المزارعون ينتقدون المنافسة غير العادلة.. فهل يستطيع الفرنسيون دفع الثمن؟
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
في الوقت الذي يواصل فيه المزارعون حركتهم الاحتجاجية على بعض الطرق السريعة الرئيسية في فرنسا لعدم كفاية الدخل والمعايير الأوروبية المفروضة على قطاع الزراعة، اقتحم آخرون المحلات التجارية للتنديد بنظام المنافسة الأجنبية غير العادلة.
يأتي ذلك على الرغم من دعوة نقابة المزارعين إلى رفع الحصار عن مداخل باريس بعد إعلان رئيس الوزراء غابرييل أتال "المرحلة الثانية" من الردود على الاحتجاج.
وفي عدة استطلاعات رأي أجرتها وسائل إعلام محلية، كشفت أن 90% من الشعب الفرنسي يدعمون هذه الاحتجاجات. في حين أشار مسح أجرته شركة "إيلاب" إلى أن 35% من الفرنسيين يقولون إنهم على استعداد لدفع المزيد مقابل شراء المنتجات الغذائية لدعم المزارعين، لكن 53% أقروا بأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليفها.
من جانبهم، يعتبر المزارعون أن المستهلكين يفضلون شراء المواد الغذائية المستوردة لأنها أقل تكلفة على حساب الإنتاج المحلي. وفي ظل معدلات التضخم المرتفعة وانخفاض القوة الشرائية لشريحة واسعة من المجتمع، هل يشتري الفرنسيون بالفعل منتجاتهم الغذائية محلية 100%؟
المستهلكون الفرنسيون يفضلون شراء المواد الغذائية المستوردة لأنها أقل تكلفة من المنتج المحلي (الجزيرة) البحث عن أرخص الأسعارلا يزال غضب المزارعين في فرنسا لم يخمد كليا. فبالإضافة إلى الأجور الضئيلة وغياب الاهتمام بالمهنة والمعايير الأوروبية الثقيلة، يقول المزارعون إن كسب لقمة العيش أصبح أكثر صعوبة بسبب المنافسة الأجنبية.
وتتمتع المنتجات القادمة من الخارج بسعرها المنخفض مقارنة مع أسعار المزارعين الفرنسيين، ولهذا يتم استيراد ما يقرب من نصف الفواكه والخضراوات سنويا بالبلاد، وفق وزارة الزراعة.
ويرجع الخبير في الاقتصاد الزراعي جون ماري سيروني ذلك إلى الأزمة التي يعيشها المواطنون، لافتا إلى أن هناك 9 ملايين فرنسي، أي ما يعادل 15% من الشعب، يلجؤون إلى المساعدات الغذائية.
وأضاف سيروني، في مقابلة مع الجزيرة نت، أن المنتجات الغذائية زادت أسعارها بنسبة 20% خلال العامين الماضيين بسبب التضخم، مما يدفع الكثيرين إلى شراء المنتجات الرخيصة.
وتابع بالقول "إذا كنا ننتج أكثر تكلفة من الهولنديين أو البولنديين أو الأتراك وتكلفة العمالة في فرنسا أعلى، فهذا يضطرنا إلى الاستيراد، ويبقى الأمر متروكا للمستهلك لاختيار الأنسب له"، مشيرا إلى أن ذلك "لا يعد تشويها للمنافسة".
وتشير بيانات منظمة "فرنسا أغريمير" المسؤولة عن مراقبة الإنتاج الزراعي في البلاد، إلى أن بعض المنتجات الفرنسية -على الرغم من جودتها العالية- فإنها أغلى من دول أخرى، بما في ذلك حبات الطماطم التي ترتفع أسعارها بنسبة 24% تقريبا (3.72 يوروهات للكيلو الواحد) عن الطماطم الأجنبية القادمة من إسبانيا والمغرب (3 يوروهات للكيلو الواحد)، سواء من الزراعة العضوية أو التقليدية.
وفي مقارنة عملية أجراها راديو "فرانس بلو بيارن يبغور"، وجد أن تكلفة سلة التسوق التي تبلغ 24 يورو في محلات السوبر ماركت، قد تصل إلى 33 يورو في أسواق المزارعين، أي بفارق قدره 10 يوروهات تقريبا.
المزارعون ينتقدون المنافسة غير العادلة.. فهل يستطيع الفرنسيون دفع الثمن لشراء المنتجات المحلية؟ (الجزيرة) أوكرانيا المستفيدة؟ومنذ بداية الحرب مع روسيا، وعد الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم الاقتصادي لكييف من خلال خفض الضرائب الجمركية على واردات الدجاج والبيض والحبوب من أوكرانيا، مما أشعل فتيل الغضب لدى مزارعي هذه الدول وهدد بإغراق أسواقهم.
ويطالب المزارعون بروكسل بإعادة فرض الرسوم الجمركية بما يتجاوز حصة معينة من الواردات الأوكرانية، بينما تؤكد الجمعية العامة لمنتجي القمح والحبوب أن تكون الحصة "أقل من مليوني طن، كما كان الحال قبل الحرب".
