صدى البلد:
2025-02-22@21:38:36 GMT

حكم طلب الشهرة في الإسلام.. كيف ضبطها الشرع؟

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

قالت دار الإفتاء المصرية، إن الشهرة إن كانت من طلب الشخص فهي مكروهة؛ فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حَسَبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ -إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ- أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ» رواه الطبراني في "مسند الشَّاميين".

وأضافت، دار الإفتاء، في إجابتها على سؤال:  ما حكم الشُّهرة، وما ضَوابِطُها، وهل منها ما هو مذمومٌ؟ أن السلف الصالح كانوا يكرهون طلب الشهرة؛ فقد ورد في "التواضع والخمول" لابن أبي الدنيا (1/ 63): [قال أيوب السختياني رحمه الله: "مَا صَدَقَ اللهَ عَبْدٌ إِلا سَرَّهُ أَنْ لا يُشْعَرَ بِمَكَانِهِ"] اهـ.

وقالت دار الإفتاء، إنه إن كانت الشهرة من الله تعالى -من غير تكلُّف طلب الشهرة منه- لنشر دينه فهي محمودة.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي في "الإحياء" (10/ 1830، 1834، ط. دار الشعب): [اعْلَمْ -أَصْلَحَكَ اللهُ- أَنَّ أَصْلَ الْجَاهِ هُوَ: انْتِشَارُ الصِّيتِ، وَالِاشْتِهَارِ. وَهُوَ مَذْمُومٌ، بَلِ الْمَحْمُودُ: الخُمُولُ، إِلَّا مَنْ شَهَرَهُ اللهُ تَعَالَى لِنَشْرِ دِينِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ طَلَبِ الشُّهْرَةِ مِنْهُ.. وَإِنَّمَا الْمَطْلُوبَ بِالشُّهْرَةِ وَانْتِشَارِ الصِّيتِ هُوَ الْجَاهُ وَالْمَنْزِلَةُ فِي القُلُوبِ، وَحُبُّ الجَاهِ هُوَ مَنْشَأُ كُلِّ فَسَادٍ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ شَهْوَةٍ تَزيِدُ عَلَى شُهْرَةِ الأَنْبِيَاءِ وَالخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَأَئِمَّةِ العُلَمَاءِ، فَكَيِفَ فَاتَهُمْ فَضِيلَةُ الخُمُولِ؟

فَاعْلَمْ: أَنَّ المَذْمُومَ طَلَبُ الشُّهْرَةِ، فَأَمَّا وُجُودُهَا مِنْ جِهَةِ اللهِ سُبحانَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ مِنَ الْعَبْدِ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ، نَعَمْ، فِيْهِ فِتْنَةٌ عَلَى الضُّعَفَاءِ دُوْنَ الأَقْوِيَاءِ، وَهُمْ كَالْغَرِيقِ الضَّعِيفِ إِذَا كَانَ مَعَهُ جَمَاعَةً مِنَ الْغَرْقَى؛ فَالأَوْلَى بِهِ أَنْ لَا يَعْرِفَه أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهمْ يَتَعَلَّقُونَ بِهِ فَيَضْعُف عَنْهُم، فَيَهْلِكَ مَعَهُمْ، وَأَمَّا القَوِيُّ فَالأَوْلَى أَنْ يَعْرِفَهُ الغَرْقَى؛ لِيَتَعَلَّقُوا بِهِ، فَيُنَجِّيهم، وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ] اهـ.

قال العلَّامة الخادمي الحنفي -بعد حديثِ أنسٍ رضي الله عنه- في "بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية" (2/ 52، ط. الحلبي): [ولِذا كانت الشُهرةُ آفةً -يعني في الدين والدنيا-:
- أمَّا الدِّيْن: فلكونه منبعًا لنحو العُجْبِ، والاعتمادِ على العمل والرِّياءِ وآلةً لجمع الدنيا، وقيل: إنَّ الشهرةَ فيه إنما تكونُ بإِحداثِ بِدعةٍ عظيمةٍ فيه خفاءً.

