الإمارات تحتفي باليوم العالمي للسرطان
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
سامي عبد الرؤوف، هدى الطنيجي (أبوظبي، دبي)
تشارك اليوم، الإمارات باليوم العالمي للسرطان لعام 2024، تحت شعار «سد فجوة الرعاية» لمواجهة الصعوبات التي تواجه مرضى السرطان عالمياً
ورفع الوعي عن مخاطر هذا المرض، والكشف عن أهم طرق الوقاية والعلاج.
وتنظم الجهات الصحية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاصة، مجموعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج والحملات الصحية التوعوية بالسرطان للفئات المستهدفة، من خلال وسائل الاتصال المرئي والمسموع، وتسخير الإمكانات التكنولوجية للوصول لأكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
واليوم العالمي للسرطان، مبادرة عالمية موحدة يقودها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان (UICC)، ويهدف لرفع الوعي العالمي، وتحسين التعليم، وتحفيز العمل الشخصي والجماعي والحكومي، والعمل معاً لإعادة تصور عالم يتم فيه إنقاذ الملايين من وفيات السرطان التي يمكن الوقاية منها، ويكون الوصول إلى علاج السرطان والرعاية المنقذة للحياة منصفاً للجميع، بغض النظر من الشخص أو المكان الذي يعيش فيه.
وتم تخصيص اليوم العالمي للسرطان في عام 2000، وتطور ليصبح حركة إيجابية للجميع، في كل مكان، للتوحد تحت صوت واحد لمواجهة أحد أكبر التحديات التي نواجهها في التاريخ.
وأكد عدد من الأطباء والخبراء أهمية نشر الوعي بين مختلف شرائح المجتمع؛ بهدف مكافحة السرطان بأنواعه كافة، وبيان الأكثر شيوعاً من بينهم، ونشر التوعية بأهم وأحدث ما توصل إليه العلم في مجال الرعاية الصحية المقدمة لتقديم أفضل رعاية ممكنة وآمنة للمرضى.
توجه استراتيجي
قالت الدكتورة بثينة بن بليلة، نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة السرطان، رئيسة قسم الأمراض غير السارية بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، في تصريح خاص لـ«الاتحاد»: «تشجع الجهات الصحية على الفحوص المبكرة».
وأضافت: «وفي إطار توجهها الاستراتيجي لخفض نسبة أمراض السرطان في الدولة وفق المؤشر الوطني المدرج ضمن أهداف الأجندة الوطنية، أطلقت وزرارة «الصحة» العديد من البرامج والحملات الصحية للوقاية من مرض السرطان، بالإضافة إلى تفعيل البرامج الوطنية لمكافحة السرطان كمسؤولية مشتركة بين القطاعات الحكومية والخاصة.
وأعلنت أن اللجنة الوطنية لمكافحة السرطان اجتمعت مؤخراً ناقشت الخطة الوطنية لمكافحة السرطان ومتابعة البرامج الوطنية للكشف المبكر، كاشفة عن أن هناك اتجاهاً لإدراج الكشف المبكر عن سرطان الرئة ضمن البرنامج الوطني للكشف المبكر، خلال العام الحالي.
وأكدت بن بليلة، أن دولة الإمارات تعتبر من الدول الرائدة في مجال الخدمات الصحية المقدمة لمرضى السرطان، لاسيما أن انتشار مرض السرطان في الدولة لا يزال أقل من معدلات انتشاره في العالم.
البحث العلمي
من جهته، قال البروفيسور حميد الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام، مدير خدمات الأورام في برجيل القابضة: «إن قطاع السرطان يحظى باهتمام من دولة الإمارات، حيث نتميز على مستوى المنطقة بالمراكز المتخصصة في علاج السرطان المجهزة بأحدث التقنيات، مثل أجهزة العلاج بالأشعة وأنظمة التشخيص المتقدمة».
وأشار إلى أن هذه المراكز لا تقتصر على توفير العلاج فقط، بل تشمل برامج للرعاية النفسية والدعم الاجتماعي للمرضى وعائلاتهم، فيما استثمرت الإمارات بشكل كبير في البحث العلمي والابتكار في مجال علاج السرطان.
وأوضح أن هذا يشمل تمويل الدراسات والبحوث التي تهدف إلى فهم أفضل لأنواع السرطان المنتشرة في المنطقة وتطوير علاجات مخصصة تتناسب مع الخصائص الجينية والبيئية لسكان الإمارات.
