سوق المعادن الحرجة يتضاعف في ظل الارتفاع الصاعد للاستثمار
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
وسط التحذيرات المستمرة بشأن النقص المرتقب في المعروض من المعادن الحرجة (critical minerals) أصبحت الوكالة الدولية للطاقة أكثر تفاؤلاً بشأن قدرة الصناعة على تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب.
وفي تقريرها -الذي نشره موقع "أويل برايس" (Oil Price) الأميركي- قالت الكاتبة تسفيتانا باراسكوفا إن وكالة الطاقة قالت في أول تقرير سنوي لها بعنوان "المعادن الحرجة" -التي تتضمن العشرات من العناصر المعدنية مثل الليثيوم والنحاس والنيكل والأتربة النادرة- إن الاستثمارات العالمية بالمعادن الأساسية في التحول الطاقوي قد ارتفعت بشكل كبير السنوات الأخيرة، وتضاعف السوق، مدفوعًا بارتفاع استخدام السيارات الكهربائية وزيادة منشآت قدرة الطاقة المتجددة.
وتشمل المعادن الحرجة تلك -التي نحتاجها للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة- الليثيوم والكوبالت للبطاريات، والتيلوريوم للألواح الشمسية.
وتحتاج الدول كميات كبيرة من هذه المعادن لبناء البنية التحتية التي تدعم الانتقال إلى الطاقة الخضراء، مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية، وذلك إذا كان هناك سعى للوفاء بالتزامات اتفاقية باريس للمناخ.
وتقول الوكالة الدولية للطاقة إن المستويات القياسية للإنفاق على تطوير الرواسب المعدنية واستكشاف الموارد يمكن أن يخفف النقص المتوقع في معادن البطاريات الرئيسية، إذا سارت المشاريع كما هو مخطط لها بحلول عام 2030.
ونقلت الكاتبة عن فاتح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، قوله في بيان "في لحظة محورية للتحولات في مجال الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم، يشجعنا النمو السريع في سوق المعادن الحيوية، والتي تعتبر ضرورية للعالم لتحقيق الأهداف المتعلقة بالطاقة والمناخ".
وحسب الكاتبة، فقد وجد تقرير الوكالة أن الاستثمار العالمي في المعادن الحرجة ارتفع بنسبة 30% العام الماضي، بعد قفزة بنسبة 20% عام 2021.
وقد تضاعف حجم السوق من المعادن الأساسية في التحول الطاقوي خلال الأعوام الخمسة الماضية، حيث وصل 320 مليار دولار عام 2022، مدفوعا بارتفاع الطلب وارتفاع الأسعار.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن السوق من المقرر أن ينمو بشكل أسرع، وينتقل إلى مركز الصدارة في صناعة التعدين.
والعام الماضي، ارتفع الاستثمار في تطوير الليثيوم بنسبة 50%، يليه النحاس والنيكل، كما ارتفع الإنفاق على الاستكشاف بنسبة 20%، مدفوعًا بالنمو القياسي في استكشاف الليثيوم.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة "مجموعة من المشاريع التي تم الإعلان عنها حديثا تشير إلى أن الإمدادات تواكب طموحات الدول في مجال الطاقة النظيفة، لكن كفاية الإمدادات المستقبلية غير مضمونة". وجاء بالتقرير أن "ذلك أدى إلى الحد من عدم التوافق المحتمل بين الطلب والعرض المتوقع عام 2030".
تحدياتومع ذلك، فإن الوكالة الدولية للطاقة تقر بتحديين رئيسيين في سوق المعادن الحرجة، وهما الاستدامة المحدودة بالإنتاج والمعالجة والتنويع المحدود للإمدادات.
وحسب الكاتبة، ظلت حصة أكبر 3 منتجين عام 2022 ثابتة أو زادت بشكل أكبر، خاصة بالنسبة للنيكل والكوبالت، مقارنةً بما كانت عليه قبل 3 أعوام.
ولا تزال الصين والكونغو الديمقراطية وإندونيسيا يهيمنون على جزء كبير من إمدادات المواد الخام المهمة، بينما تلعب الصين دورًا مهيمنًا في عمليات التكرير.
وأوضحت الكاتبة أنه على سبيل المثال، حافظت الكونغو على مكانتها القوية باعتبارها المنتج الرائد للكوبالت، حيث استحوذت على أكثر من 70% من الإنتاج العالمي عام 2022، بينما تواصل الصين الاحتفاظ بمكانة قوية في إمدادات المنتجات المكررة، حيث استحوذت على أكثر من 75% من إنتاج الكوبالت المكرر عام 2022.
وذكرت أيضا أن معظم المشاريع المخطط لها موجودة أيضًا في هذه البلدان، حيث تمتلك الصين نصف المصانع الكيميائية المخطط لها، وتحتكر إندونيسيا حوالي 90% من منشآت تكرير النيكل المخطط لها.
ووفق الكاتبة، فقد قالت الوكالة "العديد من الدول التي تمتلك الموارد تسعى إلى مراكز أعلى في سلسلة القيمة، بينما ترغب العديد من الدول المستهلكة في تنويع مصادرها من إمدادات المعادن المكررة. ومع ذلك، لم ينجح العالم حتى الآن في ربط النقاط لبناء سلاسل توريد متنوعة في التكرير".
ويتركز التعدين والمعالجة في عدد قليل من البلدان، وفي الصين على وجه التحديد، وهو ما يعني أننا قد نواجه فجوة في البنية التحتية إذا استمرت التوترات السياسية الدولية في النمو.
