الخليج الجديد:
2024-10-05@04:38:34 GMT

مأزق المجتمع المدني العربي اليوم

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

مأزق المجتمع المدني العربي اليوم

"مأزق" المجتمع المدني العربي اليوم

يطرح عدوان إسرائيل على غزة أسئلة متعدّدة على المجتمع المدني العربي على صعيد القيم والدور والأجندة، بصورة غير مسبوقة.

تتعرّض منظومة القيم الغربية اليوم لاختبار المصداقية والشك لدى أغلب فئات المجتمع العربي التي رأت بأمّ عينيها زيف الدعاوى الأميركية والغربية.

أكثر الأطراف شماتة بمؤسّسات المجتمع المدني، التي تحمل رسالة سياسية مرتبطة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، هي الحكومات العربية.

تتلقّى مؤسّسات المجتمع المدني تمويلاً من الغرب، حكومات أو مؤسّسات معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهذه المؤسّسات والدول انحازت لعدوان إسرائيل على غزة.

توترات وأزمات متلاحقة نتيجة الموقف من الحرب على غزّة، لا تصيب فقط السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، بل مركز إنتاج القيم الديمقراطية وادّعاء الحرّيات الأكاديمية!

* * *

أحد أكبر الخاسرين والمتضرّرين اليوم من الحرب على غزّة المجتمع المدني العربي، إذ تطرح عليه الحرب الحالية أسئلة متعدّدة، على صعيد القيم والدور والأجندة، بصورة غير مسبوقة سابقاً، ومردّ ذلك انحياز الولايات المتحدة وأغلب دول الغرب الكبير والسافر لعدوان إسرائيل على غزة، وتجاهل كامل لكل قيم حقوق الإنسان والحرّيات والقيم الإنسانية والأخلاقية والديمقراطية في التعامل مع ملفّ "الإبادة الجماعية" في غزّة.

لربما يتجاوز المجتمع المدني هذه الأزمة الكبيرة، بعد نهاية الحرب على غزّة بالتدريج، لكنه سيبقى يعاني من آثارها بصورة كبيرة وجوهرية فترة طويلة؛ ما يعود إلى أسبابٍ عديدة، ثلاثة منها رئيسية:

يتمثل الأول في المعضلة الأخلاقية، إذ تتلقّى أغلب مؤسّسات المجتمع المدني تمويلاً من الغرب، سواء على صعيد الحكومات، أو حتى المؤسّسات المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، أو المؤسسات الدولية والإقليمية، وهذه معضلة أخلاقية، فهذه المؤسّسات والجهات والدول انحازت للعدوان الإسرائيلي، وتخلّت عن كل ما يتعلق بالقيم التي دعمت مؤسّسات المجتمع المدني لتحقيقها في مجتمعاتها.

ويرتبط السبب الثاني بسؤال المصداقية؛ فالقيم التي تتبنّاها أغلب مؤسّسات المجتمع المدني العربي الحالية تقوم على التقاطع الواضح مع القيم الديمقراطية والليبرالية، وأجندات حقوق الإنسان، والحرّيات الإعلامية والعامة، وغيرها من ملفّات متعلقة بهذا المجال المشتبك مع المجتمع المدني والثقافة الغربية.

وتتعرّض هذه المنظومة بأسرها اليوم لاختبار المصداقية والشك لدى أغلب فئات المجتمع العربي التي رأت بأمّ عينيها زيف الدعاوى الأميركية والغربية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، عندما يتعلق الأمر بالإنسان العربي، فمن الواضح أنّها تأتي ضمن أدنى اهتمامات الحكومات الغربية.

في المقابل، نجد أنّ خطاب "صدام الحضارات" طغى على جيل الشباب في العالم الإسلامي اليوم، وهو يشاهد هذا الانحياز الكامل للغرب، خصوصاً من الولايات المتحدة، واستدعاء المسؤولين اليمينيين الإسرائيليين والأميركيين رموز وخطابات دينية لتبرير الموقف الإسرائيلي ودعمه بصورة كبيرة، بغضّ الطرف تماماً عن حجم المعاناة الإنسانية الهائلة في غزّة.

السبب الثالث، الانكشاف الاستراتيجي، إذ طالما اتّكأت مؤسّسات المجتمع المدني على قلق الدول العربية من ردات الفعل الأميركية والغربية لأي انتهاكات لأجندة حقوق الإنسان والحرّيات العامة، وما يتعلق ببعض ملفات الديمقراطية، وهي الأجندة التي تراجعت أهميتها بصورة كبيرة ضمن سياسات أميركا والغرب تجاه العالم العربي والإسلامي، منذ مجيء إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، وتجديد الصفقة التاريخية مع "الأنظمة السلطوية" العربية، وصعود الاتجاهات اليمينية الشعبوية عموماً في دول عربية وأوروبية عديدة.

مع ذلك، بقي هنالك خلال الأعوام الماضية اهتمام من مؤسّسات أميركية وغربية ببعض ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان، أما اليوم فمع الحرب على غزّة، فواضحٌ أنّ هذا الاهتمام تراجع إلى أدنى مستوى، إن لم يكن تبخّر بالكلية من الاهتمامات من السياسات الأميركية والغربية عموماً.

