ميدل إيست آي: حرب إسرائيل على غزة قلبت المنطقة رأسا على عقب
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
يقول تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني إن إسرائيل تتوقع أن تتواصل حربها المدمرة على غزة لعدة أشهر، وهو ما يعني أن الأزمة سوف تتفاقم، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب إقليمية كارثية محتملة.
بهذا الملخص، قدم الموقع لنقاش معمق بين 6 محللين وباحثين، يحاولون تحليل الجغرافيا السياسية المضطربة لهذه الحرب التي لا نهاية لها في الأفق، واستخلاص الدروس من الـ100 يوم الأولى من هذا الصراع، وما قد تؤول إليه الأمور في النهاية.
استعرض الموقع آراء المحللين الستة منفصلة، بادئا برأي معين رباني، المحرر في موقع "جدلية"، الذي انطلق من أن الأيام الـ100 الأولى من حرب إسرائيل على غزة غيرت وجه الشرق الأوسط، بعد أن تحطمت بشكل لا رجعة فيه، ادعاءات إسرائيل بالقدرة المطلقة والمعرفة المطلقة وأن جيشها لا يقهر.
وهكذا -يقول معين رباني- اضطر الجيش الإسرائيلي، للمرة الأولى منذ 75 عاما، إلى شن حرب داخل حدوده، وشنّت إسرائيل الحملة الأكثر كثافة في تاريخها، وسوّت قسما كبيرا من قطاع غزة الصغير بالأرض، وقتلت المدنيين الفلسطينيين على نطاق واسع وبسرعة أجبرتها، في غضون 3 أشهر، للمثول أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية التي ارتبطت بها منذ تأسيسها كضحية، وإلى باقي الدهر كجان في غزة.
وكشفت هذه الحرب -حسب معين رباني- عن اعتماد إسرائيل المطلق على الولايات المتحدة للحصول على الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي، كما حطمت صورة إسرائيل التي تشكل المعقل القوي للمصالح والنفوذ الغربيين في الشرق الأوسط.
ورغم أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تشكل قوة عسكرية كبيرة، فإن القادة الإسرائيليين أشاروا مرارا وتكرارا إلى هذا الصراع باعتباره الصراع الذي سيحدد إمكانية استمرار وجود إسرائيل من عدمه.
ومن المستحيل في هذه المرحلة التنبؤ بموعد أو كيف أو حتى احتمال أن تصمت الأسلحة، وإلى أن يفعلوا ذلك، فإن الحديث المتجدد في العواصم الغربية عن "حل الدولتين" يظل مجرد تمثيلية لتشتيت الانتباه، لأنه من غير الممكن تحقيق السلام والتعايش السلمي في الشرق الأوسط في ظل وجود دولة غير عقلانية تمارس الإبادة الجماعية وتسعى باستمرار إلى حل التحديات السياسية من جانب واحد من خلال استعراض القوة الساحقة.
بدوره، ركز غسان الكحلوت، وهو مدير "مركز دراسات الصراع والإنسانية" وأستاذ مشارك في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، على الأزمة الإنسانية المستمرة في قطاع غزة، ورأى أنها تركت علامة لا تمحى على المنطقة، وأثارت المخاوف بشأن الدعم الضئيل الذي تقدمه الدول العربية للفلسطينيين، وأظهرت الغياب الصارخ للدعم الملموس لسكان غزة المحاصرين.
ورغم أن الموقف العربي الرسمي غير مفاجئ -كما يرى الكاتب- فإنه اتخذ منعطفا مثيرا للقلق، إذ تجاوز عدم كفاية الدعم للقضية الفلسطينية، وتحول الآن إلى رفض قطع العلاقات مع دولة الاحتلال، حتى إن بعض التقارير أشارت إلى ممر تجاري توفره الدول العربية لإسرائيل لتخفيف آثار الحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون في اليمن عليها.
ومع اقتراب الحرب من بداية شهرها الخامس، هناك حاجة ملحة -كما يقول الكحلوت- لاستمرار الضغط الشعبي، في الوقت الذي تحاول فيه الأنظمة العربية "الصمود في وجه العاصفة" بدون اتخاذ أي إجراء مؤثر يخفف بشكل حقيقي من معاناة سكان غزة، وهو ما يعني أن على الشارع العربي ألا يحول انتباهه عن فلسطين.
