الغرب.. ولعنة الدماء المسفوكة في غزة
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
تذهب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، بوعي تام، خلال تقديم دعمهما العسكري والسياسي لحرب الإبادة التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة إلى إشعال فتيل الحرب في منطقة الشرق الأوسط وهذه، فيما يبدو، استراتيجية جديدة لإدارة الصراع في المنطقة، فبعد مضي قرابة أربعة أشهر على بدء الحرب على غزة التي تشارك فيها أمريكا وبريطانيا لأول مرة بهذا الحجم أشعلت أمريكا وبريطانيا جبهة اليمن، وجبهة العراق، وجبهة سوريا، وجبهة حزب الله.
تحاول بريطانيا هذه الأيام طلب النجدة من أصدقائها في المنطقة من أجل إعادة الهدوء إلى البحر الأحمر الذي أشعلته الإبادة الإسرائيلية في غزة.. ورغم أن أحدا لا يريد للحرب أن تتوسع شمال أو جنوبا، شرقا أو حتى غربا إلا أن كل ذلك بيد الغرب نفسه القادر على وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين العزل في غزة، وهي جرائم لم يشهد العالم لفظاعتها مثيلا، رغم ذلك فإن أمريكا وبريطانيا ما زالتا تنظران إلى ما تقوم به إسرائيل على أنه مجرد دفاع طبيعي عن النفس. ووفق هذا المقياس فإن على الغرب أن يعتبر أي ردة فعل عراقية أو سورية أو يمنية على أنها مجرد رد طبيعي للدفاع عن النفس!
إن الولايات المتحدة التي تقدم نفسها قائدة للنظام العالمي تفقد كل يوم شرعيتها ومكانتها الدولية، كما أنها تفقد قوة تأثيرها الثقافي الذي هو أحد أهم مصادر قوتها، الأمر الذي يعجّل في تآكلها الحضاري وثقة العالم بها مع الوقت.
وفي هذا الوقت لا بد أن نشير إلى نصيحة سلطنة عمان لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك بريطانيا في أن الرد العسكري على العراق وسوريا واليمن لا يمكن أن يعالج المشكلة الأساسية أو يوقف الحرب التي تتمدد يوما إثر آخر.. وأن حل كل ذلك يكمن في وقف الحرب الهمجية التي تشنها دولة الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة.. ووقف أي حرب كانت على وجه الأرض مطلب إنساني قبل أن تكون مطلبا سياسيا، فكيف إن كانت هذه الحرب حرب إبادة عنصرية كما هو الحال في الحرب على غزة.
إن صوت المنطق يشير بوضوح إلى أن المقدمات التي تحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط ستقود إلى نتائج وخيمة جدا ليس على إسرائيل وحدها وليس على مصالح أمريكا في المنطقة وحدها، ولكن قد تتجاوز كل ذلك إلى ما هو أفظع لأمريكا وللغرب بشكل عام.
إن الأمر خطير جدا وعلى عقلاء الغرب أن يعلوا من صوت تحذيراتهم؛ فموقف الرأي العام العربي والإسلامي المحتقن من أمريكا والغرب يتجاوز احتقانه عشرات المرات مما كان عليه قبل أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وهذا أمر يحتاج من الغرب الذي نتشارك معه في بناء الحضارة الإنسانية أن ينتبه ويحذر؛ فكل هذه الندوب التي أحدثها الغرب يمكن أن تتحول إلى حروب ومواجهات طاحنة، وحجم الدماء التي سفكت في غزة ومنظر الأطفال، والجثث المتحللة في الطرقات أو تحت الركام أو تلك المقطعة إلى أشلاء تحتاج إلى من يتقي لعنتها التي لا تبقي ولا تذر.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
إن لم تكن معي
يُقال إن الناجحين يصنعون موجة؛ بينما الحاسدون يحاولون الغرق فيها، وفي السنوات الأخيرة هبطت موجة النجاح والسيطرة التي تزعمها الغرب في مختلف الأصعدة، في ظل صعود دول ترغب في النجاح مثل الصين، والمملكة العربية السعودية، خصوصًا في المجال الرياضي؛ حيث أصبح الغرب يصارع لعدم الغرق في هذه الأمواج، فقام الإعلام الغربي باستخدام أحد أبرز مواهبه، وهو” الاستهداف” وإلصاق التهم بالآخرين، وهذا الأمر ما قاموا به مؤخرًا مع المملكة العربية السعودية.
الإعلام الغربي مدرسة في استحداث المصطلحات المطاطة، واستخدامها ضد الآخرين، في حال تعارض ما يقوم به الآخرون لما فيه مصلحتهم مع مصالح الغرب، أو ما قد يشعرهم بالتهديد والمنافسة، والمضحك أن هذه المصطلحات بالإمكان إطلاقها تجاه كل ما يقوم به الغرب من أفعال؛ ومنها مصطلح “الغسيل الرياضي” الذي أصبح كالعِلك في أفواه الإعلام اليساري المتطرف بجميع فئاته؛ سواء الرياضي أو السياسي أو حتى الكوميدي تجاه نجاحات المملكة في عالم الاستضافات الرياضية، الذي توّج بفوز المملكة بحق استضافة كأس العالم 2034. الغسيل الرياضي هو مصطلح يطلق على استخدام الرياضة؛ كوسيلة لتلميع السمعة من خلال وسائل مختلفة؛ مثل الغسيل الأخضر (في مجال البيئة) أو الغسيل الثقافي، وكما ترون أن هذا التعريف مطاط جدًا، ويسهل على الإعلام الغربي استخدامه تجاه الآخرين؛ بهدف تعزيز الهيمنة الغربية، حيث إنها تاريخيًا هي من كانت تهيمن على الرياضة العالمية، وبروز دول أخرى كمنافسين، يُنظر إليه على أنه تهديد لهذه الهيمنة، والقلق من فقدان السيطرة على الرياضة كمجال اقتصادي مربح من باب الحقوق التجارية والإعلامية.
الحقيقة أن الاحتكار الذي يقوم به الغرب في جميع المجالات؛ بما فيها الأخلاق والرياضة يجعل النجاح أو محاولة المنافسة لهم تشكل تهديدًا، وبالرغم من وجود ممارسات حقيقية تستحق النقد، ووسمها بهذا المصطلح، إلا أن الإعلام الغربي غالبًا ما يكون انتقائيًا، ويعكس ازدواجية في المعايير، التي تهدف إلى حماية مصالحه وإدامة هيمنته على الرياضة العالمية، وكما قال المفكر الكبير نعوم تشومسكي:” الغرب لا يخشى إلا من يهدد مكانته؛ لذا يعمل على إبقاء الآخرين في الصفوف الخلفية.”
بُعد آخر.. دول غربية مثل الولايات المتحدة وإنجلترا استخدمت الرياضة للدعاية السياسية (مثل الألعاب الأولمبية) كاستخدام الولايات المتحدة للألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس 1984؛ كمنصة للدعاية السياسية خلال الحرب الباردة، إلا أن الإعلام الغربي نادرًا ما ينتقدها.
@MohammedAAmri