لجريدة عمان:
2024-10-04@23:42:57 GMT

الحجة لصالح حظر المرشحين المناهضين للديمقراطية

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT

تُرى ماذا ينبغي للأنظمة الديمقراطية أن تفعل في التعامل مع الأحزاب التي تستخدم الانتخابات وغيرها من الوسائل الديمقراطية لتدمير الديمقراطية ذاتها؟ تتمثل إجابة راسخة، ولكنها غير مقبولة عالميا، في حظر الحزب قبل وصوله إلى السلطة.

ولكن ماذا عن السياسيين الأفراد؟ يحتد الأمريكيون في مناقشة هذه المسألة الآن بعد أن سعت طعونات قانونية مختلفة إلى حرمان الرئيس السابق دونالد ترامب من الترشح لولاية ثانية، بسبب الدور الذي اضطلع به في تمرد السادس من يناير 2021 عند مبنى الكابيتول.

المسألة ذاتها تشغل أيضا بال الألمان الذين يريدون وقف صعود اليمين المتطرف. يقضي أحد الاقتراحات بتجريد القادة الأفراد من حقوقهم السياسية مع الامتناع عن حظر حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بشكل صريح. تفرض مثل هذه التدابير قيودا خطيرة على العملية السياسية ولا ينبغي استخدامها إلا كملاذ أخير. ولكن عندما يكون لأحد الأفراد سجل ثابت من التحريض ضد الديمقراطية ــ حتى بعد وفرة من التحذيرات ــ فإن استبعاده من العملية الديمقراطية يصبح مبررا بالفعل. وإلا فإن الديمقراطيات تعرض نفسها لخطر مميت. وكما قال وزير الدعاية النازي جوزيف جوبلز بشماتة في مناسبة شهيرة: «ستظل هذه دائما واحدة من أفضل نكات الديمقراطية، أنها أعطت أفتك أعدائها الوسائل التي يتسنى لهم من خلالها تدميرها».

إدراكا لهذا الضعف القاتل، صاغ العالم السياسي كارل لوينشتاين، الذي غادر ألمانيا عندما وصل النازيون إلى السلطة، مفهوم «الديمقراطية الـمُـحارِبة»، الذي كان يقصد به الديمقراطية الراغبة والقادرة على الدفاع عن نفسها من خلال تدابير غير ديمقراطية ظاهريا. كان تركيزه على حظر الأحزاب، وأثبتت أفكاره كونها مؤثرة في صياغة دستور ألمانيا الغربية الديمقراطي بعد الحرب. ففي الخمسينيات من القرن الماضي، حُـظـِـرَ كل من الحزب الشيوعي وحزب النازيين الجدد. حَـذَّرَ لوينشتاين من أن نهجه يرقى إلى مكافحة النار بالنار. ويتعين على أولئك الذين يستفيدون من مجموعة أدوات الديمقراطية الـمُـحارِبة أن يدركوا المخاطر.

إن الديمقراطية التي تدافع عن نفسها بوسائل غير ديمقراطية قد تنتهي بها الحال إلى تدمير ذاتها. ما علينا إلا أن ننظر إلى تركيا، التي كانت دائما سريعة في حظر الأحزاب على أساس معايير سيئة التحديد. يُـصِـر منتقدو الديمقراطية الـمُـحارِبة على أن إنقاذ الديمقراطية يصبح في حكم المستحيل إذا كانت الأغلبية راغبة في الاستغناء عنها؛ وإذا كان مُـناهِضو الديمقراطية أقلية، فيجب أن يُـترَك مصير النظام للعملية السياسية. وهم في الحالتين يعارضون التدابير الرسمية المتغطرسة شبه التكنوقراطية التي قد تزيد من تنفير أولئك غير الراضين عن الديمقراطية بالفعل.

هذه الحجج، التي كانت محورية في المناقشات السياسية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية مباشرة، عادت الآن بقوة. في الولايات المتحدة، أُبـعِـد ترامب (مؤقتا) من الاقتراع في كولورادو وماين، على أساس التعديل الرابع عشر. وفي ألمانيا، لا ينص القانون الأساسي على حظر الأحزاب فحسب، بل ينص أيضا على تنازل الأفراد عن حقوقهم السياسية إذا حاولوا تقويض الديمقراطية.

