بدء أعمال أسبوع الاستثمار والأمن الغذائي في سلطنة عُمان
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
الدوحة ـ العُمانية: بدأت اليوم أعمال "أسبوع الاستثمار والأمن الغذائي في سلطنة عُمان" الذي ينظمه جناح سلطنة عُمان ضمن مشاركته في معرض "إكسبو 2023 الدوحة للبستنة" تحت شعار "صحراء خضراء، بيئة أفضل".
وأكد سعادة فيصل بن عبد الله الروّاس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان راعي المناسبة، أن مشاركة سلطنة عمان في معرض إكسبو 2023 الدوحة للبستنة يأتي لتعريف المستثمرين في دولة قطر الشقيقة ودول العالم بالفرص الاستثمارية في القطاع الزراعي والأمن الغذائي بسلطنة عُمان.
وقال سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العمانية: إن العروض المرئية التي تم تقديمها اليوم ضمن فعالية أسبوع الاستثمار والأمن الغذائي في سلطنة عُمان؛ سترى انعكاسات إيجابية على القطاع الخاص.
وأضاف سعادته: إن دور غرفة تجارة وصناعة عُمان يتمثل في لجنة الأمن الغذائي التي تعمل بشكل وثيق مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في تقديم الفرص للمواطنين والمستثمرين.
ومن جانبه أشار خالد بن سالم الزهيمي مفوض عام جناح سلطنة عُمان بإكسبو 2023 الدوحة للبستنة، في كلمة له إلى أن "إكسبو ۲۰۲۳ الدوحة للبستنة" يكتسب أهمية بصفته حدثًا فريدًا يسلط الضوء على قضايا الزراعة والبستنة والاستدامة، وعرض أحدث التقنيات والابتكارات في مجال الزراعة المستدامة وتوفير الغذاء والموارد الطبيعية، والتشجيع على تبادل المعرفة والتجارب بين الدول المشاركة.
وأضاف أن مشاركة سلطنة عُمان في هذا الحدث العالمي المهم تأتي في إطار ما توليه الحكومة من اهتمام بقطاع الأمن الغذائي، والذي يتماشى مع أولويات رؤية " عُمان ٢٠٤٠ " التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة الزراعية والأمن الغذائي وتعزيز التنمية الريفية في سلطنة عُمان.
وأكد أن سلطنة عُمان حرصت على أن يكون حضورها مثريًا وجاذبًا للزوار؛ من خلال تصميم جناح بُني على مساحة ۹۰۰ متر مربع، وهو عبارة عن حديقة من الأشجار العُمانية الأصيلة التي تعبّر عن الثراء والتنوع النباتي الفريد الذي تزخر به التضاريس العمانية والتي تمتد من جبال مُسندم إلى جنوب ظفار، وبلغ عددها حوالي ١٦٠٠ شجرة ونبتة وتمثل ٥٥ صنفا من الأشجار العمانية، تم نقلها من حديقة النباتات العمانية (إحدى المشروعات الرائدة في الخارطة السياحية لسلطنة عمان).
وأوضح أن الجناح يحتوي على تجسيد رمزي لتنوع النباتات من خلال مُحَاكاة لزراعة الأشجار التي تنبت في بيئة ظفار، وفي المدرجات الزراعية لبيئة الجبل الأخضر، بالإضافة إلى البيئة الجافة.
وبيّن مفوض عام جناح سلطنة عُمان بإكسبو 2023 الدوحة للبستنة، أن الجناح يتيح للزائر أن يتعرف على استخدام النباتات المحليَّة التي منها شجرة اللبان وشجرة الباوباب، وهي من الأشجار المعمرة الموجودة في محافظة ظفار.
وأفاد أن الجناح يتيح للزائر التعرف على الموروث التراثي والهندسي للأفلاج، حيث يعد الفلج رمزًا للتعاون والصداقة والسلام والحوار والتسامح مع الآخرين، وهذه هي السياسة الحكيمة التي تنتهجها سلطنة عُمان مع دول العالم.
وتابع قائلا: إن جناح سلطنة عُمان حرص في إنتاج الطاقة النظيفة واستخدامها في إنتاج المحاصيل الزراعية وتقليل الاعتماد على الطاقة غير المستدامة وتقليل استخدام المياه في الزراعة العضوية والزراعة العمودية.
