لجريدة عمان:
2024-11-22@18:31:05 GMT

الحجة لصالح حظر المرشحين المناهضين للديمقراطية

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT

تُرى ماذا ينبغي للأنظمة الديمقراطية أن تفعل في التعامل مع الأحزاب التي تستخدم الانتخابات وغيرها من الوسائل الديمقراطية لتدمير الديمقراطية ذاتها؟ تتمثل إجابة راسخة، ولكنها غير مقبولة عالميا، في حظر الحزب قبل وصوله إلى السلطة.

ولكن ماذا عن السياسيين الأفراد؟ يحتد الأمريكيون في مناقشة هذه المسألة الآن بعد أن سعت طعونات قانونية مختلفة إلى حرمان الرئيس السابق دونالد ترامب من الترشح لولاية ثانية، بسبب الدور الذي اضطلع به في تمرد السادس من يناير 2021 عند مبنى الكابيتول.

المسألة ذاتها تشغل أيضا بال الألمان الذين يريدون وقف صعود اليمين المتطرف. يقضي أحد الاقتراحات بتجريد القادة الأفراد من حقوقهم السياسية مع الامتناع عن حظر حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بشكل صريح. تفرض مثل هذه التدابير قيودا خطيرة على العملية السياسية ولا ينبغي استخدامها إلا كملاذ أخير. ولكن عندما يكون لأحد الأفراد سجل ثابت من التحريض ضد الديمقراطية ــ حتى بعد وفرة من التحذيرات ــ فإن استبعاده من العملية الديمقراطية يصبح مبررا بالفعل. وإلا فإن الديمقراطيات تعرض نفسها لخطر مميت. وكما قال وزير الدعاية النازي جوزيف جوبلز بشماتة في مناسبة شهيرة: «ستظل هذه دائما واحدة من أفضل نكات الديمقراطية، أنها أعطت أفتك أعدائها الوسائل التي يتسنى لهم من خلالها تدميرها».

إدراكا لهذا الضعف القاتل، صاغ العالم السياسي كارل لوينشتاين، الذي غادر ألمانيا عندما وصل النازيون إلى السلطة، مفهوم «الديمقراطية الـمُـحارِبة»، الذي كان يقصد به الديمقراطية الراغبة والقادرة على الدفاع عن نفسها من خلال تدابير غير ديمقراطية ظاهريا. كان تركيزه على حظر الأحزاب، وأثبتت أفكاره كونها مؤثرة في صياغة دستور ألمانيا الغربية الديمقراطي بعد الحرب. ففي الخمسينيات من القرن الماضي، حُـظـِـرَ كل من الحزب الشيوعي وحزب النازيين الجدد. حَـذَّرَ لوينشتاين من أن نهجه يرقى إلى مكافحة النار بالنار. ويتعين على أولئك الذين يستفيدون من مجموعة أدوات الديمقراطية الـمُـحارِبة أن يدركوا المخاطر.

إن الديمقراطية التي تدافع عن نفسها بوسائل غير ديمقراطية قد تنتهي بها الحال إلى تدمير ذاتها. ما علينا إلا أن ننظر إلى تركيا، التي كانت دائما سريعة في حظر الأحزاب على أساس معايير سيئة التحديد. يُـصِـر منتقدو الديمقراطية الـمُـحارِبة على أن إنقاذ الديمقراطية يصبح في حكم المستحيل إذا كانت الأغلبية راغبة في الاستغناء عنها؛ وإذا كان مُـناهِضو الديمقراطية أقلية، فيجب أن يُـترَك مصير النظام للعملية السياسية. وهم في الحالتين يعارضون التدابير الرسمية المتغطرسة شبه التكنوقراطية التي قد تزيد من تنفير أولئك غير الراضين عن الديمقراطية بالفعل.

هذه الحجج، التي كانت محورية في المناقشات السياسية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية مباشرة، عادت الآن بقوة. في الولايات المتحدة، أُبـعِـد ترامب (مؤقتا) من الاقتراع في كولورادو وماين، على أساس التعديل الرابع عشر. وفي ألمانيا، لا ينص القانون الأساسي على حظر الأحزاب فحسب، بل ينص أيضا على تنازل الأفراد عن حقوقهم السياسية إذا حاولوا تقويض الديمقراطية.

