وسط التحذيرات المستمرة بشأن النقص المرتقب في المعروض من المعادن الحرجة (critical minerals) أصبحت الوكالة الدولية للطاقة أكثر تفاؤلاً بشأن قدرة الصناعة على تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب.

وفي تقريرها -الذي نشره موقع "أويل برايس" (Oil Price) الأميركي- قالت الكاتبة تسفيتانا باراسكوفا إن وكالة الطاقة قالت في أول تقرير سنوي لها بعنوان "المعادن الحرجة" -التي تتضمن العشرات من العناصر المعدنية مثل الليثيوم والنحاس والنيكل والأتربة النادرة- إن الاستثمارات العالمية بالمعادن الأساسية في التحول الطاقوي قد ارتفعت بشكل كبير السنوات الأخيرة، وتضاعف السوق، مدفوعًا بارتفاع استخدام السيارات الكهربائية وزيادة منشآت قدرة الطاقة المتجددة.

وتشمل المعادن الحرجة تلك -التي نحتاجها للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة- الليثيوم والكوبالت للبطاريات، والتيلوريوم للألواح الشمسية.

وتحتاج الدول كميات كبيرة من هذه المعادن لبناء البنية التحتية التي تدعم الانتقال إلى الطاقة الخضراء، مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية، وذلك إذا كان هناك سعى للوفاء بالتزامات اتفاقية باريس للمناخ.

هذه المعادن مهمة لبناء البنية التحتية التي تدعم الانتقال إلى الطاقة الخضراء (شترستوك) موارد ثمينة

وتقول الوكالة الدولية للطاقة إن المستويات القياسية للإنفاق على تطوير الرواسب المعدنية واستكشاف الموارد يمكن أن يخفف النقص المتوقع في معادن البطاريات الرئيسية، إذا سارت المشاريع كما هو مخطط لها بحلول عام 2030.

ونقلت الكاتبة عن فاتح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، قوله في بيان "في لحظة محورية للتحولات في مجال الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم، يشجعنا النمو السريع في سوق المعادن الحيوية، والتي تعتبر ضرورية للعالم لتحقيق الأهداف المتعلقة بالطاقة والمناخ".

وحسب الكاتبة، فقد وجد تقرير الوكالة أن الاستثمار العالمي في المعادن الحرجة ارتفع بنسبة 30% العام الماضي، بعد قفزة بنسبة 20% عام 2021.

وقد تضاعف حجم السوق من المعادن الأساسية في التحول الطاقوي خلال الأعوام الخمسة الماضية، حيث وصل 320 مليار دولار عام 2022، مدفوعا بارتفاع الطلب وارتفاع الأسعار.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن السوق من المقرر أن ينمو بشكل أسرع، وينتقل إلى مركز الصدارة في صناعة التعدين.

والعام الماضي، ارتفع الاستثمار في تطوير الليثيوم بنسبة 50%، يليه النحاس والنيكل، كما ارتفع الإنفاق على الاستكشاف بنسبة 20%، مدفوعًا بالنمو القياسي في استكشاف الليثيوم.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة "مجموعة من المشاريع التي تم الإعلان عنها حديثا تشير إلى أن الإمدادات تواكب طموحات الدول في مجال الطاقة النظيفة، لكن كفاية الإمدادات المستقبلية غير مضمونة". وجاء بالتقرير أن "ذلك أدى إلى الحد من عدم التوافق المحتمل بين الطلب والعرض المتوقع عام 2030".

تحديات

ومع ذلك، فإن الوكالة الدولية للطاقة تقر بتحديين رئيسيين في سوق المعادن الحرجة، وهما الاستدامة المحدودة بالإنتاج والمعالجة والتنويع المحدود للإمدادات.

وحسب الكاتبة، ظلت حصة أكبر 3 منتجين عام 2022 ثابتة أو زادت بشكل أكبر، خاصة بالنسبة للنيكل والكوبالت، مقارنةً بما كانت عليه قبل 3 أعوام.

ولا تزال الصين والكونغو الديمقراطية وإندونيسيا يهيمنون على جزء كبير من إمدادات المواد الخام المهمة، بينما تلعب الصين دورًا مهيمنًا في عمليات التكرير.

وأوضحت الكاتبة أنه على سبيل المثال، حافظت الكونغو على مكانتها القوية باعتبارها المنتج الرائد للكوبالت، حيث استحوذت على أكثر من 70% من الإنتاج العالمي عام 2022، بينما تواصل الصين الاحتفاظ بمكانة قوية في إمدادات المنتجات المكررة، حيث استحوذت على أكثر من 75% من إنتاج الكوبالت المكرر عام 2022.