أكثر الأطراف شماتة بمؤسّسات المجتمع المدني، وأقصد هنا التي تحمل رسالة سياسية مرتبطة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، هي الحكومات العربية، التي طالما اتّهمت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هذه المؤسّسات والعاملين في هذا الحقل بالعمل لصالح السفارات الغربية.

وربما وصلت بعض الخطابات والنقاشات الداخلية إلى وصمهم بالعمالة والخيانة، وعملت على تشويه صورة هذه المؤسسات والربط بينها وبين الأجندات والخطابات الغربية، وهو الأمر الذي استثمرته، وستعمل على ذلك في المرحلة المقبلة.

كتبت الباحثة الشابة، ميرنا السرحان، قبل أيامٍ مقالاً مهماً (نشره الموقع الإلكتروني لمعهد السياسة والمجتمع) عن أزمة القيم والحريات الأكاديمية في عقر دار الغرب، وفي مصنع الإنتاج المعرفي ومركز تأطير القيم الديمقراطية والليبرالية، والمقصود الجامعات الغربية والأميركية نفسها.

وقد استشهدت بالتوترات والأزمات المتلاحقة التي دخلت بها هذه الجامعات والأكاديميين، نتيجة الموقف من الحرب على غزّة، وهي أزمة تصيب ليس فقط السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، بل المركز الأساسي لإنتاج القيم الديمقراطية وادّعاءات الحرّيات الأكاديمية نفسها!

*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب أميركا الحريات الليبرالية المصداقية حقوق الإنسان الإبادة الجماعية المجتمع المدني العربي عدوان إسرائيل على غزة الدیمقراطیة وحقوق الإنسان المجتمع المدنی العربی هذه المؤس المؤس سات

إقرأ أيضاً:

معرض صوت المرأة يلقي الضوء على التحديات التي تواجه المرأة المبدعة بالإمارات

نظمت Art of living mall بالتعاون مع القيادة العامة لشرطة دبي معرض صوت المرأة حيث بهدف تمكين المرأة ودعمها كمصدر للإبداع في مختلف المجالات تسليط الضوء على دور المرأة كمبدعة وقائدة.

 

ويتجلى دور ملتقى ومعرض “صوت المرأة” في إلقاء الضوء على دور المرأة الإماراتية كمبدعة وقائدة في مختلف المجالات، وكيفية تغلبها على التحديات التي واجهتها مع تعزيز تقدير المجتمع لإسهاماتها المتنوعة.

 

ويضمن المعرض جلسات حوارية مع مجموعة من النساء الرائدات في المجتمع الإماراتي على مدار ثلاثة أيام بالإضافة إلى معرض فني تشكيلي يضم مجموعة من الفنانين من مختلف الجنسيات بالإضافة إلى ركن يجمع اصحاب المشاريع الصغيرة ليشكل منظمومة كاملة للمرأة العاملة والمتمكنة في مختلف المجالات.

 

الملتقى يعد منصة لتبادل الأفكار والخبرات، وأتاح الفرصة لتبادل الأفكار والخبرات بين النساء من خلفيات متعددة، مما ساهم في تعزيز الإبداع وخلق فرص للتعاون بين المشاركات.

 

كما احتضن الملتقى المشاريع الصغيرة التي تديرها النساء، وخلق فرصا جديدة للنمو والابتكار، ما يسهم بشكل مباشر في تنمية الاقتصاد المحلي. أتاح الملتقى الفرصة لتعزيز الشراكات بين النساء والمؤسسات الحكومية والخاصة، ما يعزز من توفير الدعم والموارد لتحقيق الأهداف المشتركة.

أهداف الملتقى 

 

من خلال هذه الأهداف، يسهم الملتقى في فتح قنوات جديدة للتفاعل بين النساء من مختلف المجالات، وتعزيز التعاون لتحقيق رؤية مشتركة للمجتمع الإماراتي المتمكن والمبدع.

 

والشراكة مع مركز راشد لأصحاب الهمم بقيادة السيدة مريم عثمان وإبراز دور هذه الفئة في المجتمع تمثل جانبا مهما في الحدث. مشاركة اصحاب الهمم في الملتقى يعزز قيم الشمولية والتضامن الاجتماعي، ويوجه رسالة قوية حول قدرة الجميع على المساهمة في التنمية المجتمعية.

أبرز الحاضرين 

 

حضر الملتقى نخبة من الشخصيات المهمة والمؤثرة في مجتمع دولة الإمارات وقناصل بعض الدول والإعلاميين والفنانين التشكيليين ومجموعة من رجال الأعمال والمهتمين بالفن.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدين قصف الاحتلال على مخيم طولكرم بالضفة الغربية
  • «التضامن»: المجتمع المدني شهد نقلة نوعية في ظل دعم واسع من القيادة السياسية
  • مؤسسة العربي تسلم 80 جهاز للمقبلات على الزواج بالغربية
  • "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان
  • "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمر سنوي وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان
  • كمال أبو رية: الفن المصري شكل وجدان الوطن العربي كله
  • ما هي الأزمات التي تواجه المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس؟
  • منظمات المجتمع المدني السودانية تدين تصفية مدنيين على أساس عرقي
  • المتحدث العسكري: القوات المسلحة تحرص على دعم المجتمع المدني وتوفير حياة كريمة للمواطنين
  • معرض صوت المرأة يلقي الضوء على التحديات التي تواجه المرأة المبدعة بالإمارات