الحرب السودانية دمر حوالي 90% من القطاع الصناعي بالعاصمة والولايات
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
كشفت محاسن على يعقوب وزيرة الصناعة المكلف عن تأثر القطاع الصناعي بالحرب الدائرة في البلاد بصورة كبيرة جداً مما أدى لتدمير حوالى 90% من المصانع القائمة بولاية الخرطوم والولايات الأخرى، مبينة أن معظم الصناعة تركزت في ولاية الخرطوم مما أدى إلى فقدان معظم السلع الاستهلاكية والتي من أهمها المنتجات الغذائية والأدوية وغيرها.
وقالت في تصريح (لوكالة السودان للانباء)، إنه من خلال تنفيذ الخطة الإسعافية التي من أهم مرتكزاتها متابعة العمل في المصانع التي انتقلت من ولاية الخرطوم إلى الولايات الآمنة بهدف تشغيلها وتوطين الصناعة فيها بجانب فتح فروع للمصانع القائمة في ولاية الخرطوم في جميع الولايات الآمنة حسب الميزات النسبية للموارد المتاحة والبنيات التحتية.
وأشارت إلى ضرورة العمل على استقطاب الإستثمار الصناعي في جميع الولايات الآمنة مع التركيز على التصنيع الزراعي لتحقيق القيمة المضافة وتوفير سلع الأمن الغذائي لتغطية الإستهلاك المحلي والإنفتاح على الأسواق الإقليمية والدولية.
وأوضحت محاسن أن الخطة تركز على أهمية الاستفادة من الميزات التفضيلية الممنوحة بموجب هذه الاتفاقيات والعمل المشترك مع جميع الجهات المختصة لتشغيل المصانع المتوقفة في جميع الولايات وإعادتها إلى دائرة الانتاج.
وذكرت الوزيرة أنه من أولويات الوزارة أيضاً إنشاء مكاتب للصناعة بالتنسيق مع الجهات المختصة في جميع الولايات الآمنة ودعمها بالكوادر المؤهلة والمعينات لمتابعة المصانع الاستراتيجية القائمة في الولايات مثل مصانع السكر، الأسمنت والمطاحن الخ والمنشآت الجديدة.
وأضافت أن الخطة تتضمن أيضاً العمل على تنمية وتطوير الصناعات الصغيرة والحرفية والريفية وربطها بالصناعات الكبيرة لتحقيق مبدأ المناولة والعمل على تهيئة المناخ الملائم لاستقطاب الصناعات التحويلية ومنحهم الميزات التشجيعية في منح الأراضي مع تبسيط الإجراءات لتوطين هذه الصناعات وعدم فرض أى رسوم أو جبايات على هذه المصانع إلا مقابل خدمات، على أن يتم تحصيلها من خلال نافذة موحدة.
وأكدت على دور وزارة المالية الهام في توفير معينات العمل بالولايات وفي توفير الولايات المكاتب والسكن للعاملين.
وتطرقت إلى ضرورة التنسيق بين القطاعات الإنتاجية ذات الصلة خاصة الزراعة بشقيها النباتى الحيواني والمعادن من خلال الترابط الأمامي والخلفى لتحقيق القيمة المضافة وتعظيم العائد للصادرات الصناعية والحد من تصدير المواد الخام الأولية مع التنسيق مع وزارة التجارة فيما يتعلق بترقية الصادرات الصناعية لتعظيم العائد بالاستفادة من الاتفاقيات الإقليمية والدولية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أحداث الخرطوم فی جمیع الولایات الولایات الآمنة
إقرأ أيضاً:
مباني الخرطوم الأثرية.. ذاكرة تُسرق ومعالم تذوب تحت نار الحرب
لم تكن الحرب في السودان مجرد صراعٍ مسلح بين طرفين، بل كانت زلزالاً اجتاح ذاكرة مدينة بأكملها. الخرطوم، التي لطالما تميزت بمعالمها وشواهدها التاريخية، صارت اليوم مدينة تغرق في رماد الماضي. هنا، لم تُقتل الأرواح فقط، بل سُحقت الهوية، واحترق التاريخ في صمت. مبانٍ كانت تسرد حكاية أمة أضحت أطلالاً بلا ملامح، ومع كل معلم يتهاوى، تزداد الخشية من أن تغيب الخرطوم عن الذاكرة.
منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، لم تكتفِ نيران الصراع في السودان بحصد الأرواح وتشريد الملايين، بل امتدت لتلتهم ذاكرة البلاد ومعالمها التي شكّلت وجدان أجيال من السودانيين. في الخرطوم، العاصمة التي كانت تزهو بتراثها وتاريخها المعماري، تتساقط المعالم واحداً تلو الآخر. آخرها مبنى “الحقّانية” العريق، الذي لم يصمد أمام ألسنة اللهب، كما لم تصمد من قبله رموز أخرى كالمتحف القومي والقصر الجمهوري وجامعة الخرطوم. ويبدو أن تراث العاصمة في طريقه إلى الزوال، ما لم تُتخذ خطوات عاجلة لحمايته من الفناء.
