إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

تم تعيين زعيمة حزب "شين فين" في إيرلندا الشمالية ميشيل أونيل البالغة 47 عاما السبت رئيسة للوزراء بعد عودة المؤسسات في المقاطعة إلى العمل.

وكانت قد تعطّلت المؤسسات في إيرلندا الشمالية لمدة عامين بسبب مقاطعة الوحدويين التابعين لـ"الحزب الوحدوي الديمقراطي" عملها، اعتراضا على الترتيبات التجارية مع الاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد بريكست والتي اعتبروها تهديدا لمكانة إيرلندا الشمالية كجزء من المملكة المتحدة.

"بناء مستقبل أفضل"

وتحدّثت أونيل أمام أعضاء البرلمان الذين تجمعوا في قصر ستورمونت في إيرلندا الشمالية عن "يوم تاريخي" و"حقبة جديدة" وتعهدت بأن يكون البرلمان "للجميع"، مشددة على أنه "لم يكن من الممكن أن يتخيل جيل والديها" أن يرأس قومي السلطة التنفيذية المحلية.

كما قالت بشأن "الاضطرابات" التي خلفت 3500 قتيل إنه "لا يجب أن ننسى أبدا أولئك الذين فقدوا حياتهم أو أصيبوا وعائلاتهم". وأضافت "أنا آسفة على كل الأرواح التي أزهقت خلال النزاع، بدون استثناء"، معربة عن تصميمها على مواصلة العمل على تحقيق المصالحة. وأكدت أنه "لا يمكننا تغيير الماضي، ولكن يمكننا بناء مستقبل أفضل".

واعتبرت رئيسة حزب "شين فين" في جزيرة إيرلندا قاطبة ماري لو ماكدونالد لدى وصولها إلى ستورمونت، أن حكومة إيرلندا الشمالية "لا يمكن أن تكون في أيادٍ أفضل". وأضافت "إنه انتصار للجميع اليوم، وإثبات على أن المساواة والشمول مدرجان على جدول الأعمال".

هذا، وبموجب اتفاق الجمعة العظيمة للسلام الموقع في 10 نيسان/أبريل 1998 والذي أنهى نزاعا داميا استمر ثلاثة عقود في إيرلندا الشمالية ونص على أن تقاسم الحكم فيهاً، ستتولى منصب نائب رئيس الوزراء إيما ليتل بينغيلي من الوحدويين. 

وفي أيار/مايو 2022 تصدّر حزب "شين فين" القومي الانتخابات المحلية في إيرلندا الشمالية، محققا تحولا غير مسبوق في تاريخه، بعدما كان في السابق واجهة سياسية للجيش الجمهوري الإيرلندي، لكن عرقلة "الحزب الوحدوي الديمقراطي" لعمل السلطات منع ميشيل أونيل من تولي منصبها.

وإلى ذلك، تتولى الحكومة المحلية في إيرلندا الشمالية شؤونا على غرار السكن والصحة والتوظيف والزراعة والبيئة. وكانت لندن تولّت إدارة الشؤون اليومية لمدة عامين بسبب المقاطعة التي تسبّبت في استياء السكان.

وبعد أشهر من المفاوضات مع الحكومة البريطانية، أعلن الوحدويون التابعون لـ"الحزب الوحدوي الديمقراطي" هذا الأسبوع إنهاء المقاطعة التي أدت إلى شلل البرلمان والسلطة التنفيذية المحلية في إيرلندا الشمالية حيث يتقاسم السلطة جمهوريون مؤيدون لإعادة التوحيد مع جمهورية إيرلندا المجاورة، و"الحزب الوحدوي الديمقراطي" (دي يو بي) المحافظ المتشدد المؤيد بشدة للانتماء إلى المملكة المتحدة.

"يوم جيد لإيرلندا الشمالية"

ومن جهته، اعتبر زعيم "الحزب الوحدوي الديمقراطي" جيفري دونالدسون أن حزبه "أحدث التغيير الذي وصفه كثيرون بالمستحيل"، لافتا إلى أنه تم اجتياز مسار صعب. 

كما رأى أنه "يوم جيد لإيرلندا الشمالية"، حيث "يتم احترام مكانتنا داخل المملكة المتحدة وسوقها الداخلية وحمايته". بينما لا تقنع هذه التعليقات الوحدويين الأكثر تشددا على غرار جيم أليستر (من الصوت الوحدوي التقليدي تي يو في) الذي يرى أن إيرلندا الشمالية ما زالت "تحكمها إلى حد كبير قوانين أجنبية"، قوانين الاتحاد الأوروبي.

