الخرطوم- عاد التعاون العسكري بين السودان وإيران بعد أشهر من استئناف العلاقات بينهما بصورة رسمية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب 7 سنوات من القطيعة، حيث زودت طهران الجيش السوداني بطائرات مسيرة.

ورفع اتفاق السعودية وإيران، بوساطة صينية، الحرج عن الخرطوم باستئناف علاقتها مع طهران، بعد أن بادر السودان بقطع علاقته مع إيران إثر اقتحام السفارة السعودية فيها في يناير/كانون الثاني 2016.

وترافق هذا التعاون مع استمرار الجيش السوداني في حربه مع قوات الدعم السريع، ويعتقد مراقبون أن هذه الخطوة ستثير مخاوف بعض دول الخليج والولايات المتحدة، في ظل بحث إيراني عن موطئ قدم في البحر الأحمر، والتغلغل في القرن والساحل الأفريقي إنطلاقا من السودان.

تعاون طبيعي

يقول المستشار في وزارة الدفاع السودانية إن "التعاون العسكري بين بلاده وإيران لم يعد بصورة كاملة كما كان قبل قطع علاقات الدولتين، خاصة أنهما لم يتبادلا التمثيل الدبلوماسي ولا فتح السفارات".

ويكشف المستشار-الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- للجزيرة نت أن "الجيش سعى لتعزيز قدراته خلال الشهور الماضية لمواجهة التمرد المسلح لمليشيا الدعم السريع، واشترى عبر الطرق الرسمية أسلحة ومسيرات من عدة دول من بينها إيران".

ويوضح المصدر ذاته أن "العقوبات الأميركية على السودان، والحصار المفروض على البلاد منذ أكثر من عقدين خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير، أدى إلى اتجاه الخرطوم للتعاون العسكري مع الدول الشرقية، كما دخل في شراكات للصناعات الدفاعية، وكانت إيران ضمن تلك الدول".

ويضيف المسؤول السوداني أن "قوات بلاده حققت تقدما في الصناعات الدفاعية في العقدين الأخيرين، وصارت تصدر صناعتها من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى دول عربية وأفريقية، وتشارك في معارض الصناعات العسكرية في الإمارات وجنوب أفريقيا وغيرهما".

ويؤكد أن "التعاون العسكري بين السودان وإيران لا يزال محدودا طبيعيا، وليس موجها ضد أي طرف آخر، وأن بلاده تدرك التعقيدات الأمنية والأوضاع التي تعيشها المنطقة، والتوتر في باب المندب والبحر الأحمر، والحرب في غزة وتداعياتها".

مسيرات جديدة

ظلت منصات مقربة من الجيش السوداني تبث معلومات عن توسيع استخدام المسيرات في الأسابيع الأخيرة، بقصف أهداف لقوات الدعم السريع بشكل متزامن، في كل من الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد وغرب كردفان وولايات دارفور التي سيطر عليها.

وأوردت المنصات ذاتها أن المسيرات الجديدة التي استخدمها الجيش متطورة وبالغة الدقة، وأوقعت خسائر كبيرة بقوات الدعم السريع، إذ تمكن الجيش من تحقيق تقدم في الخرطوم، ومنع تمدد "المتمردين" في غرب كردفان ونحو ولايتي سنار والقضارف، اللتين كان يستهدفهما بعد سيطرته على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ورصد مراقبون وخبراء عسكريون استخدام الجيش السوداني مسيرات خلال الفترة الأخيرة، غالبيتها صينية وتركية وإيرانية، كما استخدم مقاتلات روسية من طرازات مختلفة.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" في تقرير لها عن مسؤولين غربيين إن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات دون طيار من نوع "مهاجر 6″، مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات، وذكرت أن "أقمارا صناعية التقطت الشهر الماضي صورا لطائرة دون طيار من نوع "مهاجر 6″ الإيرانية في قاعدة وادي سيدنا شمالي أم درمان، وهي خاضعة لسيطرة الجيش".

وقال 3 مسؤولين غربيين -طلبوا حجب هوياتهم- إن "السودان تلقى شحنات من مهاجر 6 المسيرة، وهي ذات محرك واحد تم تصنيعها في إيران، بواسطة شركة القدس للصناعات الجوية، وتحمل ذخائر موجهة"، وهي المسيرة ذاتها التي كانت الولايات المتحدة قد اتهمت إيران بتزويدها لروسيا خلال الحرب مع أوكرانيا.

