هل تؤثر استقالة محافظة البنك المركزي بتركيا على التحول بالسياسات الاقتصادية والنقدية؟
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
إسطنبول – أعلنت محافظة المصرف المركزي التركي حفيظة غاية أركان، أمس الجمعة، استقالتها من منصبها بعد 8 أشهر فقط من تسلمها دفة رئاسته، في خطوة لم تكن مفاجئة للساحة الاقتصادية التركية، لتسبق بإعلانها القرار الرسمي للرئاسة التركية الذي اتخذ منحى آخر، حيث أشار إلى إقالة أركان بدلا من مجرد قبول استقالتها، بجانب تعيين نائبها فاتح كاراهان محافظا جديدا للمصرف المركزي.
وفي تغريدة لها على منصة "إكس"، قالت أركان إن قرارها جاء بهدف تجنيب عائلتها وطفلها الذي لم يبلغ عاما ونصف عام مزيدا من التأثر بحملة شنت ضدها بهدف النيل من سمعتها.
وكانت وسائل إعلام تركية قد تداولت الشهر الماضي، تقدم إحدى موظفات البنك المركزي بشكوى إلى مركز الاتصالات في رئاسة الجمهورية، تتهم فيها حفيظة أركان إعطاء والدها صلاحيات واسعة داخل البنك تصل إلى التدخل في إجراءات تعيين وفصل الموظفين، بجانب استغلالها المرافق والمنتجعات التابعة للمصرف لاستخداماتها العائلية، مما أثار ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وتواصلت "الجزيرة نت" حينها مع مركز الاتصال التابع للرئاسة التركية، للاستفسار عن حقيقة المعلومة، إلا أنهم رفضو بدورهم التعليق على القضية بالنفي أو التأكيد.
كما نقلت بعض الصحف المحلية آنذاك، انزعاج رئيس الجمهورية التركية من تصريحات أدلت بها محافظة المصرف المركزي السابقة أركان، انتقدت فيها ارتفاع أسعار الإيجارات والغلاء في مدينة إسطنبول، ما دفعها إلى الانتقال للعيش مع والدتها، بعد أن عجزت عن إيجاد منزل بسعر مناسب.
من هو محافظ المصرف المركزي الجديد؟فاتح كاراهان، الذي يعقد أول اجتماع له يوم 8 فبراير/شباط القادم، ولد في إسكي شهير عام 1982، جمع بين خبرة أكاديمية ومهنية متميزة، فبعد تخرجه من جامعة بوغازيتشي في قسم الرياضيات والهندسة الصناعية عام 2006، أكمل دراسته العليا في الاقتصاد بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه عام 2012.
بدأ كاراهان مسيرته المهنية في بنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك، وشغل مناصب بارزة في البنك حتى عام 2022 قبل انضمامه إلى أمازون كخبير اقتصادي، ومن ثم تعيينه كبير الاقتصاديين في نوفمبر من نفس العام.
وفي يوليو/تموز 2023، انتقل كاراهان إلى دور جديد كنائب لمحافظ البنك المركزي التركي، مضيفًا بُعدًا جديدًا لمسيرته المهنية المتنوعة.
تداعيات الاستقالة على الاقتصاداهتزت الليرة التركية بعد الإعلان عن استقالة محافظة المصرف المركزي، ليسجل الدولار نحو 30.5 ليرة تركية، ولكن جاء تعيين الرئيس التركي نائبها فاتح كاراهان كاستجابة سريعة لتهدئة الأسواق المالية.
كما لعب تعليق وزير المالية والخزانة التركي، محمد شيمشك، على الاستقالة، دورا مهما في طمأنة الأسواق والمستثمرين، إذ أكد أن القرار الذي اتخذته حفيظة غاية أركان هو قرار شخصي تماما ووفقا لتقديرها الخاص، كما أكد على نيته التقدم بخطى ثابتة نحو هدف الاستقرار السعري من خلال التعاون والتنسيق القوي كفريق واحد.
وأصدر بنك "جيه بي مورغان" الأميركي، تقريرا تقييميا إيجابيا حول التغييرات الأخيرة في قيادة المصرف المركزي التركي، إذ توقع التقرير تشديد السياسة النقدية مع قيادة كاراهان الذي اعتبره من "المدافعين" عن السياسات النقدية المتشددة، مما يعزز الآمال في تقليل التضخم وتحسين قيمة الليرة التركية.
كذلك أشار التقرير، إلى أن السياسة النقدية ستكون أكثر تركيزا على مكافحة التضخم، مما يعني الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مشيرا إلى أن عدم اليقين حول مدة ولاية رؤساء المصرف المركزي يبقى عاملا يثير القلق لدى المستثمرين.
ومن جانبه، يقول الباحث الاقتصادي محمد أبو عليان، إن عدم استمرار محافظ البنك المركزي لفترة طويلة -لا تقل عن 5 سنوات- يعتبر مؤشرا على عدم استقلالية البنك المركزي وسياسته النقدية، مما يؤثر سلبيا على الاستقرار الاقتصادي ويعكس صورة سلبية للخارج.
