أزمة صحة نفسية غير مسبوقة تهز المجتمع الإسرائيلي
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
أحدث الهجوم المباغت لحركة حماس في السابع من أكتوبر بما تخلله من عنف وبما استولده من قلق بشأن الرهائن صدمة جماعية في أوساط المجتمع الإسرائيلي الذي يعيش أزمة صحة نفسية غير مسبوقة.
وكشفت دراسة نشرت في مجلة "ذي لانسيت" الطبية البريطانية بتاريخ 5 يناير أن كل سكان إسرائيل "تعرضوا بطريقة أو بأخرى لتداعيات هذا الهجوم غير المسبوق من حيث النطاق وهول الصدمة النفسية".
وتطرقت الدراسة إلى "صدمة نفسية وطنية جسيمة" نظرا لعدد الأعراض التالية للصدمة وحالات الاكتئاب والكرب، ما يؤشر إلى "أثر ملحوظ" على الصحة النفسية للإسرائيليين.
ومنذ اليوم الذي نفذت فيه حماس هجومها في شوارع جنوب إسرائيل ومنازله، تضاعفت تقريبا الاتصالات التي يتلقاها خط الطوارئ "عران"، بحسب ما كشفت شيري دانييلز المسؤولة في هذه المنصة الهاتفية والإلكترونية للإسعافات النفسية.
وأسفر هجوم حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 27238 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وخُطف نحو 250 شخصا خلال هجوم حركة حماس ونقلوا إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية. ولا يزال 132 رهينة منهم محتجزين، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن 27 منهم لقوا حتفهم.
وقد فجع هذا الهجوم البلد على نحو غير مسبوق وما زال مصير الرهائن الـ 132 يعكر على الإسرائيليين عيشهم.
فبالإضافة إلى الناجين الذين قاسوا الأمرّين، تشكلت "دوائر هشاشة واسعة جدا"، بحسب دانييلز التي تطرقت إلى وضع عناصر الإسعاف والشرطة وعائلات الضحايا والرهائن. كما إن "الجميع في إسرائيل يتعاطف مع الضحايا".
"أكبر أزمة"ولفتت دانييلز إلى وضع الأولاد الذين لا يتركون أهلهم عند حلول الليل أو البالغين الذين يستولي عليهم القلق وينهشهم الندم لعدم قدرتهم على إنقاذ أقربائهم حتى باتوا يعجزون عن التركيز.
وكشف المدير العام لوزارة الصحة موشيه بار سيمان طوف أن من أصل السكان المقدر عددهم بـ 9,7 ملايين، تعرّض 100 ألف لحوادث قد تسبب صدمة نفسية منذ السابع من أكتوبر. وقد نزح حوالى 200 ألف شخص.
واعتبر وزير الصحة أوريئيل بوسو من جهته أن دولة إسرائيل التي أعلن قيامها سنة 1948 تواجه بكل بساطة "أكبر أزمة صحة نفسية في تاريخها"، علما أن القطاع كان أصلا يعاني من "فجوة ضخمة".
وفي العام 2022، كان 30 في المئة من المراهقين الإسرائيليين يعانون من اضطرابات نفسية جسدية، بحسب منظمة الصحة العالمية التي ربطت هذا الامر بآثار جائحة كوفيد-19.
وما زال التقييم الفعلي للحاجات النفسية سابقا لأوانه اليوم، فالأخيرة لا تتجلى سوى بعد التعرّض للعامل المحرك ولا تؤخذ في الحسبان إلا إذا استمرت أكثر من شهر، بحسب ما أوضحت العالمة النفسية ميلكا أدرعي من جمعية "وان فاميلي" التي تقدم العون لضحايا الهجمات في إسرائيل.
لكن التعرض للحدث ما زال مستمرا، إذ تضم كل عائلة إسرائيلية تقريبا جنديا بين أفرادها، من العسكريين الدائمين أو الاحتياطيين الذين يشاركون في العمليات في غزة. وقد لقي 224 منهم حتفه في المعارك.
إحياء الذكرياتوأشارت أدرعي إلى أن "حماس تستخدم الترهيب سلاح حرب" لبلوغ الجماعة عبر الفرد و"إفجاع جماعة من خلال إحياء صدمات الماضي"، مثل تلك المرتبطة بـ "موجات التهجير المتتالية والحروب ومحرقة اليهود".
ورأت سوزي شبريشير، وهي عالمة فيروسات متقاعدة، أن الأطفال المحتجزين في غزة وعلى الأرجح في دهاليز قاتمة "أعادوا إلى الواجهة" روايات الناجين من الهولوكوست غير المسموعة.