وذكر أن الدولة وضعت تركيزاً على التوعية الصحية والفحص المبكر، كحملات توعية واسعة النطاق تهدف إلى رفع الوعي حول أهمية الكشف المبكر، وتعزيز نمط حياة صحي لتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان.
وقال: شهد قطاع الرعاية الصحية في الإمارات تعاوناً دولياً متزايداً، يشمل شراكات مع مؤسسات عالمية رائدة في مجال البحث وعلاج السرطان، ما يعزز من جودة الرعاية الطبية المقدمة، ويفتح آفاقاً جديدة للعلاجات المبتكرة.
وأكد أن الإمارات لعبت دوراً محورياً في دعم قطاع علاج السرطان من خلال التشريعات والسياسات الصحية التي تضمن توفير الرعاية الصحية عالية الجودة لجميع المواطنين والمقيمين.
فيما أولت اهتماماً كبيراً لتدريب وتطوير كفاءات الكوادر الطبية المحلية، منها تدريب الأطباء والممرضين في مجال السرطان على الممارسات العالمية، تسعى لأن تكون رائدة في مجال الرعاية الشخصية الموجهة في علاج السرطان، حيث تُعد العلاجات المخصصة وفق الخصائص الجينية للمريض مستقبل علاج السرطان.
وتتميز الإمارات بالتركيز المتزايد على الوقاية من السرطان، من خلال البرامج الصحية التي تعزز الأنماط الغذائية الصحية والنشاط البدني، ما يساهم في خفض معدلات الإصابة بالسرطان.
سرطان الأطفال
من جانبه، أكد الدكتور محمد فهد عبدالله، استشاري أمراض الدم والأورام عند الأطفال بمدينة برجيل الطبية في أبوظبي، أن معدلات الشفاء في سرطان الأطفال أعلى بنسبة كبيرة مقارنة بالسرطان التي تصيب البالغين، ويصيب سرطان الدم الأطفال بشكل أكثر، يليها سرطان الدماغ، ثم الأنواع الأخرى.
وأوضح أن سبب الإصابة بسرطان الدم هو وجود استعداد جيني في نخاع العظم وخلل في الخلايا المكونة للدم، ما يؤدي لحدوث السرطان عند الأطفال، الذي ليس لها علاقة بالعوامل البيئية، كالبالغين إنما بالاستعداد الخلقي للإصابة بالسرطان، وهذا لا يعني أنه مرض وراثي؛ لأن قسم كبير من سرطانات الأطفال يكون مجهول السبب، لكن عندما ينتشر مرض السرطان في العائلة يقوم الطبيب بالبحث والتدقيق عبر الفحوص؛ لأنه قد تكون هناك احتمالية للإصابة، فبشكل عام السرطان ليس وراثياً.
وأشار إلى أن أعداد الأطفال المسجلين كمصابين بسرطان آخذة في التزايد حسب منظمة الصحة العالمية، ليس لزيادة الحالات، إنما لزيادة تسجيل الحالات ضمن سجلات رسمية ورفعها لمنظمة الصحة العالمية.
ولفت إلى زيادة الوعي بشكل عام بين أفراد المجتمع مقارنة بالماضي، قد ساهم في الاكتشاف المبكر ورفع نسبة الشفاء، والتشخيص المبكر يساعد على اكتشاف المرض في مراحل مبكرة وعلاجه، وبالتالي يجنب المريض التعرض للعلاجات المكثفة، لكن من الجيد أن سرطان الأطفال تعتبر نادرة، بما يقدر بـ 3 حالات لكل ألف حالة.
الكشف المبكر
بدوره، قال الدكتور عارف شهال، استشاري طب الأورام في مدينة الشيخ شخبوط الطبية: إن «القطاع الطبي اليوم يشهد تطوراً كبيراً فيما يتعلق بعلاج وتشخيص السرطان بمختلف أنواعها، وتحرص مدينة الشيخ شخبوط الطبية على توافر أحدث التقنيات العلاجية والتشخيصية، ما يضمن جودة الرعاية الصحية في المنطقة وفق أعلى المعايير العالمية.
وأضاف: «في كل عام، ننتهز الأيام العالمية للتوعية بمختلف أنواع السرطان، لتذكير الأفراد بأهمية الكشف المبكر والدوري لرصد الإصابات في مراحلها المتقدمة مما يضمن نتائج علاجية عالية».
وأشار إلى مشاركة المدينة الطبية العام الماضي في تقديم جلسات نقاشية عديدة لأفراد المجتمع بمختلف فئاته لرفع الوعي العام بأهمية الكشف المكبر.
