الخلطة السرّية للحرب العالمية المقبلة!
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
"الخلطة السرّية" للحرب العالمية المقبلة!
تركيز الغرب المهووس على ضرورة ألا تخرُج إسرائيل مهزومة ليس هدفاً "عقلانياً"، لا على المستوى السياسي ولا العسكري.
عواقب غير متوقعة، من أزمة باب المندب إلى مفاجأة الأردن درسان بليغان ومن الخطر الإصرار على التعامي عن الحريق المحتمل.
لم يتوقع صنّاع القرار بالمنطقة وخارجها في أكثر كوابيسهم سوداوية أن تنحدر المواجهة إلى الدرك الأسفل من التطهير العرقي والقتل الجماعي والتجويع و.
..
التطورات التي تنتقل في الشرق الأوسط ككرة نار متدحرجة من غزّة إلى باب المندب ولبنان وسورية والعراق، انتقلت فجأة إلى الأردن، إحدى أكثر النقاط ضعفًا وهشاشة.
مع إصرار مجرمي الحرب الإسرائيلية على إبادة فلسطينيي غزّة وتدمير مقوّمات الحياة فيها، تقترب المواجهة التي تزعم أميركا وحلفاؤها منع اتساعها من الخروج عن السيطرة.
أزمات محتدمة في سورية والعراق واليمن ولبنان والسودان، يمكن أن تتقاطع مع الحرب على غزة، بل مع ملفاتٍ أبعد جغرافيًا، ولدى أطراف دولية وإقليمية الرغبة في خلط الأوراق.
يتشابه المشهد العالمي الراهن ومشهد ما قبل الحرب العالمية الثانية وأحد أكثر مفاتيح التحليل أهمية "الصراعات المتشابكة"، فالحرب العالمية كان صراعاً واحداً شاملاً بين تحالفات متنافسة.
* * *
ما الذي يعنيه انتقال تعبير "الخلطة السرية" من إعلانات الوجبات السريعة إلى قاموس التحليل السياسي؟...
سؤال تفرضه تداعياتٌ بدأت منحناها الصاعد في فبراير/ شباط 2022 بقرار غزو أوكرانيا، ووصل إلى قمّته بتحذير أطلقه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من خطر اندلاع الحرب العالمية الثالثة قريباً، وبين النقطتين كثير مما ينبغي الوقوف أمامه طويلًا.
كتب الباحث الأميركي هال براندز، وهو أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدّمة بجامعة جونز هوبكنز، في تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز الأميركية مؤخراً عن تشابه المشهد العالمي الراهن ومشهد ما قبل الحرب العالمية الثانية. وأحد أكثر المفاتيح أهمية في تحليله "الصراعات المتشابكة"، والحرب العالمية الثانية، كان صراعاً واحداً شاملاً بين تحالفات متنافسة، وبدأت كثلاثية من المنافسات المترابطة على نحو فضفاض.
وفي المشهد الراهن، بحسب براندز، أوجه تشابه مع سابقه. ولم يكن الصراع الأكثر فظاعة في التاريخ هكذا في بدايته عالمياَ، وبحسب تعبيره، لم يكن "صراعاً ضخماً متكاملاً منذ البداية". ولم تندمج الأزمات "إلا تدريجيًا، بسبب عوامل قد تبدو مألوفة اليوم".
وتواجه أميركا وحلفاؤها "الصراعات المتشابكة" المتعدّدة. وقد دعا براندز إلى التفكير بشكل جدي في أن المزيد من التنافس والتوزانات العسكرية المتغيرة يخلق "مزيجا خطيرا"... والكلام الأخير ترجمة شبه حرفية لفكرة "الخلطة السرية"!
بالإضافة إلى ما نشرته "فورين أفيرز"، وفي التوقيت نفسه تقريباً، صدر عن رئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز تصريح كان موضوع اهتمام إعلامي بأن بلاده قد تلجأ إلى "النفير العام" إذا خاضت حرباً كبيرة. وقال وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس إن "عام 2024 سيكون حاسمًا بالنسبة للمملكة المتحدة وحلفائها، فيه اتخاذ خيارات استراتيجية للدفاع عن أنفسنا".
وقد دفع قوله هذا خبير الشؤون الاستراتيجية بمعهد تشاتام هاوس البروفسور أندرو دورمان إلى التساؤل عما إذا كان ما يحذّر منه هو "الحرب العالمية الثالثة"، وضع دورمان يده على بعد رئيس في تأخر التصعيد العالمي، حيث تكلفة هذه الحرب لا تزال الرادع الأساسي أمام جميع الأطراف.
والتطورات، التي تنتقل في الشرق الأوسط مثل كرة نار متدحرجة من غزّة إلى باب المندب ولبنان وسورية والعراق، انتقلت فجأة إلى الأردن، إحدى أكثر النقاط ضعفًا وهشاشة.
