عادل عسوم: قصة التفاحة المقرومة
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
التُفّاح؛ هذه الفاكهة المشتهاة، لعلها تنأى عن واقع العديد منّا في هذا السودان الذي يغلب دومه ونبقه على التفاح والعنب
وان نسيت فلا أخالني انسى طُرفة حكاها لي صديقي الدكتور الزين أحمد خير، الله يديهو العافية…
قال:
كانت الحصة قواعد، وأستاذنا المعروف بسخريته منكبٌّ على كتاب النحو الواضح يقرأ…
وعندما مرّ على ذكر التفاح ورصفائه من الكرز والرمان والمشمش؛ رفع رأسه وأشار الينا بيده بعد أن أسند نضارته المتحكرة على ارنبة أنفه الضخم وقال:
-طبعا الحاجات دي ما اظنكم حتشوفوها الاّ في الجنة…
ثم انكبّ مرة أخرى على الكتاب يواصل القراءة، معيدا اجلاس نضارته على ارنبة أنفه الضخم…
لكن حالي -بحمدالله- كان أفضل من حال صديقي الزين، إذ إعتاد الوالد رحمه الله جلب شيئ من التفاح من مكان عمله، إذ يأتي به بعض الأطباء الإنجليز والمصريون ممن كان يعمل معهم في مستشفى كسلا العام في الستينات، فنشأتُ محباََ للتفاح، ثم اصبحت محبا لعصير التفاح حبا جما…
بل وصل الأمر إلى أكتشفاف عصير سوداني قح يشبه في قوامه وطعمه عصير التفاح!…
جيبو أضانكم جاي:
إنه عصير الكركدي الأبيض!
(أصبروا شوية)…
بالطبع فإن الكركدي يكون ابيضا قبيل مرحلة النضج واتشاحه باللون الأحمر القاني، بل علمت انه -أي الكركدي الأبيض- فصيلة أخرى من فصائل الكردي، ويباع بسعر أعلى من سعر الكركديه الأحمر…
هذا الكركدي الأبيض أضفت إليه قليلا من عصير العرديب، فإذا بي أحصل على عصير يشبه عصير التفاح شكلا ولونا وطعما!…
ايوة والله…
وعندما يخلو البيت من العرديب فإنني استعيض عنه بالآبري (الحلومر)، أيوة الحلومر العدييييل دا، وذلك لاكساب العصير دُكنة فيتحول لون العصير الناتج وقوامه من اللون الزيتي إلى لون وطعم عصير التفاح الحقيقي!…
أعود للتفاح:
لقد كان لحبي للتفاح بصمة واضحة على ثقافتي السودانية، فالمعلوم اننا جُلُّنا -ان لم نكن كلنا كسودانيين- مالكية المذهب، وقد كنا (نوكياب) الثقافة الموبايلية قبل أن تكتسحنا موديلات السامسونق الجلاكسي، لكنني -من حيث لا أدري-خالفت قومي في الشق الثاني، لأجد نفسي محبا للآي فون!…
وقد تعززت صلتي بالآي فون أكثر عندما تسلمت من الشركة التي أعمل فيها هنا في المملكة جهاز موبايل آي فون من صنع شركة أبِل ماكنتوش، لكون إحدى الشركات التي نمثلها في السوق السعودي-وهي شركة دريقر الألمانية- ضمّنت هاتف الآي فون برنامجا لتشغيل أجهزة خاصة ب ال(gas detection systems)،
وقد كان موبايلا أنيقا جدا يعمل باللمس وتعلوه (تفاحة مقرومة)…
يومها وجدت اهتمامي يزداد أكثر بتلك التفاحة المقرومة!…
شرعت أتابع أصدارات هواتف الآيفون أبو تفاحة مقرومة دا إلى أن وصلت إلى الأصدار الأخير الذي أضافت اليه الشركة حرف (S) تخليدا لصاحبها الذي رحل عن الدنيا قبل أعوام، وذلك بعد صراع مرير مع سرطان البنكرياس، انه الملياردير استيف جوبز، وهو أمريكي من أب سوري اسمه عبدالفتاح جون جندلي، وأم أوربية، التقيا في ولاية كاليفورنيا فأنجباه هو وشقيقته الروائية الأمريكية الشهيرة منى سيمسون…
ومن المحزن حقا أن استيف وشقيقته لم يتعرفا إلى بعضيهما ويلتقيان الاّ بعد سنوات عديدة من طفولتيهما!…
والسبب في ذلك هو الفقر!