وقد زادت واردات القمح الأوكراني إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار 20 مرة بين عامي 2021 و2023، مما يعادل ارتفاع الإنتاج من 215 ألف طن من القمح في عام 2021 إلى 5 ملايين طن العام الماضي، وفق الجمعية العامة.
فيما قفزت الواردات من أوكرانيا من الدواجن بنسبة 180% بين عامي 2021 و2022 حيث يصل ما بين 15 إلى 25 ألف طن إلى أوروبا كل شهر، وقد تم تجديد هذا العقد في 6 يونيو/حزيران الماضي لمدة سنة كاملة، وفق تصريحات لمدير الرابطة المهنية المشتركة للدواجن (أنفول) يان نيديليك.
وعلى هامش القمة الأوروبية في بروكسل الخميس، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن ارتفاع واردات الدجاج الأوكراني من "90 ألف طن قبل اندلاع الحرب إلى 300 ألف طن"، معترفا بأن "طرح بعض السلع في السوق الأوروبية يزعزع استقرارنا" وفق قوله.
واستنكر الخبير في الاقتصاد الزراعي لحجم هذه الواردات الأوكرانية "غير المقيدة بالمعايير البيئية الأوروبية، مما يفسر أسعارها المنخفضة كالدواجن التي تعتبر أسعارها أرخص بمرتين إلى 4 مرات من المنتجة في فرنسا"، مؤكدا أنه "لا يجب إلقاء اللوم على المستهلك الذي يتجه نحو هذه الأسعار بسبب ضعف قدرته الشرائية".
مكابح الطوارئوفي محاولة لتهدئة غضب المزارعين في أنحاء أوروبا، أعلنت بروكسل عن "مكابح طوارئ" لبعض المنتجات (البيض والسكر والدواجن والحبوب) لتثبيت الواردات عند متوسط الكميات المستوردة خلال العامين الماضيين، وهي المستويات التي سيتم بعدها إعادة فرض الرسوم الجمركية.
وقدمت المفوضية الأوروبية الأربعاء الماضي الضمانات الأولى للعاملين في قطاع الزراعة المتمثلة في اقتراح منح إعفاء جزئي من التزامات الأراضي البور في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن ضمان التدخل للحد من أي زيادة لا يمكن السيطرة عليها في الواردات الزراعية الأوكرانية.
يأتي ذلك بعد اتهامات وجهتها النقابات الزراعية بخفض الأسعار في الأسواق المحلية والتعرض لمنافسة "غير عادلة" من خلال الامتناع عن الالتزام ببعض المعايير الأوروبية.
ووفقا للنص المقدم إلى الدول وأعضاء البرلمان الأوروبي، يمكن اعتماد "تدابير تصحيحية سريعة" في حالة حدوث "اضطرابات كبيرة" في السوق، حتى لو كانت تتعلق فقط بدولة واحدة أو أكثر.
وقد رحب وزير الزراعة الفرنسي مارك فيسنو بما سماه "الحل البسيط والعملي الذي يجمع بين التحول والإنتاج". كما أكد الإليزيه أن المفوضية الأوروبية استجابت لطلبات فرنسا بشأن تخفيف الالتزامات المتعلقة بالأراضي البور والحد من الواردات الزراعية الأوكرانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی فرنسا ألف طن إلى أن
إقرأ أيضاً:
50 طنا من المساعدات الإنسانية الأوروبية إلى سوريا
سوريا – يرتقب أن يصل 50 طنا من المساعدات الإنسانية المؤلفة من إمدادات طبية ممولة من الاتحاد الأوروبي ومنسقة من منظمة الصحة العالمية، إلى سوريا في 31 ديسمبر 2024.
ووصلت الإمدادات الطبية الخميس إلى إسطنبول ومن المقرر أن تنقل في 31 ديسمبر إلى سوريا بعد إتمام المعاملات الجمركية التركية، بحسب ما قالت مريناليني سانثانام المكلّفة بالعلاقات الإعلامية بمنظمة الصحة العالمية في غازي عنتاب جنوب تركيا.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في منتصف ديسمبر 2024 عن إقامة جسر جوي إنساني لسوريا عبر تركيا في أول مبادرة أوروبية من هذا النوع منذ سقوط بشار الأسد مطلع الشهر ذاته.
وتتضمن الحزمة مستلزمات الجراحة الطارئة وأدوية أساسية.
إمدادات طبية للمؤسسات الصحيةوصرح لورينتسو دال مونتي المحلل المعني بشؤون التخطيط في منظمة الصحة العالمية بأن “الإمدادات الطبية ستوزع على مؤسسات الصحة والأطباء في سوريا، عملا بالمبادئ الإنسانية، كي تستفيد منها سوريا عموما وإدلب وحلب خصوصا”.
وأشار إلى أن المساعدات “تتضمن بشكل أساسي مجموعات مستلزمات تتيح للأطباء في سوريا إجراء آلاف العمليات الجراحية ومعالجة المصابين”.
وتسبب الأزمة السورية منذ اندلاعها عام 2011 بانهيار النظام الصحي في البلاد، بحسب مونتي الذي أشار إلى أن “حوالي نصف المستشفيات السورية خارجة عن الخدمة”.
المصدر: أ ف ب