كيف فشل النظام الدولي؟وتناول تامر قرموط، الأستاذ المساعد في السياسة العامة في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، إخفاقات النظام الدولي، مركزا على تقاعس هذا المجتمع إلى حد التواطؤ مع إسرائيل، عن نجدة غزة في المأساة المستمرة والواقع الوحشي الذي يواجهه الفلسطينيون فيها، وهو الوضع الذي وصفه الكثيرون بأنه إبادة جماعية.
ومن المؤسف أن القانون الدولي، الذي يشكل منارة الأمل في تحقيق العدالة والإنصاف، وقع في مرمى السياسة العالمية، وهو ما أدى إلى تقويض فعاليته، وترك أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى حمايته بدون ملاذ.
وأشار قرموط إلى أن هناك تغيرا طفيفا وتحسنا في مواقف الغرب تجاه غزة بسبب الضغط الشعبي الداخلي، وهو ما قد يساعد في التخفيف على سكان غزة، مشيرا إلى أن هناك جهات فاعلة أخرى مثل تركيا ومصر ودول الخليج والعالم الإسلامي، يمكنها أن تساهم بدور فعال.
ولكن من الأهمية بمكان -حسب قرموط- أن نفهم أن أي مناقشات وقرارات بشأن واقع الحكم "في اليوم التالي" في غزة لا بد أن يتولاها الفلسطينيون حصريا، بغض النظر عن نوع الحكومة التي قد تسفر عنها، لأن الوقت حان لإدراك أخطاء اتفاقات أوسلو والتأكد من عدم تكرارها.
وخلص قرموط إلى أن الطريق إلى السلام والعدالة قد يكون محفوفا بالعقبات، لكن الإرادة الجماعية للشعب، إلى جانب المشاركة الإستراتيجية من اللاعبين الإقليميين والدوليين الرئيسيين، يمكن أن تمهد الطريق لحل دائم.
الأزمة في الضفة الغربية المحتلة
وفي سياق هذا النقاش، أثارت أمينة الأشقر، وهي مساعدة باحث في "مركز دراسات الصراع والإنسانية"، ما يدور في الضفة الغربية من صراع عنيف مسكوت عنه، حيث انخرط الجيش الإسرائيلي في مواجهات، ليست فقط مع المنظمات القائمة مثل حماس وحركة الجهاد الإسلامي، ولكن أيضا مع الجماعات المسلحة المحلية التي تم تشكيلها حديثا.
وقد تميزت فترة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بتصعيد مثير للقلق في أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، حيث قُتل أكثر من 300 فلسطيني بينهم أكثر من 60 طفلا، وأصيب آلاف آخرون، بدون الإشارة إل إلى حصيلة عام 2023، التي بلغت 480 شهيدا ونحو 12 ألف مصاب.
ومع الهدوء الظاهري في الضفة، فإن هناك تحولا عميقا في المشاعر الفلسطينية، كما ظهر في استطلاع للرأي أجري مؤخرا، أظهر الدعم المتزايد لحماس واعتبار النضال المسلح وسيلة لإنهاء الصراع.
غزة في الشوارع الأردنيةوفي تحليله، ركز محمد الحموي، وهو مساعد باحث في "مركز دراسات الصراع والإنسانية"، على أصداء الحرب على غزة في جميع أنحاء المنطقة، وما أدت إليه من غضب، لا سيما في الأردن، حيث أظهرت شوارع عمان والمدن الأخرى أن حرب الإبادة الجماعية هذه تذكير بأن مصير شعبي الأردن وفلسطين لا ينفصلان.
وقد تجسد هذا الشعور في أقوال الناس وأفعالهم، فاندلعت الاحتجاجات في شوارع عمان بشكل منتظم، ودعت هتافات شعبية إلى فتح "الجبهة الأردنية"، وهو أمر غير مرجح في الوقت الحالي، لكنه ليس بعيد المنال نظرا للعداء الإسرائيلي المتزايد للأردن، خاصة أن المتظاهرين حاولوا مرارا وتكرارا السير نحو الحدود.