فقد اضطر الوالدان الى دفع الطفلين إلى اسرتين مختلفتين ليُتبنيا فنشآ بعيدان عن بعضيهما…
أمر آخر يشدُّ المرء إلى قراءة سيرة استيف هذا:
بالرغم من نبوغه التقني المذهل الذي نعلمه عنه الاّ أن استيف جوبز يعدُّ أحد (مرافيد) جامعة ريد في بورتلاند بولاية أوريجون! …وكمان من السنة الأولى!
تصدقوا الكلام دا؟!
أما قصة تفاحته المقرومة؛ يفيد موقع شركة ابل بأن التفاحة ترمز إلى السوق العالمي لمنتجات الشركة…
وال(قرمة) ماهي الاّ حصة المتنافسين مع الشركة في هذا السوق!…
لكن شقيقة استيف جوبز أسرَّت إلى احد محرري مجلة النيوزويك بعد رحيل شقيقها بأن الحقيقة تختلف عن ذلك!
قالت شقيقته سيمسون بأن شقيقها استيف جوبز حكى لها بأنه خلال سني دراسته الأولى سقطت من حقيبته المدرسية المهترئة تفاحة كان قد قضم جزءا منها وابقى البقية لتكون افطارا له، فأضحك ذلك زملاءه التلاميذ، وأصبح سقوط التفاحة المقرومة سببا للتندر عليه زمانا…
هذه التفاحة وملابساتها بقيت في ذاكرة استيف جوبز لسنوات الى أن استلهم منها شعارا و(logo) لشركته!…
شفتوا كيف؟!
أها تفاحة استيف جوبز دي النصيحة لي الله استدعت في خاطري تفاحا آخر لسوانا:
تفاحة نيوتن الشهيرة
تفاحات طاقة قماش ال(تيترون) اليابانية التلاتة…
شرعت أنقّب في اضابير ثقافتنا بحثا تفاحٍ لنا كما للناس تفاح، فإذا بي أسعد جدا عندما وجدت ذكرا للتفاح في ثقافتنا، لكن سعادتي لم تدم طويلا، فالتفاح هناك يحيلك إلى الفيزياء وبرمجيات الاتصالات والنسيج، أما تفاحنا فيتموضع لدى شعرائنا ومغنيينا في أجسادنا!
-تفاحتان في الخدود…
وتفاحتان في الصدر…
وتفاحة لا نحب ان نراها الا مندرعة في حلاقيم بعضنا.
ذاك تفاحهم …
وهذا تفاحنا…
عادل عسوم
adilassoom@gmail.com
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عصیر التفاح
إقرأ أيضاً:
عادل الباز: خطاب حميدتي.. الخطة (ج)!!
ظهر المتمرد حميدتي بالأمس في حالة بدنية جيدة وحالة نفسية صعبة، مُعلنًا الخطة (ج) بعد أن فشلت الخطة (ب). هنالك عنصر ثابت في كل خططه “الضاربة”، وهو الكذب. ففي الخطة الأولى (خطة الانقلاب والاستيلاء على السلطة) بدأت كذبة الطلقة الأولى ومن أطلقها، ناسيًا تمامًا أن 140 تاتشر احتلت مطار مروي، والآلاف من الجنود الذين احتلوا العاصمة باكرًا معلنين في صحبة الانقلاب بشارع الجمهورية: “استلمنا السودان”. أما الخطة (ب)، التي وعد بها المغفلين في الدعم السريع وحاضنته الاجتماعية، فهي خطة “الغزو المليوني” القادم من الخارج. الواضح أن كل خططه وأكاذيبه قد فشلت وأفضت إلى هزائم متتالية، مما دفعه الآن للانتقال إلى الخطة (ج).
الخطة (ج) أساسها أيضًا الكذب، فهو يقول للأشاوس المغفلين: “إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير فيما أخذه الجيش منا في القيادة (وسط الخرطوم) وسلاح الإشارة (بمدينة بحري) وبلدة الجيلي (شمال الخرطوم) ومدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)”، مُعلنًا أنه سيتم استرجاع كل تلك المناطق، وعليهم الانتباه لما يمكن تحقيقه، لا إلى ما تم فقده. قائلًا: “إن قواته قادرة على طرد الجيش من الخرطوم مرة أخرى كما فعلت من قبل”.
يشي هذيان هذا المتمرد الميت بأنهم خاضوا حربًا استولوا بموجبها على القصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون وكل المقار الحكومية، والحقيقة التي يعلمها حتى رعاة الحمير في الضهاري أن تلك الأماكن والأعيان والمؤسسات الرسمية كان مؤتمنًا عليها من قبل الدولة ليحرسها، وحين قرر انقلابه استولى عليها دون أن يطلق طلقة واحدة! فكيف سيستولي عليها الآن مجددًا، وقواته معردة صباح مساء من موقع يتقدم إليها الجيش؟!
الكذبة الثانية التي لا يمل من تكرارها هي أن هذه الحرب يقودها كرتي وأسامة عبد الله، وفي نفس الوقت يحمل مسؤوليتها للرئيس البرهان الذي يسعى لقتله! مثل هذه الهضربة تكشف مستنقع الهرج الذي يقبع فيه فريق الخلا هذا، وهو يتدرج في خيباته وهزائمه المستمرة. فقد المتمرد قدرته على القتال والمنطق وعقله أيضًا، إذا كان موجودًا أصلًا. أنا لا أعرف لمن يوجه هذا المتمرد خطابه هذا؟ للشعب السوداني الذي يرى بعينه من يموت في ميدان المعركة ومن يقودها؟! أم لجماهير “تقدم”، التي تضحك عليه مساءً وتستحلب أمواله صباحًا؟ أم للأشاوس المخدوعين والمعردين صباح مساء؟
تعتمد الخطة (ج) على التكنولوجيا، مثل المسيرات، المدافع طويلة المدى، والتجسس بالأقمار الاصطناعية، ومركبات التشويش المتقدمة، كما شهدنا تلك المركبات الروسية التي تم ضبطها في بحري. هذه التكنولوجيا المتقدمة بالطبع لن يشغلها الأشاوس ولا المرتزقة من جنوب السودان، إنما مرتزقة من جنسيات مختلفة أوروبية وكولومبية وروسية. هذه الأسلحة المتطورة، التي تحملها الطائرات يوميًا إلى مطار نيالا، يتم إرسالها لقتل أهلنا بالفاشر، كما شهدنا الأسبوع الماضي الجريمة التي ارتكبتها الميليشيا المجرمة في مستشفى الفاشر، حيث قتلت طائرة مسيرة (متطورة) 70 مريضًا!
لكن المسيرات التي تقتل الناس في الفاشر وتدمر البنية التحتية في كل مدن السودان لن تحقق نصرًا للأشاوس. فبالرغم من تلك المسيرات والقاذفات بعيدة المدى التي يوفرها الكفيل، تواصلت هزائم الأشاوس، وانهارت دفاعاتهم، وهربوا من كل منطقة كانوا يحتلونها! لو كانت التكنولوجيا وحدها تقاتل، لانتصرَت إسرائيل في غزة، ولانتصرَت أمريكا والاتحاد السوفيتي على طالبان، ولانتصر الروس على أوكرانيا. إذا لم تكن لديك قضية ورجال قادرون على الدفاع عنها، فلن تنتصر، ولو أنفق الكفيل كل الأموال في خزائنه وصناديقه السيادية. ورغم الإمداد التكنولوجي المستمر، تتداعى الآن الميليشيا.
لرفع الروح المعنوية المنهارة لجنوده، يبشرهم المتمرد حميدتي بضلع ثالث للخطة (ج)، قائلًا: “إن الدعم السريع هذه المرة سيتسلم مناطق محددة”، وأضاف أنه لن يوضح ما يقصده، وأن التفاصيل ستتضح في أوامر القادة إلى القوات. ولكن كيف ستسلم تلك القوات مناطق محددة، وهي هاربة من مناطقها التي كانت تحتلها؟ وما جدوى احتلال مناطق جديدة، طالما أن المليشيا ليست لديها قوة يمكن أن تؤمنها بها وتبقى فيها؟! لا شك أنه يقصد بالمناطق المحددة منطقتين، هما الدبة والفاشر، وهما المنطقتان اللتان توعد قادته بغزوهما. الفاشر صامدة الآن، والإمداد بمجموعة من المتحركات يتجه إليها، وقريبًا يمكن فتح مطار الأبيض، مما يساعد كثيرًا في زيادة فعالية طلعات الطيران.
أما الدبة، فهي مغامرة خطرة، وصلت إليها متحركات الجيش منذ أسبوعين، وبها قوات كافية لصد أي هجوم غادر على المدينة، وذلك عدا تعقيدات خطوط إمداد الميليشيا. فلو أقدمت على تلك المغامرة بغبائها، فستكون نهايتها على أبواب الدبة قبل الفاشر.
هكذا ينتقل المتمرد من خطة فاشلة إلى خطة إفشل، والخطة الوحيدة الناجحة التي لم يفكر فيها حتى الآن، لأنه وداعميه يتمتعون بغباء تاريخي واستراتيجي. الخطة الوحيدة التي ستنجح هي الاستسلام الكامل لطي ملف الحرب وأكذوبة الدعم السريع.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب