إطلاق منصات الوساطة من أجل التحول الأخضر
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
تُظهر التعهدات التي قُدمت خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب28»، المنعقد العام الماضي في دبي، الإرادة السياسية المتنامية للتصدي لتغير المناخ على نحو مباشر وبإنصاف. ولكن في حين تقود الحكومات الركب من أجل تسريع وتيرة التحول الأخضر، فإنها لا تستطيع تمويله بمفردها. وما يبعث على السرور هو أن الرغبة في الاستثمار المستدام زادت إلى مستوى أعلى من أي وقت مضى: من المتوقع أن تصل الأصول البيئية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالحوكمة إلى 50 تريليون دولار في عام 2025.
إن تحقيق الهدف العالمي المتمثل في بلوغ مستوى صاف صفري للانبعاثات بحلول عام 2050 يتطلب استثمارا منسقا على نطاق لم يسبق له مثيل. وقد أفادت التقديرات الأخيرة لبنك «غولدمان ساكس» أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تخصيص نحو 4 تريليون دولار- 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي- للاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة كل عام على مدى العقد المقبل. ومع ذلك، يجري حاليا استثمار 1.1 تريليون دولار فقط في إزالة الكربون كل عام، مع التركيز على التكنولوجيات التي تتعرض لقدر أقل من المخاطر، والتي تعتمد على الإعانات المالية مثل توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية.
ونظراً لهذا العجز، والموارد المالية المحدودة المتاحة للحكومات، يتعين على القطاع الخاص أن يعمل على إيجاد سبل مبتكرة لجذب الاستثمار في المشاريع التي ستبطئ وتيرة الانحباس الحراري العالمي، وتضمن استفادة الجميع من الانتقال الطاقي العادل. وسيعتمد نجاحه في ذلك على وجود حافز قوي لتحقيق نتائج تعزز سلامة المناخ والاقتصاد، وعلى رأس مال استثماري كاف، وتطوير نظام بيئي يضم متخصصين فنيين وماليين وأخصائيين تشغيليين من ذوي المهارات اللازمة لبلوغ التحول الصافي الصفري، وهو عامل بالغ الأهمية ولكنه لا يحظى بالتقدير الكافي. وقد أظهرت نظم بيئية مماثلة في قطاعات أخرى، مثل التكنولوجيا الحيوية، أن مجموعة منسقة من الخبراء الذين يعملون معا عن كثب يمكنهم أن يساعدوا في تسريع وتيرة التقدم صوب الهدف المنشود. ومع أن مثل هذه المجموعة لم تتشكل بعد في مجال الصناعة الخضراء، نظرا لكون هذه الأخيرة مجزأة، فإن كل العوامل اللازمة لتشكيلها متوفرة. إن تحديد خيارات الاستثمار البديلة التي تجتذب مجموعة واسعة من المستثمرين، سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث الحجم، يشكل جزءا أساسيا من تعبئة تدفقات جديدة لتمويل المناخ. ويوجه أكبر المستثمرين اليوم الكثير من التركيز نحو الالتزامات الواسعة النطاق والعناوين ذات التأثير القوي. فعلى سبيل المثال، ركزت الأخبار الصادرة عن قمة «كوب 28» الأخيرة على تعهدات بمليارات الدولارات، قدمتها مجموعات استثمارية خاصة ضخمة مثل Brookfield (بروكفيلد)، وApollo (أبولو)، وTPG (تي بي جي)، التي يبلغ مجموع أصولها المشتركة الخاضعة للإدارة ما يناهز 12 تريليون دولار.
إن متطلبات تمويل المشاريع الخضراء تتزايد بسرعة، بما في ذلك الطاقة النظيفة (الهيدروجين، وعملية عزل الكربون، والغاز الحيوي، وتكنولوجيا تخزين البطاريات، وإعادة تدوير النفايات، وغيرها)، والنقل، والتكنولوجيا الزراعية، والصناعات الثقيلة التي يصعب تخفيفها. ولكن هذه المشاريع أصبحت مقسمة بين مبادرات البنية التحتية الواسعة النطاق التي تقودها الحكومة، والمبادرات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي يقودها القطاع الخاص. إن تمويل المشاريع على نطاق كامل أمر ضروري لمعالجة تغير المناخ بفعالية.
إن إحدى المنصات الرقمية الجديدة التي يمكن أن تساعد في الوصول إلى هذا الحد الأدنى هي VerdEx،( فيرديكس)، التي ستطلق خلال هذا الشهر والتي لديها شركاء استراتيجيون في جميع أنحاء العالم. وبتسليط الضوء على المشاريع القابلة للتمويل، التي تتطلب التمويل وتقديم نظام بيئي يضم متخصصين ذوي الصلة، تهدف «فيرديكس» إلى ربط المستثمرين المؤسسيين بالمشاريع الخضراء الصغيرة والمتوسطة الحجم والحد من العراقيل، مما سيؤدي إلى خفض تكاليف التمويل الإجمالية. وفضلا على ذلك، سوف تستثمر جزءًا من إيراداتها في صندوق الأثر للمساعدة في تحقيق تحول عادل ومنصف في مجال الطاقة.
وستكون مثل هذه الجهود أساسية لجذب مجموعة واسعة من المستثمرين المؤسسيين إلى مشاريع خضراء أقل حجما، ولكنها لا تقل أهمية. ومع استمرار تركيز الحكومات وصناديق الاستثمار الخاصة على المشاريع الكبرى، فإن هذا النوع من الوساطة سوف يساعدنا على استخدام كل السبل المتاحة للحد من الانبعاثات على مستوى العالم والوفاء بالتزاماتنا المناخية.