ولفت إلى أن العلاقات الأخوية التي تربط سلطنة عُمان بدولة قطر الشقيقة تحتّم استثمار هذا التميز في العلاقة لتنعكس إيجابا على التبادلات التجارية لتعظيمها وتعزيزها لتحاكي مستوى تلك العلاقة، مشيرا إلى أن سلطنة عُمان تعد من أهم الشركاء التجاريين لدولة قطر؛ فقد بلغ التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي (2023) مليارًا و ۲۲ مليون ريال عُمانِي.
وأشار إلى أن الإحصاءات تشير إلى وجود نحو ۳۰۰ شركة عمانية تعمل في السوق القطري برأس مال عُماني ۱۰۰%، كما يوجد عدد من الشركات العمانية التي تعمل في دولة قطر بشراكة مع شركات قطرية في قطاعات مختلفة، مثل التجارة والمقاولات والخدمات والضيافة والطاقة والصيانة.
واختتم حديثه قائلا: إن سلطنة عُمان حرصت على الحضور والمشاركة في فعاليات إكسبو 2023 للبستنة؛ وهو ما يعكس الرغبة الجادة في تعزيز التعاون وتوطيد العلاقات التجارية وتبادل الخبرات والمعلومات، واستكشاف فرص العمل المشتركة في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين بما يُحقق التكامل المنشود.
وبدوره أكد سعادة محمد بن أحمد الكواري النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة قطر أن الفرص الاستثمارية المتعلقة بالقطاع الزراعي والأمن الغذائي والصناعة الغذائية والثروة السمكية في سلطنة عُمان "كبيرة".
وأضاف أن هناك العديد من المستثمرين من الجانب القطري بسلطنة عمان في القطاع الزراعي والسمكي، مشيرا إلى أن الوقت مناسب لإقامة المزيد من هذه الاستثمارات التي تعود بالفائدة على البلدين الشقيقين والمستثمرين، موضحا أن الفرص الاستثمارية والتسهيلات التي تم تقديمها في فعالية "أسبوع الاستثمار والأمن الغذائي في سلطنة عمان" اليوم في الموانئ والبنى التحتية والمناطق الاقتصادية والحرة؛ ستعمل على إيجاد العديد من الفرص والتشجيع على الاستثمار.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه دول العالم في مجال الأمن الغذائي التي منها التغير المناخي؛ قال النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة قطر: إن الوقت مناسب للدول من أجل إقامة بنية تحتية للاستثمار في الأمن الغذائي والتعاون فيما بينها خاصة أن الفرص المتاحة بين الدول متباينة ليكون هناك استثمار أكثر فيما بينها لتأمين الغذاء بين الدول.
من جانبه أكد المهندس صالح بن محمد الشنفري رئيس لجنة الأمن الغذائي بغرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان، أن سلطنة عمان حققت العديد من الإنجازات والمؤشرات في مجال الأمن الغذائي طوال العقدين الماضيين، وأن الجهود والتعاون الكبير بين القطاعين العام والخاص أدى إلى إنجاز العديد من المشروعات الغذائية التي أنتجت علامات تجارية في اللحوم والدواجن والألبان.
وأشار إلى أن تجربة سلطنة عمان في مجال الأمن الغذائي رائدة؛ فهي مصدر رئيس للأسماك إلى العديد من دول العالم، ولديها فائض في الكثير من المنتجات وحققت مراحل متقدمة في الكثير من المؤشرات، لافتا إلى أن أنها تتقدم كثيرا في مؤشر الأمن الغذائي على مستوى العالم العربي، كما أنها لم تشهد تراجعًا أو انتكاسًا خلال الأزمات، ومن المهم التركيز على السيادة الغذائية.
كما أكد على وجود استقرار غذائي لدى سلطنة عمان، وهي تشهد تقدمًا في إنتاج القمح، كما أن هناك حاجة للاستثمار في الحبوب الأخرى مثل الأرز.
وقال: إن سلطنة عمان تتمتع بموقع جغرافي متميز ولديها العديد من الموانئ والمطارات والقدرات التخزينية العالية وهي متقدمة في مؤشرات اللوجستية عالميًّا، موضحا أن الركائز الأساسية للأمن الغذائي تتمثل في العديد من المحاور منها: الإنتاج الغذائي المستدام وعمل استراتيجيات معتمدة للأمن الغذائي وإيجاد تمويل مستدام وميسر ينعكس على شكل مشروعات ومبادرات.
