الاتصال المؤسسي وبناء السمعة
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
سلطان بن محمد القاسمي
إنَّ الاتصال، والسمعة يشكِّلان بوابة النجاح للمؤسسات؛ إذ تُعَدُّ الجهود الاتصالية استثمارًا مهمًّا لمواجهة التحديات المستقبلية؛ حيث لا يوجد مشروع، أو مؤسسة؛ سواء كانت حكومية، أو خدمية، أو تجارية، أو صناعية، دون أن تكون عرضةً لتغيرات السمعة، وتأثيراتها.
وتسعى المؤسسات، والأفراد- بمختلف المهام والاتجاهات- إلى صناعة صورة مؤثِّرة لها في الجمهور المستهدَف، وغرس انطباعات إيجابية من أجل التأثير، والإقناع؛ ومن ثَمَّ صنع بيئة جاذبة للخدمات، أو الأفكار، أو المنتجات التي تقدمها تلك المؤسساتُ، أو الأفراد.
ويُعَدُّ الاتصالُ المؤسسيُّ العمليةَ التي تقوم المؤسسة من خلالها بإيصال رسالتها، وقيمها، وأهدافها إلى الجمهور. من هنا سيركز الاتصالُ المؤسسي على بناء السمعة بجهدٍ مستمر عبرَ تحديد هُوِيَّةِ المؤسسة، وتمييزها عن المنافسين، والتخطيط من أجل صورة إيجابية، وموثوقة عن المؤسسة، وأدائها، والحرص على بناء علاقات قوية، ومستدامة مع كلٍّ من الجمهور، والشركاء، والمجتمع.
وهذا بلاشك سيتطلب من القائمين على إدارات العلاقات العامة، والاتصال المؤسسي أن يكونوا على قدرٍ كبيرٍ من المهارة في التعامل مع الأزمات، والتهديدات التي قد تضرُّ بسمعة المؤسسة، وأن يكون لهم القدرةُ، وبشكل مستمر على اقتراح استراتيجياتِ تحسينِ أداءِ المؤسسةِ، وتطوير برامج توعية لزيادة الوعي بالمؤسسة، وخدماتها.
إن المؤسسة أمام هذا التحدي مطالبةٌ بتعزيز قدرتِها على إدارة السمعة من خلال تحديد نقاطِ قوتِها وتعزيزِها، ونقاط ضعفِها، ومعالجتها، وبناء العلاقات القوية، والبناءة مع أصحاب المصلحة، والتواصل الفعَّال مع ذوي العلاقة، والجمهور، فضلا عن تعزيزِ قدرتِها على تقديمِ منتجاتٍ، وخدماتٍ عالية الجودة، والقيمة، والتميز، والابتكار، والتكيف مع التغيُّرات، وتطبيق مباديء الحوكمة فيما يتعلق بالشفافية، والنزاهة، والمسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى قياسِ، وتحسينِ الأداء، والنتائج، والتأثير.
ولا بُد في هذا الشأن من التعرف على أنواع مكونات السمعة الكلية للمؤسسة، وهي: علامة المؤسسة التجارية، ورؤيتها، وسمعة المؤسسة، وسمعة أفرادِها كونَهم سفراءَ السمعةِ الكلية للمؤسسة، والسمعةِ الجماعيةِ عن أقسام المؤسسة.
ولا تقف إدارةُ السمعة على الجانب المعرفي، والإدراكي فحسب، بل لابد من مراقبةٍ مستمرة لكلِّ موضعٍ يمكن أن يؤثِّرَ في سمعة المؤسسة، خاصة في الوقت الحالي، مع الانفتاح الاتصالي، والبيئة التكنولوجية الواسعة، فلا بُد من متابعة أثر المؤسسة في المواقع الإلكترونية، والاجتماعية، وإجراء التحليلات، والدراسات، والتقارير التي من شأنها أن تبيِّن للإدارة تقييمَ سمعة المؤسسة، ومواطن قوتها، وتأثيرها.
ولكون إدارة السمعة هي استثمارٌ طويلُ الأمد، ونجاحٌ مستدامٌ للمؤسسات، وتستلزم دعمًا معنويًّا، وماديًّا كبيرًا، ينبغي أن ندرك أهمية جودة، وفاعلية الاتصال المؤسسي، والمهارات الذاتية، والمهنية التي يمتلكها أفرادُ المنظمة في بناء، وتعزيز السمعة المؤسسية، واعتمادِ المساراتِ العلميةِ الناجحةِ في قيادةِ، وإدارةِ السمعة، وقياسها؛ ومن ثَمَّ القدرة على فهم الواقع، ومعرفة الانطباع، الذي يؤدي إلى تحسين الأداء، والإنتاجية.
إنَّ المؤسسات يجدر بها أن تدركَ أن السمعة الطيبة لا تحدثُ صدفةً، بل هي نتاجٌ لعقولٍ تفكِّر، وسواعد تبني، وأن الإدارة الناجحة للسمعة تعكس الاستعداد لمواجهة التحديات، وبناء مستقبل، ناجح، كريم.
