التهجير تاريخا وأفقا للعنصرية الغربية
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
التهجير تاريخا وأفقا للعنصرية الغربية
العنصرية الإسرائيلية ليست حالة شاذة، بل إنها رافد في تيار غربي متنام قد يمسك قريبا بالحكم في كبريات الدول الأوروبية.
حكومة بريطانيا مصرّة على طرد طالبي اللجوء والهجرة إلى رواندا، رغم أن الأمم المتحدة أعلنت أن ذلك انتهاك للقانون الدولي.
ذهب اليمين الألماني المتطرف في الرغبة في تطهير أوروبا من الدخيل الإفريقي والعربي والمسلم أبعد بكثير من حكومة بريطانيا.
المعنى أن دول المغرب العربي منزوعة السيادة بحيث يجوز للأوروبيين أن يقتطعوا منها مساحة يجعلونها منفى، بل مستعمرة عقاب.
باتت خطط الترحيل والتهجير والطرد والترانسفير قاسما مشتركا بين اليمين العنصري المتطرف في إسرائيل وأمثاله في بعض البلاد الأوروبية، مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا.
تقتيل أهالي البلاد الأصليين أو ترحيلهم باسم التفوق الحضاري أو الديني في حالة أمريكا والعودة لأرض الأجداد أو أرض الميعاد في حالة إسرائيل (اليهود شعب بلا أرض وفسلطين أرض بلا شعب).
تتصاعد دعوات إسرائيل لترحيل الفلسطينيين من بلادهم «طواعية». وأحدث حلقات هذا المسلسل مهرجان عنصري شارك فيه 30 وزيرا إسرائيليا، أطلق دعوات التطهير العرقي ووبناء «غزة يهودية».
* * *
التقتيل أو الترحيل هو نموذج التأصيل التاريخي لكل من الكيانين الأمريكي والإسرائيلي، أي أنه نموذج التفسير أو التبرير الثاوي في أعمق أعماق تصورات الأمتين عن شرعيتهما الوطنية أو جدارة كل منهما بالأرض المغتصبة أو «المتنازع عليها».
يتم تقتيل أهالي البلاد الأصليين أو ترحيلهم باسم مبدأ أعلى: التفوق الحضاري أو الديني في الحالة الأمريكية (مع الزعم بأن شعب أمريكا الشمالية الأصلي شعب بدائي بلا حضارة) والعودة لأرض الأجداد أو أرض الميعاد في الحالة الإسرائيلية (مع الزعم بأن اليهود شعب بلا أرض وأن فسلطين أرض بلا شعب).
وإذا كانت جرائم التقتيل، بلوغا إلى غاية الإبادة المضمرة أو المعلنة، إنما هي اختصاص إسرائيلي حصري في الظرف التاريخي الحالي، فإن خطط الترحيل والتهجير والطرد والترانسفير قد صارت قاسما مشتركا بين تيارات اليمين العنصري المتطرفة في إسرائيل وبين مثيلاتها في بعض البلاد الأوروبية، مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا.
إذ لا يكاد يمر يوم إلا وتأتي الأخبار بالمزيد عن الدعوات الإسرائيلية المتصاعدة لترحيل الفلسطينيين من البلاد «طواعية». وقد كان من أحدث حلقات هذا المسلسل المخزي ذلك المهرجان العنصري الذي شارك فيه حوالي ثلاثين وزيرا إسرائيليا، حيث أطلقت الدعوات إلى التطهير العرقي وإحياء مستوطنات غوش قطيف وبناء «غزة يهودية».
أما في أوروبا، فإن الحكومة البريطانية مصرّة على تنفيذ سياسة طرد طالبي اللجوء والهجرة إلى رواندا، رغم أن الأمم المتحدة أعلنت أن في هذه السياسة انتهاكا للقانون الدولي. على أن اليمين الألماني المتطرف قد مضى في الرغبة في تطهير أوروبا من الدخيل الإفريقي والعربي والإسلامي أبعد بكثير من الحكومة البريطانية.
