«ذهب» مصر.. و«الفجوة» المالية
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
منذ نحو 80 عاماً، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، وبموجب اتفاقية «بريتون وودز»، أُنشِئ صندوق النقد الدولي الذي يضم حالياً 189 بلداً عضواً، وهو يسعى إلى بناء نظام اقتصادي دولي أكثر استقراراً، وإلى منع وقوع الأزمات، عن طريق تشجيع البلدان الأعضاء على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة تتيح لها الاستفادة من موارده المالية لمعالجة مشكلاتها جراء تراكم الديون وعجز ميزان المدفوعات.
ونتيجةً لتفاقم العجز «المزدوج» والمزمن في الموازنة العامة والميزان التجاري، تضطر معظم الدول المدينة إلى مزيد من الاقتراض بالعملات الأجنبية، وبفوائد عالية نتيجة تصنيفها الائتماني السلبي. وبذا يكون الهدف من القروض الجديدة هو سداد قروض مستحقة، وليس لأغراض التنمية، ما يجعل هذه الدول المقترضة تواجه مخاطر «استدامة الاستدانة».
ومضى الآن أكثر من سنة على تجميد قرار صندوق النقد الدولي منح مصر قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار، لعدم جاهزيتها لتنفيذ شروطه، خاصة «التعويم التدريجي» لسعر صرف الجنيه المصري.
مع العلم أن المبالغ المستحقة عليها، والمطلوب تسديدها للصندوق قبل يونيو المقبل تبلغ 6.7 مليار دولار(نحو 5.4 مليار دولار أصل الدَّين، والباقي فوائد الدَّين نفسه). ولذا يتوقع أن يرتفع القرض المطلوب إلى نحو 10 مليارات دولار، إضافة إلى ضمانات أميركية للحصول على مزيد من القروض من مصادر التمويل الدولية والأسواق المالية، بإصدار سندات سيادية.
ووفق تقرير معهد التمويل الدولي، تبلغ «الفجوة» التمويلية التي تواجه مصر خلال السنة المالية 2023-2024 نحو 7 مليارات دولار، لكن بنك «غولدمان ساكس» أشار إلى فجوة تراكمية تبلغ 11 مليار دولار على مدى خمس سنوات، فيما تشير البيانات الرسمية إلى أن الحكومة المصرية تواجه سداد التزامات وأقساط ديون خارجية تقدر بنحو 42.3 مليار دولار خلال العام الحالي، لكن كيف تواجه «الفجوة» المالية المرتقبة، مع تراجع عائدات السياحة وإيرادات قناة السويس، في ظل تداعيات ما يحدث في البحر الأحمر؟
في العام الماضي، احتلت مصر المرتبةَ الأولى على لائحة البنك الدولي لتحويلات المغتربين، وقد بلغت تحويلات المصريين نحو 25 مليار دولار، واتجه معظمهم إلى شراء كميات من الذهب في الخارج وإدخالها إلى بلدهم، لا سيما أن مجلس الوزراء وافق مؤخراً على مد العمل بقرار منح إعفاء جمركي لواردات الذهب لمدة ستة أشهر، تنتهي في 10 مايو المقبل.
وحرصاً على استثمار «حركة الذهب»، أطلقت الحكومة صناديق الاستثمار في المعادن، ومنها صندوق متخصص لاستثمار الذهب، بما يضمن الحفاظ على ممتلكات المستثمرين من السرقة أو التلف. ولاستغلال خام الذهب، وقّع وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا عقدين: الأول مع الشركة الكندية «آتون مايننغ»، والثاني مع الشركة البريطانية «AKH GOLD»، لاكتشاف كميات تجارية في الصحراء الشرقية. وفي الوقت نفسه أعلنت الشركة الأسترالية «سنتامين» أنها تستهدف إنتاج 500 ألف أوقية من الذهب في مصر خلال العام الحالي.
عدنان كريمة – كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية
جريدة الاتحاد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
300 مليار يورو حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية، خلال كلمته في مؤتمر ترويج الاستثمار بين البلدان العربية، الذي عقد في العاصمة الإيرلندية دبلن، بتنظيم من غرفة التجارة العربية-الإيرلندية واتحاد الغرف العربية، أن العالم يمر بمرحلة حاسمة في مجال التجارة والاستثمار، ما يتطلب تعزيز التعاون وفتح الأسواق المشتركة لتفادي تداعيات الحروب التجارية العالمية.
وشهد المؤتمر حضور وزير التنمية الدولية الإيرلندي Neale Richmond، ومحافظ دبلن، إلى جانب عدد من السياسيين الإيرلنديين، ورؤساء الشركات من إيرلندا والعالم العربي، إضافة إلى أمين عام غرفة التجارة العربية-الإيرلندية أحمد ركان يونس.
