________

1. لفهم القرار الأمريكي “بإقالة” السفير”غوفيري” وتسمية السيد “توم بيرييلو” مبعوثاً رئاسيا خاصاً إلى السودان ، لابد من إعادة قراءة القرار مع عدة سياقات وتطورات أهمها :

أ‌- الخلاف الأمريكي حول ملف السودان بين الخارجية والبيت الابيض والذي كان له العديد من الأوجه والأشكال مما أضعف الدور والهيمنة الامريكية ، وتطور الخلاف والفشل الذي لازم (منبر جدة الامريكي السعودي)، كذلك زوال البعثة والرباعية ككروت امريكية ضاغطة.

ب‌- تطور وتنامي الضغوط والأصوات الإحتجاجية والمطلبية داخل امريكا في مواجهة إدارة “بايدن” مع إقتراب آوان الإنتخابات الأمريكية.

ت‌- التنافس التقليدي مع المحور الشرقي وتطور التقارب السوداني الإيراني التركي .

ث‌- التحالف والوكالة الامريكية بخصوص ملف السوداني والخلافات السعودية الإماراتية ، وتطور الوضع العسكري علي الأرض لصالح الجيش ، والسياسي السالب والضار بمواقف ومصالح حلفاء ووكلاء امريكا في الملف، وبالتالي تضرر الموقف والمصالح الامريكية في السودان.

2. تلك التطورات إستدعت التغيير في السياسية والنهج الأمريكي ، منها ضرورة ذهاب “غودفيري” ، كما أن تداعيات “منبر جدة” سارعت بالخطوة تلكة ، “فمنبر جدة” كان القشة التي قصمت ظهر الخلافات الداخلية حول ملف السودان بين الخارجية الأمريكية بقيادة الوزير بلينكن ومساعدته المنحازين للمدنيين وبين البيت الأبيض بقيادة البنتاجون وال CIA والمنحازين للعسكريين ، والذي أفضى في النهاية الى سحب ملف السودان من الخارجية وتسليمه لوزارة الدفاع الامريكية قبل بداية المفاوضات بفترة قصيرة ، والذى ترتب عليه اجراء تعديلات في الوفد الامريكي المفاوص بسحب السفير الامريكي جون دوغفيري واشراك المبعوث مايك هامر.

3. قبل هذا ، فقد درج “غودفيري” بعد مجيئه الخرطوم باصدار البيانات المستفزة والسافرة تجاه الحكومة السودانية التى يرأسها قائد الجيش الفريق اول البرهان والتي بموجبها تم استداعاؤه وتحذيره أكثر من مرة وذلك بسبب تدخله السافر وانحيازه الواضح لجماعة الحرية والتغيير بإيعاز وتوجيه مباشر من وزير الخارجية الامريكي ومساعدته ، الذين يقودان خط الإمارات والاتحاد الاوربي داخل الإدارة الأمريكية منذ اطلاق الأزمة وبداية التدخل في السُودان.

4. من زاوية أخري ، يري كثير من المراقبين انه لا خير في أي مبعوث أمريكي للسودان لان تاريخ السودان مع المبعوثين عبر الحقب لم يكن جيدا ، في إشارة الي تجربة المبعوث الامريكي “جون دانفورث”، ولكن فات علي المراقبين كثير من المتغيرات والتحولات التي طرأت وأضعفت القبضة الأمريكية عن مما مضي ، والشاهد في ذلك فشل عدد 6 مبعوثين أمريكيين للمنطقة في ظرف سنتين ودون احراز اي تقدم وبالكاد يتذكر المراقب ان هنالك مبعوث امريكي موجود، بيد أن سبب فشلهم الرئيسي هو تلك الخلافات حول ادارة ملف السودان.

5. فالمبعوث الأمريكي الجديد لدى السودان (توم بيريلو) ، إضافة لميزة كونه ينتمي للحزب الديمقراطي، فالرجل يعد من من معاوني الرئيس الأسبق “أوباما” المقربين وله تجارب جيدة سابقة في أفريقيا من خلال الابتعاث الخاص إلى منطقة البحيرات العظمى في إفريقيا ، كذلك فهو قانوني وسياسي لديه علاقة وتفاهم مع (البنتاغون و السي اي ايه) ، وان كان هنالك تحفظ جهة كونه – توم بيريلو- عمل مديرا (لمنظمة المجتمع المفتوح) الممولة من (جورج سوروس) الذي يعد الممول الرئيس والداعم الأول (للثورات الملونة)، والذي قال عنه اليون ماسك رجلَ الأعمال والملياردير الأقوى، والأكثر إثارة للجدل الوقت الحاليانه “عدو للإنسانية”. بما يُفسر ان المبعوث مدير المنظمة قادم باجندة سياسية.

