ذكرى وفاة الشيخ راغب مصطفى غلوش|ذاع صيته وسافر لدول العالم لإحياء ليالي رمضان
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
تحل علينا اليوم الأحد 4 فبراير ذكرى وفاة القارئ الشيخ راغب مصطفى غلوش، الذى ولد في 5 يوليو 1938م بقرية برما، مركز طنطا بمحافظة الغربية.
كان من بين رواد المسجد الحسين، وسافر إلى معظم دول العالم ومنها إيران، كل شهر رمضان على مدار 30 عاما متتالية، كما وجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية وخاصة في الكويت والإمارات والسعودية، فمن هو الشيخ راغب مصطفى غلوش؟.
أراد والد الشيخ راغب مصطفى غلوش أن يلحقه بالتعليم الأساسي ليكون موظفًا كبيرًا، وكانت الكتاتيب كثيرة بالقرية والإقبال عليها ملحوظ وملموس، وكان الناس في ذلك الوقت يهتمون بتحفيظ أبنائهم القرآن ليكونوا علماء بالأزهر الشريف، لأن كلمة: (عالم) لا تطلق في نظرهم إلا على رجل الدين وخاصة إمام المسجد الذي يلقي خطبة الجمعة.
مصيبة كبيرة وإثم عظيم.. إياك من هذا الفعل يحرمك من عفو الله لو نصيبك اتأخر.. علي جمعة: طمن قلبك ربنا هيجبر بخاطرك مثلما فعل مع سيدنا محمدأشار أحد الأقارب على والده بأن يأخذ ولده راغب ويسلمه لأحد المشايخ المحفظين لكي يحفظه القرآن، ووافق والده على هذه الفكرة وصرح لإبنه راغب بالذهاب إلى الكُتاب بعد إنتهاء اليوم الدراسي، ولكن الموهبة أعلنت عن نفسها فكان الطفل الصغير ابن الثامنة حديث أهل القرية وخاصة المحفظين والحفظة.
ذاع صيته بالقرى المجاورة في ال 14 من عمره، حتى وصلت مدينة طنطا معقل العلماء وتوالت إليه الدعوات من القرى والمدن القريبة من قريته في شهر رمضان عام 1953 بقرية محلة القصب بمحافظة كفر الشيخ، وكان عمره: (15 سنة)، وكانت المهمة شديدة الصعوبة في البداية فكيف يحتل المكانة المرموقة وسط جو يموج بمنافسات ضارية بين جهابذة تربعوا على عرش التلاوة في هذه البقعة بوسط الدلتا والوجه البحري وخاصة محافظة الغربية التي نشأ فيها الشيخ راغب في ظل وجود عملاقين الأول الشيخ مصطفى إسماعيل، والثاني الشيخ محمود خليل الحصري، وكل منهما نشأ في إحدى قرى طنطا.
فعل واحد يحل كل المشاكل ويرزقك الله به رزقا عجيبا.. مذكور في سورة نوح انتصف رجب فعليك بعمل واحد قبل أن ينتهي .. انتهز الفرصة ولا تضيعهاويقول الشيخ راغب: "وفقت لأن أجعل من وجود الشيخ مصطفى إسماعيل بمنطقتنا دافعًا ومثلًا أعلى فحاولت تقليده وإتجهت إلى مدينة طنطا باحثًا عن عالم قراءات فوجهني أحد المعارف إلى رجل بالمعهد الأحمدي اسمه المرحوم الشيخ: إبراهيم الطبليهي الذي علمني التجويد والأحكام السليمة وقرأت عليه قراءة ورش وأهلني لأن أكون قارئا للقرآن كل يوم بالمسجد الأحمدي، وخاصة بين أذان العصر والإقامة فالتف الكثيرون من حولي وبفضل الله دخلت قلوب الكثير من الناس .
وفي مسجد الإمام الحسين بدأت أنطلق إلى ما كنت أحلم به تعرفت على كبار المسؤولين بالدولة وتقربت منهم وشجعوني على القراءة أمام الجماهير وكانوا سببًا في إزالة الرهبة من نفسي وكانوا سببًا قويًا في كثير من الدعوات التي وجهت إليّ لإحياء مآتم كثيرة بالقاهرة زاملت فيها مشاهير القراء بالإذاعة أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ محمود خليل الحصري وغيرهم من مشاهير القراء.
كما التحقت بالإذاعة من خلال تواجدي وقربي من كبار المسئولين بمسجد الحسين.
فعل واحد يحل كل المشاكل ويرزقك الله به رزقا عجيبا.. مذكور في سورة نوح معجزة ربانية يوم 27 رجب .. ترقبوها من الآن عجائب آيات اللهسافر الشيخ راغب إلى معظم دول العالم ومنها إيران، كل شهر رمضان على مدار 30 عاما متتالية، كما وجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية وخاصة في الكويت والإمارات والسعودية.
وفي السنوات الأخيرة فضل البقاء في مصر في شهر رمضان المبارك، وللشيخ راغب تسجيلا مرتلا يذاع بإذاعات دول الخليج العربي، وظل يتلو قرآن الفجر مرة كل شهر بأشهر مساجد مصر على الهواء مباشرة بالإضافة إلى تلاوته يوم الجمعة والمناسبات الدينية عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون.
توفي في 4 فبراير 2016 بعد مرض نقل إثره إلى أحد المستشفيات عن عمر يناهز 77 سنة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
فى وداع العالم الدكتور محمد المرتضى مصطفى
نقل لى الصديق العزيز الأستاذ سيف الدين عبد الحميد النبأ الحزين جدا عن إنتقال الدكتور محمد المرتضى مصطفى إلى جوار ربه اليوم الأربعاء بمدينة سان ريمون بولاية كاليفورنيا .
رحم الله الأستاذ الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى وانزله منازل المصطفين المكرمين وجعل البركة فى أبنائه وأحفاده وزوجته الراحلة السيدة منى عز الدين فى برزخها العامر البهى والتى سبقته إلى دار البقاء قبل أربعة أعوام ،وكل أسرته الكبيرة وكل عارفى فضله واحسن عزائهم فيه والزمهم الصبر الجميل ..
الدكتور محمد المرتضى من علماء البلد الأفذاذ والتكنقراط النادرين جدا.. وهو واحد من قلة من السودانيين من ذلك الجيل تلقوا دراساتهم العليا بجامعة هارفارد الأمريكية المرموقة .
شغل منصب وكيل أول وزارة العمل لسنوات إبان حكم الرئيس نميرى وبعض من فترة حكومة الصادق المهدى الذى اقاله بعد أن اختلفا فى التصورات على خطط إصلاحات الخدمة المدنية وقد رأى فيه رئيس الوزراء وقتها نموذجا للتكنقراطي المحترف صعب القياد .
بعد يومين من إقالته تلقى إتصالا من منظمة العمل الدولية بجنيف تطلب منه الحضور إلى مقرها بسويسرا فورا وقامت بتعيننه خبيرا بها ومديرا لمكتبها بإقليم جنوب إفريقيا مقيما فى هرارى عاصمة زيمبابوي وخلال فترة عمله هناك وضع واشرف على خطة إنتقال الخدمة المدنية ونظام العمل فى جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصرى إلى النظام الديمقراطى .وحينما كان يعمل بهرارى لعب دورا مهما فى إلتحاق الدكتور عبد الله حمدوك بالعمل فى اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة .
وبعد أن ساءت العلاقة بين نظام الإنقاذ ومصر فى النصف الأول من التسعينيات إثر تورط نظام الإنقاذ فى عملية إغتيال الرئيس المصرى وقتها حسني مبارك ووصلت إلى الحضيض تم نقله من هرارى إلى القاهرة مديرا لمكتب منظمة العمل الدولية لإقليم شمال إفريقيا وليمثل قناة خلفية لتخفيف التوتر فى العلاقة بين البلدين .
ربطتنى بالرجل محبة كبيرة وخالصة لوجه الله منذ أن تعرفت عليه أوائل الألفين فى زياراته لمقر صحيفتنا "الصحافي الدولي" والتى كان تجمعه صداقة برئيس مجلس إدارتها الدكتور محمد محجوب هارون .
كان يفرح جدا بزياراتنا المسائية له معا انا والاخ والزميل العزيز سيف الدين عبد الحميد مترجم الصحيفة او ايا منا بمفرده منذ أن كان بمنزل الأسرة فى الخرطوم (3) ثم بعد إنتقاله إلى منزله الفخيم بحى قاردن سيتى ويكرمنا غاية الكرم .. وكان يهدينى كتبا واشياء اخرى قيمة كلما عاد إلى السودان من اسفاره بالخارج وقبل كل ذلك كان ينفعنا بعلمه الغزير وتجربته وخبرته الثرة الحياتية والعملية فى السودان وخارجه ويصحح بلطف الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة عندى حينما يرى جنوحا من أثر فورة وحماس الشباب وقتها ويبقى على جوهرها الإنسانى . كما كان يلهمنى كثير من الأفكار النيرة التى استفدت منها فى اعمالى الصحافية وفى حياتى الخاصة . كان يفعل كل ذلك بتواضع جم ومحبة توصيل الخير إلى الناس .
