#سواليف

يقول تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن #إسرائيل تتوقع أن تتواصل حربها المدمرة على #غزة لعدة أشهر، وهو ما يعني أن #الأزمة سوف تتفاقم، مع ما قد يترتب على ذلك من #عواقب_إقليمية_كارثية محتملة.

بهذا الملخص، قدم الموقع لنقاش معمق بين 6 محللين وباحثين، يحاولون تحليل الجغرافيا السياسية المضطربة لهذه #الحرب التي لا نهاية لها في الأفق، واستخلاص الدروس من الـ100 يوم الأولى من هذا الصراع، وما قد تؤول إليه الأمور في النهاية.

استعرض الموقع آراء المحللين الستة منفصلة، بادئا برأي معين رباني، المحرر في موقع “جدلية”، الذي انطلق من أن الأيام الـ100 الأولى من حرب إسرائيل على غزة غيرت وجه #الشرق_الأوسط، بعد أن تحطمت بشكل لا رجعة فيه، ادعاءات إسرائيل بالقدرة المطلقة والمعرفة المطلقة وأن جيشها لا يقهر.

مقالات ذات صلة  نتائج القبول الموحد نهاية الأسبوع 2024/02/04

وهكذا -يقول معين رباني- اضطر #الجيش_الإسرائيلي، للمرة الأولى منذ 75 عاما، إلى شن حرب داخل حدوده، وشنّت إسرائيل الحملة الأكثر كثافة في تاريخها، وسوّت قسما كبيرا من قطاع غزة الصغير بالأرض، وقتلت المدنيين الفلسطينيين على نطاق واسع وبسرعة أجبرتها، في غضون 3 أشهر، للمثول أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية التي ارتبطت بها منذ تأسيسها كضحية، وإلى باقي الدهر كجان في غزة.

وكشفت هذه الحرب -حسب معين رباني- عن اعتماد إسرائيل المطلق على الولايات المتحدة للحصول على الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي، كما حطمت صورة إسرائيل التي تشكل المعقل القوي للمصالح والنفوذ الغربيين في الشرق الأوسط.

ورغم أن حركة المقاومة الإسلامية ( #حماس ) لا تشكل قوة عسكرية كبيرة، فإن القادة الإسرائيليين أشاروا مرارا وتكرارا إلى هذا الصراع باعتباره الصراع الذي سيحدد إمكانية استمرار وجود إسرائيل من عدمه.

ومن المستحيل في هذه المرحلة التنبؤ بموعد أو كيف أو حتى احتمال أن تصمت الأسلحة، وإلى أن يفعلوا ذلك، فإن الحديث المتجدد في العواصم الغربية عن “حل الدولتين” يظل مجرد تمثيلية لتشتيت الانتباه، لأنه من غير الممكن تحقيق السلام والتعايش السلمي في الشرق الأوسط في ظل وجود دولة غير عقلانية تمارس الإبادة الجماعية وتسعى باستمرار إلى حل التحديات السياسية من جانب واحد من خلال استعراض القوة الساحقة.
الفلسطينيون يتجمعون لتلقي حصص الدقيق لعائلاتهم خارج مستودع للأونروا في رفح جنوب قطاع غزة (الفرنسية)
الصمت خيانة

بدوره، ركز غسان الكحلوت، وهو مدير “مركز دراسات الصراع والإنسانية” وأستاذ مشارك في “معهد الدوحة للدراسات العليا”، على الأزمة الإنسانية المستمرة في قطاع غزة، ورأى أنها تركت علامة لا تمحى على المنطقة، وأثارت المخاوف بشأن الدعم الضئيل الذي تقدمه الدول العربية للفلسطينيين، وأظهرت الغياب الصارخ للدعم الملموس لسكان غزة المحاصرين.

