سباق مميت في كراهية العرب
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
آخر تحديث: 4 فبراير 2024 - 9:51 صبقلم:فاروق يوسف تعددت الآراء في مسألة رد الولايات المتحدة على القصف الذي تعرضت له إحدى قواعدها على الأراضي الأردنية وأدى إلى مقتل ثلاثة وإصابة أكثر من أربعين من جنودها.وكلما تأخر الرد كلما كثرت الآراء وتشعبت وتناقضت، حتى أن البعض صار يتوقع أن يأتي الرد صوريا ليُخرج الرئيس جو بايدن من الحرج ويخفف عنه الضغوط التي يعتبره أصحابها مسؤولا عمّا حدث.
فالديمقراطيون وبايدن في مقدمتهم أظهروا مرونة في التعامل مع إيران على حساب الدول التي ترتبط بالولايات المتحدة بصداقات تاريخية ومصالح مشتركة كالمملكة العربية السعودية وإسرائيل.لقد سبق للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أن وضع حجر الأساس لتلك العلاقة المريبة حين دفع الأطراف الأوروبية إلى التوقيع على الاتفاق النووي بالرغم من أن عددا منها كانت لديه تحفظات عليه. أما حين استعاد الديمقراطيون البيت الأبيض بعد أن انسحبت إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق فكان التفكير في العودة إليه هو أول إجراء اتخذه بايدن. كان ذلك التحول انتصارا لإيران وبالأخص أنه جاء بعد الضربة غير المتوقعة التي تمثلت باغتيال زعيم فيلق القدس قاسم سليماني وهو الحدث الذي أربك خطط إيران في المنطقة.وإذا كانت إيران قد ماطلت في مسألة التوقيع من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي فلأنها كانت تنتظر المزيد من التنازلات الأميركية إضافة إلى محاولتها تمرير الوقت من أجل تطوير قدراتها النووية حتى إذا وجدت نفسها مضطرة للعودة إلى الاتفاق يكون ما لديها يكفي لإجبار العالم على القبول بها قوة نووية. وليس مؤكدا أن ما قامت به إسرائيل من ضربات دقيقة للمنشآت النووية الإيرانية كان محل ترحيب أميركي. وليس عدم اعتراض الإدارة الأميركية على تلك الضربات دليل رضا فالغضب من إسرائيل هو خط أحمر بغض النظر عمّا إذا كانت الإدارة جمهورية أم ديمقراطية.في إمكان إسرائيل أن تفعل ما تشاء ولن تطوي الولايات المتحدة مظلتها. غير أن ما تفعله إسرائيل لا يدخل ضمن حسابات الأميركان في التعامل مع إيران. كانت لديهم دائما حساسية من العرب هي غير موجودة بالنسبة إلى الإيرانيين. الإيرانيون يعرفون ذلك ويعرفون أيضا أن ما قدموه للأميركان من خدمات على مستوى تدمير المنطقة لن يمرّ من غير ثمن. لذلك تمادوا في توسيع الرقعة التي يهيمنون عليها فصاروا يفخرون بأن أذرعهم تمتد من البحر المتوسط حتى البحر الأحمر. وإذا ما عدنا إلى واقعة قتل ثلاثة وإصابة أكثر من أربعين جنديا أميركيا وهم نيام في القاعدة العسكرية بالأردن فإنها ليست بعيدة عن التمارين الدورية التي يمارسها الحوثيون في البحر الأحمر من خلال التعرض للسفن الأميركية.ما من شيء يمتّ بصلة إلى الخطأ. كل ما يحدث هو تعبير عن رغبة إيرانية في أن يخلي الأميركان المنطقة لهم من خلال الانسحاب السريع من العراق وسوريا.علينا أن نفهم أن التراخي الأميركي قد أدى بإيران إلى الشعور بتعاظم قوتها وهو ما دفعها إلى تخيل أن في إمكانها أن تزيح القوات الأميركية من مناطق نفوذها، مستغلة انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا. كانت روسيا عقبة أمام إيران تمت إزاحتها في سياق مخطط أميركي محكم. ولكن في سياق كل تلك المعطيات هل علينا أن نصدق أن إدارة الرئيس بايدن ستتحاشى الصدام مع إيران ردا على ما أصابها لا لأنها عاجزة عن القيام بذلك، بل لأنها لا تريد؟ ذلك سؤال ينطوي على اتهام الولايات المتحدة بأنها راغبة عن قصد في ذهاب المنطقة إلى ما هو أسوأ. مشكلة الولايات المتحدة أنها لن تكون قادرة على استعادة اعتبارها من خلال توجيه ضربات إلى هذه الميليشيا أو تلك من الميليشيات الموالية لإيران. المسألة تتعلق بمَن يقف وراء تلك العملية وهو أمر شديد الوضوح ولا يحتاج إلى مَن يتعقبه. بالنسبة إلى الكثيرين فإن توجيه ضربة إلى إيران هو الرد المناسب.ولكن إيران استبقت الجميع حين أشعلت حرب غزة. وجد بايدن في تلك الحرب سببا للتردد في ضرب إيران وهو ما يريده الديمقراطيون.بغض النظر عمّا تفعله فإن إيران تظل مفيدة للولايات المتحدة في حربها الخفية على العرب. ولا أظن أن الأميركان سيتمكنون من إقناع إسرائيل يوما ما بأن إيران لا تشكل خطرا عليها بالرغم من أن إيران نفسها قد أثبتت واقعيا عبر أكثر من أربعين سنة من وجود جمهوريتها الإسلامية أن ضررها يقتصر على العالم العربي.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بعد اسبوع من تصريحات فيدان ضد إيران.. طهران تستدعي سفير تركيا
بغداد اليوم - متابعة
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء اليوم الاثنين (3 آذار 2025)، عن استدعاء السفير التركي في طهران على خلفية التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان، والتي أثارت تحفظات لدى الجانب الإيراني.
وقال بيان للخارجية الإيرانية اطلعت عليه "بغداد اليوم"، إن محمود حيدري، مساعد وزير الخارجية الإيراني ومدير إدارة المتوسط وشرق أوروبا، أكد خلال استدعاء السفير التركي بطهران "حجابي كرلانيتش"، ضرورة تجنب التصريحات غير الدقيقة والتحليلات غير الواقعية التي قد تؤدي إلى توتر العلاقات الثنائية، خاصة في ظل الأوضاع الحساسة التي تمر بها المنطقة والمصالح المشتركة بين البلدين.
واعتبر حيدري أن استمرار العدوان والتوسع الإسرائيلي هو أكبر تهديد للاستقرار والأمن في المنطقة، مشدداً على أن الدول الإسلامية الكبرى مطالَبة بتكثيف جهودها لوقف الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى في المنطقة، بما في ذلك سوريا.
من جانبه، أكد السفير التركي في طهران أن بلاده حريصة على الحفاظ على العلاقات الإيجابية مع إيران وتطويرها، مشيراً إلى أهمية التعاون الوثيق بين البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، والتصدي للتحديات المشتركة.
كما شدد حجابي كرلانيتش على أنه سينقل وجهة نظر وزارة الخارجية الإيرانية إلى أنقرة، مبيناً أن "تركيا وإيران، باعتبارهما بلدين مهمين في المنطقة، يجب أن يتعاونا بشكل وثيق لتعزيز العلاقات الثنائية".
وكان فيدان قد أدلى بتصريحات خلال مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية، دعا فيها إلى "تغيير السياسة الإقليمية لإيران"، مبيناً أن الدعم الذي قدمته إيران لنظام بشار الأسد في السابق كان مكلفاً لإيران أكثر مما حقق لها من مكاسب.
وأضاف وزير الخارجية التركي: "في المرحلة الجديدة، أعتقد أن إيران استخلصت العبر مما حدث، كما فعلنا نحن في تركيا، وأي دولة عاقلة يجب أن تتعلم من تجاربها. علينا تعزيز التضامن في المنطقة".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد رد في وقت سابق على تصريحات فيدان، مؤكدا أن إيران كانت أول دولة ترفع راية محاربة تنظيم داعش والتطرف العنيف عبر قائدها الوطني الجنرال قاسم سليماني، وكانت من أوائل الدول التي دعمت تركيا ضد محاولة الانقلاب عام 2015.
وأضاف: "مواقفنا ثابتة ولا تتغير بتغير الظروف، ونتوقع من أصدقائنا في تركيا التفكير بعمق في تداعيات سياساتهم الإقليمية الأخيرة".