وفي سياقِ هذه الأهمية، كانت لي الفرصة الرائعة في المشاركة في الدورة التدريبية المكثفة التي نظَّمها مركزُ التدريب الإعلامي في وزارة الإعلام في سلطنة عُمان على مدار خمسة أيام، والتي هدفتْ إلى تعزيزِ مهاراتِ التواصلِ، وإدارة السمعة المؤسسية، وقد قام بتقديمها الأستاذُ "أحمد عودة"، استشاري، ومدرب دولي في الاتصال، والعلاقات العامة، والذي يتمتع بخبرة واسعة في مجالات الاتصال، وإدارة السمعة، كما شارك فيها ثلةٌ من الكفاءات الإعلامية المتخصصة في مجال الاتصال من مختلف المؤسسات الحكومية، والأمنية في سلطنة عُمان.
إنَّ المشاركة في هذه الدورة التدريبية بمثابة تجربة غنية، وفرصة حقيقية للارتقاء بمهارات التواصلِ، وفهم أعماق إدارة السمعة، والفضل يعود- بعد الله- إلى الأستاذ أحمد عودة الذي قدَّم لنا إلهامًا، ومعرفة قيِّمة في مجالاتِ الاتصالِ، وإدارة السمعة، كما قَدَّمَتْ لي الدورةُ منصةً لتبادل الخبرات، والمعرفة مع المشاركين الآخرين، مما أثَّر إيجابيًّا على تطويرِ مهاراتي الشخصية، والمهنية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ندوة تثقيفية بمحافظة قنا لتعزيز التعاون وإدارة الموارد المائية بفعالية
نظمت محافظة قنا ندوة تثقيفية للتعريف بالمستويات المختلفة للروابط والأدوار والمسؤوليات لاتحاد روابط مستخدمي المياه بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، وذلك بهدف تحقيق التعاون المشترك، وتعزيز الأمن المائي، وإدارة الموارد المائية بشكل مستدام، وترشيد الاستهلاك، إلى جانب إزالة المخالفات، وحسم الشكاوى، وفض المنازعات.
حضر الندوة اللواء حسام حمودة، السكرتير العام للمحافظة، واللواء أيمن السعيد، السكرتير العام المساعد، والمهندس صالح إبراهيم بغدادي، رئيس الإدارة المركزية للموارد المائية والري بمحافظتي قنا والأقصر، والمهندس محمود مصطفى السيلي، رئيس الإدارة المركزية للتوجيه المائي بالقاهرة، ورائف تمراز، أمين عام اتحاد روابط مستخدمي المياه، والمهندس خالد عبد الظاهر، أمين صندوق الاتحاد، والمهندس أبو العباس، وكيل وزارة الزراعة بقنا، إضافة إلى عدد من القيادات التنفيذية وأمناء روابط المراكز.
افتتحت الندوة بكلمة ألقاها أمين عام اتحاد روابط مستخدمي المياه، تناول فيها التحديات الكبرى التي تواجه الموارد المائية في مصر، وأبرزها محدودية الموارد المائية وانخفاض كفاءة استخدامها، وتأثير ذلك على القطاع الزراعي.
وأشار إلى الدعم الذي قدمته الدولة بقيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال مشروعات استصلاح الأراضي وتطوير نظم الري، مما يسهم في زيادة الإنتاجية الزراعية وتقليل الهدر، كما استعرض دور الروابط في تعزيز الاستدامة المائية وفقًا لقانون الري الجديد رقم 147 لسنة 2021، مشيرًا إلى أن تشكيل الروابط يتم وفق نظام هرمي يبدأ من الروابط المحلية على مستوى الترع والمساقي، ويتدرج إلى روابط مركزية واتحاد عام يمثل مستخدمي المياه على المستوى الوطني، بما يعزز المشاركة المجتمعية في إدارة الموارد المائية.
من جانبه، أكد المهندس محمود السيلي على دور الروابط في ترشيد استهلاك المياه، والتغلب على تحديات مثل التغيرات المناخية وزيادة التعداد السكاني، موضحًا أهمية التعاون بين مؤسسات الدولة والتنظيمات الأهلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القطاع الزراعي.
كما تناول رئيس الإدارة المركزية للموارد المائية والري بمحافظتي قنا والأقصر التحديات المرتبطة بسد النهضة والتغيرات المناخية، ودعا إلى تعزيز التنسيق بين رؤساء المدن ووزارتي الري والزراعة لتحقيق إدارة متكاملة للموارد المائية.
وفي كلمته، دعا أمين صندوق اتحاد روابط مستخدمي المياه إلى تضافر الجهود بين الجهات المعنية لتذليل العقبات التي تواجه المزارعين، مشيدًا باهتمام القيادة السياسية بقضايا الفلاح المصري.
واختتمت الندوة بجلسة نقاشية تم خلالها الاستماع إلى تحديات المزارعين ومقترحاتهم، مع التركيز على تعزيز الوعي المجتمعي وتطوير حلول عملية للتحديات التي تواجه القطاع الزراعي.