- وأما الدنيا: فلكونه منبعًا لنحو الظُّلمِ والكِبرِ والإِعراضِ عن الطَّاعاتِ والتَّعمُّقِ في الأَغراضِ الدنيويَّة] اهـ.

وأكدت دار الإفتاء، أن طلب الإنسان الشهرة لنفسه مذمومٌ كما يُكرَهُ ما يؤدِّي إلى الطَّلب، وإن لم يَطْلُب؛ كلبسهِ لباس الشهرة؛ أي: ما يَشتهِر به عند النَّاس ويُشار إليه بالأَصابِع؛ فقد رُوي -مرفوعًا- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشهرتين. فقيل: يا رسول الله، وما الشهرتان؟ قال: «رِقَّةُ الثِّيَابِ وَغِلَظُهَا، وَلِينُهَا وَخُشُونَتُهَا، وَطُولُهَا وَقِصَرُهَا، وَلَكِنْ سَدَادٌ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَاقْتِصَادٌ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان".

وأخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما -مرفوعًا- أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود وغيره.

وَكَانَ الْحَسَنُ رضي الله عنه يَقُولُ: "إنَّ قَوْمًا جَعَلُوا خُشُوعَهُمْ فِي اللِّبَاسِ، وَشَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِلِبَاسِ الصُّوفِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ بِمَا يَلْبَسُ مِنْ الصُّوفِ أَعْظَمُ كِبْرًا مِنْ صَاحِبِ الْمُطَرَّفِ بِمُطَرَّفِهِ".

ومن ضوابِطها - أي الشهرة-: التخلق بأحسن الأخلاق؛ لأنه قدوة، ولا يجوز له التَّدنِّي إلى مستوى العوام؛ حتى لا يفتن الناسَ في دينهم.

وَحَدُّهَا المذموم: أن تطلب لغير الله، فتكون لطلب الجاه والسمعة؛ فقد روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط".

والأَوْلَى أن لا تُطْلَبَ أصلًا، بل يكون مطلوبًا لها، لا طالبًا؛ قال الإمام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (10/ 1830، ط. دار الشعب): [بَلِ الْمَحْمُودُ: الخُمُولُ، إِلَّا مَنْ شَهَرَهُ اللهُ تَعَالَى لِنَشْرِ دِينِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ طَلَبِ الشُّهْرَةِ مِنْهُ] اهـ.

وهذا لا ينافي قول الحق بضوابطه ولو أدى إلى الشُّهرَة، بشرط أن لا يَقْصِدَ الشهرة، أو طلب الجاه، أو السمعة؛ فالشُّهرة هنا عارضة له، وليست مقصودة ولا مطلوبة ولا متشوفًا لها.

وبناءً عليه: فإنَّ تكلُّفَ طلب الشهرة مذمومٌ، وهذا لا يمنعه من أمورٍ مشروعة، بل قد تكون واجبةً أو مستحبةً، مثل قول الحقِّ من غير التشوُّفِ إلى الشهرة أو استشرافِها.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الشهرة رضی الله عنه دار الإفتاء رسول الله ب الشهرة ول الله ى الله

إقرأ أيضاً:

المفتي: العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام تكاملية أكثر من مجرد طاعة

كتب- حسن مرسي:

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام تقوم على التكامل والتعاون والتعاضد، حيث ينظم الدين طبيعة هذه العلاقة لتحقيق التوازن بين شؤون الدين والدنيا.

وأوضح مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر، ببرنامج "مع المفتي"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة: "طبيعة هذه العلاقة متكاملة، تؤكد أن الدين ليس بمعزل عن واقع الحياة أو عن شؤون الدنيا، بدليل أن هذا الدين ينظم أطر وشكل طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بين الراعي والرعية".