وقدم محمود عبدالمجيد الهوتي أخصائي ترويج استثمار بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، عرضا مرئيا بعنوان "استثمر في عمان"، تناول رؤية الوزارة عن بيئة مُجتمع الأعمال العُماني والتنويع الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، لجعل سلطنة عمان في مصاف الدول المتقدمة.
وتطرق العرض المرئي إلى الاقتصاد العماني في رؤية "عُمان 2040" ويتضمن عدة محاور منها: التنويع الاقتصادي، والإسهام في توفير فرص العمل والنمو الاقتصادي وبرامج المحتوى المحلي وتنمية متوازنة في المحافظات وتعزيز الصادرات وتنوعها، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر والارتقاء بتصنيف سلطنة عمان في المؤشرات الدولية.
كما اشتمل العرض على تقديم نبذة عن المقومات التي تتمتع بها سلطنة عمان من المطارات والموانئ البحرية والمناطق الصناعية والمناطق الحرة والاقتصادية وأهم الحوافز المُقدمة للمستثمرين.
وأوضح العرض أن القطاعات الاقتصادية في سلطنة عُمان تنقسم إلى القطاعات الاقتصادية الواعدة وتشمل: السياحة والتعدين والتصنيع والزراعة والثروة السمكية والنقل، والقسم الآخر القطاعات الداعمة وهي: التعليم والصحة والاقتصاد الدائري وتقنية المعلومات والاتصالات، كما تطرق إلى أهمية قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان.
وقدم العرض نبذة تعريفية عن صالة "استثمر في عُمان" التي تعد محطة متكاملة لجذب وتسهيل الاستثمار في سلطنة عمان، وتضم عدة مؤسسات حكومية ومؤسسات خاصة تعمل بالشراكة والتكامل.
إلى جانب ذلك، تناول العرض برنامج منح الإقامة الطويلة للمستثمرين والمتقاعدين في سلطنة عمان - إقامة مستثمر تضمن المعايير والاشتراطات لمنح بطاقة الإقامة، للفئة الأولى والثانية -.
وقدمت حميدة بنت عبدالله المعشرية أخصائية تسويق من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه عرضا مرئيا عن "التسويق والاستثمار الزراعي والسمكي في سلطنة عمان"، استعرضت خلاله رؤية الوزارة والقيم التي تتبنّاها وتتضمن الإبداع والابتكار والريادة والتميز والكفاءة والأمانة والشراكة والتكامل والشفافية والمسائلة.
وأوضحت أن حجم الإنتاج الإجمالي النباتي والحيواني خلال الفترة (2011 - 2022م) بلغ ٣٩٢٧ ألف طن، فيما بلغت نسب الاكتفاء الذاتي للسلع الغذائية للتمور ٩٧ بالمائة والحليب الطازج ٨٨ بالمائة وإجمالي الخضروات ٧٧ بالمائة وإجمالي الفواكه بدون التمور ٢٦ بالمائة ولحوم الدواجن ٦٢ بالمائة واللحوم الحمراء ٤٤ بالمائة.
واستعرضت مشاريع التصنيع والتسويق الزراعي التي يتم متابعتها من مكتب رؤية "عمان 2040" والموقف التنفيذي لمشاريع التصنيع والتسويق الزراعي خلال عام 2023م.
كما تطرقت إلى نسبة إنجاز المستهدف من مشاريع التصنيع في قطاع الثروة الزراعية (نباتي وحيواني) لعام ٢٠٢٣م؛ فقد تم تحقيق ٧ بالمائة من مشاريع القطاع، إلى جانب المستهدف من مشاريع التصنيع في القطاع السمكي لعام 2023م، فقد بلغت الزيادة الفعلية في عدد المصانع عام 2023م حوالي 7 مصانع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إکسبو 2023 الدوحة للبستنة فی سلطنة عمان سلطنة عمان فی العدید من فی مجال مان فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء: تغير المناخ يؤثر عالمياً على الأمن الغذائي ويدفع بالملايين للنزوح
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول من خلاله مفهوم تغيُّر المناخ ومسبباته وتداعياته على مختلف المناطق، كما استعرض تأثيره على الأفراد والشركات، مع توضيح أبرز مقترحات مواجهته.