فقد كشفت وسيلة الإعلام الاستقصائية «كوركتيف» في تحقيق بعنوان «خطة سرية ضد ألمانيا» أن «حركة الهوية» المتحالفة مع حزب البديل الألماني اليميني المتطرف قد وضعت خطة تدعو إلى «إنهاء الاستعمار الأجنبي للبلاد» وذلك بطرد طالبي اللجوء وحتى الأجانب الحاصلين على إذن قانوني بالإقامة.
أما أخطر بنود الخطة فيتمثل في الدعوة إلى طرد كل مهاجر «غير مندمج» علما أن هذا الوصف الفضفاض يشمل كثيرا من المواطنين ذوي الأصول الأجنبية ممن يحملون الجنسية الألمانية.
ذلك أن زعيم حركة الهوية مارتن سلنر قد أعلن أن هؤلاء المجنسين الألمان يمثلون بالنسبة لليمين المتطرف كبرى المشكلات التي ينبغي التعجيل بحلها، ودعا إلى ممارسة ضغوط قوية لحملهم على التأقلم مع الثقافة المحلية من خلال قوانين مصممة للغرض.
ويعترف زعيم حركة الهوية أن التنفيذ يتطلب عشرات السنين. أما درة التاج في الخطة فهو المضيّ إلى حد المطالبة بإنشاء دولة في شمال إفريقيا (!) للتخلص من هؤلاء المهاجرين غير المرغوب فيهم، والذين يقارب تعدادهم مليوني نسمة.
والمعنى أن دول المغرب العربي منزوعة السيادة بحيث يجوز للأوروبيين أن يقتطعوا منها مساحة يجعلونها منفى، بل مستعمرة عقاب كافكائية! ومصير هؤلاء الألمان المنفيين عندنا أن ينخرطوا في أنشطة التدريب المهني، بل إن سلنر يقترح عليهم بمنتهى الجد ودون رغبة في الإضحاك أن يستثمروا الوقت في ممارسة الرياضة. أما المدافعون عن حقوق المهاجرين، فالرأي عنده أن حل مشكلتهم بالغ السهولة: إذ حسْبُهم أن يتبعوا المنفيين إلى منفاهم!
وقد استثارت هذه الخطة، المتمثلة في التخلص من المواطنين غير المرغوب فيهم (مع إعادة استعمار إفريقيا التي يتبناها اليمين الألماني المتطرف رسميا ويسميها «الهجرة العكسية» أي عودة المهاجرين إلى بلدانهم طوعا أو كرها) لدى عموم الألمان ذكرى مداولات المسؤولين النازيين عام 1940 بشأن «مشروع مدغشقر» الذي كان يرمي في الأصل إلى التخلص من ملايين اليهود والغجر والمختلين عقليا والمناهضين للنازية بنفيهم إلى الجزيرة الإفريقية. لكن الخطة لم تنفذ واستعيض عنها بخطة الحل النهائي التي وضع النازيون تفاصيلها في ندوة فانسي عام 1942.
أما في فرنسا فقد سبق للمرشح الرئاسي أريك زمور أن نادى بإنشاء وزارة للهجرة العكسية للتخلص من حوالي مليون لاجئ ومهاجر، كما أن اليمينية المتطرفة ماريون مارشال دأبت على تسمية المهاجرين الحاصلين على الجنسية الفرنسية بـ«فرنسيّي الأوراق». وهي تقصد المسلمين حصرا، وتخلط في هذه التسمية التحقيرية بين مهاجري الجيل الأول وبين أبنائهم وأحفادهم ممن ولدوا ونشأوا في فرنسا.
وهكذا فالعنصرية الإسرائيلية ليست حالة شاذة، بل إنها رافد في تيار غربي متنام قد يمسك قريبا بالحكم في كبريات الدول الأوروبية.
*مالك التريكي كاتب تونسي
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الغرب إسرائيل تهجير ترحيل فلسطين العنصرية أريك زمور
إقرأ أيضاً:
أمام محمد بن راشد.. قضاة جدد يؤدون اليمين القانونية
أمام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أدى عدد من القضاة الجُدد الذين تم تعيينهم في مركز فض المنازعات الإيجارية ومحاكم دبي، اليمين القانونية، اليوم الخميس، وذلك في إطار تأكيد قدرة المركز على تسريع الفصل في الدعاوى الإيجارية، وتعزيز النظام القضائي في إمارة دبي بصفة عامة.
ورحّب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالقضاة الجُدد، مشيداً بدورهم المنتظر في تحقيق العدالة وضمان تقديم حلول فعالة للمنازعات الإيجارية والملكية المشتركة، مؤكداً أهمية الإسهام الكبير للقضاء في تعزيز استقرار السوق العقاري، والمساهمة في توفير بيئة استثمارية مرنة وآمنة في إمارة دبي، في ضوء التزام دولة الإمارات بتقديم خدمات قضائية متميزة تضمن حقوق جميع الأطراف بما يتماشى مع أفضل الممارسات القانونية العالمية.
شهد مراسم أداء اليمين القانونية في قصر زعبيل بدبي، الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، رئيس المجلس القضائي في إمارة دبي، والشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، والشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي لأمن المنافذ والحدود.
كما حضر مراسم أداء اليمين كلٌ من، المستشار عصام عيسى الحميدان، النائب العام لإمارة دبي، ومروان بن غليطة، مدير عام دائرة الأراضي والأملاك، والقاضي عبدالقادر موسى محمد، رئيس مركز فض المنازعات الإيجارية، ود. عبدالله السبوسي، أمين عام المجلس القضائي، وعدد من كبار المسؤولين والقضاة.
من جانبهم، عبّر القضاة الجُدد عن فخرهم واعتزازهم بثقة القيادة الرشيدة، وتعهدوا بتقديم أعلى مستويات العدالة والنزاهة في معالجة جميع القضايا المعروضة أمامهم في مركز فض المنازعات الإيجارية، ومحاكم دبي، مؤكدين التزامهم بتطبيق القوانين بما يضمن حقوق جميع الأطراف المعنية، ويساهم في تحقيق الرؤية الطموحة لدبي كمركز رائد في مجال العدالة القانونية.
كما رحّب القاضي عبد القادر موسى محمد، رئيس مركز فض المنازعات الإيجارية في دبي، بالقضاة الجدد، منوهاً بدورهم في تعزيز منظومة العدالة في إمارة دبي، وقال إن تعيين هؤلاء القضاة يمثل خطوةً مهمة نحو تعزيز كفاءة عمل المركز، والمنظومة القضائية بصورة عامة، ويعكس التزام القيادة الرشيدة بتطوير القطاع القضائي وتوفير بيئة قانونية آمنة ومستقرة للجميع، بما في ذلك أطراف النزاعات الإيجارية.
وعن جهود ومبادرات المركز المتواصلة لرفع كفاءة العمل وتعزيز استقرار السوق الإيجاري في دبي، قال: نحن في مركز فض المنازعات الإيجارية نعمل باستمرار على تحسين آليات الفصل في الدعاوى الإيجارية لضمان تحقيق العدالة بسرعة وكفاءة، والقضاة الجدد الذين تم تعيينهم، سيشكلون إضافة نوعية لفريق العمل، ونحن واثقون من قدرتهم على الارتقاء بمستوى الخدمة القضائية والمساهمة في تحقيق العدالة بكافة أبعادها، بما يضمن حقوق جميع الأطراف، ويعزز مكانة دبي كمركز رائد في مجال الحلول القانونية المتخصصة.
وتوجّه رئيس المركز بالشكر الجزيل إلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على دعمه المستمر لقطاع القضاء في دبي، مؤكداً أن هذا الدعم له الأثر الكبير في دفع عجلة التطوير والتحسين المستمر لخدمات المركز، لتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في بناء بيئة قانونية تعزز الثقة بين كافة المتعاملين في السوق العقاري.
وأدى اليمين القانونية 12 قاضياً، وهم: عبد العظيم محمد الصادق، وعلي حسن غلاب، وعماد عبدالصمد قايد، ومحمد مدحت رمزي، والدكتور حامد عبدالله يوسف، وعيسى عبدالعزيز طاهر، والدكتور سعود الشاعر، والدكتور عبيد محمد سالم، ومحمد عمر المهيري، والدكتور راشد الجابري، وفاطمة السويدي، والقاضي في محاكم دبي محمد سليمان فهيم، على أن يؤدوا عملهم بأمانة وصدق بما يسهم في خلق بيئة قانونية عادلة وموثوقة.