ورغم أن الموقف العربي الرسمي غير مفاجئ -كما يرى الكاتب- فإنه اتخذ منعطفا مثيرا للقلق، إذ تجاوز عدم كفاية الدعم للقضية الفلسطينية، وتحول الآن إلى رفض قطع العلاقات مع دولة الاحتلال، حتى إن بعض التقارير أشارت إلى ممر تجاري توفره الدول العربية لإسرائيل لتخفيف آثار الحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون في اليمن عليها.

ومع اقتراب الحرب من بداية شهرها الخامس، هناك حاجة ملحة -كما يقول الكحلوت- لاستمرار الضغط الشعبي، في الوقت الذي تحاول فيه الأنظمة العربية “الصمود في وجه العاصفة” بدون اتخاذ أي إجراء مؤثر يخفف بشكل حقيقي من معاناة سكان غزة، وهو ما يعني أن على الشارع العربي ألا يحول انتباهه عن فلسطين.
كيف فشل النظام الدولي؟

وتناول تامر قرموط، الأستاذ المساعد في السياسة العامة في “معهد الدوحة للدراسات العليا”، إخفاقات النظام الدولي، مركزا على تقاعس هذا المجتمع إلى حد التواطؤ مع إسرائيل، عن نجدة غزة في المأساة المستمرة والواقع الوحشي الذي يواجهه الفلسطينيون فيها، وهو الوضع الذي وصفه الكثيرون بأنه إبادة جماعية.

ومن المؤسف أن القانون الدولي، الذي يشكل منارة الأمل في تحقيق العدالة والإنصاف، وقع في مرمى السياسة العالمية، وهو ما أدى إلى تقويض فعاليته، وترك أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى حمايته بدون ملاذ.

وأشار قرموط إلى أن هناك تغيرا طفيفا وتحسنا في مواقف الغرب تجاه غزة بسبب الضغط الشعبي الداخلي، وهو ما قد يساعد في التخفيف على سكان غزة، مشيرا إلى أن هناك جهات فاعلة أخرى مثل تركيا ومصر ودول الخليج والعالم الإسلامي، يمكنها أن تساهم بدور فعال.

ولكن من الأهمية بمكان -حسب قرموط- أن نفهم أن أي مناقشات وقرارات بشأن واقع الحكم “في اليوم التالي” في غزة لا بد أن يتولاها الفلسطينيون حصريا، بغض النظر عن نوع الحكومة التي قد تسفر عنها، لأن الوقت حان لإدراك أخطاء اتفاقات أوسلو والتأكد من عدم تكرارها.

وخلص قرموط إلى أن الطريق إلى السلام والعدالة قد يكون محفوفا بالعقبات، لكن الإرادة الجماعية للشعب، إلى جانب المشاركة الإستراتيجية من اللاعبين الإقليميين والدوليين الرئيسيين، يمكن أن تمهد الطريق لحل دائم.

الأزمة في الضفة الغربية المحتلة

وفي سياق هذا النقاش، أثارت أمينة الأشقر، وهي مساعدة باحث في “مركز دراسات الصراع والإنسانية”، ما يدور في الضفة الغربية من صراع عنيف مسكوت عنه، حيث انخرط الجيش الإسرائيلي في مواجهات، ليست فقط مع المنظمات القائمة مثل حماس وحركة الجهاد الإسلامي، ولكن أيضا مع الجماعات المسلحة المحلية التي تم تشكيلها حديثا.

وقد تميزت فترة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بتصعيد مثير للقلق في أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، حيث قُتل أكثر من 300 فلسطيني بينهم أكثر من 60 طفلا، وأصيب آلاف آخرون، بدون الإشارة إل إلى حصيلة عام 2023، التي بلغت 480 شهيدا ونحو 12 ألف مصاب.

ومع الهدوء الظاهري في الضفة، فإن هناك تحولا عميقا في المشاعر الفلسطينية، كما ظهر في استطلاع للرأي أجري مؤخرا، أظهر الدعم المتزايد لحماس واعتبار النضال المسلح وسيلة لإنهاء الصراع.
غزة في الشوارع الأردنية

وفي تحليله، ركز محمد الحموي، وهو مساعد باحث في “مركز دراسات الصراع والإنسانية”، على أصداء الحرب على غزة في جميع أنحاء المنطقة، وما أدت إليه من غضب، لا سيما في الأردن، حيث أظهرت شوارع عمان والمدن الأخرى أن حرب الإبادة الجماعية هذه تذكير بأن مصير شعبي الأردن وفلسطين لا ينفصلان.