أشار التحليل إلى أن تغيُّر المناخ يُعد أحد أخطر التحديات البيئية الأكثر إلحاحًا في العصر الحديث؛ حيث يؤثر بشكل مباشر على الأفراد، من خلال مظاهر هذا التغيُّر التي تشمل ارتفاع درجات الحرارة، والتي تهدد الصحة العامة، لا سيما لدى الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال وكبار السن، كما يؤدي إلى تراجع الموارد الطبيعية، مثل المياه والغذاء، نتيجة لاختلال أنماط هطول الأمطار؛ مما يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، ويهدد الأمن الغذائي، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة الأعباء المعيشية، بالإضافة إلى ذلك، تتسبب الكوارث الطبيعية المتزايدة، مثل الفيضانات والجفاف، في فقدان المنازل وتشريد الملايين؛ مما يؤدي إلى أزمات إنسانية واجتماعية، كما تتأثر سبل العيش؛ حيث يواجه العاملون في الزراعة والصيد والسياحة تحديات تهدد استقرارهم الاقتصادي.
أوضح التحليل أن تغيُّر المناخ يُشير إلى التغيُّرات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس، والتي قد تحدث بشكل طبيعي نتيجة للتقلبات في النشاط الشمسي أو الانفجارات البركانية الكبرى، ومع ذلك، فمنذ القرن التاسع عشر أصبحت الأنشطة البشرية هي العامل الأساسي وراء تغيُّر المناخ، وقد أكد علماء المناخ أنها مسؤولة بشكل كامل عن الاحترار العالمي خلال القرنين الماضيين؛ إذ تؤدي الأنشطة البشرية إلى انبعاث الغازات الدفيئة التي تُسهم في رفع درجة حرارة الأرض بمعدل أسرع من أي وقت مضى، وذلك خلال الألفي عام الأخيرة على الأقل.
أضاف التحليل أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض أصبح الآن حوالي 1.1 درجة مئوية أكثر دفئًا مما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر، أي قبل الثورة الصناعية، ويُعد العقد الماضي (2011-2020) الأكثر دفئًا على الإطلاق، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز. وينتج عن احتراق هذه المصادر انبعاثات الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري)، التي تعمل كغطاء يحيط بالأرض؛ مما يؤدي إلى احتباس حرارة الشمس، وارتفاع درجات الحرارة العالمية.
ذكر التحليل أن ثاني أكسيد الكربون والميثان يُعدوا من الغازات الدفيئة الرئيسة المسؤولة عن تغيُّر المناخ؛ حيث تنتج هذه الغازات من استخدام البنزين في وسائل النقل أو حرق الفحم لتدفئة المباني، كما أن إزالة الغابات تُسهم في إطلاق كميات إضافية من ثاني أكسيد الكربون، وتُعد الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي، من بين القطاعات الرئيسة المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وعند وصول الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، ستصبح موجات الحر أكثر شدة، وستمتد الفصول الدافئة لفترات أطول، بينما ستتقلص الفصول الباردة، أما في حال ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 2 درجة مئوية، فستصل موجات الحر المتطرفة بشكل متكرر إلى مستويات حرجة؛ مما يشكل تهديدًا مباشرًا للزراعة والصحة.
أوضح التحليل أن تأثيرات تغيُّر المناخ لا تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة فقط، بل تمتد لتشمل تغييرات واسعة في مختلف الأنظمة البيئية والمناطق الجغرافية، والتي ستزداد حدتها مع استمرار الاحترار، وتشمل هذه التأثيرات:
-تغيُّر أنماط هطول الأمطار: حيث من المتوقع أن تزداد نسبة الهطول في المناطق الواقعة عند خطوط العرض العليا، بينما ستنخفض بشكل ملحوظ في أجزاء واسعة من المناطق شبه الاستوائية، كما ستتغير أنماط الأمطار الموسمية وفقًا لكل منطقة، مع حدوث فيضانات متكررة بالتزامن مع موجات جفاف أكثر حدة بعدد من المناطق.