وكالة "بلومبرغ" نقلت في تقرير لها أن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات "مهاجر 6" المسيرة الإيرانية (الجزيرة) تكتيك أم إستراتيجية؟

يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد مازن إسماعيل أن المسيرات الإيرانية أثبتت كفاءتها في الحرب الروسية الأوكرانية، وظهرت نتائج استخدام الجيش السوداني لها خلال الأسابيع الماضية.

وقال في حديثه للجزيرة نت إن "التعاون العسكري مع إيران سيعوض الجيش السوداني مخزونات الأسلحة والذخائر التي فقدها في الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر، وكذا توقف الصناعات الدفاعية السودانية منذ بدء المعارك في الخرطوم".

ويعتقد الخبير العسكري أن عودة التعاون السوداني الإيراني تأتي في ظل ظروف معقدة في الفضاء الجيوسياسي، الممتد من إيران إلى اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ويضيف أن "دخول السودان في حلف مع إيران لا يخدم المصلحة الوطنية على المستوى الإستراتيجي، ولكنه مفيد تكتيكا، وبدأت ثماره في الميدان العسكري، وصارت الكفة تميل لصالح الجيش".

ويوضح الخبير نفسه، أنه في حال أحسنت الدبلوماسية السودانية استثمار التعاون مع إيران، بعد تبني رؤية وطنية واضحة، فمن الممكن تطوير تلك العلاقة، واستمرار القوات السودانية التي تحمي الحدود الجنوبية للسعودية، لاستقطاب الدور السعودي بشكل إيجابي.

وفي المقابل، يقول الباحث في الشؤون الأمنية طارق عبد الوهاب إن "السودان كانت لديه روابط جيدة مع ايران خاصة في المجال العسكري، وفي عام 2012 زار الرئيس المعزول عمر البشير طهران، وتم توثيق تلك الروابط، كما أن البواخر العسكرية الإيرانية كثيرا ما كانت ترسو في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر بشرق السودان".

وفي حديثه للجزيرة نت أضاف الباحث أن إيران قامت بدور رئيسي في دعم قطاع إنتاج الأسلحة في السودان، بحسب ما أصدره معهد دراسات الأسلحة الصغيرة في سويسرا، خلال مايو/أيار من العام 2014، وأوضح أن "التعاون العسكري بين إيران والسودان شهد تطورا لافتا بعد اتهام الخرطوم إسرائيل بإرسال 4 طائرات لضرب مجمع اليرموك للصناعات العسكرية في جنوب الخرطوم، في أكتوبر/تشرين الأول 2012، حيث تعتقد إسرائيل أن المصنع يعمل به خبراء إيرانيون، ويمد حركة حماس في غزة بالأسلحة التي تهرب عبر شرق السودان".

ويضيف المتحدث ذاته أن طهران تنظر إلى السودان بشكل جيوسياسي إستراتيجي، من واقع اهتمامها بالحصول على موطئ قدم في سواحل البحر الأحمر، واتخاذ السودان مدخلا نحو القرن الأفريقي شرقا والساحل الأفريقي غربا، لتعزيز نفوذها في المنطقة، مما يثير مخاوف بعض دول الخليج ومصر، في ظل التنافس الأميركي الروسي الصيني الخليجي على المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التعاون العسکری بین الجیش السودانی الدعم السریع مع إیران مهاجر 6

إقرأ أيضاً:

بالأرقام.. تصنيف الجيش العراقي من حيث الإنفاق العسكري في 2025

5 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: تصنف مصر في المرتبة الأولى عربيا والـ 19 عالميا في حجم القوة العسكرية رغم تصنيفها في المرتبة الـ 8 عربيا والـ 46 عالميا من حيث الإنفاق العسكري، بينما تحتل ميزانية الدفاع السعودية المرتبة الـ 5 عالميا.

وتستحوذ 3 دول فقط على النسب الأكبر من حجم الإنفاق العسكري العربي وهي السعودية والجزائر والمغرب، بينما توجد 6 دول عربية يقل الإنفاق الدفاعي لكل منها عن مليار دولار، حسبما تشير إحصائيات موقع “غلوبال فاير بور” الأمريكي لعام 2025.

