جناح الأزهر بمعرِض الكتاب يقدم لزواره كتاب الأخلاق
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزواره "كتاب الأخلاق" بقلم الشيخ محمد الشافعي الظواهري، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، تحقيق وتعليق: د. أبو اليزيد علي سلامة، الباحث الشرعي بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء.
مراعاة المنهج العلمي
يحمل الكتاب بجناح الأزهر مضمونًا علميًا وأخلاقيًا مهمًا في عصرنا الراهن، كأن الشيخ يعيش الحاضر، وينظر إلى نصوص الوحي الشريف نظرة فهم ووعي، برؤية تجديدية عصرية، مع مراعاة المنهج العلمي، وسلامة اللغة ورشاقة العبارات، وحُسن الترتيب والتقسيم للموضوعات التي تناولها، حيث لم يتناول الشيخ كل القيم الأخلاقية الدينية، وإنما انتقى منها ما يناسب الطلاب والمشكلات المجتمعية التي عايشها.
وقد بدأ المؤلف كتابه بجناح الأزهر بالحديث عن العِلمِ والتَّعليم، فهي القضية الأولى الجديرة بالاهتمام في وقته وفي كل وقت، لأن أول الأوامر الإلهية التي نزلت على الأمة (الأمر بالقراءة)، وكأن الشيخ يقول إن مفتاح الدنيا في العلم وأن مفتاح الآخرة في العلم، وأن مفتاح نهضة الأجيال القادمة تأتي من اهتمامهم بالعلم وتعليمه والبعد عن الخرافات والدجل؛ لذا أتى التعبير واضحًا وقويًا يصل إلى وجدان الشباب مباشرة حين يقول: (إذ بإدراكِ حقائقِ الأشياءِ ينكشِفُ له ما كان مستورًا، وتزولُ عنه سُحُبُ الجَهالةِ والبَهِيميَّةِ، وينالُ السَّعادةَ الدِّينيَّةَ والدُّنيويَّةَ)، ويصف البحث عن العلم والتعليم بأنه جهاد حقيقي.
ثم ينتقل الشيخ إلى أساس آخر من أسس القيم الأخلاقية الإسلامية، وهو بناء مسلم معتزٍ بأهله ووطنه محب لهم غير متشدد ولا متطرف ولا مخرب ولا مفسد، فيتكلم الشيخ في سلسلة متتابعة، ويؤكد أن هذه قيم الإسلام الثابتة فيقول: (وطَنُ الإنسانِ مقَرُّه ومكانُه الَّذي نشَأ فيه، وتغذَّى من خيراتِه وثِمارِه، وأظَلَّته سماؤه، .... فمَحبَّتُه مطلوبةٌ، وكذا مَحبَّةُ أهلِه؛ لأنَّهم الَّذين يَسعَدُ بسَعدِهم)، ثم ينتقل الشيخ نقلة أخرى ليبين أن أساس السعادة في المجتمع يقوم على ست قيم أساسية بدونها يهلك المجتمع، وتنشأ العداوة والبغضاء بين أفراده، ونرى الشيخ يحذر من بعض الصفات السيئة التي لا يقرها شرع ولا يحبها الخلق، والتي حذر الأزهر على مدى تاريخه من شرها وشررها؛ لأنها لو انتشرت في مجتمع أكلت الأخضر واليابس.
ثم عرج المؤلف على سمات المسلم الحق الحريص على أكل الحلالِ والبعيد عن مَنقَصة أكل الحرامِ؛ لأن هذه القيمة تنير القلب وترققه، وتجلب الخشية من الله والخشوع لعظمته وجلاله وتنشط الجوارح لعبادة الله وطاعته، وهي سبب لقبول الأعمال فالله طيب لا يقبل إلا طيباً.
وختم المؤلف كتابه بنصح طلابه بأن يكونوا إيجابيين في مجتمعهم، متجاوبين مع ما يرونه، ومتفاعلين، يتسمون بالعطاء؛ لأن المسلم الإيجابي: هو الحي، المتفاعل مع قضايا مجتمعه الذي يعيش فيه، البعيد عن معاني التقوقع، والانزواء، والبلادة، والانغلاق، والكسل.
ويشتمل الكتاب، الذي أصدرته هيئة كبار العلماء بالأزهر، على المباحث التالية: فضل العلم، التعليم، محبة الوالدين، محبة أَهْلِ الدِّينِ، مَحِبَة الوَطَن، محبة الجار، فضيلة الْعَدْلِ، مَذَمَة الظَّلِمِ، فَضْل الألفة والإخاء، آداب المعاشرة، حُقُوق الْقَرابَةِ، حقُوق الحوار، الحقد، الحسد، الغيبة، النميمة، الصدق، الكذب، الكبر، الرياء، فَضْل الحلال ومنقصة الحَرَامِ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر جناح الأزهر هيئة كبار العلماء
إقرأ أيضاً:
مقبرة الشريف.. شاهد على مآسي النزوح وسنوات الدم في ديالى - عاجل
بغداد اليوم – بعقوبة
على مقربة من ضفاف نهر ديالى، تقف مقبرة الشريف في مدينة بعقوبة كشاهد على تاريخٍ حافل بالتنوع القومي والمذهبي، لكنها في الوقت ذاته تحتضن بين جنباتها قصصًا من الألم والفقدان، سطّرتها الحروب والنزاعات الدامية التي شهدتها المحافظة على مدار العقود الماضية. لم تعد هذه المقبرة مجرد مكان لدفن الموتى، بل تحوّلت إلى نقطة تلاقي لآلاف العوائل التي مزقتها الحروب، حيث يجتمع أبناؤها في الأعياد لزيارة قبور أحبائهم، في مشهد يُجسد حجم المأساة التي عاشها العراقيون.
حكايات نزوح ولقاء عند القبور
في القسم الشرقي من المقبرة، يقف عبد الله إبراهيم، وهو رجل مسنٌّ، عند قبور أربعة من أقاربه، تحيط به ذكريات لا تزال حاضرة رغم مرور الزمن. يقول في حديث لـ"بغداد اليوم": "جئت من إقليم كردستان قبل ساعة من الآن لزيارة قبور أقاربي، حيث نزحت من قريتي في حوض الوقف منذ 17 عامًا، وهذه القبور تمثل لي نقطة العودة إلى الأصل، فأنا أزورهم لأقرأ الفاتحة وأستذكر إرث الأجداد والآباء، الذي انتهى بسنوات الدم".
يشير عبد الله إلى أن حوض الوقف، الذي كان يُعد من أكبر الأحواض الزراعية في ديالى، تحول إلى منطقة أشباح بعد موجات العنف التي عصفت به، حيث اضطر آلاف العوائل إلى مغادرته، تاركين خلفهم منازلهم وأراضيهم، لتظل القبور هي الرابط الوحيد الذي يجمعهم بموطنهم الأصلي.
شتات القرى يجتمع في المقبرة
على بعد أمتار منه، يقف أبو إسماعيل، وهو أيضًا أحد النازحين من الوقف، لكنه اتخذ طريقًا مختلفًا، إذ نزح مع أسرته إلى المحافظات الجنوبية. لكنه، كما يقول، يعود في كل عيد ليقرأ الفاتحة على قبور أقاربه المدفونين هنا. يوضح في حديثه لـ"بغداد اليوم": "القبور جمعت شتات قرى الوقف، حيث لا يزال 70% من سكانها نازحين، والعودة بالنسبة للكثيرين أمر صعب، خاصة بعدما اندمجت العوائل النازحة في المجتمعات التي استقرت بها".
يتحدث أبو إسماعيل بحزن عن سنوات النزوح، مؤكدًا أن كل محافظة عراقية تكاد تضم عائلة نازحة من ديالى، هربت من دوامة العنف والإرهاب الذي اجتاح مناطقهم.
الوقف.. جرح لم يندمل
أما يعقوب حسن، الذي فقد شقيقين شهيدين وعددًا من أبناء عمومته، فقد نزح إلى العاصمة بغداد منذ 17 عامًا، لكنه يرى أن مقبرة الشريف باتت تجمع شتات القرى النازحة من حوض الوقف ومناطق أخرى من ديالى، فتتحول إلى مكان للقاء العوائل التي فرّقتها الحروب.
يقول يعقوب: "كنا نعيش في منطقة تجمعنا فيها الأخوّة والجيرة، لكن الإرهاب مزّق هذه البيئة المجتمعية المميزة بتقاليدها. الوقف كان من أكثر المناطق تضررًا على مستوى العراق، واليوم يبدو أن قبور الأحبة وبركاتهم هي ما تجمعنا بعد فراق دام سنوات طويلة".
هكذا، تبقى مقبرة الشريف شاهدًا حيًا على المآسي التي عاشتها ديالى، ومرآة تعكس حجم الفقدان والشتات الذي طال العوائل بسبب دوامة العنف، لكنها في الوقت ذاته تظل رمزًا للصلة التي لا تنقطع بين الأحياء وأحبائهم الذين رحلوا، وسط أمنيات بأن يكون المستقبل أكثر أمنًا وسلامًا.