يترقب العالم أجمعه، الساعات المقبلة الفاصلة في الحرب البربرية التي تشنها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، وذلك في ظل رحلات مكوكية، ومشاورات سرية تهدف لإنهاء اتفاق شامل لوقف الحرب، وإجاد مخرج للملفات الشائكة حتى لا تكون ألغاء تفجر المعارك في أي وقت، وهنا نجد أن الجميع يتحدث عن 3 ملفات ساخنة هي التي تدور حولها المناقشات، أولها تفاصيل صفقة تبادل الأسرى والقيمة العددية والنوعية التي ستلتزم إسرائيل بالإفراج عنهم مقابل أسراهم في قطاع غزة، والملف الثاني هو آلية وقف الحرب، وطبيعتها والتمركزات العسكرية داخل القطاع، مع ملف محور فيلادلفيا، أما الملف الثالث، فهو مستقبل غزة بعد الحرب.

 

ويعد الأسبوع الجاري، هي الأيام الفاصلة في أحدث محاولات إنهاء الصراع، خصوصا مع تفاقم تداعياته على المستوى الإقليمي مع الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكية على الحدود الأردنية السورية، واستكمالا لحوار باريس، يصل وزيرا الخارجية لفرنسا وأمريكا، وذلك بالتزامن مع لقاءت سرية التفاصيل خلال الأيام الماضية لرئيس الموساد إلى القاهرة، وأعقبه وفد الحركات الفلسطينية، وهنا نرصد تفاصيل وتحليل ما هو قادم من تحركات.

 

 

وزير الخارجية ومهمة مزدوجة داخل 5 عواصم بـ4 أيام فقط 

وخلال ساعات، وتحديدا غدا الأحد، يعود وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط، ليبدأ جولة أخرى من الدبلوماسية المكوكية في الوقت الذي يحاول فيه منع الحرب في غزة من التصاعد إلى صراع أوسع، وتشمل جولة بلينكن، المملكة العربية السعودية ومصر وقطر وإسرائيل والضفة الغربية، وذلك لمدة أربعة أيام من الجهود الدبلوماسية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن أوباما سيركز على تأمين "الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين" من غزة وكذلك الضغط من أجل "هدنة إنسانية" تسمح بوصول المزيد من المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.

بالإضافة إلى ذلك، سيعمل بلينكن على "منع انتشار الصراع"، الذي يهدد بالتحول إلى حرب إقليمية أوسع، مع احتدام التوتر على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وفي البحر الأحمر وفي سوريا والعراق والأردن، وقال ميلر: "سيواصل الوزير أيضًا المناقشات مع الشركاء حول كيفية إنشاء منطقة أكثر تكاملاً وسلامًا تتضمن أمنًا دائمًا للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وما يمكن تسميته الحل النهائي للأزمة الحالية، وتعد تلك الزيارة هي الثانية لبلينكن خلال شهر واحد، حيث زار المنطقة مؤخرًا في بداية شهر يناير عندما سافر إلى تركيا والأردن وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة .

 

 

فرنسا على الخط لاستكمال مشاورات باريس 

ولاستكمال مشاورات باريس، وبالتزامن مع زيارة وزير خارجية أمريكا، أعلنت الخارجية الفرنسية بدء وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه، اليوم السبت، جولة شرق أوسطية تستمر حتى الثلاثاء، وتتمحور حول الآفاق السياسية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وستكون الجولة الأولى للوزير الجديد في المنطقة ليزور مصر والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان أن سيجورنيه يسعى في جولته إلى «العمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن» وإقناع الأطراف المتصارعة بـ«إعادة فتح الأفق السياسي»، استناداً إلى مبدأ حل الدولتين.

وشدّد لوموان على «حزم» الموقف الفرنسي بالنسبة إلى «الظروف التي يجب أن تكون سائدة» في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وقال إن «مستقبل غزة يندرج في إطار دولة فلسطينية موحدة يجب أن تمارس فيها سلطة فلسطينية معاد تنشيطها دورها»، مشدّداً على أن «فرنسا رفضت وترفض على الدوام إقامة مستوطنات في غزة أو النقل القسري للسكان الفلسطينيين»، ويبحث وزير الخارجية الفرنسي خلال جولته أيضاً في مخاطر اشتعال المنطقة «وسينقل رسائل مختلفة بوجوب ضبط النفس»، خصوصاً إلى لبنان، حيث آفاق اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل و«حزب الله» تثير مخاوف كبيرة لدى المجتمع الدولي.