وذكرت أيضا أن معظم المشاريع المخطط لها موجودة أيضًا في هذه البلدان، حيث تمتلك الصين نصف المصانع الكيميائية المخطط لها، وتحتكر إندونيسيا حوالي 90% من منشآت تكرير النيكل المخطط لها.

ووفق الكاتبة، فقد قالت الوكالة "العديد من الدول التي تمتلك الموارد تسعى إلى مراكز أعلى في سلسلة القيمة، بينما ترغب العديد من الدول المستهلكة في تنويع مصادرها من إمدادات المعادن المكررة. ومع ذلك، لم ينجح العالم حتى الآن في ربط النقاط لبناء سلاسل توريد متنوعة في التكرير".

معدن الليثيوم (شترستوك) سياسات الطاقة

ويتركز التعدين والمعالجة في عدد قليل من البلدان، وفي الصين على وجه التحديد، وهو ما يعني أننا قد نواجه فجوة في البنية التحتية إذا استمرت التوترات السياسية الدولية في النمو.

ونتيجة لذلك، يشهد العالم تحولا نحو إعادة توطين قدرات المعادن ومعالجتها حيث تحاول القوى الإقليمية جعل سلاسل التوريد المعدنية أكثر أمانا، وفق دراسة سابقة أعدّها خبراء جغرافيون وبيئيون بجامعة ديلاوير (University of Delaware) ونشرت بدورية "إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي" (Environmental Science & Technology).

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة سليم علي، أستاذ الطاقة والبيئة ورئيس قسم الجغرافيا والعلوم المكانية بجامعة ديلاوير، إن النتائج الرئيسة التي توصل إليها فريقه هي أن قدرة التعدين والصهر والتكرير للمعادن الرئيسة مترسخة بعمق في عدد من المواقع الرئيسة ولا سيما الصين، وإن نقلها ضمن الجداول الزمنية لانتقال التكنولوجيا الخضراء ليس أمرا عمليا.

وأضاف علي -في تصريح سابق للجزيرة نت- أنه يمكن بالتأكيد محاولة تشجيع "التقريب" من مواقع المعادن، ولكن يجب أن يقترن ذلك بمحاولات عقد اتفاقية توريد المعادن للتقنيات الخضراء تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومجموعة العشرين.

معادن متخصصة

وبحسب وكالة الطاقة، تُظهر قيود التصدير الصينية الأخيرة على الغاليوم والغرمانيوم "كيف أن المعادن المتخصصة نسبيا -مثل المغنيسيوم والمنغنيز فائق النقاء والفوسفور والسيليكون فائق النقاء- قد تعطل سلاسل التوريد بسبب الاعتماد الكبير على مجموعة صغيرة من الموردين".

بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الإمداد المستدام مشكلة في التحول الطاقي. ففي حين أن الطاقة المولدة من مصادر الطاقة المتجددة خالية من الانبعاثات، فإن أنشطة التعدين والتكرير في سلسلة التوريد لتعزيز السيارات الكهربائية وطاقة الرياح وامتصاص الطاقة الشمسية ليست كذلك بالتأكيد.

وقد وجدت وكالة الطاقة في تحليلها أن المؤشرات البيئية لا تتحسن بنفس معدل الاستثمارات المجتمعية والمساواة بين الجنسين، ولا تزال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مرتفعة، حيث تنبعث نفس الكمية تقريبًا لكل طن من إنتاج المعادن كل عام. وقد تضاعف سحب المياه تقريبًا من عام 2018 إلى 2021. ولم يُظهر المستهلكون أيضًا اهتمامًا كبيرًا بالاستدامة.

واختتمت الكاتبة التقرير بالقول إن وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أنه "رغم توافر مسارات الإنتاج النظيفة، فإن هناك القليل من الدلائل على أن المستخدمين النهائيين يعطون الأولوية لهم في قراراتهم المتعلقة بالمصادر والاستثمار، رغم أن بعض شركات التكرير بدأت في تفضيل المعادن ذات الأثر المنخفض على المناخ".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الوکالة الدولیة للطاقة وکالة الطاقة عام 2022

إقرأ أيضاً:

تقرير يكشف الفجوات الحرجة بين الجنسين في سوق العمل والدخل بالمنطقة العربية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أصدرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) تقريرًا بعنوان "التقدّم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لمحة عامة عن النوع الاجتماعي في المنطقة العربية 2024"، والذي يسلط الضوء على التقدّم والتحديات المستمرة في تعزيز تمكين المرأة والفتيات في المنطقة العربية.