وقد تجسد هذا الشعور في أقوال الناس وأفعالهم، فاندلعت الاحتجاجات في شوارع عمان بشكل منتظم، ودعت هتافات شعبية إلى فتح “الجبهة الأردنية”، وهو أمر غير مرجح في الوقت الحالي، لكنه ليس بعيد المنال نظرا للعداء الإسرائيلي المتزايد للأردن، خاصة أن المتظاهرين حاولوا مرارا وتكرارا السير نحو الحدود.

وقد دفع هذا الشعور الناس إلى الالتزام الصارم، وفي بعض الأحيان العدواني، بمقاطعة بعض الشركات التي تعتبر داعمة لدولة الاحتلال، انطلاقا من فكرة أن التردد على أي شركة داعمة لإسرائيل هو بمثابة التواطؤ في الإبادة الجماعية في فلسطين.

إلى أين نذهب؟

أما سانسوم ميلتون، وهو زميل أبحاث أول في “مركز دراسات الصراع والدراسات الإنسانية” وأستاذ مساعد في “معهد الدوحة للدراسات العليا”، فقد تناول السؤال الملح حول الخطوة التالية في غزة رغم أن المستقبل لا يزال غامضا، مشيرا إلى أن أول نتيجة مهمة هي أن الحرب غيرت بشكل عميق الديناميكيات السياسية وديناميكيات الصراع في المنطقة.

ومن غير المرجح على المستوى العالمي -كما يرى سانسوم ميلتون- أن يتم التوصل إلى حل للوضع في غزة، خاصة أن محكمة العدل الدولية حكمت بأن هناك أسبابا “معقولة” لاعتبار تصرفات إسرائيل في قطاع غزة حالة إبادة جماعية، لكنها لم تصل إلى حد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وفي حين ستواصل إندونيسيا وسلوفينيا اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد إسرائيل من خلال القانون الدولي، فإن السكان المحاصرين في غزة لن يكون لديهم أمل كبير في الإنصاف القانوني لإنهاء الحرب ورفع الحصار عندما يواجهون معتديا ينتهك القانون الدولي باستمرار على مدى عقود من الزمن.

علاوة على ذلك، فإن القرار الأخير الذي اتخذته العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بتعليق التمويل للأونروا في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم؛ يسلط الضوء على كون حلفاء إسرائيل قادرين بشكل فعال على تفكيك الأداة الدولية الأكثر فعالية لتحقيق السلام.

وخلص سانسوم ميلتون إلى أنه حتى لو انتهت الحرب اليوم، لا أحد يستطيع أن يجزم بأن إسرائيل لن تنهار غدا أو بعد غد، لأنه لا يوجد مجال كبير لليقين بشأن المسار الذي ستسلكه المنطقة، لكن الأمر المؤكد هو أنها لن تعود إلى الوضع الذي كان قائما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف إسرائيل غزة الأزمة الحرب الشرق الأوسط الجيش الإسرائيلي حماس الإبادة الجماعیة قطاع غزة فی الضفة فی غزة وهو ما إلى أن

إقرأ أيضاً:

هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا

لم يعد اليمين الأكثر تطرفًا في إسرائيل، يبدي أي قدرٍ من الحياء أو التحسب والحذر، وهو يبوح بما يختزنه في عقله الأسود، من مخططات ومشاريع، تكاد تطال مختلف دول المنطقة ومجتمعاتها، وتمسّ بالعمق، أمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها.

آخر الصيحات التي خرجت من أفواه قادته، جاءت على لسان الوزير جدعون ساعر، ودعوته لتشكيل "حلف أقليات" في الإقليم، تستند إليه إسرائيل في استهداف أعدائها من شرقي المتوسط إلى ضفاف قزوين.