ومع إصرار نخبة مجرمي الحرب الأسرائيلية على إبادة فلسطينيي غزّة وتدمير مقوّمات الحياة فيها، تقترب المواجهة، التي نحجت أميركا وحلفاؤها في منع اتساع نطاقها، من أن تخرج عن السيطرة في مكان يبلغ الغاية في الخطورة استراتيجياً، ويبلغ الغاية في الهشاشة سياسيّاً وعسكريّاً، من الهلال الخصيب إلى اليمن.
والحربان العالميتان السابقتان غير قابلتين للاستنساخ بالمفهوم السطحي للبحث عن أوجه التشابه والاختلاف، كما أن الأزمات المرشّحة للتصاعد على نحو متوقّع أصبح من الحتمي أخذها بمزيد من الجدّية كاحتمالاتٍ بدلًا من الإصرار على أنها "فروض مستبعدة"، وبدا غزو أوكرانيا لكثيرين كذلك حتى "ساعة الصفر"، وما حدث في "طوفان الأقصى" كان هو الآخر يبدو كذلك.
وربما لم يتوقع معظم صنّاع القرار في المنطقة وخارجها في أكثر كوابيسهم سوداوية أن تنحدر المواجهة إلى الدرك الأسفل من مركب التطهير العرقي والقتل الجماعي والتجويع و...
والثقة المفرطة بالقدرة على منع الحريق من التوسّع ليست حلاً مأمون العواقب، والتجاهل المغرور للسخط الشعبي العربي والدولي الذي تسبّبت فيه جريمة الإبادة في فلسطين المحتلة، لا يستبعد أن يكون فتيل الانفجار.
فبعد هزيمة الجيوش العربية في حرب 1948، شهدت المنطقة العربية موجة تغيير سياسي امتدّت سنوات، وليس من المستبعد أن تتسبّب حرب غزّة في نتائج من النوع نفسه.
والتركيز الغربي المهووس على ضرورة ألا تخرُج إسرائيل مهزومة هو ليس هدفاً "عقلانياً"، لا على المستوى السياسي ولا العسكري، والأزمات المحتدمة، الهادئة والساخنة، في سورية والعراق واليمن ولبنان والسودان، قد تتقاطع في وقت قصير مع الحرب على غزة، بل مع ملفاتٍ أبعد جغرافيًا، ولدى أطراف دولية وإقليمية رغبة بخلط الأوراق، وعواقب غير متوقعة، من أزمة باب المندب إلى مفاجأة الأردن درسان بليغان ومن الخطر الإصرار على التعامي عن الحريق المحتمل.
*ممدوح الشيخ كاتب وباحث مصري
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل الغرب أزمات فلسطين غزة طوفان الأقصى الخلطة السرية الحرب العالمية دونالد ترامب التطهير العرقي جريمة الإبادة باب المندب غزو أوكرانيا ساعة الصفر الحرب العالمیة باب المندب
إقرأ أيضاً:
الصحة العالمية: نأمل إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا لقطاع غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعربت منظمة الصحة العالمية، اليوم، الجمعة، عن أملها في إمكانية زيادة حجم المساعدات المتجهة لقطاع غزة بشكل كبير إلى حوالي 600 شاحنة يوميا بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن، إن آلاف الشاحنات تنتظر دخول غزة، محذرا من أن أي فشل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة سيكون "مدمرا للغاية"، وسيعيق الجهود الإنسانية في المنطقة التي مزقتها الحرب، وفقا لما أوردته وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينتظر موافقة الحكومة الإسرائيلية ستتم زيادة المساعدات التي تدخل غزة إلى مئات الشاحنات يوميا، وتشمل الغذاء والأدوية والإمدادات والوقود لتخفيف الأزمة الإنسانية، وهذا أكثر بكثير مما سمحت به إسرائيل طوال الحرب، إذ دخلت 40 إلى 50 شاحنة مساعدات فقط يوميا إلى المنطقة في الأسابيع الأخيرة.
وفي حديثه إلى الصحفيين عبر الفيديو من القدس، قال "بيبركورن" إن تدفق المساعدات يمكن أن يسهم في إعادة بناء أنظمة الكهرباء والمياه وإدارة النفايات والبنية الأساسية الأخرى التي تضررت خلال أكثر من 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة، مشيرا إلى الحاجة إلى قطع غيار المولدات وزيت المولدات التي لم يُسمح بإدخالهم إلى غزة.
من المقرر أن يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل، ستشمل المرحلة الأولى من الاتفاق تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها الآمن والفعال على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدني والوقود ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا منازلهم بسبب الحرب.