على الرغم من إقامة أربع دعاوى قضائية ضد أفراد بموجب المادة 18 من القانون الأساسي الألماني، فإنها انتهت جميعا إلى الفشل. ولكن الآن يدور حديث جاد بشأن تطبيق ذات البند ضد بيورن هوكي، زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا في تورينجيا، حيث يُـصَـنَّـف الحزب رسميا على أنه «متطرف يميني»، لكنه رغم ذلك متقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي للانتخابات المقررة هذا الخريف. في ألمانيا والولايات المتحدة، يبدو فرض حظر كامل على الأحزاب أمرا غير مقبول. في النظام الأمريكي الذي يتألف من حزبين بحكم الأمر الواقع، فإن حظر الحزب الجمهوري يعني إلغاء الديمقراطية (حتى وإن كان أغلب أعضاء الحزب الجمهوري يحتضنون سلوك ترامب المناهض للديمقراطية).

في ألمانيا، نجح حزب البديل من أجل ألمانيا في جمع قدر كبير من الدعم ــ حيث تبلغ شعبيته الآن نحو 20% على المستوى الوطني ــ حتى أن الحظر قد يبدو وكأنه سلاح للحرمان الجماعي من الحقوق. وتسلط هذه المشكلة الضوء على مفارقة: فعندما تكون الأحزاب المناهضة للديمقراطية صغيرة، فإن الحظر لا يستحق العناء؛ ولكن عندما تنمو لتصبح كبيرة، لا يبدو الحظر في حكم الممكن. صاغ نقاد آخرون المعضلة بشكل أكثر وضوحا. فحيثما يوجد إجماع على دعم الديمقراطية، تصبح الديمقراطية الـمُـحارِبة ممكنة ولكنها غير ضرورية (ربما كانت ديمقراطية ألمانيا الغربية لتصبح على ما يرام حتى من دون حظر النازيين الجدد والشيوعيين). لكن بمجرد أن يترسخ الاستقطاب الخبيث، لن يكون الدعم واسع النطاق للديمقراطية الـمُـحارِبة، لأن الساسة سوف يخشون أن تستخدم أدواتها ضدهم.

هذه النقاط مفهومة وموضوعة في الحسبان. لكن أولئك الذين يعارضون الديمقراطية الـمُـحارِبة يميلون إلى إضفاء المثالية على البديل. ويفترضون أن منافسة سياسية نظيفة ستنشأ وتنتهي إلى نتيجة حاسمة، وأن هزيمة أخرى يُمنى بها ترمب من شأنها أن تخرجه من الساحة الوطنية. لقد أوضح ترمب تماما أنه سيلوث حملته الانتخابية بالعنصرية وربما بالدعوة إلى العنف. ومن المرجح أن يعلن النصر بغض النظر عن نتيجة الانتخابات. إذا كانت النتائج قريبة، فسوف يصرخ مدعيا حدوث احتيال؛ وإذا جاءت هزيمته ساحقة، فسوف يدعي أن الأمر برمته جرى تزويره. ومن السذاجة بدرجة خطيرة أن نتصور أي سيناريو غير ذلك. ينطبق ذات المنطق في ألمانيا. فقد اتُّـهِـم هوكي باستخدام خطاب نازي، فهو يحذر بانتظام من اختلاط الثقافات، ويروج لنظريات المؤامرة مثل «إحلال» الأجانب محل الألمان على نحو يؤدي إلى Volkstod (موت شعب).

الواقع أن وجوده في حملة انتخابية لن يترك العملية السياسية دون تغيير؛ كما أنه يبعث برسالة مفادها أن الديمقراطية في نهاية المطاف على استعداد للتسامح مع شخصيات تستحث بشكل منهجي الخوف والكراهية. يحتج بعض المراقبين بأن الأفراد المحظورين يتحولون إلى شهداء. لكن الشعبويين اليمينيين يصورون أنفسهم على أنهم ضحايا أيا كانت الظروف، بما في ذلك عندما يخسرون الانتخابات.