لم يكن الرجل قد قضى سوى أيام قلائل، في منصبه على رأس وزارة الخارجية، إثر انقلاب نتنياهو على وزير دفاعه، حتى بدأ يُلقي على مسامعنا، بعضًا من فصول "نظرته الإستراتيجية" للإقليم، الذي تشكل إسرائيل فيه، "أقلية وسط أغلبية معادية"، مُقترحًا البحث عن "مُشتركات" مع أقليات أخرى، بدءًا بدروز سوريا ولبنان، وليس انتهاء بأكراد سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران، فاللعب على ورقة "المكونات"، كفيل بجعل إسرائيل، "أكبر الأقليات وأقواها"، في فسيفساء المشرق العربي وهلاله الخصيب ودول الجوار الإقليمي للأمة العربية.

الأمر الذي يدفع على الاعتقاد الجازم، بأن ساعر لم يعرض سوى رأس جبل الجليد من مشروعه لـ "تجزئة المجزَّأ"، في حين ظل الجزء الأكبر منه، غاطسًا تحت السطح، وهو بالقطع، يشمل مختلف "المكونات" الاجتماعية في دول المشرق وجوارها الإقليمي.

وبالنظر إلى السياق الذي طُرح فيه، "حلف الأقليات" وتوقيت هذا الطرح، يمكن الافتراض، بأن تركيا، قبل غيرها، وأكثر من غيرها من الدول المستهدفة، هي الحلقة الأولى في إستراتيجية التفكيك المنهجي المنظم، لبنية هذه المجتمعات ووحدة وسلامة أراضي هذه الدول.

فأنقرة، رفعت وتيرة انتقاداتها لحرب إسرائيل البربرية على غزة ولبنان، وهي تقدم حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية، بوصفها حركات تحرر وطني مشروعة، في مواجهة "طوفان الشيطنة" و"حرب الإلغاء" اللذين تتعرض له من قبل آلة "البروباغندا" الإسرائيلية، المدعومة من قبل أوساط غربية وإقليمية وازنة.

ولعلّ هذا ما تنبهت إليه القيادة التركية، مبكرًا وقبل أن يُخرج ساعر ما في جوفه، عندما بدأت التحذير من مغبة تطاير شرارات الحرب إلى سوريا، وعلى مقربة من حدودها، بل وإبداء الاستعداد لمواجهة تركية – إسرائيلية إن تدحرجت كرة النار، وعجز المجتمع الدولي عن وقفها.

وفي كل مرة صدرت فيها عن أنقرة، تحذيرات من هذا النوع، كانت أنظار المسؤولين والناطقين باسمها، تتجه إلى لعبة "المكونات" التي تريد إسرائيل فرضها على الإقليم، بدعم وإسناد من دوائر غربية عديدة، وتحت حجج وذرائع ومزاعم شتى.

مبادرتان استباقيتان

في هذا السياق، يمكن النظر إلى المبادرات الاستباقية الأخيرة التي صدرت عن أنقرة، وأهمها اثنتان: الأولى؛ داخلية، وصدرت عن دولت بهتشلي، حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية و"ذئابها الرمادية"، الرامية لإغلاق ملف المصالحة بين أتراك تركيا وكردها، وهي مبادرة كانت مفاجئة لجهة توقيتها والجهة التي صدرت عنها، وسط قناعة عامة بأنها لم تأتِ منبتّة عن السياق الإقليمي، وانفلات "التوحش" الإسرائيلي من كل عقال، وأنها لم تأتِ من دون تنسيق مسبق بين الحليفين: بهتشلي وأردوغان.

صحيح أن المبادرة، فجّرت قلق خصومها الداخليين، بالذات على "ضفتي التطرف القومي" الكردي – التركي، وأنها أثارت انقسامًا بين "تيار قنديل" داخل أكراد المنطقة، وتيار المصالحة والاعتدال، الذي يُعتقد أن عبدالله أوجلان، يقف على رأسه، من مَحبَسه على جزيرة "إمرالي".

