يقدم المؤرخ الاقتصادي البارز هارولد جيمس، تاريخًا جديدًا للأزمات المالية في كتابه الجديد «سبعة أزمات» وكيف أدى بعضها إلى ازدهار العولمة فيما دفع البعض الآخر إلى تراجعها وتباعد الدول، وذلك من خلال استعراض المائتي عام الماضية من العولمة ونقاط تحولها.

يقدم الكتاب تحليلًا قيمًا وجذابًا لهذه الأزمات الاقتصادية، على الرغم من أن هدفه الواضح هو جذب كل من الجمهورين العام والمتخصص، كما يسلط الضوء على أحدث فترة لدينا من حالة عدم اليقين الاقتصادي ويقدم وجهة نظر مثيرة للاهتمام عن الانهيارات من خلال تعريفها على أنها إما انهيار الطلب أو انهيار العرض، وسيستمتع بهذا الكتاب القراء الذين يرغبون في معرفة المزيد عن أوجه التشابه والاختلاف بين حوادث الانهيار، وتداعيات كل منها، وتأثير عمليات الإغلاق بسبب الجائحة على التنمية الاقتصادية الدولية.

كذلك تُعد السير الذاتية للاقتصاديين، ودورهم في الشؤون العملية، سمة فريدة من سمات هذا الكتاب الذي يميزه عن الكتب الأخرى في هذا المجال مما يجعله يستحق القراءة.

يستعرض الكتاب- وفق موقع أرقام- 7 انهيارات اقتصادية، في أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر، وصدمات سوق الأوراق المالية المتزامنة عام 1873، وسنوات الحرب العالمية الأولى، وعصر الكساد الكبير، وفترة السبعينيات، والأزمة المالية العالمية في الفترة ما بين 2007 و2008، ومؤخراً أزمة جائحة كورونا.

ويجيب جيمس عن كيف دفعت بعض هذه الأزمات الأسواق في نهاية المطاف في اتجاه المزيد من التكامل الحدودي بين أسواق العمل والسلع ورأس المال؟، في حين أدت عوامل أخرى إلى تراجع كبير في العولمة.

ويخلُص إلى تحديد نوعين من الأزمات. بعضها ناجم عن النقص في العرض- مثل أحداث الحرب العالمية الأولى والصدمات النفطية في السبعينيات - والتي أدت إلى ازدهار العولمة، مع توسع الأسواق وابتكار المنتجين لزيادة العرض، وعلى النقيض من ذلك، أدت الأزمات الناجمة عن الطلب، مثل تلك التي تسببت في أزمة الكساد الأعظم والأزمة المالية العالمية في الفترة 2007 و2008، عموما إلى انكماش التجارة الدولية، وبالتبعية إلى تراجع العولمة.

قضى "جيمس"، أستاذ الدراسات الأوروبية في جامعة برينستون الأمريكية، حياته المهنية في دراسة التاريخ الاقتصادي. وهو مؤلف غزير الإنتاج وهو أيضًا المؤرخ الرسمي لصندوق النقد الدولي، عند قراءة رواياته عن كل من هذه الحوادث، نجد أنه كانت هناك أحداث وقعت في الأسواق الخارجية أدت إلى حوادث في الأسواق المحلية.

كان هناك أيضًا روابط وثيقة بين الممولين من القطاع الخاص والحكومات التي توترت في نهاية المطاف عندما انهارت المصالح التجارية للممول وتسببت في ضرر لمالية الحكومة ومواطنيها، في رواية، أدى الكساد العظيم إلى تفكيك العولمة حتى بعد الحرب العالمية الثانية لعدة أسباب:

أولاً، أدت التكنولوجيا، لا سيما في أمريكا، إلى زيادة الإنتاج بطريقة جعلت التجارة الدولية أقل أهمية من الاستهلاك المحلي.

ثانيًا، ساهمت الحرب العالمية الثانية في ازدهار الإنتاج المحلي للعديد من البلدان حيث كانت التجارة العالمية محدودة خلال الحرب بينما كان الطلب مرتفعًا.

ثالثًا، سنت الحكومات سياسات حمائية مثل التعريفات الجمركية التي جعلت السلع الأجنبية أقل قدرة على المنافسة وقيود الهجرة التي عزلت العمال المنزليين عن المنافسة التي رفعت الأجور. في الفصل الأول، يوضح "جيمس" أن انهيار أربعينيات القرن التاسع عشر في أوروبا كان بسبب المجاعة وسوء التغذية والمرض والثورة.

