الملاذ الأخير في قطاع غزة تحت القصف.. والتوترات الاقليمية تتصاعد نحو الاحتلال
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
جنيف"د. ب. أ":عواصم " وكالات": شهدت مدينة رفح اليوم السبت ضربات إسرائيلية مكثّفة حيث تستقبل رفح نحو 1.5 مليون من النازحين الفلسطينيين الهاربين من نيران القصف والغارات بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة، في وقت تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية الدولية للتوصل لهدنة جديدة في ظلّ تصاعد التوتّرات الاقليمية في المنطقة نحو دولة الاحتلال.
وفي الساعات الاولى من اليوم، أفادت صحافية من وكالة فرانس برس عن سماع ضربات قوية في هذه المدينة المحاذية للحدود المصرية بأقصى جنوب القطاع.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن استشهاد 100 مدني على الأقلّ، من بينهم 14 اليوم السبت في ضربات استهدفت عمارتين سكنيتين.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تركّزت العمليات الإسرائيلية على مدينة خان يونس المجاورة، وهي ثاني كبرى المدن مساحة في القطاع وتتركّز فيها، بحسب الجيش الإسرائيلي، القيادة المحلية لحركة المقاومة الفلسطنية حماس.
وتحت المطر، واصل آلاف السكان الفرار من المعارك الدائرة والقصف الإسرائيلي في السيارات وعلى الدراجات الهوائية أو في عربات تقطرها حمير أو حتّى سيرا على الأقدام.
ويسعى النازحون إلى إيجاد ملجأ في رفح التي انتقل إليها اكثر من 1,3 مليون نسمة من أصل إجمالي السكان المقدّر عددهم بـ 2,4 مليون، وهم عرضة في عزّ الشتاء للجوع والأوبئة، بحسب الأمم المتحدة.
وفي وقت تتواصل المعارك بلا هوادة، تتكثّف الجهود الدبلوماسية للتوصّل إلى هدنة ثانية تكون مدّتها أطول من تلك التي امتدّت على أسبوع وأقرّت بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة، متيحة في أواخر نوفمبر إطلاق حوالى مئاة رهينة إسرائيلية في مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين في سجونها.
في هذه الاثناء، يتوقع أن يزور إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مرّة جديدة مصر بغية مناقشة اقتراح أعدّ خلال اجتماع في أواخر يناير في باريس بين رئيس الاستخبارات الأميركية المركزية وليام برنز ومسؤولين مصريين وإسرائيليين وقطريين.
وأفاد مصدر في حركة المقاومة الفلسطنية حماس بأن الاقتراح يشمل ثلاث مراحل وينصّ في المرحلة الأولى على هدنة تمتدّ على ستة أسابيع تطلق خلالها إسرائيل سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني، في مقابل الإفراج عن 35 إلى 40 رهينة محتجزة في غزة، على أن يتسنّى دخول ما بين 200 إلى 300 شاحنة مساعدات يوميا إلى غزة.
وفي الأيّام الأخيرة، كشفت قطر عن "تأكيد إيجابي أولي من جانب حماس" لدعم الهدنة، غير أن الحركة أكّدت فيما بعد أنها لم تتخّذ أيّ قرار بشأن المقترح، إذ إنها تؤيّد وقفا لإطلاق النار وليس هدنة جديدة.
أما "الجانب الإسرائيلي (فقد) وافق على هذا الاقتراح"، بحسب ما قال هذا الأسبوع ماجد الأنصاري المتحدث باسم وزارة خارجية قطر التي تساهم في الوساطة.
غير أن إسرائيل تشدد على أنها لن توقف نهائيا حربها على غزة إلا بعد "القضاء" على حركة حماس وتحرير كلّ الرهائن وتلقّي ضمانات بشأن الأمن في أراضيها.
وفي سياق الجهود الدبلوماسية الدولية الاخرى، سيكون مقترح الهدنة هذا في قلب زيارة جديدة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة اعتبارا من غدا الأحد تتخلّلها محطات في قطر ومصر وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة والسعودية.
وهو سيدفع قدما بمقترح للإفراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة مقابل تعليق للهجوم الإسرائيلي على القطاع، وفق ما أعلنت الخارجية الأميركية امس.