وأشار الدكتور خالد حنفي إلى أن “العالم العربي وأوروبا تجمعهما روابط اقتصادية عميقة منذ عقود، لكن الإمكانات المستقبلية أعظم، فمع وجود سوق يضم أكثر من 450 مليون مستهلك، تبرز المنطقة العربية ليس فقط كشريك تجاري رئيسي بل كمركز واعد للاستثمار والابتكار والتنمية المستدامة. وفي هذا السياق، تُعدّ إيرلندا، باعتبارها اقتصادًا أوروبيًا ديناميكيًا ورائدًا في التكنولوجيا والتمويل والطاقة المتجددة، في موقع قوي لتعزيز شراكتها مع الأسواق العربية”.
وأكد الدكتور حنفي أن العالم العربي يتمتع بتنوع اقتصادي واسع يمتد عبر الخليج والشام وشمال إفريقيا، مما يوفر فرصًا استثمارية هائلة للشركات الأوروبية.
كما توقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق الاقتصادية ديناميكية في العالم. ولفت إلى أن التجارة بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي تجاوزت 300 مليار يورو عام 2023، ما يعكس عمق الروابط الاقتصادية بين الجانبين.
وأضاف أن المنطقة العربية تمتلك 48% من احتياطات النفط العالمية و43% من احتياطات الغاز الطبيعي، وتستثمر بشكل متزايد في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تعهدت الإمارات والسعودية وحدهما بضخ استثمارات تتجاوز 300 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة، مما يفتح الأبواب أمام الشراكات مع الشركات الأوروبية المتخصصة في التكنولوجيا الخضراء.
كما أشار إلى أن العالم العربي يعتبر مستورد رئيسي للمنتجات الغذائية والزراعية، ومن المتوقع أن تصل وارداته الغذائية إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يجعل التعاون مع إيرلندا، التي تصدر بالفعل أكثر من 300 مليون يورو من منتجات الألبان والأغذية إلى الشرق الأوسط سنويا، فرصة للنمو والتوسع.
وتناول الأمين العام الطفرة الكبرى في مشاريع البنية التحتية بالعالم العربي، والتي تفوق قيمتها 3 تريليونات دولار في قطاعات النقل والإسكان وتطوير المدن الذكية، مما يوفر فرص هائلة لشركات البناء الأوروبية والمستثمرين في الهندسة والتكنولوجيا الذكية.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي، لفت إلى أن حجم الاقتصاد الرقمي في دول مجلس التعاون الخليجي مرشح للوصول إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2030، مع استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، مما يعزز من فرص الشركات الأوروبية في دخول الأسواق العربية والاستثمار فيها.
وأشار الدكتور حنفي إلى أن أصول صناديق الثروة السيادية الخليجية تتجاوز 3 تريليونات دولار، مع استثمارات متزايدة في العقارات والتكنولوجيا والبنية الأساسية داخل أوروبا، مما يعكس اهتمام المستثمرين العرب بالمشاريع المستدامة والتمويل الأخضر والتحول الرقمي في القارة الأوروبية.
وشدد الأمين العام لاتحاد الغرف العربية على أهمية تعزيز اتفاقيات التجارة والشراكات الاقتصادية بين العالم العربي وأوروبا، موضحا أن هناك حاجة لمزيد من التحرير التجاري وخفض التعريفات الجمركية وتسهيل تدفقات الاستثمار بين الجانبين. كما نوه إلى أن المناطق التجارية الحرة في الإمارات والسعودية ومصر توفر بيئة استثمارية جذابة للشركات الأوروبية الراغبة في التوسع بالأسواق العربية.
وفي هذا السياق، دعا الدكتور حنفي إلى الاستفادة من التجارة الرقمية والتكنولوجيا المالية في تسهيل دخول الشركات الصغيرة والمتوسطة للأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن التعاون في مجال البنية التحتية الرقمية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع من كفاءة التجارة بين العالم العربي وأوروبا.
وختم كلمته بالتأكيد على أن “اتحاد الغرف العربية على أتم الاستعداد لدعم الشركات التي تسعى إلى دخول الأسواق العربية والتوسع فيها، ونحن ملتزمون ببناء شراكات اقتصادية أقوى، وتعزيز تدفقات الاستثمار، وفتح آفاق جديدة للتعاون التجاري بين العالم العربي وأوروبا”.
وعلى هامش المؤتمر، عقد مجلس إدارة غرفة التجارة العربية-الإيرلندية اجتماع بحضور رئيس الغرفة Enda Corneille، وأمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي، وأمين عام غرفة التجارة العربية-الإيرلندية أحمد ركان يونس، إلى جانب أعضاء مجلس الإدارة من الجانبين العربي والإيرلندي.
وتم خلال الاجتماع بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، وتنشيط دور الغرفة من خلال تنظيم البعثات وعقد اللقاءات بين رجال الأعمال والمستثمرين العرب والإيرلنديين. كما جرى مناقشة تداعيات الحرب التجارية العالمية، في ضوء القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، والتي أثارت المخاوف بشأن تصاعد الحمائية التجارية، مع التأكيد على أهمية تعزيز الانفتاح الاقتصادي وتوسيع الأسواق المشتركة بين الدول العربية وأوروبا، وفي مقدمتها السوق الإيرلندية.