وذكر أن مدينة الشيخ شخبوط الطبية تواصل دعم خطط تطوير خدماتها لبناء نظام رعاية صحية مستدام، من خلال تدريب الكوادر الطبية القادمة في برنامج الزمالة لأمراض الدم والأورام، والاستفادة من الخبرات الطبية فيما تقدمه من أبحاث ودراسات مرتبطة بأمراض الدم والأورام.
الأكثر شيوعاً
إلى ذلك، قال الدكتور باسل جلاد، استشاري طب الأورام وأمراض الدم بمعهد الأورام، في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي: «يأتي اليوم العالمي للسرطان لرفع الوعي من مخاطر هذا المرض وبيان الأكثر شيوعاً منها، حيث لايزال سرطان الثدي أحد أكثر الأنواع انتشاراً وتهديداً لحياة المصابين على مستوى العالم».
وأضاف: «إلا أن التطورات الطبية التي ظهرت في السنوات الأخيرة حسنت بشكل كبير من معدلات التعافي من المرض، وكفلت القدرة على اتخاذ تدابير وقائية تحمي من الإصابة به».
وأكد أن المرضى اليوم باتوا يمتلكون فرصة حقيقية للتغلب على هذا المرض الذي كان يمثل في الماضي مدعاة قلق كبير بالنسبة لهم؛ وذلك بفضل التدخلات الطبية المتطورة، ومنها الاختبارات الجينية التي تساعد في تطوير خطط علاجية شخصية، والمنهجيات الجراحية الدقيقة التي تحد بشكل كبير من المخاوف التي تعقب في العادة العمليات الجراحية.
وذكر أن المرضى الذين يتم تشخيص إصابتهم في وقت مبكر، ويكون مرضهم لم ينتشر بعد، بمعدل نجاة مرتفع للغاية يبلغ 99% على مدار خمس سنوات.
وأفاد بأنه بالنسبة للمرضى الذين انتشر مرضهم بشكل محدود نحو العقد اللمفية والأنسجة المجاورة، فإن معدل نجاتهم مرتفع أيضاً، ويبلغ 86%.
وقال: «أثمرت التطورات الطبية في السنوات الأخيرة عن ظهور تقنيات تشخيصية وعلاجية مبتكرة لمرضى سرطان الثدي، وساهمت هذه التطورات في زيادة معدلات التعافي من المرض. وتبشر هذه الابتكارات السيدات المصابات بسرطان الثدي بوفرة الخيارات العلاجية، حسب حالتهن».
وأشار إلى أنه بداية من الوقاية، تساعد المشورة والاختبارات الجينية في دعم المرضى ذوي المخاطر المرتفعة للإصابة بالمرض، بما يشمل أولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من حالات سرطان الثدي والمبيض. فمن خلال اختبار الطفرات في جيني BRCA1 وBRCA2، المسؤولين عن إصلاح الحمض النووي في حالته غير المتحورة، يتمكن المرضى من تكوين فهم دقيق لمخاطرهم الذاتية المرتبطة بالمرض، إلى جانب مخاطر أفراد أسرهم. وتبرز تدابير خفض المخاطر، مثل عمليات استئصال الثدي الوقائية والخطط الدوائية، كخيارات متاحة للمرضى للعناية بصحتهم.
وأشار الدكتور باسل جلاد إلى أنه بداية من الوقاية، تساعد المشورة والاختبارات الجينية في دعم المرضى ذوي المخاطر المرتفعة للإصابة بالمرض، بما يشمل أولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من حالات سرطان الثدي والمبيض. فمن خلال اختبار الطفرات في جيني BRCA1 وBRCA2، المسؤولين عن إصلاح الحمض النووي في حالته غير المتحورة، يتمكن المرضى من تكوين فهم دقيق لمخاطرهم الذاتية المرتبطة بالمرض، إلى جانب مخاطر أفراد أسرهم. وتبرز تدابير خفض المخاطر، مثل عمليات استئصال الثدي الوقائية والخطط الدوائية، كخيارات متاحة للمرضى للعناية بصحتهم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اليوم العالمي للسرطان السرطان الإمارات الوطنیة لمکافحة السرطان الرعایة الصحیة الکشف المبکر علاج السرطان سرطان الثدی وأشار إلى رائدة فی فی مجال من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
أكثر أنواع السرطان فتكًا| تطعيم "عنق الرحم" وقاية أم قرار ثقافي؟.. مصر تبدأ مقاومته| وخبراء: لا خيار
يُعتبر سرطان عنق الرحم رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء عالميًا، ويُسبب آلاف الوفيات سنويًا، والفيروس المسؤول عن هذا المرض هو فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، الذي يُمكن الوقاية منه عبر لقاح فعال وسهل الاستخدام.
