الخليج الجديد:
2025-02-22@13:57:22 GMT

مأزق المجتمع المدني العربي اليوم

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

مأزق المجتمع المدني العربي اليوم

"مأزق" المجتمع المدني العربي اليوم

يطرح عدوان إسرائيل على غزة أسئلة متعدّدة على المجتمع المدني العربي على صعيد القيم والدور والأجندة، بصورة غير مسبوقة.

تتعرّض منظومة القيم الغربية اليوم لاختبار المصداقية والشك لدى أغلب فئات المجتمع العربي التي رأت بأمّ عينيها زيف الدعاوى الأميركية والغربية.

أكثر الأطراف شماتة بمؤسّسات المجتمع المدني، التي تحمل رسالة سياسية مرتبطة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، هي الحكومات العربية.

تتلقّى مؤسّسات المجتمع المدني تمويلاً من الغرب، حكومات أو مؤسّسات معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهذه المؤسّسات والدول انحازت لعدوان إسرائيل على غزة.

توترات وأزمات متلاحقة نتيجة الموقف من الحرب على غزّة، لا تصيب فقط السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، بل مركز إنتاج القيم الديمقراطية وادّعاء الحرّيات الأكاديمية!

* * *

أحد أكبر الخاسرين والمتضرّرين اليوم من الحرب على غزّة المجتمع المدني العربي، إذ تطرح عليه الحرب الحالية أسئلة متعدّدة، على صعيد القيم والدور والأجندة، بصورة غير مسبوقة سابقاً، ومردّ ذلك انحياز الولايات المتحدة وأغلب دول الغرب الكبير والسافر لعدوان إسرائيل على غزة، وتجاهل كامل لكل قيم حقوق الإنسان والحرّيات والقيم الإنسانية والأخلاقية والديمقراطية في التعامل مع ملفّ "الإبادة الجماعية" في غزّة.

لربما يتجاوز المجتمع المدني هذه الأزمة الكبيرة، بعد نهاية الحرب على غزّة بالتدريج، لكنه سيبقى يعاني من آثارها بصورة كبيرة وجوهرية فترة طويلة؛ ما يعود إلى أسبابٍ عديدة، ثلاثة منها رئيسية:

يتمثل الأول في المعضلة الأخلاقية، إذ تتلقّى أغلب مؤسّسات المجتمع المدني تمويلاً من الغرب، سواء على صعيد الحكومات، أو حتى المؤسّسات المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، أو المؤسسات الدولية والإقليمية، وهذه معضلة أخلاقية، فهذه المؤسّسات والجهات والدول انحازت للعدوان الإسرائيلي، وتخلّت عن كل ما يتعلق بالقيم التي دعمت مؤسّسات المجتمع المدني لتحقيقها في مجتمعاتها.

ويرتبط السبب الثاني بسؤال المصداقية؛ فالقيم التي تتبنّاها أغلب مؤسّسات المجتمع المدني العربي الحالية تقوم على التقاطع الواضح مع القيم الديمقراطية والليبرالية، وأجندات حقوق الإنسان، والحرّيات الإعلامية والعامة، وغيرها من ملفّات متعلقة بهذا المجال المشتبك مع المجتمع المدني والثقافة الغربية.

وتتعرّض هذه المنظومة بأسرها اليوم لاختبار المصداقية والشك لدى أغلب فئات المجتمع العربي التي رأت بأمّ عينيها زيف الدعاوى الأميركية والغربية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، عندما يتعلق الأمر بالإنسان العربي، فمن الواضح أنّها تأتي ضمن أدنى اهتمامات الحكومات الغربية.

في المقابل، نجد أنّ خطاب "صدام الحضارات" طغى على جيل الشباب في العالم الإسلامي اليوم، وهو يشاهد هذا الانحياز الكامل للغرب، خصوصاً من الولايات المتحدة، واستدعاء المسؤولين اليمينيين الإسرائيليين والأميركيين رموز وخطابات دينية لتبرير الموقف الإسرائيلي ودعمه بصورة كبيرة، بغضّ الطرف تماماً عن حجم المعاناة الإنسانية الهائلة في غزّة.