ونتيجة لذلك، أدرك قادة الأعمال والحكومات أن العولمة ضرورية لبناء اقتصادات مترابطة مقاومة لصدمات العرض. واكتسبت البنوك المركزية والممولون المزيد من النفوذ خلال هذه الفترة حيث كانت هناك حاجة إلى مصادر جديدة لرأس المال لتمويل مشاريع جديدة. كما حفزت الحكومات الإنتاج المحلي وكذلك التجارة مع الأسواق الخارجية.

كان التأثير النهائي لهذا الترابط هو التأثير الانكماشي على الأسعار إلى جانب الأدوات المالية الجديدة التي تم تطويرها لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل السكك الحديدية.

اقرأ أيضاً«معلومات الوزراء» يستعرض الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الدول المتقدمة والناشئة

خبير اقتصادي: الدولة تعاملت بحرفية شديدة في إدارة الأزمات الاقتصادية العالمية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جائحة كورونا أزمة جائحة كورونا الأزمات الاقتصادية العولمة الأزمة المالية العالمية الحرب العالمیة

إقرأ أيضاً:

خام برنت يهبط إلى أدنى مستوياته منذ آب 2021 وسط ضغوط السوق العالمية

بغداد اليوم -  متابعة

انخفضت العقود الآجلة لخام برنت، اليوم الجمعة (4 نيسان 2025)، إلى 65.58 دولاراً للبرميل عند التسوية، مسجلة بذلك أدنى مستوى لها منذ آب 2021، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية وتراجع شهية الأسواق العالمية للطاقة.

وتعكس هذه التراجعات المستمرة حالة من القلق المتصاعد في الأسواق المالية بشأن تباطؤ الطلب العالمي، خاصة مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وعدد من القوى الاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها الصين، فضلًا عن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتقلبات الحادة في أسعار الفائدة الأمريكية.

ويرى خبراء الطاقة أن الهبوط الحاد في أسعار خام برنت يشير إلى دخول السوق مرحلة من الانكماش المتوقع في ظل زيادة المعروض النفطي، وتراجع الاستهلاك في الأسواق الصناعية الكبرى.

وتشهد أسعار النفط العالمية تقلبات حادة منذ مطلع عام 2025، على خلفية عدة عوامل مجتمعة، أبرزها الإجراءات الحمائية التي تتخذها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمتمثلة في فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات الطاقة والبضائع الصناعية، ما أثار حالة من عدم اليقين في أسواق السلع العالمية.

كما ساهم ارتفاع إنتاج بعض الدول النفطية، واستمرار السياسة النفطية التوسعية من قبل دول في منظمة "أوبك+"، في تخمة المعروض، يقابله تباطؤ في النمو الصناعي العالمي، خصوصاً في الصين وأوروبا، ما أدى إلى انخفاض الطلب على الخام.

وتأتي هذه التطورات في وقت يعتمد فيه العراق على تصدير النفط كمصدر رئيسي لإيراداته المالية، مما يضع الحكومة العراقية أمام تحديات جديدة في موازنة 2025، وسط مخاوف من اتساع العجز المالي إذا ما استمر التراجع في الأسعار.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • الذهب والفضة ينخفضان مع تصاعد الحرب التجارية التي أعلنها ترامب
  • الأسهم الخليجية تقتفي أثر الأسواق العالمية وتدخل في موجة هبوط جماعي
  • ضجة عالمية في مواجهة الحرب التجارية للرئيس الأمريكي
  • 400 مليار دولار من البضائع الصينية تهدد الأسواق العالمية إثر رسوم ترامب
  • الأسواق تهتز بعد رد بكين… وداو جونز يتراجع في موجة بيع عالمية
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • خام برنت يهبط إلى أدنى مستوياته منذ آب 2021 وسط ضغوط السوق العالمية
  • تراجع الذهب فى الأسواق العالمية 0.8٪ بسبب جنى الأرباح
  • أحمد يعقوب: الحزمة الاجتماعية الحالية من أضخم الحزم التي أقرتها الدولة لدعم المواطنين
  • رغم الهزة التي ضربت الأسواق.. ترامب يؤكد: "التعريفات الجمركية تسير بشكل رائع"