وقالت المرأة الثمانينية في حديث مع وكالة فرانس برس "في أحد الأيام، كنت وحيدة في المنزل وأصابني الانهيار". فقد عاد فجأة "الصمت المطبق" ليحرك ذكريات الطفلة التي اضطرت إلى الاختباء خلال الحرب العالمية الثانية، مقرونا بـ "شعور بالخذلان".
وقالت "أعرف كيف يشعر المرء عندما لا يكون بين ذراعي والدته... صمت ينطبع في الوجدان".
تواصلت شبريشير مع جمعية "ألوميم" للأطفال الذين اضطروا إلى الاختباء في فرنسا إبان محرقة اليهود. ومثلها، شارك إسرائيليون كثر في مجموعات للكلام أو جلسات علاجية من خلال اللمس عندما تعذّر عليهم الكلام.
وفي ظل الحاجات المتفاقمة والنقص الفادح في الاختصاصيين، أعلنت الحكومة الإسرائيلية حملة للتوظيف وقررت في منتصف يناير منح موارد إضافية لقطاع الصحة النفسية بقيمة 1,4 مليار شيكل (أكثر من 350 مليون يورو).
ويحشد المجتمع المدني صفوفه لمواجهة هذا الوضع. وقد استخدمت خوذات للواقع الافتراضي لأغراض علاجية. وحظي القاصرون الذين حرروا من الاحتجاز في نوفمبر برعاية غير مسبوقة في مركز شنايدر في تل أبيب.
وتقول شيري دانييلز "نسعى إلى سد ثغرات النظام".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
مسؤول إيراني: تقرير نيويورك تايمز عن موقف المرشد من المفاوضات حرب نفسية
نفى مهدي فضائلي، عضو مكتب حفظ ونشر آثار المرشد الإيراني صحة ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، عن مطالب وجهها قادة السلطات في إيران إلى المرشد علي خامنئي، ووصف ما ورد في التقرير بالحرب النفسية الكاذبة.
وجاء نفي فضائلي -وفقا لوكالة أنباء فارس الإيرانية- عبر حساباته في شبكات التواصل الاجتماعي.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز، قالت إن قادة السلطات في إيران طلبوا من المرشد الإيراني علي خامنئي تغيير موقفه بشأن التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة.
وأكد فضائلي أن ما ورد في الصحيفة "هو زعم كاذب بالكامل".
وأفادت الصحيفة أن قادة في السطات الثلاث في إيران حثوا المرشد على تغيير موقفه من التفاوض مع الأميركيين، محذرين من خطر الحرب والأزمة الاقتصادية على النظام في البلاد.
وفي السابع من مارس/آذار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه وجّه رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، تدعو إلى المفاوضات وتحذر من تحرك عسكري محتمل إذا رفضت إيران. غير أن طهران اعتبرت الرسالة "أقرب إلى التهديد".
وفي اليوم ذاته، كشف ترامب في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس، أنه أرسل رسالة إلى خامنئي، قائلا: كتبت إليهم رسالة قلت فيها، آمل أن تتفاوضوا لأن دخولنا عسكريا سيكون شيئا مروعا.
إعلانوفي اليوم الموالي (8 مارس/آذار)، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي رفضه الدعوات الأميركية الجديدة للتفاوض مع بلاده، مشيرا إلى أن هدف واشنطن هو التآمر وفرض مطالبها.
وفي يوم 27 من الشهر نفسه، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن طهران أرسلت أمس من خلال سلطنة عُمان ردها الرسمي "بالشكل المناسب" على رسالة ترامب التي حثها فيها على إبرام اتفاق نووي جديد.
وأضاف عراقجي "ردنا الرسمي تضمن شرحا لوجهة نظرنا بشأن الوضع الحالي ورسالة ترامب"، وأكد أن سياسة إيران "لا تزال قائمة على عدم التفاوض المباشر في ظل الضغوط القصوى والتهديدات العسكرية".
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن عراقجي تأكيده أن المفاوضات غير المباشرة يمكن أن تستمر كما كانت في الماضي في عهد الرئيسين السابق حسن روحاني والراحل إبراهيم رئيسي.
وخلال ولاية ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وأعادت فرض عقوبات على إيران. وينص الاتفاق على رفع عدد من العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وقامت سلطنة عُمان بدور الوسيط في محادثات غير مباشرة بشأن الملف النووي الإيراني، في إطار "عملية مسقط". وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن عراقجي أن هذه العملية "متوقفة في الوقت الراهن".