-ارتفاع مستوى سطح البحر: سيستمر مستوى سطح البحر في الارتفاع على مدار القرن الحادي والعشرين؛ مما سيؤدي إلى تفاقم الفيضانات الساحلية في المناطق المنخفضة، وزيادة معدلات تآكل السواحل، ومن المتوقع أن تتحول الأحداث المتطرفة لارتفاع مستوى سطح البحر، التي كانت تحدث مرة كل 100 عام، إلى ظواهر سنوية بحلول نهاية القرن.
- ذوبان الجليد وفقدان الغطاء الثلجي الموسمي: سيؤدي الاحترار المستمر إلى تسارع ذوبان التربة الصقيعية، واستمرار فقدان الجليد البحري في القطب الشمالي خلال فصل الصيف، إلى جانب تراجع الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية.
-تغيُّرات في المحيطات: حيث يشهد المحيط ارتفاعًا في درجة حرارة مياهه، وزيادة في موجات الحرارة البحرية، وتحمضًا متزايدًا، وانخفاضًا في مستويات الأكسجين، وهي تغييرات مرتبطة بالنشاط البشري، ومن المتوقع أن تؤثر هذه التحولات على النظم البيئية البحرية والمجتمعات التي تعتمد عليها، وستستمر على الأقل حتى نهاية هذا القرن.
-تأثيرات على المدن: حيث ستتفاقم بعض جوانب تغيُّر المناخ في المناطق الحضرية، لا سيما ارتفاع درجات الحرارة؛ حيث تكون المدن عادة أكثر دفئًا من المناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى زيادة مخاطر الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة، وارتفاع مستوى سطح البحر في المدن الساحلية.
علاوةً على ذلك، تُسهم الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير وحرائق الغابات في تدمير المنازل والبنية التحتية؛ مما يجبر الكثيرين على النزوح من مناطقهم، كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد المدن الساحلية؛ مما يجعل السكان أكثر عرضة لفقدان مساكنهم ومصادر رزقهم، ولا تقتصر التأثيرات على الصحة والاقتصاد فحسب، بل تمتد إلى الجوانب النفسية والاجتماعية؛ حيث يزيد القلق بشأن المستقبل مما يتسبب في زيادة مستويات التوتر والاكتئاب بين الأفراد.
استعرض التحليل تأثير تغير المناخ على الأفراد من خلال تسليط الضوء على عدة جوانب رئيسية وهي:
أولاً: تأثيرات تغيُّر المناخ على الصحة: تصف منظمة الصحة العالمية تغيُّر المناخ بأنه أكبر تهديد صحي يواجه البشرية، إذ تُقدر أنه سيتسبب في نحو 250,000 وفاة إضافية سنويًّا بين عامي 2030 و2050، وستكون معظم هذه الوفيات ناتجة عن سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، على أن الحرارة هي أخطر أنواع الطقس القاسي؛ حيث تُسهم درجات الحرارة المرتفعة في وفيات العمال الذين يعملون في الهواء الطلق، والسياح، والحجاج الدينيين، والأشخاص الذين يعانون من التشرد، لكن تأثير الحرارة لا يقتصر على ذلك، بل يؤثر أيضًا على الصحة الجسدية والعقلية بطرق مختلفة:
1- تسببت فصول الشتاء الأقصر والأكثر دفئًا في انتشار أكبر للأمراض المنقولة عبر الحشرات، مثل داء لايم، وزيكا، والملاريا، وحمى الضنك، وفيروس غرب النيل، وشيكونغونيا.
2- تؤدي موجات الحر، خاصةً عند اقترانها بتلوث الهواء الناتج عن حركة المرور، إلى ارتفاع مستويات الأوزون؛ مما يُسهم في تفاقم العديد من المشكلات الصحية، مثل: الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
3- زيادة تركيزات حبوب اللقاح وإطالة مواسم الحساسية، فوفقًا لمؤسسة الربو والحساسية الأمريكية، فإن ارتفاع درجات الحرارة في الولايات المتحدة أدى إلى تمديد موسم حبوب اللقاح بين 11 و27 يومًا خلال الفترة من 1995 إلى 2011.
وأضاف التحليل أن تغيُّر المناخ يزيد احتمال حدوث جائحة جديدة؛ حيث إن ارتفاع درجات الحرارة سيجبر الحيوانات البرية على تغيير موائلها (بيئاتها)، ووفقًا لتقرير نُشر في المجلة العلمية Nature، فقد يؤدي ذلك إلى دفع هذه الحيوانات إلى العيش بالقرب من المناطق المأهولة بالسكان؛ مما يزيد فرص انتقال الفيروسات وحدوث جائحة جديدة.
ويشير التقرير إلى أن "تغيُّر النطاق الجغرافي" سيؤدي إلى تفاعل الثدييات مع بعضها بعضًا لأول مرة؛ مما قد يتسبب في تبادل آلاف الفيروسات. ويؤكد العلماء أنه حتى في حال الحد من الاحتباس الحراري إلى أقل من 2 درجة مئوية هذا القرن، فإن ذلك "لن يقلل من انتقال الفيروسات في المستقبل".
وأوضح التحليل أنه بالرغم من أن التغيُّر المناخي يؤثر على الجميع، فإن بعض الفئات أكثر عرضة للمخاطر الصحية، وتشمل:
1-الأطفال: بسبب جهازهم المناعي غير المكتمل، يكونون أكثر عرضة للإجهاد الحراري والجفاف، كما أنهم أكثر حساسية لتلوث الهواء ودخان حرائق الغابات.
2-النساء الحوامل: يواجهن خطرًا متزايدًا من الإجهاد الحراري أثناء موجات الحر بسبب التغيُّرات الفسيولوجية المرتبطة بالحمل، كما أنهن وأجنتهن أكثر حساسية لتلوث الهواء ودخان الحرائق.
3-كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة: يكونون أكثر عرضة للجفاف، والإجهاد الحراري، والالتهابات، وتفاقم أمراض القلب والجهاز التنفسي.
4-السكان في المناطق الريفية والنائية وسكان الشعوب الأصلية والأشخاص ذوي الدخل المنخفض: يواجهون مخاطر أكبر بسبب قلة الخدمات الصحية، وزيادة التعرض للكوارث الطبيعية، مثل: حرائق الغابات والجفاف والعواصف وارتفاع مستوى سطح البحر.
ثانياً: التأثير الاقتصادي لتغيُّر المناخ على الأفراد والشركات: أشار التحليل إلى أن موجات الحرارة المرتفعة، والجفاف الطويل الأمد، والفيضانات الشديدة تُسهم في ارتفاع تكاليف المعيشة وجعل الناس أكثر عرضة للمخاطر.
1- التأثير على الأمن الغذائي والأسعار: تؤثر الأحوال الجوية القاسية على إنتاج العديد من المحاصيل الأساسية، مثل الأرز، والقمح، والذرة، والقهوة، والكاكاو؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الجودة.
2- تراجع استقرار شبكة الكهرباء وارتفاع التكاليف: حيث تصبح شبكة الكهرباء أكثر عرضة للاضطرابات، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الضغط عليها، خاصة مع تزايد الاعتماد على أجهزة التبريد، كما يواجه مزودو الخدمات أضرارًا متزايدة بسبب الظواهر المناخية المتطرفة، مثل حرائق الغابات والعواصف العنيفة، وفي النهاية، تنعكس هذه التحديات على المستهلكين من خلال ارتفاع تكاليف الكهرباء.
3- ارتفاع حرارة المحيطات يهدد حياتنا واقتصادنا: يشكل ارتفاع مستوى سطح البحر خطرًا غير مسبوق على سلاسل التوريد العالمية، فقد يؤدي إلى تعطيل الموانئ والبنية التحتية الساحلية، كما أن ارتفاع درجات حرارة المياه يُسهم في زيادة شدة العواصف في المناطق الاستوائية؛ مما يعرض الأرواح والممتلكات للخطر، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن المحيطات تعد موطنًا لغالبية التنوع البيولوجي في العالم، كما يعتمد عليها 3 مليارات شخص في كسب رزقهم، ومع ذلك، تؤدي انبعاثات الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية إلى ارتفاع حرارة المحيطات، وزيادة حموضتها، ونقص مستويات الأكسجين؛ مما يهدد مستقبل الوظائف والصناعات المرتبطة بالبحار.