ورغم أن التطعيم أثبت فعاليته في الحد من الإصابة بسرطان عنق الرحم بشكل كبير، إلا أن نسبة التطعيم تختلف بشكل لافت بين الدول العربية والدول الغربية، مما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا التفاوت ومدى تأثير العوامل الثقافية والاقتصادية.
الإحصائيات مقارنة بين الوطن العربي والغربووفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية (WHO)، تسجل الدول الغربية نسبًا مرتفعة من تطعيم HPV تصل إلى أكثر من 70% بين الفتيات في سن 9-14 عامًا، وعلى النقيض تُظهر الإحصائيات أن نسب التطعيم في الدول العربية لا تتجاوز 15-20% في أفضل الحالات.
وفي أوروبا بلغت معدلات التطعيم في المملكة المتحدة وفرنسا نحو 80% في الفئات العمرية المستهدفة.
أما في الوطن العربي تُعتبر الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث تم تضمين التطعيم ضمن البرامج الوطنية، مع تغطية تتجاوز 40%، أما في دول أخرى مثل مصر أو المغرب، فإن نسبة التطعيم لا تتعدى 10%.
وتم تسجيل 604 آلاف حالة جديدة في عام 2020، مع 342 ألف وفاة، 90% منها وقعت في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وفي الدول ذات الدخل المرتفع، تساهم برامج التطعيم والفحص المبكر في تقليل انتشار المرض، على عكس الدول ذات الموارد المحدودة التي تواجه معدلات وفاة مرتفعة نتيجة صعوبة الوصول إلى التشخيص المبكر والعلاج.
وأكد استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم بمستشفى الجلاء التعليمي، الدكتور حاتم الخشن، أن سرطان عنق الرحم ينتج غالبًا عن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، والذي ينتقل بشكل أساسي من خلال العلاقات المتكررة، موضحًا أن الدول الأوروبية وأمريكا تعتمد برامج تطعيم للفتيات ضد هذا الفيروس، تبدأ من عمر 9 إلى 10 سنوات، للوقاية المبكرة من المرض.
الدكتور حاتم الخشنوأضاف الدكتور الخشن خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن التطعيم يُعطى بناءً على عمر الفتاة، ففي عمر 10 سنوات تُعطى جرعة واحدة، أما في عمر 16 سنة تُعطى جرعتان، وفي عمر 22 سنة تُعطى ثلاث جرعات.
وأوضح أن التطعيم يلعب دورًا رئيسيًا في الوقاية من سرطان عنق الرحم، حيث يتم استخدامه كوسيلة فعالة إلى جانب الفحوصات الدورية.
وأوضح الدكتور الخشن، أن الفحوصات الدورية للسيدات تشمل صبغ عنق الرحم بمادة اليود لتحديد الخلايا غير السليمة، وفي حال وجود أي خلايا مشبوهة، يتم أخذ عينة لتحليلها وإزالتها، مما يقلل من خطر تطور المرض إلى مراحل خطيرة.
وحول ضعف الإقبال على التطعيم في الدول العربية مقارنة بالغرب، حيث لا تتجاوز نسبة متلقي اللقاح 10%، أوضح الدكتور الخشن أن الأسباب تعود إلى الثقافة المجتمعية التي تركز على التدين والتقاليد، مما يجعل انتشار الفيروس أقل نسبيًا. ورغم ذلك، أكد أن التطعيم ضرورة وقائية، مشددًا على أهمية توسيع الوعي به.
وأشار الدكتور الخشن إلى أن التربية الصحية والتوعية تُعتبر مهمة، لكنها لا تُغني عن أهمية التطعيم، مضيفًا أن إدراج التطعيم ضمن البرامج الصحية الإجبارية، مثل تطعيم شلل الأطفال، قد يسهم بشكل كبير في الوقاية من سرطان عنق الرحم وتقليل الإصابة به.
