توقيع اتفاقية بين قطر الخيرية ووزارة التعليم العالي الصومالية
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
وقعت قطر الخيرية اتفاقية مع وزارة التربية والثقافة والتعليم العالي في الحكومة الفيدرالية الصومالية، تهدف إلى تطوير أداء المكتبات العامة في الصومال.
وقع الاتفاقية من جانب الصومال مدير المكتبة الوطنية السيد محمد أحمد شيل، ومن جانب قطر الخيرية مدير مكتب قطر الخيرية في الصومال السيد عبد الفتاح آدم معلم، بحضور سعادة الدكتور عبدالله بن سالم النعيمي، سفير دولة قطر لدى الصومال، وسعادة الوزيرة نورة مصطفى مختار وزيرة الدولة لوزارة التربية والثقافة والتعليم العالي الصومالية، والسيد حسن محمد علي وكيل وزارة التربية والثقافة والتعليم العالي، والسيد إسماعيل يوسف مدير الأكاديمية الوطنية للعلوم والفنون والآداب، والسيد علي إبراهيم الغريب مدير إدارة تنمية الموارد بقطر الخيرية، والسيد جاسم أحمد البوعينين مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة القطرية.
وتهدف الاتفاقية إلى تطوير البنية التحتية للمكتبات العامة في الصومال، وتزويدها بالكتب العلمية والأدبية والثقافية، وتدريب العاملين بها. كما ستساعد على تعزيز ثقافة القراءة والتعليم في المجتمع الصومالي، مما سيساهم في تنمية المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي سياق هذا التوقيع أعرب السيد عبد الفتاح آدم معلم، مدير مكتب قطر الخيرية في الصومال، عن التزام قطر الخيرية بدعم قطاع التعليم في البلاد، باعتباره أداة لمحاربة الفقر، والجوع، وتعزيز الاستقرار، والأمن.
وأشار السيد معلم إلى أن قطر الخيرية نفذت العديد من البرامج التعليمية في الصومال، منها برنامج الكفالة الذي يهدف إلى إعطاء الأطفال الأيتام فرصة الذهاب إلى المدارس، بالإضافة إلى بناء المدارس الأساسية والمراكز التعليمية وتوفير المعينات الدراسية للطلاب.
وأضاف السيد معلم أن قطر الخيرية وقعت العام الماضي اتفاقية مع الجامعة التابعة للأمم المتحدة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، لمنح أربعين طالبًا وطالبة صوماليين فرصة الحصول على الدكتوراه في تخصصات مختلفة.
وأوضح أن اتفاقية العمل التي وقعتها قطر الخيرية مع وزارة التربية والتعليم تأتي في إطار استراتيجية الجمعية لدعم قطاع التعليم والثقافة في الصومال. وبموجب هذه الاتفاقية، سيتم توفير الكتب الدراسية والمطالعة للمكتبة الوطنية الصومالية، بالإضافة إلى المساهمة في إعادة تأهيلها.
وأكد السيد معلم أن قطر الخيرية تسعى دائمًا إلى الوقوف مع إستراتيجية وزارة التربية والتعليم وتحقيق أهدافها في تطوير التعليم والثقافة في المجتمع الصومالي.
وأشادت سعادة السيدة نورة مصطفى مختار وزيرة الدولة لوزارة التربية والثقافة والتعليم العالي الصومالية، بجهود دولة قطر في دعم قطاع التعليم في الصومال.
وقالت إن التعليم ركيزة الأمن والاستقرار والتنمية المستقبلية للصومال، ولذلك تركز الحكومة الصومالية على زيادة فرص الحصول على التعليم للأطفال الصوماليين.
وأضافت أن لدى الحكومة الصومالية التزامًا واضحًا في خطتها الاستراتيجية لقطاع التعليم بتحقيق وصول مجاني جيد ومنصف وشامل لجميع أطفال الصومال، بما في ذلك الفئات المهمشة مثل الفقراء والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمشردين. والنازحين.
وأوضحت أن نسبة الحصول على التعليم في الصومال أقل بكثير من المتوسط العالمي، وأن هناك حوالي ثلاثة ملايين طفل لا يحصلون على التعليم.
وأعربت سعادة الوزيرة عن شكرها لدولة قطر وقطر الخيرية على دعمهما لقطاع التعليم في الصومال، وقالت إن الدعم القطري لا يقدر بثمن في مجال التعليم في الصومال، وساعدا في تحسين فرص الحصول على التعليم للأطفال الصوماليين».
وقال السيد جاسم أحمد البوعينين، مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة، إن الاتفاقية تمثل خطوة مهمة في دعم جهود الحكومة الصومالية في مجال المكتبات العامة، وتعزيز ثقافة القراءة والتعليم في المجتمع الصومالي.
وقال البوعينين: «تحرص الوزارة على دعم المكتبات العامة في الصومال، باعتبارها ركيزة أساسية في تنمية الوعي الثقافي وتعزيز ثقافة القراءة لدى المجتمع الصومالي. وتأتي هذه الاتفاقية في إطار التعاون المشترك بين قطر الخيرية ووزارة الثقافة القطرية.
وأكد السيد علي إبراهيم الغريب، مدير إدارة تنمية الموارد بقطر الخيرية، أن الاتفاقية تأتي في إطار جهود قطر الخيرية المستمرة لدعم التعليم في الصومال.
وقال الغريب إن قطر الخيرية تؤمن بأن التعليم هو حق أساسي لكل إنسان، وأن المكتبات العامة تلعب دورًا مهمًا في توفير فرص التعليم للجميع، وخاصةً الفئات الأكثر احتياجًا.
وأوضح أن قطر الخيرية تتعاون مع الحكومة الصومالية في مختلف المجالات، وقال: هذه الشراكة تأتي في إطار التزام قطر الخيرية بدعم التنمية المستدامة في الصومال، وفي إطار التعاون المستمر بين دولة قطر وجمهورية الصومال الفيدرالية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر قطر الخيرية الصومال الحکومة الصومالیة المکتبات العامة التعلیم العالی على التعلیم الحصول على مدیر إدارة فی إطار
إقرأ أيضاً:
التعليم العالي العربي في زمن التحولات الكبرى
مرتضى بن حسن علي
في عصر تتغير فيه الخرائط المعرفية بوتيرة جنونية، وتتحول الجامعات حول العالم إلى مختبرات للأفكار واختراع الغد، وتسوده الثورة التكنولوجية الكاسحة والذكاء الصناعي، لا تزال مُعظم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي محاصرة في قوالب الماضي، وتواجه تحديات جذرية تُعيقها عن أداء أدوارها كقاطرة للتقدم وابتكار المستقبل لأنها مُثقلة بكثير من المُعوِّقات التي تبعدها عن أداء رسالتها الحقيقية.
الجامعات هي مصادر للفكر والعلم ومراكز للأبحاث، مهمتها التعايش مع الحياة العملية والعلمية وأن تجعل الأجيال الجديدة على دراية بالواقع وتطوراته ودراسة همومه والتعرف على مشاكله الفعلية، وتطوير الطلبة علمياً وفكرياً وبكل ما تملك من قدرة على البحث والتشخيص والتحليل، وتكون على صلة وثيقة بينها وبين دنيا العمل والتكنولوجيا. وحتى تتحول من مجرد مانحة للشهادات إلى حاضنات للإبداع والخريجين قادة للتغير، فهي بحاجة إلى بيئة أكاديمية ورؤساء وعمداء ذوي رؤية واضحة وأكفاء يواكبون الاتجاهات الحديثة في التعليم على المستوى الدولي واختيار الموارد البشرية المؤهلة، واتباع مناهج حديثة، والاهتمام بالبحث العلمي.
والوظيفة الأساسية لمؤسسات التعليم العالي هي تأهيل الشباب علميا وسلوكيا وفكريا وأن تبتكر مع مرور الوقت، مسارات للتقدم ونقل المعرفة إلى مجتمعاتها وأن تكون مشاعل للتقدم. غير أن الأنظمة التي تخضع لها تحد من قدراتها على مواكبة التقدم العلمي الذي يحصل في مثيلاتها من البلدان المتقدمة.
ولعلَّ قدرًا كبيرًا وملحوظًا لذلك يتصل بضعف مرحلة التعليم الأساسي، وافتقار المجتمعات العربية لمؤسسات إنتاج حقيقية من معامل ومصانع ومراكز للأبحاث الجادة. لقد اختزلت أدوار التعليم العالي في مجرد المانح للشهادات التي هي في أغلبها خالية من المحتوى وتعلق داخل البيوت والمكاتب كجزء من الديكور الداخلي الذي يستر عيوبا عديدة في البناء الداخلي، لا تنتج فكرا ولا تبني أُمَّة. وفي ظل هذا الوضع لم يكن غريباً أن يقوم كل من التعليم والعمل بنفي الآخر ومحاصرة أدواره.
التحديات التي تعيق التعليم العربي كثيرة منها:
المناهج البعيدة عن التقدم التكنولوجي:لا تزال العديد من الجامعات العربية تعتمد مناهج قديمة في زمن جديد، نظرية تركز على الحفظ والتلقين، بدلًا من تنمية مهارات التحليل والتفكير النقدي. فمثلا في مجال الهندسة، يفتقد الطلبة إلى مختبرات متطورة أو التدريب العملي في الميدان، وينهون دراستهم دون أن يلمسوا مختبرا متقدما، أو يشاركوا في مشروع عملي واحد تهيئهم لسوق العمل، مما يخلق فجوة بين المعرفة الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، ولا يزال الطالب يدرس نظريات القرن العشرين أو قبله، بينما العالم يتسابق في تطبيقات الذكاء الصناعي وعلوم البيانات.
بيروقراطية بدون أفق وتمويل بدون رؤية وضعف التمويل وطريقة صرفه:تعاني الجامعات من هياكل إدارية معقدة وترهل إداري وقرارات متضاربة، ولا سيما الحكومية منها، تعيق تبني مشاريع بحثية مبتكرة؛ حيث تُهدر أشهر على إجراءات الموافقة على بحوث طلاب الدكتوراه، بينما تُوجه ميزانيات محدودة إلى فعاليات شكلية بدلًا من دعم الابتكار، أو تبني الأفكار الخلّاقة وموتها في مهدها، كما تفتقد إلى الأموال الأهلية "الوقف والخمس".
الانفصال عن قطاع الإنتاج وسوق العمل:قلة المشاريع الإنتاجية وغياب الشراكة بين الجامعات والقطاع الصناعي الموجود يجعل الأبحاث الأكاديمية حبيسة الأوراق، في الوقت الذي نجحت ماليزيا مثلا في تحويل أبحاث جامعاتها إلى منتجات تجارية وصناعية عبر إنشاء "مدن التكنولوجيا" التي تربط بين الباحثين والمستثمرين.
في بيئة واحدة تُحول الأفكار إلى منتجات.
البطالة المُقنَّعة:في مصر- على سبيل المثال- يُشكِّل خريجو الجامعات نحو 30% من الباحثين عن عمل، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بسبب عدم مواءمة المهارات مع احتياجات سوق العمل المتغير. وأيضًا بسبب عدم وجود المؤسسات الإنتاجية الكافية.
البطالة والتطرُّف:وجود خريجين عديدين ولمدة طويلة بدون عمل، يدفعهم للهروب إلى العالم الافتراضي. ولجوئهم إلى الجماعات المتطرفة أو الغرق في وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية هربًا من واقعهم، كما حدث مع عدد كبير من الشباب في عدد من الدول العربية الذين تحولوا إلى التنظيمات المُتطرِّفة بعد فشلهم في ايجاد فرص عمل. وهكذا فإن الشهادة الجامعية أصبحت عبئا بدلا من أن تكون جواز مرور إلى العمل.
نماذج نجاح تُلهم الحلول
جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية استثمرت في بناء شراكات دولية وإنشاء مراكز متطورة في الطاقة المتجددة، مما جعلها تحتل مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية في مجالات الطاقة والمياه والتقنية الحيوية. مبادرة "مليون مبرمج عربي" في الإمارات، والتي ربطت بين التعليم التقني واحتياجات سوق العمل المتبدلة عبر تدريب الشباب على مهارات البرمجة، مما خلق فرص العمل عن بُعد مع شركات عالمية. إنها تجربة ناجحة في ردم الفجوة بين التعليم التقليدي واحتياجات العصر الرقمي. تجربة الجامعة الأمريكية في بيروت؛ فرغم التحديات نجحت الجامعة في دمج البحث العلمي مع قضايا المجتمع، مثل تطوير حلول لمشكلة النفايات في لبنان وتحويلها إلى طاقة.وفيما يلي نوضِّح كيفية الخروج من النفق واعادة بناء التعليم العربي العالي كمنصة للابتكار واعادة الاعتبار للجامعة:
تجديد الدماء في الإدارات الجامعية وتعيين قيادات شابة ذات رؤية استشرافية، كما فعلت جامعة زايد في الامارات بتعيين أكاديميين من خريجي جامعات مرموقة مثل هارفارد وستانفورد، لتطوير برامجها. ربط التمويل بالنتائج، من خلال منح الجامعات ميزانيات وفقا لجودة الأبحاث المنشورة وعدد براءات الاختراع المسجلة، كما يحدث في سنغافورة مثلًا. خلق مسارات مهنية مرنة، عبر متابعة ما يجري في العالم من تطورات علمية وتكنولوجية وادخال التخصصات الضرورية المتعلقة بتلك التطورات مثل "الذكاء الاصطناعي" و"الاقتصاد الرقمي" أو إدخال تخصصات مستقبلية، وتدريسها بمناهج قابلة للتحديث السنوي، كما تفعلها بعض الجامعات في العالم مثل جامعة "CODE" في المانيا مثلًا.التعليم كاستثناء استراتيجي
لا يمكن لمجتمعاتنا أن تبني مستقبلًا دون تعليم عالٍ يُحرر طاقات الشباب ويحوّل أحلامهم إلى مشاريع ملموسة. آن الأوان لنتوقف عن التعامل مع الجامعة كمجرد مبنى أو عنوان على ورقة الشهادة، والتعامل معها كجبهة فكر، ومصنع للقيادات، ومحرك للتنمية. فكما قال نيلسون مانديلا: "التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم".
لقد آن الأوان لنجعل من جامعاتنا منارات للفكر، لا مجرد جدران تُعلَق عليها الشهادات!
رابط مختصر