4- تغيُّر المناخ يدفع بالملايين إلى النزوح: يُعد تغيُّر المناخ أحد العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى الهجرة الداخلية؛ حيث يؤثر سلبًا على سبل العيش، ويجعل بعض المناطق غير صالحة للسكن بسبب تعرضها الشديد للظواهر المناخية القاسية، وتشير التوقعات إلى أن 216 مليون شخص قد يضطرون للنزوح بسبب تغيُّر المناخ بحلول عام 2050، وذلك عبر ست مناطق حول العالم، وستكون أكبر أعداد النازحين في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (86 مليون شخص)، تليها شرق آسيا والمحيط الهادي (49 مليون شخص)، ثم جنوب آسيا (40 مليون شخص).
5- تغيُّر المناخ قد يجعل تأمين الممتلكات أكثر تكلفة: ففي عام 2021 تسببت الكوارث الجوية المتطرفة في خسائر مؤمَّنة بلغت 105 مليارات دولار، وهو رابع أعلى مستوى منذ عام 1970، وذلك وفقًا للتقديرات الأولية لشركة Swiss Re، إحدى الشركات الرائدة عالميًّا في التأمين وإعادة التأمين، ولا يؤدي هذا فقط إلى ارتفاع تكاليف التأمين للجميع، بل قد يجعل بعض الأصول غير قابلة للتأمين تمامًا. ووفقًا لمجلس المناخ الأسترالي، فإن واحدًا من كل 25 منزلًا في أستراليا قد يصبح غير قابل للتأمين بحلول عام 2030.
6- تكاليف باهظة للشركات بسبب المخاطر البيئية: أشارت دراسة صادرة عن منظمة CDP غير الربحية في عام 2021، التي تدير أكبر نظام عالمي للإفصاح البيئي، إلى أن الشركات قد تتحمل ما يصل إلى 120 مليار دولار من التكاليف المرتبطة بالمخاطر البيئية في سلاسل التوريد بحلول عام 2026، وتشمل هذه التكاليف ارتفاع أسعار المواد الخام، بالإضافة إلى تغييرات تنظيمية مثل فرض ضرائب الكربون، وذلك في إطار الجهود العالمية للتصدي للأزمات البيئية.
استعرض التحليل طرق مواجهة تغيُّر المناخ ومنها:
-التمويل المتعلق بالمناخ: يلعب الدعم الاقتصادي دورًا كبيرًا في معالجة تغيُّر المناخ؛ حيث تحتاج الدول النامية إلى 127 مليار دولار سنويًّا بحلول عام 2030، و295 مليار دولار سنويًّا بحلول عام 2050 للتكيف مع تغيُّر المناخ، في الوقت الحالي، يبلغ تمويل التكيف مع المناخ نحو 50 مليار دولار سنويًّا؛ مما يشكل فجوة كبيرة في تلبية الاحتياجات المتزايدة لمواجهة التحديات البيئية.
-التخفيف والتكيف: يجب أن تضمن جهود التخفيف والتكيف مع تغيُّر المناخ عدم تضرر أي فئة بشكل غير عادل، خلال مسيرة الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، ويجب أن تلعب السياسات الحكومية دورًا حاسمًا في الحد من التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، فعلى سبيل المثال، يمكن دعم إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، من خلال برامج تأهيل العمال لاكتساب مهارات جديدة تلائم الوظائف المستدامة، كما يمكن توجيه العائدات الناتجة عن تطبيق سياسات مثل ضرائب الكربون لدعم المجتمعات منخفضة الدخل.
-الأمن الغذائي والمائي: يعد تطوير نظم إنتاج الغذاء وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية من الخطوات الأساسية للتكيف مع الواقع الجديد الذي يفرضه تغيُّر المناخ. ومع ذلك، هناك تفاوتات كبيرة في استهلاك المياه بين الدول الغنية والدول منخفضة الدخل، وكذلك بين الفئات الاجتماعية والاقتصادية داخل كل دولة. لذا، فإن ضمان توزيع عادل ومستدام للموارد أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وأكد التحليل في ختامه أن مواجهة أزمة تغيُّر المناخ، تتطلب تعزيز الوعي واتخاذ تدابير جادة للتخفيف من آثاره والتكيف معها؛ حيث إن المسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمعات والأفراد، فالتغيير يبدأ من السياسات البيئية المستدامة، مرورًا بالاستثمارات في الطاقة النظيفة، وصولًا إلى تبني سلوكيات صديقة للبيئة. كما يلعب التعاون الدولي دورًا أساسيًّا في وضع سياسات فعالة للحد من الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة؛ لضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.