وقد دفع هذا الشعور الناس إلى الالتزام الصارم، وفي بعض الأحيان العدواني، بمقاطعة بعض الشركات التي تعتبر داعمة لدولة الاحتلال، انطلاقا من فكرة أن التردد على أي شركة داعمة لإسرائيل هو بمثابة التواطؤ في الإبادة الجماعية في فلسطين.
إلى أين نذهب؟
أما سانسوم ميلتون، وهو زميل أبحاث أول في "مركز دراسات الصراع والدراسات الإنسانية" وأستاذ مساعد في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، فقد تناول السؤال الملح حول الخطوة التالية في غزة رغم أن المستقبل لا يزال غامضا، مشيرا إلى أن أول نتيجة مهمة هي أن الحرب غيرت بشكل عميق الديناميكيات السياسية وديناميكيات الصراع في المنطقة.
ومن غير المرجح على المستوى العالمي -كما يرى سانسوم ميلتون- أن يتم التوصل إلى حل للوضع في غزة، خاصة أن محكمة العدل الدولية حكمت بأن هناك أسبابا "معقولة" لاعتبار تصرفات إسرائيل في قطاع غزة حالة إبادة جماعية، لكنها لم تصل إلى حد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وفي حين ستواصل إندونيسيا وسلوفينيا اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد إسرائيل من خلال القانون الدولي، فإن السكان المحاصرين في غزة لن يكون لديهم أمل كبير في الإنصاف القانوني لإنهاء الحرب ورفع الحصار عندما يواجهون معتديا ينتهك القانون الدولي باستمرار على مدى عقود من الزمن.
علاوة على ذلك، فإن القرار الأخير الذي اتخذته العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بتعليق التمويل للأونروا في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم؛ يسلط الضوء على كون حلفاء إسرائيل قادرين بشكل فعال على تفكيك الأداة الدولية الأكثر فعالية لتحقيق السلام.
وخلص سانسوم ميلتون إلى أنه حتى لو انتهت الحرب اليوم، لا أحد يستطيع أن يجزم بأن إسرائيل لن تنهار غدا أو بعد غد، لأنه لا يوجد مجال كبير لليقين بشأن المسار الذي ستسلكه المنطقة، لكن الأمر المؤكد هو أنها لن تعود إلى الوضع الذي كان قائما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة قطاع غزة فی الضفة على غزة فی غزة وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد
لم يكن المسعف الفلسطيني رفعت رضوان يعلم، حين ارتدى بزته الطبية وحمل حقيبته الإسعافية فجرًا، أن هذه المهمة ستكون الأخيرة في حياته، برفقة زملائه، لإنقاذ عددٍ من المواطنين الفلسطينيين الذين تعرضوا للقصف الإسرائيلي في حيّ تلّ السلطان، غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر يوم 23 مارس/آذار الماضي.
فعند الساعة 05:20 صباحًا، تحرك فريقٌ مشترك من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني وإحدى الوكالات الأممية، استجابةً لنداءات استغاثة أطلقها جرحى فلسطينيون كانوا محاصرين.
انطلقوا بنية إنسانية خالصة، لا يحملون سوى الضمادات وقلوبٍ مخلصة، لكنهم -دون أن يعلموا- كانوا الهدفَ القادم لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن ما بدأ كمهمة إنقاذ انتهى بمجزرة دامية، فبعد وقت قصير من انطلاق الفريق انقطع الاتصال به، وبعد ساعات أعلنت قوات الاحتلال أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة.
المسعف رفعت رضوان كان يوثق تفاصيل المهمة بهاتفه النقال دون أن يدرك أنه سيوثق أيضًا الجريمة النكراء التي هزت العالم، تلك كانت اللحظات الأخيرة في حياة مجموعة من المسعفين الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد.
الهاتف الذي كان بحوزة رفعت رضوان عُثر عليه مع جثمانه، موثقًا المشاهد الأخيرة التي تكشف أبعاد المجزرة، وكان رفعت في سيارة الإسعاف الثالثة ضمن قافلة ضمت سيارة إطفاء انطلقت للبحث عن سيارة إسعاف أخرى تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني فقدت الاتصال بقاعدتها، وضُعت علامات واضحة على جميع المركبات في القافلة، مع وميض أضواء الطوارئ.