وشدد الدكتور الخشن، على ضرورة إدراج التطعيم ضمن برامج الصحة المدرسية، حيث يمكن تقديمه للفتيات في عمر مبكر لضمان الوقاية قبل سن 25 عامًا. كما دعا إلى تعزيز التوعية المجتمعية بأهمية الكشف المبكر والتطعيم لضمان حماية الأجيال القادمة من هذا المرض الخطير، قائلا: الوقاية من سرطان عنق الرحم تتطلب مزيجًا من التوعية الصحية والتطعيم الإجباري، مع تعزيز البرامج الوقائية في المدارس والمجتمع، كما أن الفحوصات الدورية تلعب دورًا هامًا في الكشف المبكر عن المرض والحد من تطوره.
سرطان عنق الرحم إجراء وقائي ضروري وليس مجرد خيار ثقافي
من جانب آخر، قال الدكتور مدحت رمضان بدوي أخصائي تخصص نساء والتوليد الحاصل على الزمالة البريطانية، أن تطعيم سرطان عنق الرحم يمثل إجراءً وقائيًا ضروريًا وليس مجرد خيار ثقافي، مشيرًا إلى أن المخاوف المتعلقة بالتطعيم في المجتمعات العربية تنبع غالبًا من الحرج المرتبط بموضوعات الجنس، وأضاف أن بعض الأهالي يفضلون التركيز على التربية بدلاً من تلقي أبنائهم اللقاح، وهو ما قد يؤثر على الوقاية المستقبلية.
دكتور مدحت رمضان بدويوأضاف خلال تصريحات مع “صدى البلد”، أن سرطان عنق الرحم يرتبط بشكل أساسي بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو العامل الرئيسي في الإصابة بالمرض، مضيفًا أنه في الدول الغربية مثل إنجلترا وأمريكا، يُعد التطعيم ضد الفيروس إلزاميًا بدءًا من سن مبكرة، حوالي 12 عامًا، اما في المجتمعات العربية، كانت الحالات أقل انتشارًا نظرًا للطبيعة المحافظة، لكن مع الانفتاح المتزايد بدأت الحالات في الارتفاع.
وأشار إلى أن هناك عوامل أخرى قد تسهم في الإصابة، مثل الالتهابات المزمنة طويلة المدى، لكنها تظل أقل شيوعًا مقارنة بالفيروس كعامل أساسي، وأكد أن التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري أثبت فعاليته العالية في الوقاية من سرطان عنق الرحم، مشيرًا إلى أن الدول بدأت في تطبيق برامج الكشف المبكر والتطعيم ضد المرض، بما في ذلك بعض الدول العربية التي بدأت في تقديم اللقاح للفتيات بدءًا من عمر 12 عامًا.
وأضاف أن التطعيم يقلل بشكل كبير من مخاطر الإصابة بالمرض، خاصةً إذا تم تلقيه في سن مبكرة قبل بدء العلاقات الزوجية، وفيما يتعلق بجعل التطعيم إلزاميًا، شدد الدكتور مدحت على أهمية هذا الإجراء، مشيرًا إلى أن الظروف الحالية تتطلب خطوات جدية لحماية الفتيات من مخاطر الإصابة بالفيروس. وأوضح أن الانفتاح الثقافي والاجتماعي المتزايد يجعل التطعيم ضروريًا للحفاظ على صحة الأجيال القادمة، تمامًا كما هو الحال مع تطعيم شلل الأطفال وغيره من التطعيمات المدرسية.
واختتم الدكتور مدحت بالتأكيد على أهمية التوعية المجتمعية بأهمية التطعيم، مشددًا على أن نشر المعرفة الصحيحة حول المرض وأسبابه وطرق الوقاية منه يمكن أن يساعد في إزالة الحرج الثقافي المرتبط باللقاح، مما يساهم في زيادة نسب تلقيه وحماية الصحة العامة.
العوائق الثقافية والدينية.. تحدٍ مضاعفوتُعزى انخفاض نسب التطعيم في الدول العربية إلى عدة عوامل ثقافية واجتماعية، وغالبًا ما يرتبط التطعيم بالنشاط الجنسي، مما يثير مخاوف ورفضًا في بعض المجتمعات التي تضع قيودًا صارمة على النقاشات المتعلقة بالصحة الجنسية.
وفي بعض الدول العربية، تؤثر القيم الثقافية والدينية على قرارات الصحة الوقائية، ويتم تقليص أهمية هذا التطعيم بسبب الاعتقاد بأن الأمراض المرتبطة بـHPV نادرة في المجتمعات المحافظة.
ورغم العوائق، بدأت بعض الدول العربية في اتخاذ خطوات إيجابية نحو تعزيز الوعي بضرورة التطعيم. وعلى سبيل المثال في الإمارات والسعودية تم إدراج لقاح HPV ضمن برامج التوعية المدرسية والصحية.