 

 

تركيا في المنطقة كورقة ضغط على حماس

ولا يختلف أحد من المتابعين، أن لكل دولة دورا داخل تلك الأزمة، وإن كان لأمريكا مهمة الضغط على تل أبيب، وفرنسا كصاحبة نفوذ بلبنان، فإن تركيا تتواجد بالمنطقة، كوسيط مقنع لحماس بجانب قطر، وبالفعل التقى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ووفد من قيادة الحركة، السيد إبراهيم قالن رئيس جهاز المخابرات التركي والوفد المرافق، وذلك داخل الأراضي المصرية، حيث يتواجد وفد حماس للتشاور حول بنود الصفقة المحتملة، والتي تم صياغتها الأولية في اجتماع باريس. 

وبحسب ما أعلنته حركة حماس، فقد بُحث خلال اللقاء تطورات الأوضاع في قطاع غزة وسبل وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار، وإدخال المساعدات والاحتياجات الإنسانية لشعبنا الفلسطيني في القطاع، إلى جانب استعراض آخر ما وصلت إليه مباحثات تبادل الأسرى، وجرى التأكيد خلال اللقاء على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس هي أساس الاستقرار في المنطقة.

 

 

هذا ما تم التوصل إليه في باريس 

وتأتي تلك التحركات في أعقاب الورقة المبدئية التي تم صياغتها في اجتماع باريس منذ أسبوعين، حيث اقتربت إسرائيل وحركة حماس من التوصل إلى اتفاق يقضى بوقف العدوان على غزة لمدة شهرين، مقابل الإفراج عن أكثر من 100 محتجز لدى الفصائل، وفق ما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فقد تم مناقشة "مسودة اتفاق" تمت صياغتها بناء على المفاوضات، التي جرت بين إسرائيل وحماس، في الأيام العشرة الأخيرة، وسط تفاؤل من الوسطاء، وبحسب الصحيفة التي لفتت إلى وجود بعض الخلافات حول نقاط معينة، وسيتم العمل على تقريب وجهات النظر في الاجتماع، وهو ما دعى لجولات الوزراء الغربين بالمنطقة.

وتوقعت الصحيفة إمكانية إبرام مثل هذه الصفقة خلال الأسبوعين المقبلين، مشيرة إلى أن المفاوضين وضعوا مسودة اتفاق مكتوبة تدمج المقترحات، التي قدمتها إسرائيل وحماس، في إطار عمل أساسي، وهو ما مت مناقشته في المحادثات بباريس، جاء قرار التحركات المكوكية خلال هذ الأسبوع، في محاولة، لإزالة الخلافات الموجودة بين أطراف النزاع، وسط أجواء تفاؤل حذر بأن الاتفاق النهائي في متناول اليد، وقد أوضحت" نيويورك تايمز" أن مسؤولين كبار في ما لا يقل عن 10 إدارات مختلفة في الحكومة الأمريكية، يعملون على صياغة مجموعة من الصفقات المثيرة للاهتمام لإنهاء الحرب في غزة.

وذكرت الصحيفة، أنه في المرحلة الأولى، سيتوقف القتال لمدة 30 يومًا تقريبًا بينما تطلق حماس سراح النساء والمسنين والجرحى من المحتجزين، وخلال تلك الفترة، سيعمل الجانبان على وضع تفاصيل المرحلة الثانية، التي من شأنها وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا أخرى تقريبًا، مقابل الإفراج عن جنود إسرائيليين ومدنيين ذكور، ولا يزال يتعين التفاوض بشأن نسبة الأسرى الفلسطينيين، الذين سيتم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية، لكن "نيويورك تايمز" تشير إلى أن القضية يُنظر إليها على أنها قابلة للحل، كما ستسمح مسودة الاتفاق الجديدة أيضًا بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المدمر جراء العدوان الإسرائيلي المدمر.

 

 

اتفاق محور فيلادلفيا خطوة مفصلية لإنهاء الحرب

وبالتأكيد، لا يمكن حسم الأزمة داخل غزة، دون التوصل لاتفاق نهائي حول ملف محور فيلادلفيا، وبالفعل كانت هناك مشاورات جادة بين مصر وإسرائيل حول هذا الملف، وذلك بحسب ما سربه الجانب الإسرائيلي، حيث كشفت عدد من الصحف الإسرائيلية، تفاصيل الاتفاق الذي توصلت إليه تل أبيب مع القاهرة، بخصوص أزمة محور فيلادلفيا الحدودي، وذلك في أعقاب زيارة رئيس الموساد الإسرائيلي إلى القاهرة بصحبة فريق تقني وأمني لمناقشة تلك الأزمة، حيث الحديث عن 3 مراحل لحل الأزمة.