إيما فيتزجيرالد الرئيس التنفيذي السابق لشركة بوما للطاقة، والرئيس المشارك لمجلس المستقبل العالمي المعني بمستقبل تحول الطاقة التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي.
خدمة بروجيكت سنيديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تریلیون دولار
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة تشارك في احتفالية إطلاق الخطة التنفيذية القومية للصحة الواحدة ٢٠٢٤ - ٢٠٢٧
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة في احتفالية إطلاق الخطة التنفيذية القومية للصحة الواحدة ٢٠٢٤ - ٢٠٢٧، والإطار الاستراتيجي للتكيف الصحي مع التغيرات المناخية ٢٠٢٤ - ٢٠٣٠، تحت رعاية الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بحضور الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والدكتور عمرو قنديل نائب وزير الصحة، وبمشاركة عدد من نواب ومساعدى الوزراء وقيادات الوزارات المعنية، وممثلى المنظمات العالمية ومنها منطمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ، وذلك في إطار تعزيز سبل وآليات دعم تفعيل مفهوم الصحة الواحدة الذي خرج خلال رئاسة مصر لمؤتمر المناخ COP27.
واوضحت البيئة في بيان لها اليوم، انه قد تحدثت الدكتورة ياسمين فؤاد عن مفهوم صحة واحدة من منظور تحقيق صحة الكوكب الذي نحيا عليه، سواء بخفض أحمال التلوث وصون الموارد الطبيعية واستغلالها الاستغلال الأمثل لتفي بالاحتياجات المستقبلية في ظل التنمية المستدامة، بالتوازي مع مواجهة المشاكل الكوكبية مثل تغير المناخ والتنوع البيولوجي، ففي عام ٢٠١٨ وخلال رئاسة مصر لمؤتمر التنوع البيولوجي COP14 تم العمل على ربط ملف التنوع البيولوجي بالصحة من خلال فكرة النظم البيئية الصحية healthy ecosystem في محوري الوقاية والعلاج.
واضافت وزيرة البيئة ان تجربة جائحة فيروس كورونا وانتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان والعمل على ايجاد علاج لها، استلزم تغيير طريقة تفكير البيئين على مستوى العالم إلى اتخاذ اجراءات استباقية لمواجهة المرض بالحفاظ على الموارد والحد من التلوث.
واسترشدت وزيرة البيئة بالتعامل مع نباتات الفونا والفلورا والتي تعد من أنواع من النباتات التي تستغل في العلاجات وتدخل في صناعة الدواء، حيث وضعت وزارة البيئة برامج وطنية بناء على الاتفاقيات الدولية للحفاظ عليها، وايضاً تغيير طريقة التعامل مع النباتات الطبية في سانت كاترين، والتي كان يستغلها المجتمع المحلي منذ ١٠ سنوات كوقود للأفران، وتم تحويل النظرة لها كمصدر رزق بتوفير سوق لها، لتوفير نموذجا للتوافق بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية. هذا إلى جانب العمل على مصادر الجينات التي تعتمد عليها المحاصيل الزراعية، وتزداد أهميتها مع تحدي تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة.
كما اشارت سيادتها لملف تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة كمسبب لانتشار الأمراض المعدية، والنظر على الأسباب الجذرية لها، وتأثير ارتفاع الحرارة على أساس الحياة، ومنها التسبب في التصحر الذي يؤثر على الأمن الغذائي، كما تؤثر الحرارة على حموضة المحيطات وبالتالي تؤثر على الكائنات البحرية بها.
واكدت الدكتورة ياسمين فؤاد ان مصر من اوائل الدول التي أطلقت مدخل الصحة الواحدة في ٢٠٢٣ ورغم ان المفهوم جاءت بدايته مبكرا في مصر منذ ٢٠٠٨، ظهر دوليا في ٢٠٢٢ بعد مشكلات جائحة كورونا ، لذا تعمل الحكومة حاليا على خفض أحمال التلوث بمشاركة مجتمعية ، ففي مجال الحد من تلوث الهواء استطعنا خفض ٥٠٪ من احد أنواع الجسيمات العالقة، وايضاً اشراك لقطاع الخاص مع جهود الدولة في مبادرة "صحتنا من صحة كوكبنا" والتي تتمثل في مسابقات جوائزها دراجات كوسيلة صديقة للبيئة.
ولفتت وزيرة البيئة ايضا إلى جهود الحفاظ على الأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات سواء في داخل أو خارج المحميات الطبيعية، وإطلاق مبادرة التغذية وتغير المناخ ICAN خلال استضافة مصر مؤتمر المناخ COP27، وايضاً دور مصر كلاعب قوي في تحقيق التكامل بين ملفات البيئة العالمية ومناحي التنمية في المنطقة العربية والأفريقية
من خلال التأكيد على اهمية التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا كأساس في تحقيق الحفاظ على البيئة ومواجهة التحديات البيئية .
وشددت وزيرة البيئة على استكمال لاطار الاستراتيجي للتكيف الصحي مع تغير المناخ، خاصة من خلال إعداد مصر للخطة الوطنية للتكيف مع تغير المناخ في كافة القطاعات، ودمج البحث العلمي بوضع نموذج تقييم مخاطر تغير المناخ في القطاعات المختلفة ومنها الصحة، واعداد الخريطة التفاعلية لآثار تغير المناخ حتى عام ٢١٠٠ بنماذج رياضية معتمدة ، من اجل ضمان اجيال قادمة أصحاء قادرين على فهم التحديات المختلفة
وكانت جمهورية مصر العربية قد أطلقت رسميًا «الإطار الاستراتيجي القومي للصحة الواحدة 2023 –2027» كخارطة طريق مشتركة للصحة الواحدة بين وزارت (الصحة والسكان، والزراعة واستصلاح الأراضي، والبيئة)، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية في مصر، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في مصر.