السبب الثالث، الانكشاف الاستراتيجي، إذ طالما اتّكأت مؤسّسات المجتمع المدني على قلق الدول العربية من ردات الفعل الأميركية والغربية لأي انتهاكات لأجندة حقوق الإنسان والحرّيات العامة، وما يتعلق ببعض ملفات الديمقراطية، وهي الأجندة التي تراجعت أهميتها بصورة كبيرة ضمن سياسات أميركا والغرب تجاه العالم العربي والإسلامي، منذ مجيء إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، وتجديد الصفقة التاريخية مع "الأنظمة السلطوية" العربية، وصعود الاتجاهات اليمينية الشعبوية عموماً في دول عربية وأوروبية عديدة.

مع ذلك، بقي هنالك خلال الأعوام الماضية اهتمام من مؤسّسات أميركية وغربية ببعض ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان، أما اليوم فمع الحرب على غزّة، فواضحٌ أنّ هذا الاهتمام تراجع إلى أدنى مستوى، إن لم يكن تبخّر بالكلية من الاهتمامات من السياسات الأميركية والغربية عموماً.

أكثر الأطراف شماتة بمؤسّسات المجتمع المدني، وأقصد هنا التي تحمل رسالة سياسية مرتبطة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، هي الحكومات العربية، التي طالما اتّهمت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هذه المؤسّسات والعاملين في هذا الحقل بالعمل لصالح السفارات الغربية.

وربما وصلت بعض الخطابات والنقاشات الداخلية إلى وصمهم بالعمالة والخيانة، وعملت على تشويه صورة هذه المؤسسات والربط بينها وبين الأجندات والخطابات الغربية، وهو الأمر الذي استثمرته، وستعمل على ذلك في المرحلة المقبلة.

كتبت الباحثة الشابة، ميرنا السرحان، قبل أيامٍ مقالاً مهماً (نشره الموقع الإلكتروني لمعهد السياسة والمجتمع) عن أزمة القيم والحريات الأكاديمية في عقر دار الغرب، وفي مصنع الإنتاج المعرفي ومركز تأطير القيم الديمقراطية والليبرالية، والمقصود الجامعات الغربية والأميركية نفسها.

وقد استشهدت بالتوترات والأزمات المتلاحقة التي دخلت بها هذه الجامعات والأكاديميين، نتيجة الموقف من الحرب على غزّة، وهي أزمة تصيب ليس فقط السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، بل المركز الأساسي لإنتاج القيم الديمقراطية وادّعاءات الحرّيات الأكاديمية نفسها!

*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب أميركا الحريات الليبرالية المصداقية حقوق الإنسان الإبادة الجماعية المجتمع المدني العربي عدوان إسرائيل على غزة الدیمقراطیة وحقوق الإنسان المجتمع المدنی العربی هذه المؤس المؤس سات

إقرأ أيضاً:

في القيم الجمالية!

في القيم الجمالية!
بقلم: د. ذوقان عبيدات
قالوا: بحق السماء! لا تكتب عن التعليم، وانسَ المناهج! ألست مختصُا بالفلسفة؟ اكتب عن محسني الفكر البشري: سقراط، وإفلاطون، وأرسطو! اكتب عن ديكارت، أو هيجل، ولا تقترب من كارل ماركس! اكتب عن سارتر، وسيمون دي بوفوار، وابتعد عن صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونوال السعداوي! وابتعد عن ابن رشد، وحسن الصباح وغيرهم؛ كي لا تفتح عليك أبوابًا مغلقة، وحتى تبتعد عن حسن نصر الله، والمقاومة، واكتب ما تشاء.
ألم تسمع بما حدث لأحمد الزعبي؟
حينها، قررت الكتابة عن قيم الجمال، وهي القيم الأكثر أمنًا،
فما الجمال؟

(1)
الجمال

الحق، والخير، والجمال هي أعلى القيم في الفلسفة اليونانية، فالحق أساس علم التفكير، والمنطق، والمعرفة. والخير أساس علم الأخلاق والضمير. والجمال أساس علم الجمال!
بل قالوا: الحق جمال، والخير جمال! فبالجمال تلتقي قيم الإنسانية جميعها.
والجمال هو تكامل عناصر هي:
تباين الأجزاء ، وانسجامها، واكتمالها، وبهاؤها! هذه شروط العمل الجميل، سواء أكانت وردة، أم امرأة، أم لوحة أم تمثالًا، أم قصيدة؛ وإذا اختفى عنصر منها فُقِد الجمال، فالقصيدة غير المكتملة ليست جميلة، واللوحة ذات اللون الواحد ليست جميلة، وهكذا..
فالجمال، تباين، وتنوّع، وبهاء!
فلا جمال إذا لم ينتقل بهاؤه إليك!