كان الدكتور مرتضى شاهدا على العصر وعارفا باقدار الرجال فى بلادنا ومحيطها العربى و الافريقى يختزن مئات القصص والحكايات لاشخاص واحداث ومواقف عاصرها او كان جزءا منها او قرأ عنها فى مظان لا تتوفر ببلادنا خاصة تلك التى تكون قد شاعت بسردية معينة ورسخت فهما بعينه فى تاريخنا الحديث او القديم نسبيا وحينما تسمعها منه بوقائعها الدقيقة وحواشيها ومقدماتها تغير لك كل معرفتك عنها .
كان محبا جدا للاستاذ محمود ويرى فيه عالما ومصلحا دينيا كبيرا عاش فى واقع جاهل وحوكم بواسطة قضاة وفقهاء وحكام ليس لديهم من علمه ولا قلامة ظفر .
يدعونى كتيرا عنده حينما يكون عنده ضيوف مهمين عازمهم عشاء او غداء وخاصة فى رمضان ..
التقيت عنده بشخصيات مهمة سودانية وأجنبية خاصة من مصر وإثيوبيا وارتريا ومن ضمن عرفتهم عنده السياسى الارتري حروى تدلا بايرو الذى يقيم فى السويد وكان والده تدلا بايرو من كبار الزعماء السياسيين فى ارتريا .. عرفه دكتور مرتضى بعلاقتى الفكرية بالاستاذ محمود فتحولت جلستنا كلها للحديث عنه حيث أشار لى للعلاقة القوية التى ربطت قادة جبهة التحرير الارترية بالاستاذ محمود وكيف انهم كانوا يتلقون منه الأفكار والنصائح العميقة المضيئة والاكرام حينما كانوا يزورونه بمكتبه فى عمارة إبن عوف بالخرطوم .
وأذكر من ضمن الكتب التى اهدانى اياها د. مرتضى الترجمة العربية لكتاب البروفيسور عبد الله النعيم (نحو تطوير التشريع الاسلامى) الذى ترجمه وقدم له المفكر المصرى الدكتور حسين أحمد أمين وحدثنى مطولا عن المترجم وأسرته فقد كان د. مرتضى عارفا دقيقا بالحياة والثقافة المصرية وتاريخها ونخبها .
من ضمن زملاء د. مرتضى فى مرحلة الدراسة الثانوية بمدرسة خور طقت كان الدكتور فرانسيس دينق وحكى لنا كيف انه ولمكانة والده سلطان دينكا نقوك، دينق مجوك وعلاقته المميزة بناظر المسيرية بابو نمر تم استيعابه بالمدرسة المرموقة بعد أن انتهت فترة القبول وذكر لنا أنه استضافه فى غرفته بداخليات المدرسة لقرابة العام .
عندما يكون الدكتور مرتضى موجودا بالسودان وانقطع منه لأسبوعين يتصل بي ليسأل عن صحتى وأسباب غيابي .
عاش الدكتور مرتضى حياته باستقامة وطنية ومع انه لم يكن منتميا سياسيا لحزب ولكنه كان وطنيا غيورا فحينما كانت تغضبه اقوال وتصريحات مسؤولى نظام الإنقاذ وما أكثرها كان يتصل بى ويطلب منى الحضور إليه ويُملينى مقالا كاملا عالما فى نقد وتصويب مقولات ذلك المسؤول .
وكما كان الرجل متواضعا كان أيضا ضحوكا يطرب للطرفة ويحكى كثيرا من المواقف والأحداث الطريفة ويضحك لها بصوت مجلجل محبب إلى النفس.
استضفناه فى منبر صحيفة "الصحافة" عام 2007 تقريبا فى محاضرة عن جذور فشل الدولة السودانية وقد وجدت الأفكار التى اذاعها أصداء واسعة فى ذلك الوقت ولم ترق المسؤولين فى الدولة وقتها ولا زال يتم تدوير الرصد المنشور فى الصحيفة و الذى قام به الزميل قرشى عوض فى السوشيال ميديا كل حين وآخر وكانما كان الدكتور الراحل يحذرنا ويتنبأ لنا بهذا المآل الحزين الان .
الا رحم الله العالم الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى برحمة الرحيم وجزاه عنا المقامات العُلى عنده ..
لا حول ولا قوة إلاّ بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
علاء الدين بشير - الشارقة
20 نوفمبر