وصرّح بلينكن في وقت سابق أنه يسعى خلال هذه الجولة إلى العمل على "سلام دائم في المنطقة، بما في ذلك أمن مستدام للإسرائيليين والفلسطينيين على حدّ سواء".
وستكون هذه المرة الخامسة التي يجري فيها بلينكن زيارة للمنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس بعد الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية على الدولة العبرية.
ويبدأ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بدوره السبت جولة شرق أوسطية تستمر حتى الثلاثاء وتتمحور حول الآفاق السياسية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.
ومن شأن هذه الجولة التي ستشمل مصر والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان أن تدفع قدما نحو "وقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن" و"فتح آفاق سياسية" بالاستناد إلى حلّ الدولتين، مع دولة فلسطينية قائمة إلى جانب إسرائيل، وفق ما قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان.
تسبّبت الحرب بتفاقم التوترات في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك على المستوى الإقليمي بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وإيران ومجموعات أخرى.
وفي سياق متصل بالازمة الانسانية، قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 100 ألف من سكان قطاع غزة أصيبوا أو فقدوا أو استشهدوا مع تدهور الوضع في القطاع. ويشكل هذا الرقم 4.3% من إجمالي سكان القطاع البالغ عددهم 2.3مليون نسمة.
وخلال مؤتمر صحفي أسبوعي للأمم المتحدة عبر الفيديو من القدس، قال ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية للأراضي الفلسطينية المحتلة، إن بقية السكان يواجهون ظروفا سيئة للغاية ويكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية اليومية من السلامة والغذاء والصحة والدفء.
وقال إن وسط غزة يشهد تصاعدا في الأعمال العدائية وهو ما يزيد من عدم القدرة على الوصول إلى المنشآت الصحية الموجودة.
وأعرب بيبركورن عن قلقه العميق إزاء عدم إمكانية الوصول إلى المستشفيات للمرضى والعاملين في المجال الصحي، وقال إن 13 مستشفى من إجمالي 36 مستشفى تعمل بشكل جزئي في غزة، كما أن 13 مركزا للرعاية الصحية الأولية فقط تعمل من إجمالي 73 مركزا.
وأوضح أن وسط غزة يشهد تصاعدا في الأعمال العدائية وهو ما يزيد من عدم القدرة على الوصول إلى المنشآت الصحية الموجودة. في السياق ذاته استشهد ما لا يقل عن 13 فلسطينيا، وأصيب آخرون، في استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، منزلين في رفح جنوبي قطاع غزة.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن جيش الاحتلال قصف منزلا يأوي عشرات النازحين شرق رفح، متسببا باستشهاد 11 على الأقل وإصابة آخرين، مضيفة أن منزلا ثانيا تعرض للقصف، ما أدى لارتقاء شهيدين وإصابة أشخاص آخرين.
من جانبه، قدر البنك الدولي "أن قرابة 45% من المباني السكنية في قطاع غزة دمرت بشكل كامل، أي أن قرابة مليون شخص فقدوا منازلهم كليا في القطاع".
وأشار البنك الدولي، في بيان صحفي أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا ) اليوم السبت، إلى تدمير 34 ألف منزل بشكل كامل، جراء العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر، من بين 55 ألفا بنسبة تدمير تصل لنحو 60% تقريبا.
ووفق الوكالة، "تعمدت قوات الاحتلال في حربها غير المسبوقة على قطاع غزة تدميرا ممنهجا طال كافة مناحي الحياة، من أحياء، ومربعات سكنية، ومدارس، ومستشفيات، وبنوك، وأسواق، ومخابز وغيرها، حيث سوت أحياءً كاملة في أنحاء متفرقة في قطاع غزة بالأرض بتفجيرات، متعمدة وليس فقط بالقصف الجوي، حيث كشفت صور أقمار صناعية المناطق التي تعرضت لدمار كلي أو شبه كلي في بيت حانون، والشجاعية".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
بالقتل والتجويع.. الاحتلال يستمر في خرق الاتفاق وسط عجز دولي
الثورة /متابعات
لم يمرّ يومٌ منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي، إلا وأحدث العدو خرقًا في بنود الاتفاق، سواء فيما يتعلق بالبند الأساسي، وهو وقف العدوان واستهداف الفلسطينيين، أو في بند الانسحاب الكامل من قطاع غزة ومحمور فيلادلفيا أو إدخال المساعدات الإنسانية وفتح المعابر.
بلغت المدة التي بدأ الاتفاق منها 52 يومًا حتى الآن، قام فيها الاحتلال الإسرائيلي بانتهاكات جسيمة وخروقات عديدة، تمثلت في الاستهداف اليومي لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ حيث بلغ عدد الشهداء أكثر من 150 حتى اليوم، كما تمثلت بمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والتي تشمل الغذاء والدواء ومواد البناء والكرفانات والخيم، وكذلك لم يكمل الاحتلال انسحابه من كامل القطاع كما كان منصوصًا عليه في الاتفاق؛ حيث لا يزال مسيطرًا على محور فيلادلفيا حتى اليوم.
من جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ إسرائيل قتلت 150 فلسطينيًا بمعدل نحو 3 أشخاص كل يوم، منذ وقف إطلاق النار في 19 يناير 2025م، بينما تستخدم الحصار والتجويع كأداتي قتل بطيء ضمن جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ فريقه الميداني وثق استمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم القتل سواء بإطلاق النار من القناصة أو طائرات “كواد كابتر”، أو هجمات الطائرات المسيرة، تجاه مواطنين فلسطينيين خصوصًا أثناء محاولتهم تفقد منازلهم قرب المنطقة العازلة التي فرضها على طول الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة.
استهدافات يومية
وذكر أنّ طائرة مسيَّرة إسرائيلية قتلت مساء الاثنين الماضي، “عبدالله علي الشاعر”، وأصابت آخر بجروح شرق رفح خلال وجودهم في المنطقة الآمنة، وذلك بعد ساعات من هجوم آخر من مُسيّرة قتل ثلاثة أشقاء هم: “محمود” و”محمد” و”أحمد عبدالله أحمد”، شمال شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ رفح كانت الأكثر تعرضًا للاستهدافات الإسرائيلية، حيث قُتل “عبدالمنعم علي قشطة” (53 عامًا) داخل منزله برصاص القوات الإسرائيلية المتمركزة على الحدود مع مصر، قبالة حي السلام جنوبي رفح، صباح السبت 8 مارس 2025م، وفي اليوم نفسه، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية بصاروخ الشابين “محمود حسين فرحان الهسي” (37 عامًا) و”مهدي عبدالله نادي جرغون” (39 عامًا) أثناء وجودهما في بلدة الشوكة شرقي رفح، ما أدى إلى مقتلهما على الفور.
ونبّه إلى أن فريقه الميداني وثق استشهاد فلسطينيين آخرين في استهدافات متكررة على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وبلدة بيت حانون شمالي القطاع، منذ بداية شهر مارس الجاري.
وبيّن أن إسرائيل قتلت منذ وقف إطلاق النار 150 فلسطينيًا، بمعدل نحو 3 يوميًا، وأصابت 605 آخرين، بمعدل 11.8 يوميًا، ما يؤكد استمرارها في استهداف الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل ممنهج ودون أي مبرر عسكري، رغم توقف الأعمال القتالية.
قطع الكهرباء عن غزة
ولمزيد من التعنت الإسرائيلي في التنصل من تنفيذ بنود الاتفاق، أعلن وزير الطاقة في حكومة الاحتلال إيلي كوهين، الأحد الماضي، أنه أعطى تعليماته لوقف إمداد غزة بالكهرباء، وذلك بعد أسبوع من قرار منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر، مضيفًا “سنستخدم كل الأدوات المتاحة لنا لاستعادة الرهائن وضمان عدم وجود حماس في غزة في اليوم التالي للحرب”.
ويغذي الخط الكهربائي الوحيد بين إسرائيل وغزة محطة تحلية المياه الرئيسية في القطاع التي تخدم أكثر من 600 ألف شخص، بينما يعول سكان غزة على الألواح الشمسية والمولدات للحصول على الكهرباء، وخصوصًا أن الوقود ينقل إلى القطاع بكميات ضئيلة.