وفي الأردن والمغرب، نُظمت حملات توعية بالتعاون مع منظمات دولية لرفع الوعي بضرورة الوقاية.
وفي مصر، فكانت وزارة الصحة أعلنت في يناير 2023 عن إطلاق مشروع قومي للكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم والتوعية بأهمية تطعيم الفتيات بدءً من سن 12 عامًا.
التطعيم ضد سرطان عنق الرحم في عين “علم الاجتماع”
وأكد رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بورسعيد، الدكتور محمد السيد شكر، على أهمية التطعيم للوقاية من جميع الأمراض وليس فقط سرطان عنق الرحم، مشددًا على ضرورة جعل لقاح سرطان عنق الرحم إلزاميًا عبر المراكز الصحية لفئات عمرية محددة، خاصة من سن 15 إلى 26 عامًا.
الدكتور محمد السيد شكروأضاف خلال تصريحات مع "صدى البلد"، أن سرطان عنق الرحم له أسباب متعددة، وأنه من الخطأ التعميم باعتبار تعدد العلاقات السبب الوحيد وراء الإصابة به.
وأكد أن ربط التطعيم بالمفاهيم الخاطئة أو الانحرافات السلوكية يعوق تقدم المجتمع، مشيرًا إلى أن التطعيم ضرورة أساسية لكل من الذكور والإناث، ويجب أن يتم التعامل معه كإجراء وقائي ضروري مثله مثل أي لقاح آخر.
وشدد الدكتور شكر، على أهمية تكثيف حملات التوعية الإعلامية والثقافية حول اللقاح، لرفع الوعي بأهميته وتوضيح الحقائق المتعلقة به، مع دحض الشائعات التي تربط بين التطعيم والانحراف، داعيًا الجهات الصحية والثقافية والأطباء إلى المشاركة في تثقيف المجتمع حول المرض وأهمية التطعيم الوقائي.
وأكد على دور المؤسسات التعليمية في التوعية، من خلال تنظيم ندوات ولقاءات توعوية بمشاركة أطباء متخصصين لتوضيح أهمية الوقاية من المرض وتلقي اللقاح. كما دعا المدارس والجامعات إلى تعزيز دورها في نشر الوعي، لتمكين الأطفال والشباب من التعامل مع هذه الموضوعات بوعي ومسؤولية.
وأشار الدكتور شكر، إلى أن تجاهل هذه القضايا في مجتمعاتنا الشرقية يؤدي إلى زيادة الخوف أو الحرج عند الحديث عن الأمور الجنسية، ما يدفع الشباب إلى البحث عن معلومات من مصادر غير موثوقة، مما ينتج عنه سلوكيات خاطئة. وبيّن أن الحل يكمن في إدماج التوعية الصحيحة في مراحل الطفولة المبكرة عبر المؤسسات التعليمية والمنشآت الدينية والإعلام، لتنشئة جيل واعٍ وقادر على التعامل مع هذه القضايا بطريقة صحيحة ومسؤولة.
واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة تقديم التوعية الصحية للمجتمع ككل، وإشراك الأسرة والمؤسسات المختلفة لضمان وصول المعلومات الصحيحة إلى الجميع، مما يسهم في الوقاية من المرض وتجنب مشكلات مستقبلية.
وبينما نجحت الدول الغربية في تقليل حالات سرطان عنق الرحم بشكل ملحوظ عبر حملات تطعيم واسعة، لا يزال الطريق طويلًا أمام الدول العربية لتحقيق معدلات مماثلة.
معركة سرطان عنق الرحم لا تتطلب حملات تطعيم فقط بل تغيير ثقافي
فالمعركة ضد سرطان عنق الرحم لا تتطلب فقط حملات تطعيم، بل تحتاج إلى تغيير ثقافي شامل يُعزز أهمية الوقاية الصحية مع احترام القيم المحلية.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بنهج شامل للوقاية، يتضمن:
التطعيم ضد فيروس HPV للفتيات والفتيان في الفئة العمرية من 9 إلى 14 عامًا.نشر الوعي حول عوامل الخطر، مثل التدخين وسلوكيات الصحة الجنسية.توفير الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن المرض.وتشير المنظمة إلى أن هناك 4 لقاحات معتمدة تقي من النوعين الأكثر تسببًا في سرطان عنق الرحم (16 و18)، مما يوفر وقاية فعالة بنسبة 70% من حالات المرض.