ووفقا لما جاء في صحيفة سروجيم العبرية، فقد أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية مطلعة، وفقا لما نشره المراسل العسكري دورون كادوش على قنوات الجيش الإسرائيلي، أن الطرفين المصري والإسرائيلي يتشاورون حول ورقة مبدئية، تتضمن تعهد إسرائيلي بعدم اتخاذ أي خطوة عسكرية على الحدود المصرية بمحور فيلادلفيا في ظل وجود فلسطيني داخل رفح، وذلك لطمأنة الجانب المصري بخصوص تخوفها من عبور آلاف الفلسطينيين للجانب المصري. 

وبحسب ما جاء بالتقرير الإسرائيلي، فقد تعهدت إسرائيل للمصريين بأنه سيتم إخلاء سكان رفح، قبل أي تحرك عسكري إسرائيلي، ولكن لم يتحدد بعد المكان الذي سيتم إجلاء السكان فيه، ولكن بحسب التقرير هناك خياران، العودة إلى شمال قطاع غزة وفق قرار سياسي أو إلى الخان منطقة يونس بعد انتهاء القتال هناك، وأضافت المصادر العسكرية الإسرائيلية، أن إسرائيل سيكون لها تأثير معين على ما يحدث على طول المحور، لكنها لن تتمكن من تمركز قواتها بشكل دائم، إلا من خلال الوسائل التكنولوجية التي سيتم تركيبها على طول المحور، كما أن هناك محادثات حول قيام دولة عربية بتوفير التمويل لبناء الجدار تحت الأرض لمنع إنشاء أنفاق التهريب من مصر إلى غزة، لكن الموافقة على هذه الخطوة مرهونة بقرار مصر.

ويمتد محور صلاح الدين المعروف باسم "محور فيلادلفيا"، داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا بطول الحدود المصرية، التي تبلغ نحو 14 كيلومترا، وقد تحدثت القيادة المصرية بشكل واضح عن رفضها قيام إسرائيل بأي علم عسكري في تلك المنطقة، وأن ذلك يتعارض مع اتفاقية كامب ديفيد، والتي تشترط موافقة القاهرة لأي عمل عسكري إسرائيلي بتلك المنطقة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محور فیلادلفیا وزیر الخارجیة الحرب فی غزة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ترامب يتغيّر بعد 100 يوم… فما نصيب الشرق الأوسط من ذلك؟

"دخل ترامب ولايته الثانية كأسد، لكنه الآن يبدو أقرب إلى الحمل"، هكذا علّق ستيفن كوك في Foreign Policy  على الأشهر الثلاثة التي أعقبت تنصيب ترامب. لكن السؤال هو: هل يسعى ترامب للاحتفاظ بهذا الاستئساد في الشرق الأوسط، الذي بات يشغل موقع "المسرح الثانوي" في السياسة الأميركية؟

تتسم سياسة ترامب في المنطقة بتوجهات متعددة. فقد دعا إلى تهجير الفلسطينيين من غزة، سواء بالقوة أو طوعًا، ويؤيد البيت الأبيض حاليًا هجومًا إسرائيليًا متجددًا على القطاع، بهدف الضغط على حماس لتسليم الرهائن المتبقين أو القضاء عليها.

وفيما يتعلق بإيران، يجمع نهجه بين التفاوض، والتهديد باستخدام القوة، وممارسة أقصى الضغوط.

كما شن حربًا واسعة على الحوثيين في اليمن، معلنًا هدفه: تأمين إسرائيل وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، وأصدر تعليمات لوزير خارجيته بالعمل على عبور السفن الأميركية التجارية والعسكرية من قناة السويس مجانًا. وبالتوازي مع ذلك، منح إسرائيل حرية التحرك عسكريًا في لبنان، على الرغم من جهود مبعوثه للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بينها وبين حزب الله.

لا يمتلك ترامب إستراتيجية متماسكة وشاملة للشرق الأوسط، بل مجموعة من الأولويات والاتجاهات، والاهتمام ببعض الملفات التي ترسم معالم نهجه في المنطقة.