لم يعتبر أبو عليان استقالة المحافظ السابقة بعد حملة إعلامية موجهة ضد عائلتها مفاجئة، وتوقع أن يكون تأثيرها محدودا على الليرة والسياسة النقدية، إلى أن يتضح مسار السياسات التي سيتبعها المحافظ الجديد، الذي لا يُتوقع منه إجراء تغييرات كبيرة، لا سيما أن وزير المالية والخزانة التركي، محمد شيمشك هو من اقترح تعيينه.
وهو ما يدل على أن شيمشك لديه تأثير كبير في توجيه السياسات الاقتصادية، سواء المالية أو النقدية، مما يشير إلى استمرارية السياسة الاقتصادية الحالية التي تتماشى مع أهداف الخطة المتوسطة المدى التي تم الإعلان عنها في ديسمبر 2023.
ومن جهته، اعتبر الباحث الاقتصادي، جاهد كابجي، القلق الذي أحاط بإقالة محافظة البنك المركزي مبالغا فيه، مشيرا إلى أن الأسواق تجاوبت بشكل إيجابي مع هذا التغيير.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد أن الشائعات التي استهدفت حفيظة أركان مثلت تهديدا لمصداقية المؤسسة، مما جعل إقالتها أمرا ضروريا ومفيدا، بحسب وصفه.
مهام تنتظر المحافظ الجديدتوقع أبو عليان أن تواجه الإدارة الجديدة للبنك المركزي تحديات كبيرة في مواجهة التضخم المرتفع والحفاظ على استقرار قيمة الليرة التركية، بالإضافة إلى السعي لتعزيز الثقة في العملة المحلية عبر تشجيع الادخار بها، ومحاولة الابتعاد عن الاعتماد المفرط على "الدولرة".
كما أشار إلى أن المحافظ الجديد، يترتب عليه مهمة خفض التضخم في الوقت الذي سيكون فيه مضطرا إلى خفض نسبة الفائدة بشكل معقول إرضاء للسياسات التي يتبعها الرئيس التركي، سعيا للتوفيق بين الحاجة إلى سياسات نقدية فعّالة وتوقعات الجهات السياسية.
رؤساء البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان، استقالت بتاريخ 2 فبراير/شباط 2023 شهاب قاوجي أوغلو، أقيل بتاريخ 9 يونيو/حزيران 2023 ناجي أغبال، أقيل بتاريخ 20 مارس/آذار 2021 مراد أويصال، أقيل بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 مراد شيتين كايا، أقيل بتاريخ 6 يوليو/تموز 2019المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المرکزی الترکی المصرف المرکزی البنک المرکزی إلى أن
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي العماني يكشف عن مجموعة من المبادرات الرقابية والتنظيمية المبتكرة
العمانية: كشف البنك المركزي العماني عن مجموعة من المبادرات الرقابية والتنظيمية المبتكرة، تشمل عدة إجراءات مهمة تختص بنمو القروض والتمويلات الموجهة لقطاعات اقتصادية محددة، إلى جانب حزم لتخفيف متطلبات رأس المال وتحديث آليات إدارة مخاطر السيولة وسعر الفائدة لدى المصارف. وتم تصميم هذه المبادرات خصيصًا بهدف تعزيز التنوع الاقتصادي في سلطنة عُمان، بما يتماشى مع استراتيجية التنمية المستدامة والأولويات الوطنية، ومن المتوقع أن تؤدي إلى تحولات مؤثرة تعزز الدور المتوقع للقطاع المصرفي في دعم النمو الاقتصادي المستدام. كما تهدف هذه المبادرات إلى توجيه الأموال نحو القطاعات غير النفطية التي تحظى بالأولوية القصوى، مع ضمان جاهزية المصارف من خلال تعزيز الاحتياطيات الرأسمالية، مما يسهم في توفير تمويلات تسهم في دعم النمو الاقتصادي، وذلك جنبًا إلى جنب مع الإدارة الفاعلة للمخاطر.
ومن المتوقع أن تسهم هذه التدابير في توفير قروض تصل قيمتها إلى أكثر من 25 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بما من شأنه أن يقود على نحو مؤثر النمو في القطاعات غير النفطية وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين بحلول عام 2030م. وتستهدف هذه المبادرات العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية، بما في ذلك السياحة، والطاقة المتجددة، وسلاسل الإمداد، والتعدين، والزراعة، والتكنولوجيا، والتعليم، والرعاية الصحية، وقطاع الأسماك. وقد قام البنك المركزي باتخاذ خطوات استراتيجية لدعم المصارف من خلال تزويدها بأدوات متطورة لإدارة السيولة، مما يتيح لها التكيف بفاعلية مع تغيرات الأسواق الديناميكية، كما ستساعد التحسينات التي تجريها المصارف في إدارة مخاطر سعر الفائدة على تعزيز هياكل التمويل وتقديم أسعار تنافسية، مما يسهم في دعم النمو المستدام لكافة مكونات النظام المالي في سلطنة عُمان.