(٢)

قيم جمالية أربع

مقالات ذات صلة التعليم التقني… هل تفعلها جامعاتنا كما فعلتها اليرموك .. ! 2025/02/20

في الجمال أربع قيم أساسية هي:
الرقة، مقابل الروعة، والجمال مقابل الحلاوة. وفي التوضيح:
الرقة جمال أنيق جاذب، تقربك من الموضوع؛ حتى تراه بيدك، وتلمسه بعينك! يقودك لمسافة الصفر.
فجدول الماء رقيق، والفتاة الفاتنة رقيقة، والزهرة قبل تفتحها رقيقة،
والعشب النامي لتوّه رقيق!
أما الروعة، فهي جمال مفرط، يدهشك، ويبعدك عن الموضوع؛
فالليل الحالك رائع، وموج البحر الهائج رائع، والصخور الحادة العالية رائعة! والفائقة الجمال رائعة. وهذا يقودك إلى مسافة على حافة المياه الإقليمية.
ولذلك، إذا أردت أن تعشق، فعليك بالرقة! وإذا أردت أن تخاطر، فعليك بالروعة!
(٣)
الجمال والحلاوة
يقول الفلاسفة: الجمال هو انسجام العناصر، وتعددها، وتنوعها، وبهاؤها.
بينما الحلاوة هي الملاحة، والأناقة، والحداثة!
وهل ننسى أن الشاعر الدارمي قال:
قل للمليحة في الخمار الأسود! ولم يقل: قل للجميلة..
فما الفرق؟
اختلفت سيدتان: أيّهما أجمل!
فاحتكمتا عند عمر بن أبي ربيعة، فقال للأولى بعد النظر، والحديث:
أنت أجمل، وقال للثانية: أنت أحلى!
كانت الأولى ممشوقة القوام، ذات خصر دقيق، وعيون واسعة، وشعر طويل … إلخ من مظاهر حسية.
وكانت الثانية، أنيقة، ذات ملابس
وفق الموضة، مرِحة، ذات حضور لافت، لبقة الحديث! رشيقة.
فمن التي حكم لصالحها عمر؟
قيل: الجمال يتخاذل مع العمر،
والحلاوة تتكاثر مع العمر!!!!!
وهكذا!
الحلاوة، والجمال تنوع، واختلاف، وأخذ، ورد! فكر، ورأي معاكس!
قديم وحديث، قبول ورفض!
خصومة، ووفاق!
فلا نقول: إما، أو! بل نقول: كلها معًا!
فهمت عليّ؟!!

مقالات مشابهة

  • في القيم الجمالية!
  • بعد النجاحات التي حققها.. العربي الأوربي لحقوق الإنسان يتحصل على صفة «مراقب»
  • مدير أوقاف الغربية: العمل التطوعي يسهم في التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع
  • سينثيا إريفو تنقذ أريانا غراندي من مأزق محرج خلال العرض الأول لفيلم Wicked
  • ندوة بمأرب تناقش واقع مؤسسات المجتمع المدني في زمن الحرب
  • المجتمع المدني اليمني في ظل الصراع.. تحديات وتحولات
  • برلماني يؤكد أهمية التعاون بين القطاع المصرفي ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة
  • تنظم حلقتين نقاشيتين حول دور منظمات المجتمع المدني في إدارة الأزمات وتكنولوجيا الفضاء
  • شما بنت محمد تشارك في اجتماع ممثلي المجتمع المدني بالأمم المتحدة
  • شردي من داخل إحدى دور التربية: الدولة تتعاون مع المجتمع المدني