وقد تمثلت إحدى أبرز الصعوبات في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في إيجاد حل يهدف إلى تجنب عودة الحدود المادية بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي والمقاطعة البريطانية، مع حماية السوق الأوروبية الموحدة. إذ أبرمت بريطانيا والاتّحاد الأوروبي رسميا في آذار/مارس الماضي اتفاقا لمرحلة ما بعد بريكست حول تعديل بروتوكول إيرلندا الشمالية بعدما وافق عليه المشرّعون من الطرفين وعُرف بـ "إطار ويندسور".

هذا، وكان من شأن إقرار الاتفاق أن يعيد إطلاق العلاقات بين لندن والاتحاد الأوروبي في ظلّ التوتّر الذي هيمن عليها بعد بريكست حول مسألة العلاقات التجارية مع إيرلندا الشمالية، والتمهيد لاستئناف الحياة السياسية في المقاطعة. إلا أن "إطار ويندسور" لم يرض "الحزب الوحدوي الديمقراطي".

وفي نهاية المطاف، وافق "الحزب الوحدوي الديمقراطي" بزعامة جيفري دونالدسون على الاتفاق مع الحكومة البريطانية هذا الأسبوع ، معتبرا أن النص يقدم ضمانات كافية كما يزيل الحدود في البحر الإيرلندي. 

وإلى ذلك، سيؤدي استئناف عمل المؤسسات في إيرلندا الشمالية إلى إفراج لندن عن أموال بقيمة 3,3 مليار جنيه إسترليني (حوالي 3,9 مليار يورو) لدعم الخدمات العامة، التي شهدت مؤخرا إضرابا تاريخيا.

فرانس24/ أ ف ب

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل أزمة المزارعين ريبورتاج إيرلندا إيرلندا الشمالية انتخابات كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد منتخب المغرب رياضة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا فی إیرلندا الشمالیة الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

التعديلات الدستورية في السودان- ما بين مطرقة العسكر وسندان الانتقال الديمقراطي

في خطوة اعتبرها مراقبون استمراراً لسيطرة المؤسسة العسكرية على السلطة، أثارت التعديلات المُقترحة على الوثيقة الدستورية في السودان عاصفة من الجدل، وسط مخاوف من أن تُحوِّل البلاد إلى نظام حكم هجين، يرفع شعارات الديمقراطية بينما يكرس الهيمنة العسكرية خلف واجهة مدنية هشة. جاءت هذه التعديلات بعد أشهر من المفاوضات المغلقة بين قيادات الجيش وأطراف سياسية موالية، في مشهد يُعيد إلى الأذهان انقلاب أكتوبر 2021، الذي أنهى أحلام الثورة السودانية بالإطاحة بحكم عمر البشير.

من ثورة الشوارع إلى دهاليز السلطة
لم تكن التعديلات الدستورية وليدة اللحظة، بل نتاج تراكمات بدأت مع انهيار التوافق الهش بين المدنيين والعسكر بعد الإطاحة بالبشير. فبعد أشهر من توقيع "الاتفاقية الدستورية" في 2019، والتي نصت على فترة انتقالية مدتها 39 شهراً، استغل الجيش أخطاء القوى المدنية وتفكك تحالف "قوى الحرية والتغيير"، لتنفيذ انقلاب أكتوبر 2021، مستعيداً السيطرة على السلطة بدعم من مليشيات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). اليوم، تبدو التعديلات الجديدة امتداداً لهذا المسار، حيث يسعى العسكر إلى ترسيخ وجودهم عبر أدوات دستورية تبدو قانونية، لكنها تفرغ الانتقال الديمقراطي من مضمونه.

تفاصيل التعديلات: أين تكمن المخاطر؟
تتضمن التعديلات زيادة مقاعد الجيش في "مجلس السيادة" – الهيئة الأعلى لإدارة الفترة الانتقالية – من 5 مقاعد إلى 7، بينما يُترك مقعدان فقط للمكون المدني. كما تُمنح القوات المسلحة صلاحية ترشيح رئيس المجلس وإعفائه، وهو ما يعني عملياً تحويل المجلس إلى غرفة تابعة للعسكر. وفي خطوة مُثيرة للشكوك، أُلغِيَ ذكر "مليشيات الدعم السريع" من الوثيقة، واستُبدِلَت بمصطلح غامض هو "القوات النظامية"، في محاولة لدمج هذه المليشيات – المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور – ضمن هيكل الجيش، ما يمنحها شرعية دائمة.

أما التمديد الجديد للفترة الانتقالية لتصبح 39 شهراً، فلم يُقنع الكثيرين بأنه خطوة تقنية، خاصة مع تعثر تنفيذ اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة في المناطق المهمشة، واستمرار الأزمة الاقتصادية التي دفعت بالجنيه السوداني إلى الانهيار، ووصل التضخم إلى معدلات قياسية تجاوزت 400%. ويُعتبر تضخم عدد الوزارات إلى 26 وزارة – بعد أن كان مخططاً تقليصها إلى 16 – دليلاً على عودة النهج الزبائني، حيث تُستخدم المناصب الحكومية كـ"هدايا" لاسترضاء التحالفات، بدلًا من بناء حكومة كفؤة قادرة على معالجة الأزمات.