إعلان

تتسم أهدافه بقدر من التضارب؛ فالأهداف التي أعلنها، مثل دعم الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية، والرغبة في الوقت نفسه في إنهاء الحرب في غزة، والتوصل إلى اتفاق مع إيران، وتوسيع اتفاقات التطبيع، تبدو متعارضة إلى حد كبير.

ويُضاف إلى ذلك أن تركيز ترامب على العلاقات الشخصية قد يسفر عن سياسة تفتقر إلى الاتساق، وتتسم بقدر من المفاجأة، بناءً على تفاعلاته مع القادة الأفراد.

يتسم نهجه بتيارات متضاربة تتأرجح بين الانعزالية والتدخلية. ففي حين يرفض التدخلات العسكرية الواسعة ويسعى للانسحاب من الشرق الأوسط، فإنه ينخرط في الوقت نفسه في ضرب الحوثيين دون وجود رؤية واضحة لنهاية هذه الحملة.
تجعل هذه السياسات من الصعب على الأطراف الإقليمية توقّع الإجراءات الأميركية والتخطيط على أساسها.

قد تجد بعض الإجراءات تفسيرها في تفضيلاته الشخصية، مثل التفاوض مع "قادة أقوياء" أو السعي للحصول على جائزة نوبل للسلام. يُوصف بأنه "لديه نفاد الصبر"، ورغبة في أن يكون "زعيمًا قويًا وحاسمًا"، لكنه يفتقر إلى التفكير طويل الأمد بشأن العواقب الأوسع لأفعاله.

ينطلق ترامب في تحركاته من إطار واقعي محدد قوامه مبدأ "أميركا أولًا". ولكن تطبيقه لهذا الإطار على منطقة الشرق الأوسط يبدو ضيقًا للغاية، ويفتقر إلى المشاركة الدبلوماسية والمدنية الشاملة، ولا يستثمر فاعلية العمل مع الحلفاء، وهو ما عزّز النفوذ الأميركي على مر التاريخ.

ترامب: نهج مختلف للسياسة الخارجية

يشكّل نهج ترامب في السياسة الخارجية في ولايته الثانية تحولًا عن النظام الدولي الليبرالي الذي ساد بعد الحرب الباردة، حيث يعطي الأولوية للمصلحة الوطنية "أميركا أولًا" في إطار المنافسة بين القوى العظمى.

هذا النهج يقوّض الأعراف والتقاليد الدولية والقيم الإنسانية المشتركة مثل تهجير الفلسطينيين ودعم الإبادة الجماعية لهم. ينحرف هذا النهج عن الدبلوماسية الأميركية التقليدية من خلال إعادة توجيه التحالفات، وتجاهل الشركاء التقليديين في كثير من الأحيان، وإعطاء الأولوية لأسلوب التفاوض القائم على الصفقات والرافعة المالية، وهو أسلوب يتجاوز التشاور الدولي.

إعلان

كما تُستخدم الأدوات الاقتصادية، وعلى رأسها التعريفات الجمركية والعقوبات الاقتصادية، كأسلحة إستراتيجية، بما في ذلك التوجه نحو الانفصال الاقتصادي. وإلى جانب ذلك، يبرز التركيز على الولاء، والتجاهل الواضح لإجماع الخبراء والمعايير المؤسسية في صياغة السياسات.

ويمكن رصد الملامح التالية لنهج ترامب في السياسة الخارجية:

1- التحول من النظام العالمي الليبرالي إلى الواقعية والمنافسة بين القوى العظمى

يرتكز نهج ترامب على تقليد واقعي راسخ يمثّل خروجًا عن نموذج النظام العالمي الليبرالي الذي ميّز حقبة ما بعد الحرب الباردة في ظلّ الهيمنة الأميركية.

ترى إدارته أن النظام الدولي تهيمن عليه المنافسة بين القوى العظمى، وليس الصداقة الدولية. ويعتبر المستشارون الرئيسيون أن النظام العالمي الليبرالي "وهْم خطير"، ويدعون إلى تبنّي سياسة خارجية تركز على المصلحة الوطنية.
وهذا التركيز على "أميركا أولًا"، والذي يقسم العالم على طول خط الصدع بين الولايات المتحدة، وجميع الدول الأخرى، يتناقض مع نماذج أخرى مثل التقسيم بين الديمقراطية، والاستبداد الذي كان سائدًا في خطاب بايدن.