على الرغم من إقامة أربع دعاوى قضائية ضد أفراد بموجب المادة 18 من القانون الأساسي الألماني، فإنها انتهت جميعا إلى الفشل. ولكن الآن يدور حديث جاد بشأن تطبيق ذات البند ضد بيورن هوكي، زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا في تورينجيا، حيث يُـصَـنَّـف الحزب رسميا على أنه «متطرف يميني»، لكنه رغم ذلك متقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي للانتخابات المقررة هذا الخريف. في ألمانيا والولايات المتحدة، يبدو فرض حظر كامل على الأحزاب أمرا غير مقبول. في النظام الأمريكي الذي يتألف من حزبين بحكم الأمر الواقع، فإن حظر الحزب الجمهوري يعني إلغاء الديمقراطية (حتى وإن كان أغلب أعضاء الحزب الجمهوري يحتضنون سلوك ترامب المناهض للديمقراطية).

في ألمانيا، نجح حزب البديل من أجل ألمانيا في جمع قدر كبير من الدعم ــ حيث تبلغ شعبيته الآن نحو 20% على المستوى الوطني ــ حتى أن الحظر قد يبدو وكأنه سلاح للحرمان الجماعي من الحقوق. وتسلط هذه المشكلة الضوء على مفارقة: فعندما تكون الأحزاب المناهضة للديمقراطية صغيرة، فإن الحظر لا يستحق العناء؛ ولكن عندما تنمو لتصبح كبيرة، لا يبدو الحظر في حكم الممكن. صاغ نقاد آخرون المعضلة بشكل أكثر وضوحا. فحيثما يوجد إجماع على دعم الديمقراطية، تصبح الديمقراطية الـمُـحارِبة ممكنة ولكنها غير ضرورية (ربما كانت ديمقراطية ألمانيا الغربية لتصبح على ما يرام حتى من دون حظر النازيين الجدد والشيوعيين). لكن بمجرد أن يترسخ الاستقطاب الخبيث، لن يكون الدعم واسع النطاق للديمقراطية الـمُـحارِبة، لأن الساسة سوف يخشون أن تستخدم أدواتها ضدهم.

هذه النقاط مفهومة وموضوعة في الحسبان. لكن أولئك الذين يعارضون الديمقراطية الـمُـحارِبة يميلون إلى إضفاء المثالية على البديل. ويفترضون أن منافسة سياسية نظيفة ستنشأ وتنتهي إلى نتيجة حاسمة، وأن هزيمة أخرى يُمنى بها ترمب من شأنها أن تخرجه من الساحة الوطنية. لقد أوضح ترمب تماما أنه سيلوث حملته الانتخابية بالعنصرية وربما بالدعوة إلى العنف. ومن المرجح أن يعلن النصر بغض النظر عن نتيجة الانتخابات. إذا كانت النتائج قريبة، فسوف يصرخ مدعيا حدوث احتيال؛ وإذا جاءت هزيمته ساحقة، فسوف يدعي أن الأمر برمته جرى تزويره. ومن السذاجة بدرجة خطيرة أن نتصور أي سيناريو غير ذلك. ينطبق ذات المنطق في ألمانيا. فقد اتُّـهِـم هوكي باستخدام خطاب نازي، فهو يحذر بانتظام من اختلاط الثقافات، ويروج لنظريات المؤامرة مثل «إحلال» الأجانب محل الألمان على نحو يؤدي إلى Volkstod (موت شعب).

الواقع أن وجوده في حملة انتخابية لن يترك العملية السياسية دون تغيير؛ كما أنه يبعث برسالة مفادها أن الديمقراطية في نهاية المطاف على استعداد للتسامح مع شخصيات تستحث بشكل منهجي الخوف والكراهية. يحتج بعض المراقبين بأن الأفراد المحظورين يتحولون إلى شهداء. لكن الشعبويين اليمينيين يصورون أنفسهم على أنهم ضحايا أيا كانت الظروف، بما في ذلك عندما يخسرون الانتخابات.