وتابع: "ذلك لأن الحكم في الإسلام يُنظر إليه من خلال هذا الحاكم على أنه الشخص الذي يسوس أمور الدين وأمور الدنيا، فهي رئاسة عامة، القصد منها العمل على الموازنة بين هذين الجانبين، بين ما يتعلق بأمور الله تعالى وحقوقه، وبين ما يتعلق بشؤون الدنيا. وبالتالي، يمكن إدراك عمق هذه العلاقة من خلال طبيعة أصحاب النبي ﷺ، إذ كان الواحد منهم إذا أُسند إليه الأمر أو وُكل إليه هذا الجانب، كان حريصًا على أن يجمع بين الجانبين معًا، ولعلنا نذكر مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والذي نفسي بيده، لو عثرت دابة في بغداد، لخشيت أن أسأل عنها: لماذا لم تمهد لها الطريق؟".

وأَضاف: "عند الحديث عن هذه الأبعاد، لا بد أن يستقر في الذهن أن العلاقة التي تربط بين الطرفين، أعني الحاكم والمحكوم، هي علاقة تكامل وتعاون وتعاضد وأداء للأدوار، ولذا قال النبي ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، مما يدل على أن هذه القضية تتعلق بالتكليف، وهي أمانة ومسؤولية، وفي المقابل، لا بد أن تكون الرعية على قدر المسؤولية، من خلال الالتزام بالحقوق والوفاء بالواجبات والموازنة بين أمور الدين وأمور الدنيا، لأن الاقتصار على الجانب الديني فقط دون الجانب الدنيوي يؤدي إلى نوع من الترهل، والعزلة، وعدم القيام بعمارة الأرض، والبعد عن الواقعية، وعدم الوفاء بمتطلبات الخلافة أو الإيمان".

واستكمل: "وفي المقابل، الجنوح إلى الدنيا فقط أو التركيز على الجانب المادي وحده يؤدي إلى موت الروح وفساد القلب، مما قد يؤدي إلى ظهور سلوكيات وأفعال غير متوافقة مع الدين، وحصر الدين في العبادات داخل المساجد فقط هو تصور بعيد عن الواقع، لأن الدين هو الميزان، والضابط، والبوصلة التي تقود الإنسان إلى التوازن والاعتدال، ليحقق الخير للفرد والمجتمع في صورة متناسقة متكاملة، تحقق رضوان الله تعالى، وفي الوقت ذاته لا تعطل المسيرة الإنسانية التي خلق الله الناس لها".

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

نظير عياد الحاكم والمحكوم طاعة الحكام

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة المفتي يتوجَّه للبحرين للمشاركة في مؤتمر الحوار "الإسلامي - الإسلامي" أخبار مفتي الجمهورية: لا أعصي أمرًا لأمي ولو كان ضد رغبتي.. ومحمد صلاح نموذج أخبار مفتي الجمهورية من معرض الكتاب: التعامل مع الفتوى الرقمية أصبح ضرورة أخبار المفتي: الأخلاق لا تقل أهمية عن العقيدة والشريعة أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

المفتي: العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام تكاملية أكثر من مجرد طاعة

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك ترامب: خطتي بشأن غزة جيدة لكنني لن أفرضها وسأكتفي بالتوصية للإعلان كامل للإعلان كامل 16

القاهرة - مصر

16 11 الرطوبة: 39% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • شاهد / وزير الاعلام شرف الدين يبكي السيد حسن نصر الله
  • هل من أفق للتنوير الإسلامي في ثقافتنا العربية الإسلامية؟ قراءة في كتاب
  • مفتي تنزانيا يشيد بجهود المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين بالعالم
  • هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
  • المفتي: العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام تكاملية أكثر من مجرد طاعة
  • مساجدنا ، هويتنا تاريخنا حضارتنا
  • مدير أوقاف الغربية: العمل التطوعي يسهم في التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع
  • شاهد | وفود من 79 دولة ستشارك في تشييع شهيد الإسلام والإنسانية
  • مـا هـي الحضـارة الحقيقيـة؟
  • هل يجوز قضاء الصلاة عن الأم أو الأب المقصرين؟ أمين الفتوى يوضح