زمنُ الاستضعاف في طريقِه إلى الزوال
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
يمانيون/ بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي/
منذ أن وقعت البلدانُ العربيةُ تحتَ وطأةِ الاحتلال الخارجي أصبحت مستضعَفةً خاضعةً للمحتلّ، لا لها قول أَو فعل في الشأن العام؛ فعملت الشعوب بجد لتحقيق استقلال بلدانها وطردِ المحتلّ من أراضيها، وتمكّنت من تحقيقِ ذلك الأمل بخروج المحتلّ من كافة الدول العربية، باستثناء فلسطين الذي خرج منها المحتلُّ البريطاني وسلَّمها للمحتلّ الصهيوني بتواطؤ من الدول الكبرى.
وبعد أن صعدت قياداتٌ وطنيةٌ إلى السلطة في الدولِ المستقلة، توقَّعت الشعوب أنها أصبحت حُرَّةً، وأن تلك القيادات سَتكرِّسُ جهودَها لخدمة الأوطان، ولكن ما حدث هو العكس فقد أصبحت القياداتُ الوطنية مرتهنةً للمحتلّ الجديد غير المباشر وسلّمته قرارَ دولها وسيادتها، وَإذَا حاولت الشعوبُ المطالَبَةَ بحريتها أَو حقوقها تعرضت للقمع والاضطهاد؛ حتى استلمت للاستضعاف مرةً أُخرى، وأكبر مثال على صعوبة الوضع الذي تمُـرُّ به الشعوبُ هو التعامُلُ مع قضية فلسطينَ التي مرت بأحداث كثيرة خرجت بعدها بخسائرَ كبيرةٍ في الأرض والقرار؛ بفضل القادة العرب الذين كانوا يتآمرون مع بريطانيا، وبعدها أمريكا؛ لإرغام الفلسطينيين على تقديم التنازلات تلو التنازلات بخلاف رغباتِ شعوبهم التي أصبحت مستضعَفةً ولم يعد بمقدورها حتى الخروجُ؛ تضامناً مع إخوتنا الفلسطينيين؛ خوفاً من القمع والاضطهاد.
وفي أثناء معركة “طُـوفان الأقصى” حاولت الشعوبُ العربية في بعض الدول اتِّخاذَ موقف إيجابي مع غزةَ، من خلال الخروج بمظاهرات دعم وإسناد لها، ولكن سرعان ما تحَرّكت السلطاتُ في تلك الدول بتوجيهات من أمريكا لمنع إظهارِ مثل تلك المواقف المؤيدة لفلسطين.
وأما المواقفُ الرسمية العربية فقد أصبحت محايدةً، وَإذَا أرادت أن تتدخَّلَ فمسموحٌ لها أن تتدخَّلَ للضغط على الفلسطينيين حتى يقدموا تنازلاتٍ للكيان الصهيوني، وهذا يؤشرُ إلى أن النظامَ العربي الرسمي لم يعد له قرارٌ أَو موقفٌ خارج الموقف الأمريكي.
وما حدث مؤخّراً من ظهورِ مواقفَ مخالفةٍ للموقف الأمريكي، كموقف اليمن في تدخلها في البحر الأحمر أَو حزب الله ومشاركته في الحرب على حدود شمالي فلسطين والمقاومة الإسلامية في العراق في هجماتها على القواعد الأمريكية في المنطقة، كُـلُّ تلك المواقف تؤكّـدُ ظهورَ قوىً شعبيّةٍ وطنيةٍ انتفضت ضد الاستضعاف الأمريكي للشعوب العربية والإسلامية متوكلةً على الله سبحانَه وتعالى.
وستستمرُّ هذه الجبهة بالتحَرّك حتى زوالِ زمن الاستضعاف، وهذا ما يؤكّـدُ عليه السيدُ القائدُ في خِطاباته الأسبوعية.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الخيارات العربية فى غزة ولبنان!