إعلانوفي عملية البحث، رصد الطاقم السيارة المفقودة على جانب الطريق. قال أحد المسعفين في الفيديو الذي وثقه رفعت: "إنهم مبعثرون على الأرض! انظروا، انظروا!" نزل رفعت مع مسعفين آخرين من سيارتهم للاطمئنان على زملائهم الذين سقطوا، ولكن حين يتحول المنقذ إلى هدف، انطلق صوت الرصاص من رشاشات وبنادق جنود الاحتلال الذين نفذوا المجزرة بحق المسعفين.
أصيب رفعت، وفي لحظاته الأخيرة صلى ودعا الله مرارًا وتكرارًا ليغفر له وطلب المسامحة من والدته لاختياره طريق الإسعاف الذي وضعه في طريق الأذى. توقفت بعدها صلواته مع توقف نبض حياته، وبعد العثور على جثامين الضحايا، تبين أن قوات الاحتلال قتلت 8 من عمال الهلال الأحمر الفلسطيني في تلك الليلة، إضافة إلى 6 من العاملين في الدفاع المدني الفلسطيني كانوا في المهمة نفسها. وتم القبض على مسعف تاسع يُدعى أسعد النصاصرة.
هؤلاء المسعفون لم يكونوا مجرد أرقام، بل كانوا أشخاصًا لهم حياة وعائلات وأحلام، ولكل منهم صفات مميزة أحبها من حوله، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الجانب الإنساني لهؤلاء الشهداء من خلال شهادات معارفهم وزملائهم الذين عاشروهم وأحبوهم. المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي رافق الشهداء خلال سنوات خدمتهم، تحدث للجزيرة نت عن حياتهم وعملهم الإنساني ضمن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، مشيرًا إلى 16 شهرًا من حرب الإبادة المستمرة على غزة.
رفعت رضوان: الحفيد الطيب الذي وثق الجريمة بهاتفهفرفعت، ابن الـ24، كان روحًا لطيفة. "لقد حرص على مساعدة أي امرأة مسنة يصادفها"، يقول أبو الكاس. "كان يسعى للحصول على دعواتهن الصادقة عندما يقدم لهن المساعدة، ثم يودعهن برقة تجعلك تعتقد أنها جدته".
بوجهه الجاد ونظارته، كان حضور أشرف، ذو الـ32 عامًا، مطمئنًا لزملائه، بدأ التطوع عام 2021 ومنذ ذلك الحين كان يحرص على تقديم وجبات الإفطار لزملائه في رمضان، سواء بإعدادها بمركز الهلال الأحمر أو بجلب الطعام من منزله.
عُرف عز الدين (51 عامًا) بهدوء النفس المطمئنة وروح الدعابة، وكان شعاره: "سنعود إن كُتب لنا، وإن لم نعد فهي أقدارنا".
إعلانويقول أبو كاس إن عزالدين كان أبا جميلا.. وأخا عزيزا.. هدوء النفس المطمئنة.. كان يمازح الجميع.. وكان شعاره.. سنعود إن كتب لنا.. وإن لم نعد فهي أقدارنا..
قبل أن ينتقل إلى مركز إسعاف رفح بعد أن كان يعمل في مركز إسعاف خانيونس.. يقوم خلال الليل بعمل ساعة راحة لكل طاقم.. ويطمئن أن جميعها قد تناول العشاء.. حتى كان يكتب أسماء العاملين خوفا من أن ينسى أحدهم.
كان محمد (36 عامًا) شغوفًا بمساعدة الناس، ويُعرف بقدرته على إيجاد الحلول للنازحين، رغم التحديات.
أب لطفل يبلغ 15 عامًا، مكث في المقر أيامًا متتالية، يتفانى في عمله، ابنه هو النور الذي يضيء له الطريق.
ويروي عنه أبو كاس إحدى القصص بالقول ذات يوم ماطر.. كانت هناك سيدة طاعنة في السن تريد قطع الطريق، ولا تستطيع.. حديث الشركاء قد دار بين محمد ومصطفى.. هل نحن شركاء بالطبع.. مهما كانت المهمة؟ بالتأكيد.. قم ننقذ تلك السيدة وننقلها للجانب الآخر من الطريق.. وبالفعل يضعون لها كرسيا ومن ثم يجلسونها.. ويحملونها إلى الجانب الآخر من الطريق.. وسط ابتسامات جميلة وهم يزفون العجوز وكأنها عروس.. وتقوم هي بالزغاريد والدعاء لهم..