يُوصف نتنياهو بأنه يدرك أن "الحرب الدائمة" هي "صديقته"، مما يسمح له بقمع المعارضة السياسية، وتجنّب التحقيقات في الإخفاقات التي تؤدي إلى الصراع، والحفاظ على تماسك حكومته. وهذا يجعل ترامب ونتنياهو متوافقين في الإجراءات التي يُنظر إليها على أنها تستفيد من استمرار الحرب على غزة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الموقف من إيران يبدو مختلفًا. ففي الوقت الذي يحرص ترامب على التنسيق مع إسرائيل؛ فإنه يواجه اختبارًا لإعطاء الأولوية لـ"أميركا أولًا" على "إسرائيل أولًا"، نظرًا للتكلفة العالية للصراع المحتمل مع إيران. يعتقد قطاع من النخبة الأميركية أن السياسة الخارجية الأميركية غالبًا ما تعطي الأولوية للمصالح الإسرائيلية.

إعلان

مبدأ ترامب "أميركا أولًا"، الذي يعطي الأولوية للمصالح الأميركية على غيرها، قد يؤدي إلى احتكاك أو صدامات مع المصالح الإسرائيلية، خاصة إذا كان تحقيق الأهداف الأميركية (مثل إنهاء حرب غزة أو مواجهة إيران) يتطلب اتباع نهج يختلف عن موقف إسرائيل أو يستفيد منه.

2- إعادة توجيه التحالفات وتجاهل الشراكات التقليدية

يتضمّن نهج إدارة ترامب إعادة توجيه الدبلوماسية والتحالفات الأميركية بعيدًا عن الشراكات القديمة لصالح شراكات جديدة. وينتقد المسؤولون التحالفات التقليدية مثل حلف شمال الأطلسي (NATO).

تشمل هذه الإستراتيجية تقليص الالتزامات في مناطق تعتبر ثانوية مثل أوروبا والشرق الأوسط، بهدف تركيز الموارد على المناطق الإستراتيجية الرئيسية مثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ لاحتواء الصين. وغالبًا ما يتعامل هذا النهج مع الحلفاء الديمقراطيين بقدر من "التجاهل" و"الازدراء".

ويُلاحظ نقص الاهتمام بالحفاظ على القوة الناعمة للولايات المتحدة، أو تعزيزها، وهي القدرة على حشد الحلفاء وجذب الكفاءات. تاريخيًا، كانت الولايات المتحدة أكثر فاعلية عندما تحشد دعم أصدقائها، وهي أداة يتجاهلها ترامب إلى حد كبير، مفضّلًا "صدمة الحلفاء والشركاء" على كسب تأييدهم.
هو يقلل من شأن الموارد الدبلوماسية، ويفشل في حشد الدعم الدولي، مثلما جرى مع إيران.

3- أسلوب التفاوض القائم على الصفقات والرافعة المالية

تتضمّن إستراتيجية التفاوض المفضّلة لدى ترامب التهديدات والمطالب المبالغ فيها؛ بهدف تضليل الطرف الآخر ودفعه في النهاية إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق، فيما يمكن وصف طريقته المفضلة غالبًا بأنها "التصعيد من أجل التهدئة".
يُوصف بأنه يجيد استخدام "النفوذ"، الذي يمكن أن يكون قسريًا. ويمكن ملاحظة هذا النهج في محاولات ممارسة الضغط على دول مثل دول أميركا اللاتينية فيما يتعلق بقضايا مثل الهجرة.
وعند التعامل مع قضايا مثل إيران، تمضي الإدارة قدمًا في تكتيكات الضغط دون حشد الدعم الدولي أولًا، أو التشاور مع الحلفاء والشركاء الإقليميين، وهو ما يمثل تكرارًا لأخطاء الماضي.

إعلان

يسعى إلى إبرام صفقات، حتى وإن كانت مشابهة للصفقات السابقة أو تلك التي تخلى عنها سابقًا حتى ينسبها إلى ذاته، مثل الوصول لصفقة الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة)، ربما تحت اسم جديد مثل "خطة العمل الشاملة المشتركة لترامب". يبدو أنه يهتم بالتوصل إلى اتفاقيات لأغراض خاصة به.

وَفق نهج الصفقات، يعتبر أنه: "لا يوجد للولايات المتحدة حلفاء أبديون، وليس لدينا أعداء دائمون.. مصالحنا أبدية ودائمة".