وصحيح أن خصوم المصالحة عملوا على تفجير مركبها قبل إبحاره وسط تلاطم أمواج المواقف والمصالح المتناقضة، بدلالة الهجوم على شركة "توساش" في قلب العاصمة التركية في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من تصعيد في العمليات طال مناطق داخل تركيا وخارجها (سوريا والعراق).. لكن الصحيح كذلك، أن قطار المبادرة ما زال على سكته، رغم العرقلة، وأنه قد يواصل مسيره، ما دام أن وجهته النهائية، تحصين الداخل التركي في مواجهة مؤامرات التفكيك.

أما المبادرة الثانية؛ فسابقة على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وإن كانت اكتسبت زخمًا إضافيًا في الأسابيع الأخيرة، والمقصود بها، الرغبة التركية الجارفة بالمصالحة مع دمشق، وعروض الرئيس التركي المتكررة، للقاء الأسد، وإغلاق صفحات الخلاف (الصراع) بين البلدين.. وهي المبادرة، المدفوعة بجملة من الحسابات والاعتبارات التركية، من بينها قضية اللاجئين السوريين، وأهمها "المسألة الكردية".

والحقيقة أن أنقرة، لم تكن بحاجة لأن تنتظر جدعون ساعر ليخرج ما في "صندوقه الأسود" من مشاريع طافحة بالعدائية لتركيا، حتى تبدأ بالتحرك المضاد، وتشرع في العمل على إحباط مراميها وأهدافها، والمؤكد أنها كانت تدرك، أن "النجاحات" التي سجلتها إسرائيل على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي مواجهة حزب الله، وتكثيفها العمليات ضد حزب الله وإيران في سوريا، فيما يشبه الاستباحة الكاملة للأجواء والسيادة السوريتين، من شأنها إحياء النزعات الانفصالية لدى بعض تيارات الحركة الكردية في المنطقة، ما دام أن هذه النزعات كانت قد تغذّت تاريخيًا وتضخمت، على جذع "الغطرسة" و"الاستعلاء" الإسرائيلي.

كما أن التطاول الإسرائيلي المتكرر على إيران، سواء في عمقها أو مناطق نفوذها، وعدم نجاح الأخيرة في بناء معادلة ردع صارمة في مواجهة التهديدات باستهداف برنامجَيها النووي والصاروخي – من ضمن أهداف إستراتيجية أخرى – ساهم بدوره في زيادة المخاوف التركية، من تضخم الدور الإقليمي لإسرائيل، ولجوء تل أبيب لاستخدام أسلحة وأدوات من النوع الذي تحدث عنه ساعر: "حلف الأقليات".

العامل الأميركي

لم تكن علاقات تركيا بإدارة بايدن سلسة دائمًا، وغلب عليها التوتر في بعض الأحيان على حساب مقتضيات عضوية البلدين في "الناتو"، ومن بين جملة الأسباب الباعثة على فتور العلاقات وأحيانًا توترها، احتلت "المسألة الكردية" مكانة متميزة في صياغة شكل ومحددات العلاقة مع إدارة بايدن الديمقراطية.

فالرئيس بايدن، عُرِفَ عنه، تاريخيًا، تعاطفه الشخصي مع "الانفصالية" الكردية، وهو كان سبّاقًا من موقعه في مجلس الشيوخ لعرض تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث. ودعم بكل قوة، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأطر والأذرع السياسية والاجتماعية والمالية المنبثقة عنها والموازية لها.

ونافح بقوة أيضًا عن بقاء وحدات من الجيش الأميركي في مناطق شمال شرق سوريا؛ لحماية الحركة الكردية وتدعيمها، إن في مواجهة دمشق وطهران وحلفائهما، أو بالأخص في مواجهة تركيا. وهو أغدق على أكراد سوريا، الأكثر قربًا من "مدرسة أوجلان" والـ "بي كي كي"، السلاح والعتاد، الأمر الذي لطالما قرع نواقيس الخطر في مراكز صنع القرار في الدولة التركية.