ذكر التقرير أن النساء يُشكلن نصف عدد سكان المنطقة (48.3%). ورغم وجود تقدّم في سد الفجوة بين الجنسين في التعليم والصحة، إلا أن المرأة لا تزال مهملة في مجالات التنمية الأخرى.

وأوضح التقرير أنه بالوتيرة الحالية، سيستغرق سد الفجوة بالمشاركة في سوق العمل بين النساء والرجال نحو 115 عاماً. حيث سجلت نسبة النساء العاملات العربيات في جميع المهن المشاركة في القوى العاملة أقل بكثير من نسبة العاملين الذكور (56% من النساء مقابل 81% من الرجال). في حين أن 23% من النساء البالغات اللواتي حصلن على شهادة جامعية إما عاطلات عن العمل أو خارج القوى العاملة مقابل 10% فقط من الرجال.

وأضاف التقرير أن نسبة دخل عمل المرأة مقارنة بدخل عمل الرجل بلغ 14.5% فقط من إجمالي دخل العمل في المنطقة العربية، الذي يعد أعلى فجوة في الدخل بين الجنسين بين مناطق العالم وأقل من المتوسط​​ العالمي البالغ 51.8%. 

في المتوسط، تكسب المرأة العربية 89 سنتًا مقابل كل دولار يكسبه الرجل، وهو رقم ينخفض ​​إلى 82 سنتًا بعد تعديله لعوامل ترتبط بالتعليم ونوع الوظيفة والخبرة.

على الصعيد الإيجابي، يتزايد التحاق النساء بتخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في المنطقة العربية. وقد تفوقن الآن على الرجال في مجال العلوم، حيث تبلغ نسبة النساء الحاصلات على شهادات في هذا المجال 9% مقارنةً بـ 6.3% من الرجال.

تحتل المنطقة العربية المرتبة الثالثة عالمياً من حيث حصة النساء العاملات في مجال البحث (41%) لتسجل نسبة أعلى من المتوسط ​​العالمي (31.5%) في عام 2021، كما بلغت نسبة النساء بمناصب إدارية في المنطقة العربية %15.7. ولا يزال تمثيل المرأة بالبرلمان في جميع أنحاء المنطقة العربية عند مستوى 17.7% .

جاء في التقرير بأن الحد من أوجه عدم المساواة بين الجنسين في أسواق العمل بالمنطقة العربية قد يحسن الرفاه الاقتصادي وآفاق النمو في المنطقة، حيث أشارت التوقعات بإمكانية ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة بأكثر من 20%، مدفوعًا بشكل رئيسي بانضمام النساء إلى القوى العاملة والأثر الإيجابي للتنوع بين الجنسين على الإنتاجية.

وقد قدّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن إقصاء المرأة من سوق العمل يكلّف المنطقة نحو 575 مليار دولار سنويًا. وتدرك دول المنطقة العربية بشكل متزايد أهمية دعم ورعاية رواد الأعمال، سواء من خلال توفير سبل العيش أو بطرق تحويلية، لتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية.

وجدت الأبحاث أنه إذا شاركت النساء والرجال على قدم المساواة كرواد أعمال، فقد يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 2%، أو 1.5 تريليون دولار.

المساواةانفوجرافيكحقوق المرأةسوق العملقضايا المرأةنشر الأربعاء، 30 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • «مصدر» تستكمل استحواذها على «تيرنا إنرجي» للطاقة المتجددة في اليونان
  • الإمارات للطاقة النووية تشارك في معرض الظفرة للتوظيف لتطوير القادة المستقبليين في قطاع الطاقة النظيفة
  • قبل عيد الأضحى 2025.. أسعار اللحوم والأضاحي تواصل الارتفاع ومواطنون يبحثون عن البدائل
  • هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟
  • مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: الاتفاق النووي الإيراني أصبح من الماضي
  • بلومبرج : وزيرة الطاقة الأوكرانية في طريقها إلى أمريكا لتوقيع صفقة المعادن
  • القريو: الأموال المجمدة لليبية للاستثمار 70 مليار دولار.. وتقرير مجموعة الأزمات الدولية يتوافق مع رؤية المؤسسة
  • تقرير يكشف الفجوات الحرجة بين الجنسين في سوق العمل والدخل بالمنطقة العربية
  • «فينسنت وو»: تحقيق رؤية مصر للطاقة المتجددة 2035 بنسبة 42%
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري