لم تكن الضربة العسكرية للمقاومة العراقية على القاعدة الأمريكية في الأردن هي الأولى لكنها كانت الأقوى من حيث نوعية الهدف واختيار المكان ودقة التوقيت والتأثير على الواقع الأمريكي داخليا، كما أنها أجهزت على المحاولات الأمريكية لتقييد المقاومة العراقية بإنشاء لجان أمنية وعسكرية مع العراق على أعلى المستويات .
وكما أنها كشفت المواقع الخلفية للجيش الأمريكي، والتي كان من المفترض أن تكون محاطة بالسرية الكاملة، وانكشافها يعتبر فشلا أمنيا واستخباريا ذريعا وغير مسبوق.
الذهول الأمريكي والعجز عن الرد يؤكد من جديد الضعف الذي وصلت اليه أمريكا في كل المستويات، ويشير إلى قدرة محور المقاومة على تحويل العدد الكبير من القواعد الأمريكية في المنطقة العربية من تهديد إلى فرصة، وستستمر الضربات في اليمن وفي العراق وسوريا، وسيرهق منها الجيش الأمريكي حتما سواء على المستوى الإقتصادي أو على مستوى الدعم اللوجستي العسكري الميداني ، حيث يحتاج إلى كميات هائلة من الصواريخ والتجهيزات لكي يتمكن من المواجهة والتصعيد فيها إن قرر ذلك ولن يتمكن من ذلك لأن الوضع الداخلي لأمريكا حاليا متجه نحو التفكك والانهيار ويمكن تشبيهه بالثلاث السنوات الأخيرة من عمر الاتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية التي شهدت أحداثا مماثلة من التمردات التي صنعت حالة من الفوضى العارمة ، أدت إلى تفتته وانهياره كما أن الضجيج الإعلامي الأمريكي لا يمكن أن يؤثر في قرارات دول الشرق والمعسكر الآخر الذي يتربص بالأمريكي منذ عقود ، وينتظر حلول هذه الفرصة منذ سنوات وهو يراقب ترنح الأمريكي واهتزاز أقدامه في المنطقة العربية، ويعد نفسه لاغتنام الفرصة كما أن التزييف الإعلامي لن يقنع الدول الأوروبية في الاحتشاد مع أمريكا ودعم موقفها أيضا ، وهو ما تطالب به أمريكا منذ أسابيع دون جدوى.
وأما الدول العربية فقد أصبحت ذليلة مذهولة محبطة ، حيث كانت تبحث عن الحماية الأمريكية والإسرائيلية طوال سنوات، وإذا بها بين ليلة وضحاها تجد القوات الأمريكية تتلقى الصفعات المتكررة والمتتابعة وهي عاجزة عن الردع والحسم وهو شاهد ملموس على صدق وعد الله القائل:”مَثَلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا مِن دُونِ ٱللَّهِ أَولِیَاءَ كَمَثَلِ ٱلعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَت بَیتا وَإِنَّ أَوهَنَ ٱلبُیُوتِ لَبَیتُ ٱلعَنكَبُوتِ لَو كَانُوا یَعلَمُونَ ” والجميع يتذكر كيف كان التوجه الأمريكي في الأيام الأولى للعدوان على غزه قويا وإرهابيا وكيف تلاشت نبرة الأمريكي وانخفضت تدريجيا ، بعد تلقيه الضربات اليمنية الكثيرة والمستمرة والمُنكلة التي لم تكن له في حسبان، كل هذا وإيران تعلن بشكل يومي تأكيدها على الحرص على عدم توسيع نطاق المعركة والأحداث، وأنها لم تتدخل بشكل مباشر ولم تشارك بعد وكما أن ضربات حزب الله في لبنان القوية والمستمرة والمتصاعدة تؤكد امتلاكه من المفاجآت ما يذهل الأمريكي والإسرائيلي معاً في قادم الايام.
والحمد لله والفضل له أولا وأخيرا الذي يقول:”وَمَا لَكُملَا تُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلمُستَضعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ وَٱلوِلدَ ٰنِ ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَخرِجنَا مِن هَـٰذِهِ ٱلقَریَةِ ٱلظَّالِمِ أَهلُهَا وَٱجعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِياً وَٱجعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِیرًا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَـٰتِلُوا أَولِیَاءَ ٱلشَّیطَـٰنِ إِنَّ كَیدَ ٱلشَّیطَـٰنِ كَانَ ضَعِیفًا” ولا قوة ولا غلبة ولا نصر إلا بالله العلي العظيم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هل تتجه أمريكا وأوروبا إلى طلاق؟
من بين النتائج الأكثر إثارة لفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، متابعة الحركات الرياضية المذهلة للقادة السياسيين في أوروبا، وهم يحاولون التوفيق بين اشمئزازهم الذي عبروا عنه سابقًا تجاهه والواقع السياسي المتمثل في وضعه المتجدد، كأقوى رجل على هذا الكوكب.
السنوات الأربع المقبلة ستشهد انتهاكات خطيرة ومستمرة في لجنة عبر الأطلسي
ويقول جيرارد بيكر في صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الميدالية الذهبية للشقلبة الخلفية مع الالتواء الكامل والدوران 180 درجة ذهبت إلى ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني، الذي هنأ ترامب وقال إنه يتطلع إلى إيجاد "أرضية مشتركة" مع الرئيس المعاد انتخابه حديثًا.
وصرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في اليوم التالي للانتخابات: "شعرت في أعماق نفسي أنه من الممكن أن تكون هناك رئاسة ترامب".
"كاره للمرأة ..."وتلفت الصحيفة إلى أنه من المفترض أن هذه الأعماق نفسها هي التي أخبرت الشاب العمالي الطموح خلال فترة الولاية الأولى لترامب أن الرئيس آنذاك كان "كارهًا للمرأة ومعتلًا اجتماعياً ومتعاطفاً مع النازيين الجدد ومخدوعاً وغير أمين ومعادياً للأجانب ونرجسياً".
وتضيف الصحيفة "صحيح الزمن يتغير. كل شيء يُغفر، على ما يبدو. عندما كان لامي في برج ترامب لتناول العشاء في سبتمبر، كان هناك حادثة شهيرة بين الاثنين، حيث روى وزير الخارجية بابتهاج في وقت لاحق كيف عرض عليه ترامب "قطعة ثانية من الدجاج".
ويؤكد الكاتب أن النفور الأوروبي من ترامب هو أمر شكلي جزئياً، لكنهم يعلمون أن المشكلة الآن أكبر وأكثر خطورة مما كانت عليه في عام 2017.
Is the death of Europeanism imminent? A somber assessment by the @WSJopinion's Editor at Large @gerardtbaker.
"[US-Europe divorce] was inevitable, given the rise of the Indo-Pacific, that the trans-Atlantic relationship would diminish in significance. It is regrettable too,… pic.twitter.com/aSHcOI0GkJ
في الواقع، من شبه المؤكد أن السنوات الأربع المقبلة ستشهد انتهاكات خطيرة ومتواصلة داخل حلف الناتو، مما قد يؤدي إلى إرباك التحالف الذي يعتبر، رغم انقساماته، حجر الزاوية للتقدم الحضاري العالمي على مدار قرن كامل.
3 جبهات رئيسيةوعلى ثلاث جبهات رئيسية على الأقل، يُتوقَّع أن تؤدي ولاية ترامب الثانية إلى توتر العلاقات مع أوروبا إلى حد الانهيار.
أولاً: الحرب في أوكرانيا، حيث يدرك القادة الأوروبيون أن المساعدات الأمريكية لكييف ستتوقف في العام المقبل، مما سيؤدي إلى اتفاق سلام من شأنه أن يجعل روسيا أقوى وأكثر جرأة.
ثانياً: التجارة، إذ يواجه الاقتصاد الأوروبي الهش احتمال الضرر بسبب التعريفات الجمركية على صادراته إلى الولايات المتحدة، إلى جانب تهديدات أوسع للصراع الاقتصادي العالمي الذي قد يزعزع استقرار القارة.
ثالثاً: التوترات العالمية، ومنها تغير المناخ، حيث يُنظر إلى استراتيجية ترامب القائمة على الوقود الأحفوري كتراجع كبير للأوروبيين الملتزمين بالتصدي للتغير المناخي. وكذلك الشرق الأوسط، إذ ستفاقم سياسة واشنطن المؤيدة لإسرائيل التوترات الأوروبية بسبب تعاطفهم مع القضية الفلسطينية.
وأخيراً الصين، حيث ستحرم الجهود الأمريكية لفصل الاقتصادات الغربية عن الصين الأوروبيين من أسواق التصدير المهمة.
When “Go woke; Go broke” hits an entire continent.
European stocks are underperforming US stocks by the largest margin in history.
Destroyed by immigration, censorship, welfare, taxes, and regulations.
Chart: @Barchart pic.twitter.com/bNUgnkPmt1
ويرى الكاتب أن أسلوب ترامب سيعمِّق الصدوع بين الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه يشير إلى أن الأوروبيين أنفسهم يتحملون جزءاً كبيراً من المسؤولية عن وضعهم الراهن.
فيما يخص أوكرانيا، أبدى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تأييدهما لسياسة إدارة بايدن التي وصفها بعض القادة الأوروبيين بـ"الردع الذاتي"، حيث يتم تسليح أوكرانيا بما يكفي لاستمرار الحرب دون تمكينها من تحقيق النصر. ويشير الكاتب إلى أن هذا النهج بدأ يُظهِر عيوبه بشكل واضح في العواصم الأوروبية. وينقل عن شخصيات من القطاعين العام والخاص شعورهم بالقلق حيال خيارين كلاهما محفوف بالمخاطر: ظهور بوتين أقوى في عهد ترامب، أو تصعيد قد يؤدي إلى حرب شاملة في ظل بايدن، الذي يواصل التصعيد خلال الأشهر المتبقية من ولايته.
أما بشأن أمن أوروبا داخل الناتو، فقد أدرك الأوروبيون أخيراً أن مرحلة "الانتفاع المجاني" من الإنفاق العسكري الأمريكي قد وصلت إلى نهايتها، وهو تطور سيترك أثره على السياسات الأمنية للقارة.