ما بين قمم جماعية وأخرى ثنائية، وما بين نداءات بوقف النار ومفاوضات متواصلة لا تنتهى تبدو الدول العربية فى حالة تثير التساؤل بشأن قدرتها على التأثير على مجريات الحرب الدائرة على غزة ومن بعدها لبنان منذ أكثر من عام. طبعا المسألة ليست بالبساطة التى قد يتصورها البعض ولكن الكثيرين كانوا ينتظرون أن يكون للثقل العربى دوره على الأقل فى التخفيف من حجم البربرية الإسرائيلية مقابل ما اعتبرته بعض الدول العربية بربرية فلسطينية عبرت عنها وفق هذه الدول عملية طوفان الأقصى.
غير أنه فى مواجهة حالة جلد الذات بشأن ما يجب أن يتم عربيا لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وما بين الشعور بغياب ضرورة القيام بأى فعل انطلاقا من منظور البعض بأن العرب لا ناقة لهم ولا جمل فى هذه الحرب، وبين التصور الأقرب للرسمى بالعجز عن الفعل يقرر الواقع أن هناك ما يمكن القيام به ولو من منطلق أضعف الإيمان.
فى هذا المجال يجب التمييز بين شقين هما: القدرة على الفعل، وإرادة الفعل. فغير صحيح أن الدول العربية لا تملك ما يمكن أن تقوم به للتأثير على مجريات الأوضاع فى غزة، ولكن من الصحيح أنها لا تود أن تستخدم ما تملكه على خلفية رؤية خاصة بكل دولة ما يعنى فى النهاية أن الأزمة ناتجة عن غياب إرادة الفعل وليس القدرة عليه.
والحقيقة دون تهور أو إغراق فى خيالات لا صلة لها بالواقع، فإن خيار المساندة العسكرية ربما يجب استبعاده تماما ليس لأنه الخيار الخاطئ وإنما لأنه الخيار غير المطروح على طاولة الجانب العربى.. وحين نتحدث عن الجانب العربى فإننا لا نفترض أنه كتلة واحدة وإنما دول متعددة ولكن كل دولة على حدة تكاد تكون استقرت على هذا الأمر لأسبابها الخاصة.
ربما يطفو على السطح هنا خيار آخر له وجاهته ومنطقة وهو تسليح المقاومة الفلسطينية باعتبارها تقاوم إحتلال وهى مقاومة مشروعة بمقتضى القانون الدولى، وهو أمر يجد نظيرا له فى السياسة الدولية الحالية ممثلة فى حالة مساندة الغرب لأوكرانيا بالسلاح فى مواجهة ما يراه الغرب من اعتداء روسى على سيادة أوكرانيا والعمل على احتلال أراضيها.
لكن هذا الخيار قد يدخل فى دائرة المحظورات أو يمكن اعتباره المحظور الثانى بعد المواجهة العسكرية فى ضوء تعقد المواقف من حركات المقاومة ودمغها دوليا بأنها إرهابية رغم زيف هذا الاتهام، على نحو قد يضع الدول العربية فى عداد مساندة الإرهاب فى منظور الغرب بشكل أساسى وبشكل قد يتم معه تكتيل موقف دولى مناهض يستدعى مشكلات لا ترغب الدول العربية فى الدخول فيها.
كل هذا بعيداً عن السبب الذى يلوح به البعض دون أن نجزم به أو نؤيده وإن كنا نعتبر أنه سبب قائم ألا وهو الموقف السلبى لبعض الأنظمة العربية من حركات المقاومة والتى تتخذ طابعا إسلاميا وهو أمر يبعد عن تناولنا فى هذه السطور.
يبدو فى حدود الرؤية العامة أن الخيارات تضيق بشكل قد تصبح معه ليس هناك خيارات، وهو أمر غير صحيح، حيث يبرز ما نسميه الخيارات السلمية التى لا تأخذ شكلا صداميا ويمكن أن تؤتى أكلها. وعلى ذلك قد تكون العودة بالعلاقات العربية مع إسرائيل إلى المربع صفر نقطة بداية لمجموعة من الإجراءات التى قد تجبر إسرائيل على وقف الحرب. ويشمل ذلك إحياء المقاطعة واتخاذ إجراءات نحو وقف مسيرة دمج أو إدماج إسرائيل فى المنطقة. مجرد أفكار لكن ينقصها الرغبة فى التنفيذ ليس إلا!
[email protected]