صدى البلد:
2025-03-25@06:50:33 GMT

حكم طلب الشهرة في الإسلام.. كيف ضبطها الشرع؟

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

قالت دار الإفتاء المصرية، إن الشهرة إن كانت من طلب الشخص فهي مكروهة؛ فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حَسَبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ -إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ- أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ» رواه الطبراني في "مسند الشَّاميين".

وأضافت، دار الإفتاء، في إجابتها على سؤال:  ما حكم الشُّهرة، وما ضَوابِطُها، وهل منها ما هو مذمومٌ؟ أن السلف الصالح كانوا يكرهون طلب الشهرة؛ فقد ورد في "التواضع والخمول" لابن أبي الدنيا (1/ 63): [قال أيوب السختياني رحمه الله: "مَا صَدَقَ اللهَ عَبْدٌ إِلا سَرَّهُ أَنْ لا يُشْعَرَ بِمَكَانِهِ"] اهـ.

وقالت دار الإفتاء، إنه إن كانت الشهرة من الله تعالى -من غير تكلُّف طلب الشهرة منه- لنشر دينه فهي محمودة.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي في "الإحياء" (10/ 1830، 1834، ط. دار الشعب): [اعْلَمْ -أَصْلَحَكَ اللهُ- أَنَّ أَصْلَ الْجَاهِ هُوَ: انْتِشَارُ الصِّيتِ، وَالِاشْتِهَارِ. وَهُوَ مَذْمُومٌ، بَلِ الْمَحْمُودُ: الخُمُولُ، إِلَّا مَنْ شَهَرَهُ اللهُ تَعَالَى لِنَشْرِ دِينِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ طَلَبِ الشُّهْرَةِ مِنْهُ.. وَإِنَّمَا الْمَطْلُوبَ بِالشُّهْرَةِ وَانْتِشَارِ الصِّيتِ هُوَ الْجَاهُ وَالْمَنْزِلَةُ فِي القُلُوبِ، وَحُبُّ الجَاهِ هُوَ مَنْشَأُ كُلِّ فَسَادٍ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ شَهْوَةٍ تَزيِدُ عَلَى شُهْرَةِ الأَنْبِيَاءِ وَالخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَأَئِمَّةِ العُلَمَاءِ، فَكَيِفَ فَاتَهُمْ فَضِيلَةُ الخُمُولِ؟

فَاعْلَمْ: أَنَّ المَذْمُومَ طَلَبُ الشُّهْرَةِ، فَأَمَّا وُجُودُهَا مِنْ جِهَةِ اللهِ سُبحانَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ مِنَ الْعَبْدِ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ، نَعَمْ، فِيْهِ فِتْنَةٌ عَلَى الضُّعَفَاءِ دُوْنَ الأَقْوِيَاءِ، وَهُمْ كَالْغَرِيقِ الضَّعِيفِ إِذَا كَانَ مَعَهُ جَمَاعَةً مِنَ الْغَرْقَى؛ فَالأَوْلَى بِهِ أَنْ لَا يَعْرِفَه أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهمْ يَتَعَلَّقُونَ بِهِ فَيَضْعُف عَنْهُم، فَيَهْلِكَ مَعَهُمْ، وَأَمَّا القَوِيُّ فَالأَوْلَى أَنْ يَعْرِفَهُ الغَرْقَى؛ لِيَتَعَلَّقُوا بِهِ، فَيُنَجِّيهم، وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ] اهـ.

قال العلَّامة الخادمي الحنفي -بعد حديثِ أنسٍ رضي الله عنه- في "بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية" (2/ 52، ط. الحلبي): [ولِذا كانت الشُهرةُ آفةً -يعني في الدين والدنيا-:
- أمَّا الدِّيْن: فلكونه منبعًا لنحو العُجْبِ، والاعتمادِ على العمل والرِّياءِ وآلةً لجمع الدنيا، وقيل: إنَّ الشهرةَ فيه إنما تكونُ بإِحداثِ بِدعةٍ عظيمةٍ فيه خفاءً.

- وأما الدنيا: فلكونه منبعًا لنحو الظُّلمِ والكِبرِ والإِعراضِ عن الطَّاعاتِ والتَّعمُّقِ في الأَغراضِ الدنيويَّة] اهـ.

وأكدت دار الإفتاء، أن طلب الإنسان الشهرة لنفسه مذمومٌ كما يُكرَهُ ما يؤدِّي إلى الطَّلب، وإن لم يَطْلُب؛ كلبسهِ لباس الشهرة؛ أي: ما يَشتهِر به عند النَّاس ويُشار إليه بالأَصابِع؛ فقد رُوي -مرفوعًا- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشهرتين. فقيل: يا رسول الله، وما الشهرتان؟ قال: «رِقَّةُ الثِّيَابِ وَغِلَظُهَا، وَلِينُهَا وَخُشُونَتُهَا، وَطُولُهَا وَقِصَرُهَا، وَلَكِنْ سَدَادٌ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَاقْتِصَادٌ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان".

وأخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما -مرفوعًا- أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود وغيره.

وَكَانَ الْحَسَنُ رضي الله عنه يَقُولُ: "إنَّ قَوْمًا جَعَلُوا خُشُوعَهُمْ فِي اللِّبَاسِ، وَشَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِلِبَاسِ الصُّوفِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ بِمَا يَلْبَسُ مِنْ الصُّوفِ أَعْظَمُ كِبْرًا مِنْ صَاحِبِ الْمُطَرَّفِ بِمُطَرَّفِهِ".

ومن ضوابِطها - أي الشهرة-: التخلق بأحسن الأخلاق؛ لأنه قدوة، ولا يجوز له التَّدنِّي إلى مستوى العوام؛ حتى لا يفتن الناسَ في دينهم.

وَحَدُّهَا المذموم: أن تطلب لغير الله، فتكون لطلب الجاه والسمعة؛ فقد روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط".

والأَوْلَى أن لا تُطْلَبَ أصلًا، بل يكون مطلوبًا لها، لا طالبًا؛ قال الإمام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (10/ 1830، ط. دار الشعب): [بَلِ الْمَحْمُودُ: الخُمُولُ، إِلَّا مَنْ شَهَرَهُ اللهُ تَعَالَى لِنَشْرِ دِينِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ طَلَبِ الشُّهْرَةِ مِنْهُ] اهـ.

وهذا لا ينافي قول الحق بضوابطه ولو أدى إلى الشُّهرَة، بشرط أن لا يَقْصِدَ الشهرة، أو طلب الجاه، أو السمعة؛ فالشُّهرة هنا عارضة له، وليست مقصودة ولا مطلوبة ولا متشوفًا لها.

وبناءً عليه: فإنَّ تكلُّفَ طلب الشهرة مذمومٌ، وهذا لا يمنعه من أمورٍ مشروعة، بل قد تكون واجبةً أو مستحبةً، مثل قول الحقِّ من غير التشوُّفِ إلى الشهرة أو استشرافِها.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الشهرة رضی الله عنه دار الإفتاء رسول الله ب الشهرة ول الله ى الله

إقرأ أيضاً:

الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة

وخلال حلقة 2025/3/24 من بودكاست "ملهمات"، قالت هيفاء -وهي عراقية أميركية- إن إحدى المعلمات غرست فيها حب الدين منذ المرحلة الإعدادية، لكنها لم تهتم جديا بأمر الدين إلا بعد انتهاء دراستها.

ولاحظت الداعية الإسلامية أن الدين يظهر في الشدائد، وقالت إنها بدأت بحفظ القرآن وهي في مرحلة التدريب المهني عندما توفيت صديقتها وهي في العقد الثالث من عمرها، لأن هذا الأمر لفت انتباهها إلى أن الله لم يقبض روحها بعد كما قبض روح غيرها.

ومع التفاتها للقرآن، بدأت الطبيبة تنتبه إلى بعض الكلمات وترتيبها في القرآن الكريم، وشعرت بأن الله يدفعها نحو التعمق في الدين، وهو ما بدأته بعد حصولها على البورد الأميركي في الطب.

وبدأت هيفاء دراسة الشريعة الإسلامية في الجامعة الأميركية المفتوحة بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكان التعليم عن طريق الهاتف. وقد واصلت التعمق في التعليم حتى رزقها الله أداء فريضة الحج.

بداية هيفاء مع الدعوة

وبعد هذه الفريضة، شعرت هيفاء بأن شيئا لا تعرفه قد تغير فيها، رغم أنها كانت منتظمة في عملها كطبيبة، وكان الأميركيون في ذلك الوقت لا يعرفون شيئا عن الإسلام، كما تقول.

ومن هنا، بدأت الداعية الإسلامية الحديث للناس عن الإسلام وتعريفهم به، وذلك مع مواصلتها التعليم الشرعي حتى قررت دراسة الشريعة بشكل جاد في المملكة العربية السعودية عام 2006.

إعلان

ورغم أنها ذهبت إلى المملكة بعرض عمل، فإنها كانت عازمة على تعلم الشريعة الإسلامية لأنها لم تكن بحاجة لعمل خارج الولايات المتحدة، وهي تقول إن دراسة الإسلام كانت أهم لديها من دراسة الطب.

وتلقت هيفاء تعليمها الشرعي في جامعة أم القرى بمدينة جدة، وقد لمست دعم الله لها بأن كان المستشفى الذي تعمل به مجاورا للمعهد الذي تدرس فيه مما سهل عليها كثيرا، كما تقول.

وقضت في هذه المرحلة عامين، وحضرت الكثير من الدورات والتقت كثيرا من العلماء، وهي تقول إن الاحتكاك بالعلماء مهم جدا في تلقي العلم والتعمق بالدين.