من جهتها قالت حركة حماس إن استمرار قطع الكهرباء عن قطاع غزة منذ أكثر من 16 شهرًا، وما تبعه مؤخرًا من قطع خط الكهرباء المحدود الذي يغذي محطة تحلية المياه في دير البلح، يُعد جريمة حرب تهدد بوقوع كارثة تعطيش في قطاع غزة.
جريمة حرب
وأكدت حماس في بيان أمس الأربعاء، أن استخدام الماء والغذاء كسلاح ضد المدنيين الأبرياء يمثل تصعيدًا خطيرًا ضمن الخطوات الممنهجة لتعميق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، مضيفة أن “حكومة الإرهابي نتنياهو، المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، لا تزال تواصل ارتكاب جريمة عقاب جماعي غير مسبوقة بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة”.
وشددت حماس على أن قطع المياه والكهرباء عن قطاع غزة، ومنع دخول المواد الغذائية والإغاثية والطبية، لليوم الحادي عشر على التوالي، يمثل خرقًا جسيمًا لاتفاق وقف إطلاق النار، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني، مشيرة -في الوقت نفسه- إلى إن صمت المجتمع الدولي وتقاعسه عن تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه هذه الجرائم، وتجاهله للتقارير والدعوات الصادرة عن المنظمات الإنسانية الدولية، وآخرها دعوة منظمة العفو الدولية لمنع الاحتلال من استخدام المياه كسلاح حرب، يشجع الاحتلال على الاستمرار في سياساته الإجرامية.
وطالبت حماس الدول العربية والأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية، بالتحرك العاجل لوقف هذه الجرائم الوحشية، وفرض إجراءات فورية لإنهاء الحصار على قطاع غزة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم أمام العدالة الدولية.
كارثة إنسانية
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ إسرائيل لم تكتفِ بالقتل واسع النطاق وتدمير معظم قطاع غزة على مدار 15 شهرًا، بل تمضي في تصعيد سياسات الإبادة الجماعية عبر فرض ظروف معيشية أكثر فتكًا تؤدي إلى القتل التدريجي والبطيء، من خلال حصار شامل غير قانوني يخنق القطاع بمنع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية، ويحول دون إصلاح البنية التحتية والخدمات الضرورية لنجاة السكان، في ظل غياب أي تدخل دولي فعّال.
وحذّر من كارثة إنسانية وشيكة مع استمرار الحصار، إذ بدأت الأسواق تشهد نفادًا للبضائع، وتوقفت العديد من مراكز الإغاثة والتكايا عن العمل، في ظل الإغلاق المستمر لمعابر غزة ومنع دخول الإمدادات منذ 2 مارس الجاري، ما يفاقم معاناة المدنيين ويدفعهم نحو المجاعة الحتمية.
وشدّد على أن المجاعة ليست الخطر الوحيد الذي يجب أن يستنفر المجتمع الدولي، ولا ينبغي انتظار وقوعها للتحرك؛ إذ أنّ حرمان السكان، وخاصة الأطفال، من التغذية الكافية يؤدي إلى سوء تغذية حاد يسبب أضرارًا صحية غير قابلة للعلاج، ويتسبب في إعاقات جسدية وعقلية دائمة.
ونبّه إلى أن النقص الحاد في التغذية خلال المراحل الحرجة للنمو يضعف الجهاز المناعي، ويزيد من معدلات الإصابة بالأمراض القاتلة، ويؤدي إلى تأخر حاد في التطور الإدراكي والحركي، ما يترك آثارًا صحية دائمة لا يمكن عكسها حتى في حال تحسن الظروف لاحقًا.
القطاع الصحي مدمًّر
وفي تصريحات صحفية أمس، أكد مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة الفلسطينية محمد زقوت، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بدخول أي جهاز طبي أو جهاز أشعة إلى قطاع غزة منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر الماضي حتى الآن، مشددًا على أن “إسرائيل” لم تلتزم بالبروتوكول الإنساني رغم وقف إطلاق النار في يناير الماضي.
وتابع زقوت: “لم يُدخل أي جهاز طبي مهم إلى القطاع، باستثناء بعض المستلزمات والمهمات الطبية التي لا تتجاوز فائدتها 60%”، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال دمرت أجهزة الرنين المغناطيسي وأجهزة التصوير الطبي الطبقي كافة، والتي تعتبر أساسية في التشخيص والمتابعة الطبية للمرضى، خلال اقتحامها مستشفيات القطاع.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ ما تفعله إسرائيل يفاقم الكارثة الإنسانية ويكرّس التجويع كأداة إبادة جماعية، منبها إلى أنّ المساعدات الإنسانية حق أساسي للسكان المدنيين غير قابل للمساومة بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا يوجد أي استثناء أو مبرر قانوني يجيز لإسرائيل حرمان الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية الأساسية.
وأوضح أنّ إسرائيل لا تكتفي باستخدام المساعدات كورقة تفاوضية لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بل تنفذ بشكل متعمد سياسة تجويع منهجية، في محاولة لخلق ظروف معيشية قاتلة تجعل بقاء السكان في غزة مستحيلاً.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ إعلان إسرائيل المتكرر عن تنسيقها الكامل مع الإدارة الأمريكية الحالية، التي أعلنت صراحة نيتها تهجير سكان قطاع غزة بالكامل، يؤكد أنّ جرائم التجويع وقطع المساعدات الإنسانية ليست مجرد أدوات ضغط تفاوضية أو ممارسات معزولة، بل جزء من مخطط مدروس يتماشى مع التوجه الأمريكي لفرض التهجير القسري وتفريغ القطاع من سكانه، في إطار سياسة تطهير عرقي تشكل مؤشرًا إضافيًا على النية التدميرية لجريمة الإبادة الجماعية، خاصة مع فرض ظروف معيشية مميتة تجعل استمرار الحياة في غزة مستحيلًا.
إبادة جماعية
وأكّد أنّ هذه السياسة الإسرائيلية تكرّس جريمة الإبادة الجماعية، وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948م، التي تحظر فرض ظروف معيشية تؤدي إلى تدمير جماعة ما كليًا أو جزئيًا، فحتى بعد وقف إطلاق النار، واصلت إسرائيل فرض ظروف قسرية مميتة تستهدف القضاء التدريجي على الفلسطينيين، من خلال حرمانهم من المقومات الأساسية للحياة، في إطار مخطط طويل الأمد يهدد وجودهم المادي كجماعة وطنية، محذرا من أنه لا يمكن للمجتمع الدولي الاستمرار في غض الطرف عن الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة، والذي يشكّل أحد أبرز أدوات الإبادة الجماعية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول والكيانات ذات العلاقة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، وفرض كافة الإجراءات اللازمة لإجبار إسرائيل على رفع الحصار بشكل كامل وفوري، والسماح بحرية حركة الأفراد والبضائع دون قيود، وفتح جميع المعابر دون شروط تعسفية، واتخاذ خطوات فاعلة لإنقاذ الفلسطينيين من مخططات القتل البطيء والتهجير القسري، بما يشمل تفعيل استجابة عاجلة لتلبية الاحتياجات الفورية والملائمة للسكان، بما في ذلك توفير سكن مؤقت ولائق.
وطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها، ووقف التعاون العسكري معها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، كما دعا لتعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية، مما يزيد الضغط عليها لإنهاء جرائمها ضد الفلسطينيين.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية بشأن ضرورة تنفيذ إصدار محكمة العدل الدولية في 28 مارس 2024م، تدابير تحفظية تلزم إسرائيل فيها باتخاذ الإجراءات اللازمة والفعّالة، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، لضمان دخول المساعدات إلى قطاع غزة من دون معوقات وبلا تأخير، وذلك تنفيذا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
ودعا المحكمة الجنائية الدولية لتسريع تحقيقاتها وإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم الدولية المرتكبة في قطاع غزة، مذكّرًا الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي بالتزاماتهم القانونية بالتعاون الكامل مع المحكمة، وضمان تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين الإسرائيليين لمنع إفلاتهم من العقاب.