وربما لهذا السبب بالذات، سقطت أنباء فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتساح حزبه الجمهوري مقاعد الأغلبية في مجلسَي الشيوخ والنواب، بردًا وسلامًا على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فالأول نجح في إقامة "علاقات عمل" مثمرة، ونسج بعض خيوط الصداقة مع الأخير، لأسباب لا مجال للخوض فيها في هذه المقالة، وهو متحرر من أية صلات أو "مشاعر" حيال كُرد المنطقة، والأهم، أنه بادر في ولايته الأولى إلى الإعلان عن نيته سحب قواته من شمال سوريا، وقد يستكمل في ولايته الثانية، ما كان بدأ به، قبل تدخل مؤسسات "الدولة العميقة" الأميركية لإحباط مساعيه آنذاك.

على أن مشاعر الارتياح للتحولات الأخيرة في الإدارة والكونغرس الأميركيين، لا تكفي لتبديد مخاوف أنقرة مما يمكن لتل أبيب، أن تقدم عليه. فالأتراك، بلا شك، يدركون أتم الإدراك، "مساحات المناورة وحرية الحركة" التي تتمتع بها إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

ويعرفون تمام المعرفة، أن اليمين الفاشي في تل أبيب، قادر على مغازلة مشاعر اليمين الأميركي المتطرف، ومداعبة أولويات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وبالضد من إرادة الإدارة في بعض الأحيان، إن تطلب الأمر و"المصلحة العليا" ذلك. ومن هنا يمكن القول إن مشوار تركيا في تعاملها مع "المسألة الكردية"، لن يكون معبدًا وسلسًا.

أنقرة تعوّل أيضًا على قلّة اهتمام ترامب بالقضية السورية، وتلمّست خلال ولايته الأولى، استعداده للتسامح مع دور روسي متنامٍ في سوريا، وتحبيذه تنامي هذا الدور على حساب الدور الإيراني بالأخص، فيما الرجل ربما يكون مقبلًا على فتح صفحة من التعاون مع الكرملين في أوكرانيا، وملفات أخرى، على الساحة الدولية.

وأنقرة تعوّل أيضًا على ما يمكن لموسكو أن تفعله بوحي من مصلحتها في خروج القوات الأميركية من سوريا، إن لجهة حفز جهودها للمصالحة مع دمشق، أو لجهة التوسط بين القامشلي والأسد، فضلًا عن تخفيف احتقانات علاقاتها مع إسرائيل، في ضوء ما يشاع عن جهود روسية للدخول على ملفات الوساطة بين إسرائيل ولبنان، ونوايا لم تتضح بعد، تنمّ على دعم روسي لقيام سوريا، بدور في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قدراته العسكرية، حال وضعت الحرب على هذه الجبهة، أوزارها.

هي مرحلة جديدة، تدخلها العلاقات التركية الإسرائيلية، تحكمها ثوابت ومتغيرات لدى الطرفين، في بيئة محلية وإقليمية بالغة التعقيد، والأيام المقبلة، تبدو محمّلة بكل جديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • شركة إيرلندية تمدد تعليق الرحلات إلى إسرائيل حتى مارس 2025
  • إلى التي تجسد كرامة هذه المنطقة... هكذا عايد ماكرون السيدة فيروز في عيدها
  • مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
  • الإعلان عن جوائز “لايت ميدل إيست” 16 يناير
  • صواريخ حزب الله أصابت مبنى في إسرائيل... شاهدوا حجم الدمار الذي لحق به (فيديو)
  • هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
  • حزب الله يكشف تفاصيل الكمين الذي أوقع به “لواء جولاني”
  • الإمارات: تصاعد الصراع في غزة ولبنان وامتداده لأطراف إقليمية يُهدد استقرار المنطقة
  • مبعوث بايدن إلى لبنان: إنهاء الصراع بات «في متناول اليد»
  • أردوغان: سنواصل النضال ضد الفوضى التي تثيرها سياسات الاحتلال