بطبيعة الحال، لا ينبغي لأي ديمقراطية أن تعتبر مكافحة النار بالنار ممارسة عادية. ولكن إذا أظهر أحد المرشحين نمطا واضحا من السلوك المناهض للديمقراطية بمرور الوقت واستمر حثيثا على ذات المسار بعد تحذيرات واضحة، يصبح استبعاده مبررا، كما هي الحال مع كل من ترامب وهوكي. في الولايات المتحدة، كما هي الحال في ألمانيا، يسمح الحظر الفردي بالإبقاء على قدرة الناخب على اختيار حزب قومي يريد السماح بدخول عدد أقل من المهاجرين، ويدافع عن مفاهيم الأسرة التقليدية، ويدعو إلى خفض الضرائب لصالح الأثرياء. إذا كان هذا هو ما يريده الناخبون، فلا يزال بإمكانهم الحصول عليه.

جان فيرنر مولر أستاذ السياسة في جامعة برينستون، ومؤلف كتاب قواعد الديمقراطية.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی ألمانیا إذا کان

إقرأ أيضاً:

لقاء بين بعثة الجامعة العربية ووزارة الخارجية لتعزيز الديمقراطية في تونس

في إطار التحضيرات للانتخابات الرئاسية المقررة في تونس، يبرز دور المراقبة الدولية كعنصر أساسي في تعزيز الشفافية والمصداقية.

 وفي هذا الاطار جاء اللقاء بين  السفير د. حسين الهنداوي، رئيس بعثة جامعة الدول العربية لملاحظة الانتخابات، وكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، ليعكس التزام الجامعة العربية بدعم المسار الديمقراطي في تونس.

 لقاء مثمر 

التقى السيد السفير د. حسين الهنداوي، الأمين العام المساعد ورئيس بعثة جامعة الدول العربية لملاحظة الانتخابات الرئاسية في تونس، بالسيد محمد بن عياد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024، في مقر وزارة الخارجية التونسية.

وزارة الزراعة توفر البيض والبطاطس بأسعار مخفضة

تناول اللقاء الإجراءات والاستعدادات التي قامت بها وزارة الخارجية في دعم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لضمان نجاح عملية تصويت الناخبين التونسيين في الخارج خلال الأيام الثلاثة من 4 إلى 6 أكتوبر 2024. 

أهمية الملاحظة الدولية

خلال اللقاء، نقل السفير الهنداوي تحيات  الأمين العام إلى  وزير الخارجية، مشدداً على حرص الجامعة العربية على دعم مسيرة الديمقراطية في تونس من خلال المشاركة الفعالة في هذا الاستحقاق الانتخابي. وأشاد بالجهود المبذولة والتنسيق بين المؤسسات المعنية، مما يعكس التزام تونس بتعزيز حقوق مواطنيها في الخارج.

وزير الزراعة يكشف عن قروض مدعمة وميسرة لدعم الزراعات المختلفة (فيديو)

من جانبه، أكد كاتب الدولة محمد بن عياد على الدور الهام الذي تلعبه الملاحظة الدولية في تعزيز المصداقية خلال العملية الانتخابية، مشيراً إلى أن هذا الدور يعدّ ضرورياً لدعم الشفافية وضمان نزاهة الانتخابات.

تتجه الأنظار إلى تونس في الأيام المقبلة، حيث يمثل هذا الاستحقاق الانتخابي فرصة جديدة لتعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية، وسط التزام كبير من الجهات المعنية لضمان نجاح هذه العملية.

مقالات مشابهة

  • مصرع نحو 80 شخصاً بانقلاب سفينة في جمهورية الكونغو الديمقراطية
  • تونس..هل تعيش “الانقلاب الأبيض” على الديمقراطية…؟
  • لقاء بين بعثة الجامعة العربية ووزارة الخارجية لتعزيز الديمقراطية في تونس
  • غياب صلاح.. الكشف عن المرشحين لجائزة "الأفضل" في "البريميير ليغ"
  • ما هي الأزمات التي تواجه المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس؟
  • مرحبا باليسار علي لسان الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • بيان مهم من الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. خالة العروس
  • مئات المرشحين لإجراء مقابلات شخصية لوظيفة معلم 
  • بث مباشر.. مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس الأمريكي أولًا بأول