6. المعطيات أعلاه يمكن أن تقوي احتمالية قيام الكونغرس بإتخاذ قرارات سالبة وضارة بالسودان يتوقع معارضتها بشكل يؤدي لفشل مهمة المبعوث الجديد ، خاصة وان متابعين امريكيين مناهضين يرون ان المهمة لها علاقة (بالكتلة السوداء) داخل الكونغرس الأمريكي التي ظلت دائما تشكل ضغط فيما يتعلق بدارفور خاصة عند اقتراب الاستحقاق الإنتخابي الأمريكي ، مما يرجح فرضية أن المهمة تتعلق بملف دارفور ككرت تقليدي في جولات التنافس الإنتخابي الامريكي القادم .

7. من جانب آخرففي إقالة “غوفيري”، مؤشر نتوقع معه قُرب مغادرة (مولي ڤي) بعد أن ثبت فشلها وتسببها في ادارة الملف مما جعلها في متناول انتقاد حاد ومستمر لأعضاء الكونغرس منذ البطء في عملية إجلاء الرعايا الأمريكان من الخرطوم بعد اندلاع الحرب وحتي فشل جهودها في التسوية بما يحمي ويحفظ المصالح الامريكية مع الإحتفاظ بوضعها وصورتها الدولية كدولة راعية وداعمة للتحول المدني الديمقراطي وحقوق الإنسان ، والذي أضرت به سياسات الخارجية الأمريكبة جراء السياسية الاماراتية وممارسات الدعم السريع ومجموعة قحت كحلفاء وكروت رهان “الوزير بلينكن ومساعدته مولي في” الخاسرة.

8. إشارات التغييرات المتوقعة في السياسية الامريكية بمقدم المبعوث الخاص الحديد والذي يهدف تحقيق برغماتية (إظهار التزام الولايات المتحدة بإنهاء الصراع ومساعدة الشعب السوداني نحو التحول المدني الديمقراطي) التي فشلت في السابق ، حيث صرح مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية “إن جهود السلام تعاني من فجوة بحجم الولايات المتحدة”. “الجميع يعرف كيف سيكون الرد الأمريكي الجاد على الأزمة ، وقد قاومت الإدارة حتى الآن وجود مبعوث أمريكي خاص رفيع المستوى قادر على قيادة الجهود في العالمين العربي والأفريقي التي تبدو ضرورية لإنهاء هذه الحرب.، كذلك مدير قسم الدفاع عن الأزمات في هيومن رايتس ووتش الذي قال، ( لم يعاني أي مكان من الفجوة بين خطاب صناع السياسة الأمريكيين بشأن منع الفظائع وقدرتهم على تحقيق ذلك أكثر من السودان).

9. عموما ، ملف السودان يمثل تراكم فشل سياسة الإدارة الأمريكية علي مدار شهور الحرب التي اقتربت من العام إضافة للفشل في اوكرانيا و غزة ، البحر الاحمر ، لصالح غريمها ومنافسها الشرقي بقيادة الصين وروسيا مما يُشكل ضغوطا كبري علي ادارة “بايدن” التي ترمي بالمبعوث “توم بيرييلو” كآخر طوق نجاة لها في أمواج عالية من التحديات والضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها.

10. خلاصة القول ومنتهاه:

أ‌- أمريكا لم تعد تستطيع التعامل مع ملف السودان بالصورة المطلوبة مما جعلها متخبطة وهذا ما يشير الي احتمالية فقدانها للسودان في ظل الاستقطاب الدولي الحاد الذي تعيشه منطقة القرن الأفريقي وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث تنشط روسيا والصين وتقدمان حلول مرضيه الشعوب المتطلعة للاستقرار في هذه المنطقة ،هذا بخلاف الطموح الإيراني في جذب السودان لإكمال حدوة الحصان التي بداءت في التشكل من واقع الأحداث التي تجري الان في منطقة البحر الأحمر.

ب‌- السودان الأن في وضعية وموقف جيد و مريح ، يُسهل عليه تحقيق أهدافه لو “أحسن وأجاد” ادارة كل هذه المعطيات والفرص السانحة التي لن تتكرر قريباً وإستثمارها بشكل يحقق أمنه اولا ومصالحه ثانيا.

ت‌- ولا سبيل لذلك الا بالتعامل “المباشر” مع الادارة الأمريكية ، وتمزيق التكلفة المرهقة لفاتورة السماسرة والوكلاء والحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة ، خاصة بعد الغاء دورهم وتأثيرهم بتعيين مبعوث خاص و”مباشر”.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: العركي عمار مؤشرات ودلالات ملف السودان

إقرأ أيضاً:

يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟.. عاجل

عواصم - الوكالات

يصفها البعض بأنها النسخة المعاصرة من التاج والصولجان وبقية الرموز التي كانت تشير إلى السلطة في العصور الوسطى، وبمرافقتها الدائمة لرئيس أقوى دول العالم والقائد الأعلى لجيشها، تحوّلت هذه الحقيبة البسيطة في مظهرها، إلى أيقونة للقوة العظمى وأخطر وسيلة تدبير اخترعتها البشرية حتى اليوم.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية "الحقيبة النووية" عبارة عن حقيبة تزن عشرين كيلوجراما ملفوفة بالجلد الأسود، تحتوي الرموز والمفاتيح التي يحتاجها رئيس الدولة إذا قرر شن ضربة نووية، وترافق الرئيس في حله وترحاله.

وأطلق الأمريكيون اسم "كرة القدم النووية" نسبة لأول خطة سرية للحرب النووية، وبرزت أهمية الحقيبة بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وظهرت لأول مرة يوم 10 مايو 1963، وتم تحديثها دوريا من قبل جهات عسكرية أمريكية.

وتسمى الرموز الموجودة في الحقيبة النووية الأمريكية بـ"رموز الذهب" ويتم توفيرها من قبل وكالة الأمن القومي، وتطبع على بطاقة بلاستيكية بحجم بطاقة الائتمان تسمى "بسكويت"، لأن البطاقة ملفوفة في فيلم مبهم، تبدو مثل مغلفات البسكويت، وهذه البطاقة "بسكويت" يمكن للرؤساء حملها خارج الحقيبة النووية.  

ويتناوب على حمل "الحقيبة النووية" التي تحتوي على عناصر غاية في السرية خمسة جنود أمريكيين تلقوا تدريبا خاصا، ويلازمون الرئيس أينما حلّ في الداخل والخارج، في الجو والبحر، وفي المصعد والفندق وغيرها من الأماكن. 

ورغم أن القانون الأميركي يمنح الرئيس صلاحية حصرية في شن ضربة نووية، فإن إعطاء الأمر بذلك يحتاج من الناحية القانونية إلى سلسلة إجراءات يتعين على الرئيس اتخاذها، تتمثل في الاتصال بمركز عمليات وزراة الدفاع (بنتاغون)، وقراءة رموز تحديد الهوية للتأكد من أنه هو الذي يعطي هذا الأمر، وهي الرموز التي تبقى في البطاقة.

وقبل تسليم مهامه لخلفه، يضع الرئيس المنتهية ولايته مفتاح تشغيل النووي على المكتب الرئاسي في مجلد مغلف بالشمع ويمنع على الجميع لمسه قبل الرئيس الذي يجلس في كرسي البيت الأبيض، وسوف يتسلم ترامب الحقيبة اليوم بعد مراسم التنصيب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية خلفا لبايدن.

وللرؤساء الأميركيين قصص وروايات مع بطاقة "بسكويت"، ففي عام 1981، أثناء محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريغان في مارس 1981، لم يتمكن الشخص الذي كان يحمل "الحقيبة النووية" من الصعود إلى سيارة الإسعاف التي حملت الرئيس إلى المستشفى، ليتم العثور لاحقا على بطاقة "بسكويت" في حذاء الرئيس الذي كان ملقيا على الأرض في غرفة العمليات.

كما أن الرئيسين جيرارد فورد وجيمي كارتر قد نسيا بطاقة "بسكويت" في جيوب بدلات أرسلت للغسيل. أما الرئيس بيل كلينتون فقد غادر عام 1999 قمة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) من دون "الحقيبة النووية"، كما فقد "بسكويت" لشهور عديدة.

ولم يخل عهد الرئيس ترمب في ولايته السابقة من المخاوف بشأن "الحقيبة النووية"، فقد قام رجل أعمال يدعى ريتشارد ديغازيو بالتقاط صورة له مع حامل "الحقيبة النووية" ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وعلق عليها قائلا "هذا هو ريك.. إنه يحمل الحقيبة النووية"، وحدث ذلك خلال حفل عشاء أقامه ترمب وزوجته على شرف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وزوجته في نادي الرئيس الأميركي الخاص في ولاية فلوريدا. وتم حذف حساب رجل الأعمال من حينها في فيسبوك.

 

مقالات مشابهة

  • الخطوات التي ستتخذها الحكومة الأمريكية بعد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية
  • سبب تسمية سيدنا جبريل عليه السلام بالروح القدس في القرآن الكريم
  • مكتب المبعوث الأممي يعقد اجتماعا في عدن لمناقشة المخاوف الاقتصادية التي تواجه اليمنيين
  • وزير الخارجية الامريكي: نأمل أن يصمد وقف إطلاق النار في غزة
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • سفير السودان بواشنطن:حيثيات العقوبات الامريكية على القائد العام خاطئة ولا تسندها أدلة
  • رئيس حركة شباب التغيير والعدالة يدين قرار الخزانة الأمريكية ضد البرهان
  • السيادة السوداني: قرار وزارة الخزانة الأمريكية ضد البرهان كيدي ويستهدف وحدة السودان
  • يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟
  • يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟.. عاجل