قال أبو كاس أحب رائد الذي كان بلغ من العمر، 25 عاما ، وكان يحب التقاط الصور، سخيفة، جادة، غير رسمية، وكان رائد أعرب عن أمله في أن يرى العالم صوره يوما ما وأن يتمكن من نقل معاناة شعبه من خلال عمله.
بدأ التطوع مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 2018، عندما كان عمره 18 عاما، خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى.
قتلت إسرائيل 214 متظاهرا، بينهم 46 طفلا، خلال هذه المظاهرات، وأصابت 36 ألفا و100، بينهم نحو 8,800 طفل.
إعلانرائد هو الأصغر من بين 5 أشقاء، ولم يتزوج بعد، على الرغم من أن عائلته كانت تأمل في أن يتزوج بعد الحرب. لكن هذا لم يحدث، ويروي والد رائد انتظارا مروعا لمدة 9 أيام لمعرفة ما حدث لطفله الأصغر، ويكافح من أجل كبح اليقين بأنه قد أعدم مع زملائه.
رغم إصابته في مهمة سابقة، أصر صالح (42 عامًا) على العودة للعمل لإنقاذ الأرواح.
وقال شقيقه حسين للجزيرة إن صالح أحب عمله أيضا، وعاد بمجرد تعافيه من الجراحة في عام 2024.
وأوضح حسين أنه في شباط/فبراير الماضي، كان صالح في مهمة لمساعدة الجرحى عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار على المسعفين، على الرغم من إبلاغه بأنهم سيكونون هناك.
أصيب صالح بجروح بالغة في الكتف والصدر، وانتهى به الأمر إلى قضاء بعض الوقت في المستشفى لإجراء عملية جراحية، وبعد ذلك عاد مباشرة إلى العمل.
أبو الكاس تحدث عن شجاعته: "لقد كان مكرسا للمساعدة، وكان يقول إنه أينما كان الناس يصرخون طلبا للمساعدة، فهذا هو المكان الذي يجب أن نكون فيه، للرد عليهم".
قال أبو الكاس إن أسعد البالغ من العمر 47 عاما كان أبا لـ6 أولاد كما أنه أبدى دائما صبرا لا نهاية له للتفاوض مع الأطفال. كلما رأى أطفالا يلعبون في الشارع، كان يذهب إلى القيادة والتعامل معهم، ويقدم لهم الحلوى للخروج من الطريق والذهاب للعب في مكان آمن، سرعان ما اكتشفه الأطفال، وسيلعبون في الشارع مرة أخرى في المرة القادمة، يضحكون ويقولون: "لقد خدعناك!"، لكن أسعد لم يمانع قط، واستمر ببساطة في تسليم الحلويات.
لم تكن جثته من بين أولئك الذين تم العثور عليهم عندما ذهبت بعثة دولية للبحث عن عمال الطوارئ المفقودين، تم القبض عليه وتقييده وأخذه بعيدا، وفقا للشاهد الوحيد الناجي، منذر عابد.
تحدث الأب البالغ من العمر 47 عاما إلى عائلته آخر مرة في المساء الذي اختفى فيه، وأخبرهم أنه في طريقه إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتناول الإفطار مع زملائه، وفقا لابنه محمد.
إعلانعندما حاولوا الاتصال به في وقت قريب من السحور، لم يستجب واكتشفوا من المقر الرئيسي أنه لا أحد يستطيع الوصول إليه أو إلى عمال الطوارئ الآخرين.
وقال ابنه إنه كان دائما يحذر عائلته من أنه كلما توجه في مهمة قد لا يعود، لكن مع استمرار أسعد في أعمال الإنقاذ لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حاولوا دائما تجنب التفكير في ذلك.
هذا التقرير، الذي أعده فريق الجزيرة نت، سلط الضوء على الجانب الإنساني لبعض الشهداء الأبطال من فرق الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، الذين قدموا أرواحهم في سبيل مساعدة أهالي غزة الذين يتعرضون للقصف والقتل الممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 18 شهرًا، من خلال كلمات المسعف إبراهيم أبو الكاس، الذي عاشر هؤلاء الأبطال وعايش تفاصيل حياتهم.