بطبيعة الحال، لا ينبغي لأي ديمقراطية أن تعتبر مكافحة النار بالنار ممارسة عادية. ولكن إذا أظهر أحد المرشحين نمطا واضحا من السلوك المناهض للديمقراطية بمرور الوقت واستمر حثيثا على ذات المسار بعد تحذيرات واضحة، يصبح استبعاده مبررا، كما هي الحال مع كل من ترامب وهوكي. في الولايات المتحدة، كما هي الحال في ألمانيا، يسمح الحظر الفردي بالإبقاء على قدرة الناخب على اختيار حزب قومي يريد السماح بدخول عدد أقل من المهاجرين، ويدافع عن مفاهيم الأسرة التقليدية، ويدعو إلى خفض الضرائب لصالح الأثرياء. إذا كان هذا هو ما يريده الناخبون، فلا يزال بإمكانهم الحصول عليه.

جان فيرنر مولر أستاذ السياسة في جامعة برينستون، ومؤلف كتاب قواعد الديمقراطية.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی ألمانیا إذا کان

إقرأ أيضاً:

اليوم.. ترامب يختار وزير الخزانة وهؤلاء أبرز المرشحين

برز الملياردير الأمريكي مارك روان، كأحد أبرز المرشحين لمنصب وزير الخزانة في إدارة الرئيس دونالد ترامب، وسيلتقي الرئيس المنتخب، اليوم الأربعاء، لتقديم عرضه للوظيفة، وفقًا لعدة أشخاص مطلعين على الأمر.

وحسب صحيفة “فايننشيال تايمز”، قال شخصان مطلعان على الأمر إن رئيس شركة أبولو جلوبال مانجمنت استعد بشكل مكثف للمقابلة. وقد طار عائداً من هونج كونج للقاء ترامب في فلوريدا.

ويحظى روان بدعم العديد من المقربين من ترامب والمانحين في وول ستريت، الذين استشهدوا بخبرته العميقة في الأسواق المالية.

 

 وقال أحد مؤيديه: "مارك ذكي، ولكنه مستقل للغاية".

ويواجه مارك روان البالغ من العمر 62 عامًا منافسة شرسة على الدور، مع استمرار مستثمر صندوق التحوط سكوت بيسنت في المنافسة الرائدة. 

وتم طرح اسم كيفن وارش، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق الذي يقدم المشورة لفريق الانتقال بشأن السياسة، مرشحًا لمنصب وزير الخزانة القادم.

كما أن السيناتور تينيسي بيل هاجرتي من بين المرشحين، وقد سافر الثلاثاء مع ترامب إلى حفل إطلاق صاروخ سبيس إكس في تكساس الذي استضافه إيلون ماسك.

وكان موقع التنبؤ بولي ماركت قد وضع وارش كمرشح مفضل، مع بيسنت في المرتبة الثانية، يليه روان وهاجرتي.

ويتنافس بيسنت أيضًا على منصب رئيس المجلس الاقتصادي الوطني للإدارة الجديدة إذا فشل محاولته لتولي منصب وزير الخزانة.

مقالات مشابهة

  • على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأمريكية
  • رحيل: قرار الدبيبة بضم زمزم لمصراتة إفشال للديمقراطية وسنتجه للقضاء
  • محمد صلاح يتصدر قائمة المرشحين لجائزة الكرة الذهبية
  • تشافي على رأس المرشحين لقيادة إنتر ميامي فنيًا
  • بينهم مغربية ومصرية.. كاف تعلن قائمة المرشحين على جوائز سيدات إفريقيا
  • بيلينجهام ضمن المرشحين لجائزة أفضل هدف للشهر في الليجا
  • منها تعاطي المخدرات.. هذه اعترافات بعض المرشحين لمناصب رئيسية في إدارة ترامب
  • حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا
  • اليوم.. ترامب يختار وزير الخزانة وهؤلاء أبرز المرشحين
  • موعد وأسعار فترات تحسين الحج السياحي 2025 بعد الضوابط الرسمية