ونتيجة لذلك، يشهد العالم تحولا نحو إعادة توطين قدرات المعادن ومعالجتها حيث تحاول القوى الإقليمية جعل سلاسل التوريد المعدنية أكثر أمانا، وفق دراسة سابقة أعدّها خبراء جغرافيون وبيئيون بجامعة ديلاوير (University of Delaware) ونشرت بدورية "إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي" (Environmental Science & Technology).
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة سليم علي، أستاذ الطاقة والبيئة ورئيس قسم الجغرافيا والعلوم المكانية بجامعة ديلاوير، إن النتائج الرئيسة التي توصل إليها فريقه هي أن قدرة التعدين والصهر والتكرير للمعادن الرئيسة مترسخة بعمق في عدد من المواقع الرئيسة ولا سيما الصين، وإن نقلها ضمن الجداول الزمنية لانتقال التكنولوجيا الخضراء ليس أمرا عمليا.
وأضاف علي -في تصريح سابق للجزيرة نت- أنه يمكن بالتأكيد محاولة تشجيع "التقريب" من مواقع المعادن، ولكن يجب أن يقترن ذلك بمحاولات عقد اتفاقية توريد المعادن للتقنيات الخضراء تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومجموعة العشرين.
معادن متخصصةوبحسب وكالة الطاقة، تُظهر قيود التصدير الصينية الأخيرة على الغاليوم والغرمانيوم "كيف أن المعادن المتخصصة نسبيا -مثل المغنيسيوم والمنغنيز فائق النقاء والفوسفور والسيليكون فائق النقاء- قد تعطل سلاسل التوريد بسبب الاعتماد الكبير على مجموعة صغيرة من الموردين".
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الإمداد المستدام مشكلة في التحول الطاقي. ففي حين أن الطاقة المولدة من مصادر الطاقة المتجددة خالية من الانبعاثات، فإن أنشطة التعدين والتكرير في سلسلة التوريد لتعزيز السيارات الكهربائية وطاقة الرياح وامتصاص الطاقة الشمسية ليست كذلك بالتأكيد.
وقد وجدت وكالة الطاقة في تحليلها أن المؤشرات البيئية لا تتحسن بنفس معدل الاستثمارات المجتمعية والمساواة بين الجنسين، ولا تزال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مرتفعة، حيث تنبعث نفس الكمية تقريبًا لكل طن من إنتاج المعادن كل عام. وقد تضاعف سحب المياه تقريبًا من عام 2018 إلى 2021. ولم يُظهر المستهلكون أيضًا اهتمامًا كبيرًا بالاستدامة.
واختتمت الكاتبة التقرير بالقول إن وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أنه "رغم توافر مسارات الإنتاج النظيفة، فإن هناك القليل من الدلائل على أن المستخدمين النهائيين يعطون الأولوية لهم في قراراتهم المتعلقة بالمصادر والاستثمار، رغم أن بعض شركات التكرير بدأت في تفضيل المعادن ذات الأثر المنخفض على المناخ".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الوکالة الدولیة للطاقة وکالة الطاقة عام 2022
إقرأ أيضاً:
تطوير مشروع للطاقة الشمسية المثبتة على أسطح المباني الصناعية في الإمارات
أبرمت مجموعة "إمستيل"، شراكة استراتيجية، مع شركة Yellow Door Energy، لتطوير أكبر مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية المثبتة على أسطح المباني الصناعية في دولة الإمارات.
وسيسهم المشروع، الذي تصل طاقته الإنتاجية إلى 31.5 ميغاواط، في تزويد مرافق "إمستيل" بالطاقة النظيفة، بما يدعم توجهاتها نحو تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وترسيخ نموذج مستدام في قطاع التصنيع المستدام في المنطقة.
وتعد هذه المبادرة خطوة محورية ضمن إستراتيجية "إمستيل" لخفض البصمة الكربونية، وتنسجم مع التزام دولة الإمارات بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
تفاصيل المشروعوبموجب الاتفاقية، ستتولى Yellow Door Energy تمويل وتطوير وامتلاك وتشغيل وصيانة منظومة الألواح الشمسية المثبتة على 40 سطح منشأة صناعية؛ تابعة لمجموعة "إمستيل" في مدينة أبوظبي الصناعية (ICAD 1).
وسيشمل المشروع تركيب ألواح شمسية عالية الكفاءة على أسطح المباني ومواقف السيارات، إلى جانب ألواح ثنائية الوجه مثبتة على مظلات مواقف السيارات لتعزيز إنتاج الطاقة النظيفة وتحسين كفاءة توليد الكهرباء من مصادر متجددة.
وعند اكتماله، من المتوقع أن يُنتج المشروع نحو 50 مليون كيلوواط - ساعة من الكهرباء النظيفة سنويًا، ما يسهم في خفض نحو 16000 طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بانبعاثات النطاق 2 سنويًا، وذلك على مدى السنوات الـ 25 المقبلة.
وسيؤدي الاعتماد الكامل على الكهرباء المتجددة المنتجة ذاتياً إلى خفض تكاليف الطاقة وتقليل البصمة الكربونية بشكل مباشر، مما يعكس التزام إمستيل بإزالة الكربون وتعزيز كفاءة عملياتها التشغيلية.
التنفيذ والتشغيلومن المقرر أن يبدأ تنفيذ المشروع خلال العام 2025، على أن يدخل حيز التشغيل في عام 2026.
وستتولى شركة Yellow Door Energy الإشراف الكامل على عمليات التطوير، لضمان تنفيذ سلس دون الحاجة إلى أي استثمارات مسبقة من جانب إمستيل.