المنظور القانوني: انتهاك مبادئ الثورة
يرى خبراء قانونيون أن التعديلات تنتهك روح الوثيقة الدستورية الأصلية، التي نصت على ضرورة تحقيق توازن بين السلطات، وضمان انتقال تدريجي إلى حكم مدني. فزيادة تمثيل العسكر تُعطي انطباعاً بأن البلاد تُدار عبر "مجلس عسكري مُقنَّع"، بينما يُحذر نشطاء من أن إلغاء ذكر "الدعم السريع" قد يكون مقدمة لإفلات قادتها من المحاسبة على جرائم دارفور، خاصة مع وجود مذكرة اعتقال دولية بحق حميدتي من المحكمة الجنائية الدولية.

ردود الفعل: غضب مدني وتحذيرات من عودة الاحتجاجات
لم تُخفِ القوى المدنية غضبها من التعديلات. فبينما هدَّد "تجمع المهنيين السودانيين" – الذي كان قاطرة الاحتجاجات ضد البشير – بالعودة إلى الشوارع، وصفت تحالفات أخرى الخطوة بأنها "انقلاب دستوري". لكن هذه القوى تواجه معضلة حقيقية: فضعفها التنظيمي وانقساماتها الداخلية جعلتها عاجزة عن مواجهة الآلة العسكرية المدعومة بتمويل إقليمي. في المقابل، تبدو الأطراف الموالية للجيش – خاصة بعض الموقعين على اتفاقية سلام جوبا – مستفيدة من التمثيل الواسع، لكنها تخسر شعبيتها وسط اتهامات بالتواطؤ.

الدور الدولي: صمت مُريب ومصالح متضاربة
يكشف الموقف الدولي من الأزمة عن تناقضات عميقة. فدول مثل مصر والإمارات – اللتين تربطهما مصالح أمنية واقتصادية مع الجيش السوداني – تتجاهل الانتقادات، بينما تكتفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإصدار بيانات "قلقة" دون ضغوط فعلية. ويُفسر مراقبون هذا الصمت بخوف الغرب من دفع السودان نحو التحالف مع روسيا أو الصين، خاصة مع تردد معلومات عن مفاوضات لإنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر.

مستقبل مُظلم: هل ينزلق السودان إلى حرب أهلية جديدة؟
رغم أن التعديلات تبدو انتصاراً مؤقتاً للعسكر، إلا أنها تحمل بذور أزمة أعمق. فاستمرار تهميش المطالب الأساسية للثورة – مثل العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات – يغذي السخط الشعبي، خاصة في المناطق المهمشة (دارفور، جنوب كردفان، النيل الأزرق)، والتي قد تعود إلى التمرد إذا لم تُستجب مطالبها. كما أن تنامي نفوذ "الدعم السريع" داخل الجيش يُنذر بصراع على السلطة بين حميدتي وقيادات الجيش التقليدية.

خيط الأمل الوحيد: عودة الشارع
رغم المشهد القاتم، يرى بعض المحللين أن عودة الاحتجاجات الشعبية قد تكون الخيار الوحيد لإنقاذ ما تبقى من مكتسبات الثورة. ففي 2019، أثبت السودانيون أنهم قادرون على إسقاط نظام دام 30 عاماً، لكن النخبة السياسية فشلت في تحويل زخم الشارع إلى مشروع ديمقراطي متماسك. اليوم، قد تكون الفرصة الأخيرة أمام القوى المدنية لتوحيد صفوفها، واستعادة زمام المبادرة، قبل أن يتحول السودان إلى دولة فاشلة تُدار بوصاية عسكرية-مليشياوية، تُذكِّر العالم بأسوأ سنوات حكم البشير.

 

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • أمازون تتولى السيطرة الإبداعية على امتياز أفلام جيمس بوند
  • التعديلات الدستورية في السودان- ما بين مطرقة العسكر وسندان الانتقال الديمقراطي
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
  • الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل يرفض حكومة المليشيا واجتماع نيروبي مؤامرة ضد وحدة السودان
  • تعزيز التعاون المشترك مع «الاتحاد الأوروبي».. دعم وتطوير مجال «أمن وإدارة الحدود»
  • تصريح صحفي من الحزب الشيوعي السوداني حول محاولات تشكيل حكومة موازية
  • المؤتمر التنويري “الخامس عشر” يستضيف الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل
  • ما وراء انقسامات التنظيمات التي تحالفت مع الدعم السريع؟
  • هتافات مؤيدة للفلسطينيين خلال لقاء البوسنة والاحتلال في الهوكي (شاهد)
  • «الأمة القومي» يتبرأ من المشاركين في حكومة «الدعم السريع»