الرابح
تشهد المنطقة العربية والشرق الأوسط تحولات جيوسياسية كبرى فى العقود الأخيرة، كشفت العديد من المخططات التى تهدف إلى تقسيم الدول العربية وإعادة رسم خريطة المنطقة، إذ لا تقتصر مخططات التقسيم على التحولات الداخلية التى تحدث فى بعض الدول، بل تشمل التدخلات الخارجية التى تهدف إلى إضعاف وحدة الشعوب، عبر تحفيز الصراعات الطائفية، ودعم الانفصال والتجزئة، وإضعاف الشأن العربى وتفتيت كياناته السياسية.
وتعود بداية مخططات التقسيم إلى سنوات طوال؛ ففى عام 1957، أعلن الرئيس الأمريكى دوايت أيزنهاور ما عُرف بـ«مبدأ أيزنهاور»، الذى كان يقضى بأحقية الولايات المتحدة فى التدخل لصالح أى دولة فى الشرق الأوسط.
وفى العصر الحديث، هناك مخطط برنارد لويس، الذى يهدف إلى تقسيم الدول العربية إلى دويلات وأقاليم على خلفيات دينية وعرقية، وفى عام 2004، ظهر مشروع «الشرق الأوسط الكبير» من قبَل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، الذى استهدف تقسيم بعض الدول العربية إلى كيانات أصغر على أسس طائفية أو عرقية.
وتبعه مشروع «الفوضى الخلاقة» فى العام نفسه، إذ استُخدم هذا المصطلح فى 2005 من قبَل وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، التي دعمت استراتيجيات تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط عبر تفكيك العديد من الدول العربية وإطلاق شرارة الحروب الأهلية، لتعم الفوضى العديد من الدول.
لم تكن المخططات تستهدف إعادة تقسيم المنطقة فحسب، بل تفتيت الدول العربية نفسها، وهو ما برز فى مشروع تقسيم العراق عام 2006، خصوصاً بعد الغزو الأمريكى، إذ روج بعض المسئولين والمفكرين الأمريكيين لفكرة تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات منفصلة «دولة شيعية فى الجنوب، دولة كردية فى الشمال، ودولة سنية فى الوسط»، وعلى الرغم من أن المشروع لم يتم تنفيذه رسمياً، فإن العراق شهد تفككاً داخلياً بسبب الانقسامات الطائفية، ما ساعد على نمو الجماعات المتطرفة مثل تنظيم داعش الإرهابى.
وفى عام 2011، برز مخطط تقسيم ليبيا، بعد تدخل حلف الناتو على خط الأزمة، حيث بدأت بعض الأطراف الدولية فى الحديث عن تقسيم ليبيا إلى ثلاث مناطق مستقلة أو فيدرالية؛ المنطقة الغربية التى تسيطر عليها طرابلس، والشرقية وعاصمتها بنغازى، والجنوبية التى تسيطر عليها الجماعات المسلحة، وعلى الرغم من عدم تنفيذ المخطط رسمياً، لكن ليبيا شهدت تفككاً سياسياً وصراعات مستمرة بين مختلف الفصائل المسلحة.
وفى 2012، برز مخطط تقسيم سوريا، وبدأت الفكرة تنتشر بشكل أكبر بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، وكانت هناك دعوات من بعض الأطراف الدولية لتقسيم سوريا إلى مناطق ذات أغلبية عرقية أو طائفية، مثل دولة كردية فى الشمال، وعلوية فى الساحل، وكيانات سنية فى بقية المناطق، وهو ما لاقى معارضة من الحكومة السورية وحلفائها، لكنه أصبح محل نقاش خلال الحرب الأهلية التى أدت إلى تدخلات متعددة من القوى الأجنبية.
«إسماعيل»: الغرب سعى لتحويل الدول العربية إلى كيانات طائفية وعرقيةوقال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية، إن مخططات تقسيم الشرق الأوسط بدأها بعض المفكرين الأمريكيين مثل صامويل هنتنجتون، وميشيل فوكوياما، وتوماس فريدمان، وتحدث هؤلاء المفكرون عن تقسيم الدول العربية إلى كيانات أصغر، تحت مسمى «الشرق الأوسط الجديد» وإعادة هيكلة المنطقة، ومن ضمن تلك التحركات ما يسمى بـ«الربيع العربى».
وأشار «إسماعيل»، لـ«الوطن»، إلى أن المخططات كانت تشمل تقسيم دول مثل السودان واليمن وسوريا وليبيا على أسس طائفية أو عرقية، مؤكداً أن المخططات كانت تتضمن تقسيم مصر، لكن القيادة السياسية المصرية حافظت على استقرارها بفضل تماسك شعبها ووجود مؤسساتها القوية كالقوات المسلحة.
«مهران»: مطلوب تعزيز دور الجامعة العربيةوأكد محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولى، أن مخططات تقسيم المنطقة العربية وتفتيت دولها تتعارض مع مبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى وجود مخططات ممنهجة لتفتيت الدول العربية وإعادة رسم خريطة المنطقة وفق مصالح قوى إقليمية ودولية.
وتابع «مهران»: «المنطقة العربية تواجه تحديات غير مسبوقة فى ظل تصاعد الصراعات الإقليمية وتزايد التدخلات الخارجية، ما يتطلب يقظة عربية مستمرة لحماية وحدة وسيادة الدول العربية».
وحذر «مهران» من نجاح مخططات التقسيم؛ لأنها تفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات الخطيرة على المنطقة بأكملها، مشيراً إلى أن تفتيت الدول العربية سيؤدى إلى إضعاف قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، منوهاً بأن المخططات الحالية تستند إلى استراتيجيات قديمة لتفتيت المنطقة، مثل اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من محاولات لتقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية.
وشدد أستاذ القانون الدولى على ضرورة تعزيز دور جامعة الدول العربية وتفعيل آليات العمل العربى المشترك، إضافة إلى تقوية المؤسسات الوطنية وتعزيز التماسك المجتمعى فى الدول العربية، لافتاً إلى أهمية الوعى الشعبى بخطورة مخططات التقسيم، وأن تماسك المجتمعات العربية وتعزيز الهوية الوطنية يمثلان خط الدفاع الأول ضد محاولات التفتيت.
«العنانى»: التدخلات الخارجية مدفوعة بمصالح شخصية والمشكلات الداخلية تسهل المخططات الاستعماريةوقال أحمد العنانى، خبير العلاقات الدولية، إن الاضطرابات تعد فرصة لبعض الدول لتغذية الصراعات الداخلية، ما يسهل عليها تحقيق أهدافها، موضحاً أن التدخلات الخارجية، سواء من دول كبرى أو إقليمية، تكون مدفوعة بالمصالح الشخصية، فالمشكلات الداخلية والانقسامات بين الأطراف المختلفة تسهل المخططات الاستعمارية، حتى تصبح الدول أهدافاً سهلة للأطراف الخارجية التى تبحث عن موطئ قدم لها.
واستشهد «العنانى» بوجود القوات الروسية والتركية والإيرانية فى سوريا، التى تتفاوت أهدافها بين تأمين مصالحها الاستراتيجية أو محاربة الجماعات المتطرفة.
وأكد أن إسرائيل هى أكثر المستفيدين من الفوضى فى المنطقة، خصوصاً من خلال توغلها فى مناطق استراتيجية بالعديد من البلدان سواء فلسطين أو سوريا وحتى لبنان واليمن، سعياً إلى ضمان أمنها القومى وتعزيز نفوذها، لافتاً إلى أن التطورات الحالية تشير إلى أن تفتيت الدول العربية يعود جزئياً إلى التدخلات الخارجية وانعدام الاستقرار الداخلى، وفى ظل هذه الظروف، يصبح الشرق الأوسط منطقة ملتهبة، تتطلب جهوداً مشتركة لتحقيق التماسك والاستقرار.