وترى هيفاء أن تلقيها العلم الشرعي على يد سيدات في المملكة كان له دور مهم في حياتها، لأنه ساعدها -كما تقول- على التعمق في كثير من أمور الدين المتعلقة بالنساء، مشيرة إلى أن مهنة الطب أيضا ساعدتها كثيرا في علمها الشرعي.

ورغم حالة المادية المسيطرة على العالم، فإن هيفاء تقول إن الناس متعطشة للدين لأنهم يبحثون عن شيء يمنحهم الراحة والسكينة في عالم لا يعرف الراحة، وهو أمر لمسته في دول غير مسلمة مثل هونغ كونغ.

ومن بين الأمور المهمة في الدعوة -برأي الطبيبة- أن يلامس كلام الداعية قلوب الناس لا أسماعهم فقط، وهي ترى أن على الداعية والإنسان عموما أن يجعل القرآن منهج حياة لا مجرد كلام يردده.

البساطة والصدق

وبعد تجربتها في الدعوة إلى الله، ترى الداعية أن تبسيط الدين وصدق الداعية واتساقه مع ما يقول في حياته تعتبر أمورا حاسمة في تحقيق المراد من الدعوة.

وفي حين تمنح الأسرة والأولاد والوظيفة والنجاح للإنسان كثيرا من الراحة، فإن البعد عن الدين سيشعره دائما بأن هناك شيئا ناقصا في حياته، برأي هيفاء التي تقول إن هذا الشيء لن يجده المرء إلا في دين الله.

لذلك، تقول الطبيبة إن كثيرين من الداخلين في الإسلام بالولايات المتحدة يقولون إنهم وجدوا فيه شيئا لا يعرفونه لكنهم لطالما كانوا يبحثون عنه، مضيفة أن قوة المرأة التي يتحدثون عنها غير موجودة إلا في الإسلام وكذا الطمأنينة.

إعلان

ولا ترى الطبيبة في العيش مع الله تشددا أو تشدقا، ولكنها تعتقد أن على الإنسان جعل حياته مزرعة لآخرته وليست هدفا، والتعامل مع كل يوم على أنه آخر أيام حياته.

ووفقا لهيفاء، فإن الله لم يمدح الدنيا أبدا في القرآن لكنه مدح الآخرة ووصفها بالخيرية، واستدلت على ذلك بأن المرء لو علم أنه سيموت في وقت محدد فلن يتمسك بشيء من الدنيا وإنما سيبحث عن الله.

البحث عن رضى الله

وتعتقد الداعية الإسلامية أن على المرأة المسلمة أن تكون قدوة لمجتمعها وأولادها لأنها لا تقل مكانة عن الرجل، وقالت إن البحث عن رضى الله تعالى سيجعلها تقوم بهذا الدور حتى لو من دون قصد منها.

وفي وصفها للقدوة، قالت الداعية إنها المرأة التي تعمل العمل الصحيح الذي يرضي ربها بغض النظر عن رضا الناس أو حظها من الدنيا، وأن تلتزم بهذه القاعدة، وترضى بحظها من الدنيا، حتى لو لم تكن مشهورة ولا معروفة، لأن الشهرة والظهور قدر من الله تعالى ولا يجب على الإنسان السعي له أو العمل من أجله.

واستدلت الداعية على ذلك بأم الإمام أحمد وأم الإمام البخاري وأم الإمام الشافعي، وقالت إنهن جميعا يذكرن في الكتب بهذا الوصف وقلة من تعرف أسماؤهن.

وخلصت الداعية الإسلامية إلى أن على المرأة -والمسلم عموما- وضع مرضاة الله نصب عينيه في كل عمل يعمله وألا ينساق وراء إرضاء الناس، محذرة من أن من سن سنة حسنة سيكون له أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة سيكون له وزرها ووزر من عمل بها.

24/3/2025

مقالات مشابهة

  • درس التراويح بالجامع الأزهر: الصدقة في الإسلام باب من أبواب البر
  • الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة
  • فتاة: ليه ربنا فضل الإسلام على باقي الأديان اللي خلقها؟ علي جمعة يجيب
  • سالم مولى أبي حذيفة.. حامل القرآن وإمام المهاجرين
  • أحمد عمر هاشم: الاعتكاف من العبادات المهمة والعظيمة في الإسلام
  • هل الرحمة تجوز على غير المسلم؟.. الدكتور أيمن أبو عمر يجيب
  • دمشق.. أولى عواصم الإسلام
  • مفتي الجمهورية: اليأس ليس من صفات المؤمن.. والتشاؤم لا أصل له في الإسلام
  • خالد الجندي يوضح سبب تقديم العقيدة على أداء العبادات في الإسلام
  • فن الإدارة في الإسلام.. نموذج فريد للتنظيم والقيادة