مبنى “الحقّانية”.. آخر الشهود على العدالة
شُيّد مبنى “الحقّانية” في العام 1908 ليكون شاهداً على تاريخ طويل من العدالة والمؤسسات القانونية في السودان. كان رمزاً للقانون ومنارة للفكر القضائي وواجهة معمارية تحكي فصلاً من تاريخ الخرطوم السياسي والإداري. لكن المبنى، كغيره من المعالم التي وقعت في مناطق الاشتباكات، لم ينجُ من الدمار، فبات مجرد هيكل محترق يختزل انهيار دولة ومؤسساتها.
كيف جُرِّدت الخرطوم من معالمها؟
عن هذا السؤال، تحدثت لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” الدكتورة بلسم القارح، كبيرة أمناء المتاحف في هيئة الآثار والمتاحف السودانية، مشيرةً إلى أن التدمير الذي طال معالم الخرطوم اتخذ عدة أوجه:
-الدمار المباشر بفعل الاشتباكات، فهناك العديد من المباني التاريخية وُجدت في مناطق تماس عسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تضررها نتيجة القصف أو القتال المباشر.
-الحرق والنهب المتعمد، حيث اقتُحمت مبانٍ تراثية وثقافية وسُرقت محتوياتها، وأُحرقت عمداً في بعض الحالات. كما استُخدم بعضها كمقرات وثكنات عسكرية أو مخازن سلاح، ما أدى إلى تفاقم حجم الضرر.
-غياب الحماية والرقابة، حيث إن تدهور الوضع الأمني وغياب سلطة الدولة فتحا المجال أمام الفوضى، من دون وجود أي جهة قادرة على حماية هذه المواقع أو إنقاذها.
شهادات من قلب الخرطوم
“كنت أذهب من حين إلى آخر إلى المتحف القومي مع أطفالي، ليشاهدوا تاريخ بلادهم بأعينهم. كان المكان يعج بالحياة، ويغمره شعور بالفخر. اليوم، لا أستطيع حتى المرور بجانبه، وكل ما بقي هو ذكرى، صورٌ في الذاكرة لا أكثر”، يقول لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” عبدالله موسى، أحد سكان الخرطوم الذي فقد أحبّاءه ومقتنياته الشخصية أثناء الحرب.
أما فاطمة الزهراء، وهي معلمة تاريخ في إحدى المدارس الثانوية، فتقول لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”: “كنت أروي لطلابي قصصاً عن تاريخنا العريق، عن الآثار التي لا تُقدّر بثمن. الآن، لم يعد لدي ما أقدمه لهم سوى الحزن. كيف سأشرح لهم تاريخنا إذا كان ما بقي منه قد دُمّر؟ أنا حزينة على مستقبلنا الذي أصبح ضبابياً بسبب ما فقدناه”.
وفي السياق ذاته تقول سعاد مصطفى، من سكان حي الشهداء بأم درمان: “في طفولتي، كنت أحب الذهاب مع عائلتي إلى بيت الخليفة” في كل مناسبة. كنا نمرّ من أمامه، نشعر بالفخر لكوننا جزءًا من هذا التاريخ. اليوم، أتساءل كيف ستكبر أجيال جديدة من دون أن تعرف تاريخها، من دون أن ترى تلك المباني التي كانت رمزاً لعراقة بلدهم”.
ويضيف مصطفى عبد الرحمن، صاحب متجر صغير في وسط الخرطوم: “كل يوم، أذهب إلى السوق العربية التي كنت أعمل فيها. كنت أفتخر بوجودها في قلب العاصمة. ولكن اليوم، بعدما دُمر كل شيء، لا أستطيع سوى السير وسط الأنقاض، وبقايا الحريق، ولا أجد في قلبي سوى الألم والخذلان”.
أبرز المعالم التي طالتها الحرب
-المتحف القومي السوداني، الذي يُعد من أعرق المتاحف في إفريقيا، ويحتوي على كنوز فرعونية ومروية ونوبية ثمينة جداً.
-متحف القصر الجمهوري، الذي يضم مقتنيات تعكس تاريخ الحكم في السودان منذ الاستعمار وحتى اليوم.
-متحف السودان الإثنوغرافي، الذي يعرض تنوّع الثقافات السودانية ويقدّم مشهداً بانورامياً غنياً للهوية الوطنية.
بالإضافة لبيت الخليفة في أم درمان، دار الوثائق القومية، متحف التاريخ الطبيعي، والحديقة النباتية، التي نالت أيضاً نصيبها من الخراب أو الإهمال أو النهب كما تؤكد القارح لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”.
العربية نت
إنضم لقناة النيلين على واتساب