4- الاستخدام الإستراتيجي للجيو-اقتصاد والانفصال الاقتصادي

تولي إستراتيجية ترامب اهتمامًا كبيرًا للجيو-اقتصاد ودور القوة المالية في السياسة العالمية. ويُنظر إلى الصفقات التجارية والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا من منظور المنافسة على النفوذ الإستراتيجي بين القوى العظمى، وليس فقط الكفاءة الاقتصادية أو التقدم العلمي.

وتُستخدم التعريفات الجمركية في المقام الأول كسلاح اقتصادي ضد الصين؛ بهدف تعزيز المصالح الجيو-اقتصادية الأميركية، وتوجيه الشركات بعيدًا عن الاستثمار في الصين.

يدعو هذا النهج إلى انفصال اقتصادي تدريجي، ولكن متعمّد عن الصين، في تحوّل عن المعايير السابقة للتعايش الاقتصادي على الرغم من الخلافات الإستراتيجية. ويتم دمج سياسة الطاقة في الإستراتيجية الكبرى بهدف تحقيق "الهيمنة العالمية على الطاقة".

5- تجاهل المؤسسات والخبرة والسياسة القائمة على الحقائق

تُوصف الإدارة الأميركية الآن بأنها تضع ولاء العاملين على رأس الأولويات. هناك حالات تظهر فيها السياسات بناءً على افتراضات خاطئة بشكل واضح، مثل الادعاء بأن التعريفات الجمركية تمثل تخفيضًا للضرائب. شملت التعيينات في المناصب الرئيسية "متشددين ومبتدئين". وهناك شعور بأن المؤسسات والقيم المهنية تتعرض للتقويض.

يشير هذا النهج إلى الابتعاد عن نماذج الحكم التقليدية التي تعتمد على الخبرة والمؤسسات القائمة والدقة الواقعية في صنع السياسات.

إعلان

تُعزى الفوضى جزئيًا إلى الصراعات الداخلية في الحزب الجمهوري بشأن السياسة الخارجية، بما في ذلك وجهات النظر المختلفة بشأن روسيا وإيران وإسرائيل.

إنّ المعيّنين والمرشحين للتعيين يحملون آراء أكثر تدخلية ومؤيدة بشدة لإسرائيل، وهو ما قد يتعارض مع رغبة الرئيس المعلنة في الانسحاب من المنطقة. هذه الديناميكيّة الداخلية تخلق نتائج سياسية غير متوقّعة.

باختصار، ترتكز رؤية إدارة ترامب للشرق الأوسط على إطار واقعي يُعطي الأولوية للمصالح الوطنية الأميركية في عصرٍ يشهد تنافسًا بين القوى العظمى، مُعتبرةً المنطقة ذات أهمية إستراتيجية، لكنها قد تكون ثانوية مقارنةً باحتواء الصين.
يتضمّن هذا النهج تقليص الالتزامات التقليدية، مع استخدام الضغط والنفوذ بشكل انتقائي للسعي إلى إبرام صفقات، لا سيما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ونفوذها الإقليمي، والتعامل مع علاقات معقدة مع شركاء مثل إسرائيل.
بيدَ أن السياسات الداخلية وغياب المشاركة متعددة الأطراف، وقلة استخدام الموارد الدبلوماسية والمدنية قد يُعيق الفاعلية الأميركية في المنطقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • توقعات بـ نمو الاقتصاد المصري بنسبة 5% خلال العام المالي 2026/2025
  • إسرائيل على فوهة بركان.. عصيان وموجة غضب شعبية تقلب الموازين| تقرير
  • العراق بالمقدمة.. ترجيحات متفائلة بزيادة إنتاج الشرق الأوسط من النفط
  • ترامب يتغيّر بعد 100 يوم… فما نصيب الشرق الأوسط من ذلك؟
  • “دبي الحرة” تفوز بجائزة “أفضل سوق حرة للتسوق في الشرق الأوسط”
  • باحث إسرائيلي: قادة غربيون يسعون لتشويه صورة إسرائيل وكبح جماحها
  • BYDFi تصبح الراعي الرسمي لمؤتمر TOKEN2049 دبي.. وأداة التداول على السلسلة MoonX تظهر لأول مرة في الشرق الأوسط
  • ديرمر : الحرب ستنتهي خلال 12 شهرا من الآن
  • الخارجية: الحرب التي تخوضها ميليشيا الجنجويد بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية
  • «اللافي» يستقبل مسؤول ملف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الخارجية الروسية