وأورد الموقع تفاصيل الإنفاق العسكري لـ 19 دولة عربية وترتيب كل منها عربيا وعالميا إضافة إلى تصنيف جيشها، الذي تظهر البيانات أنه لا توجد علاقة ثابتة بين حجم ما يتم إنفاقه على الجيوش وتصنيف قوتها العسكرية.

وعلى سبيل المثال، فإن مصر التي تأتي في المرتبة الـ8 عربيا ورقم 46 عالميا في حجم الإنفاق العسكري، يصنف جيشها في المرتبة الأولى عربيا والـ19 عالميا متفوقة على جميع الدول العربية وغير العربية التي تسبقها في الإنفاق العسكري.

وفيما يلي أبرز المعلومات عن الإنفاق العسكري لكل دولة وتصنيف جيشها في 2025:

السعودية: تنفق 74.7 مليار دولار وتحتل المرتبة الأولى عربيا ورقم 5 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 24 عالميا.

الجزائر: تنفق 25 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 2 عربيا ورقم 21 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 26 عالميا.

المغرب: ينفق 13.4 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ 3 عربيا ورقم 27 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 59 عالميا.

قطر: تنفق 9.4 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 4 عربيا ورقم 34 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 72 عالميا.

سلطنة عمان: تنفق 8.2 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 5 عربيا ورقم 36 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 82 عالميا.

العراق: ينفق 7.9 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ 6 عربيا ورقم 37 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 43 عالميا.

الكويت: تنفق 6.9 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 7 عربيا ورقم 41 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 79 عالميا.

مصر: تنفق 5.8 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 8 عربيا ورقم 46 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 19 عالميا.

ليبيا: تنفق 3.06 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 9 عربيا ورقم 60 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 76 عالميا.

الأردن: ينفق 2.5 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ ـ10 عربيا ورقم 64 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 75 عالميا.

الإمارات: تنفق 2.2 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 11 عربيا ورقم 70 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 54 عالميا.

البحرين: تنفق 1.6 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 12 عربيا ورقم 75 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 81 عالميا.

تونس: تنفق 1.4 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 13 عربيا ورقم 79 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 90 عالميا.

اليمن: ينفق 0.81 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ 14 عربيا ورقم 94 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 85 عالميا.

لبنان: ينفق 0.76 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ15 عربيا ورقم 97 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 115 عالميا.

السودان: ينفق 0.34 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ 16 عربيا ورقم 118 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 73 عالميا.

سوريا: تنفق 0.29 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 17 عربيا ورقم 124 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 64 عالميا.

موريتانيا: تنفق 0.26 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ 18 عربيا ورقم 127 عالميا ويصنف جيشها في المرتبة الـ 123 عالميا.

الصومال: ينفق 0.17 مليار دولار ويحتل المرتبة الـ 19 عربيا ورقم 134 عالميا ويصنف جيشه في المرتبة الـ 142 عالميا.

وتضم جامعة الدول العربية 22 دولة بينها 3 دول لا توجد بيانات عن إنفاقها العسكري وهي جزر القمر وجيبوتي وفلسطين، بينما يقدر حجم الإنفاق الدفاعي لـ19 دولة أخرى بنحو 165 مليار دولار.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • كيف تضرر قطاع النقل في السودان خلال الحرب الحالية؟
  • آخر تطورات المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • رسالة اعتراض من وزير الخارجية السوداني إلى نظيره البريطاني
  • عمرو اديب ولينا يعقوب: متى يسيطر الجيش السوداني بالكامل على الخرطوم بعد استعادة القصر الجمهوري؟ وماذا يحدث في الفاشر؟ فيديو
  • تصاعد الصراع العسكري وتحديات إنسانية على خلفية السيطرة على الخرطوم| إليك التفاصيل
  • بالأرقام.. تصنيف الجيش العراقي من حيث الإنفاق العسكري في 2025
  • الجيش السوداني يصد هجمات لـ«الدعم السريع» على مقرات عسكرية
  • الجيش السوداني: إسقاط مسيّرات أطلقتها الدعم السريع قرب سد مروي ومقر الفرقة 19 مشاة
  • الجيش السوداني يحبط استهداف «الدعم السريع» لسد مروي
  • انتصارات الجيش السوداني في الخرطوم.. نهاية للحرب أم ولادة لأخرى؟