ريشي سوناك يكشف تعرضه لعنصرية «مؤلمة» في طفولته
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
تحدث رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن العنصرية التي تعرّض لها عندما كان طفلاً، وكيف كان والداه مصمّمَين على تأقلمه، حيث حاولا حثَّه على التحدث «دون لكنة»، لدرجة إعطائه دروساً إضافية في الدراما، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
وحسب الشرق الأوسط، قال سوناك لنائبة المحرر السياسي في قناة «ITV News»، أنوشكا أستانا: «أنت تدرك أنك مختلف.
مُنحت أستانا حق الوصول إلى رئيس الوزراء في البرنامج المقبل «ريشي سوناك: عن قرب - الليلة»، وقد قامت بتفصيل لقائها في صحيفة «التايمز». يتذكر سوناك الألم الناتج عن سماع الإهانات الموجهة إلى إخوته الصغار، مضيفاً أن العنصرية «تؤذي» و«تؤلم بطريقة لا تسببها الأشياء الأخرى». ويشعر أن ما عاشه لن يحدث لأطفاله الآن.
وفي حديثه عن أصوله الهندية، قال سوناك إن والديه كانا حريصَين على أن يكون هو وإخوته «مندمجين... وألا يشكل الأمر عائقاً بأي شكل من الأشكال».
وأضاف أن والدته كانت تدرك بشكل خاص الطريقة التي يتحدث بها أطفالها. ويشرح: «أحد الأشياء التي كانت والدتي مهووسة بها هو أننا لا نتحدث بلهجات أو لكنات مختلفة، وأننا نتحدث بالشكل الصحيح... لذلك كانت حريصة على أن نحصل على دروس الدراما الإضافية».
وتابع: «أعتقد بأن أي شكل من أشكال العنصرية غير مقبول بكل بساطة»، مضيفاً أنه عندما يتحدث إلى قادة العالم، «ينظر معظم الناس إلى المملكة المتحدة بوصفها مثالاً لكيفية القيام بذلك بشكل صحيح».
واعترف سوناك بأنه لم يحلم قط بأن يكون هناك في يوم من الأيام رئيس وزراء من أقلية عرقية «لأنه لم تكن لديك قدوة من هذا القبيل».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ريشي سوناك عنصرية رئيس الوزراء البريطاني رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك
إقرأ أيضاً:
القضاء على جميع أشكال العنصرية
بدر بن خميس الظفري
@waladjameel
في 21 مارس 1960، ارتكبت الشرطة في جنوب أفريقيا مجزرة راح ضحيتها 69 شخصًا وأصابت 180 آخرين بجروح، بعدما فتحت النَّار على متظاهرين سلميين في بلدة شاربفيل، كانوا يحتجون على قوانين التمييز العنصري.
وإحياءً لذكرى هذه المذبحة، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966 هذا اليوم يومًا دوليًا للقضاء على التمييز العنصري، ودعت المُجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لإنهاء جميع أشكال التمييز العنصري. ومنذ ذلك الحين، يحيي العالم هذا اليوم سنويًا تأكيدًا على رفض العنصرية والدعوة إلى المساواة والعدالة.
وفي السياق نفسه، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1965 الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، لتكون أول وثيقة أممية تُلزم الدول بمواجهة العنصريّة، باعتبارها خطرا يُهدد السلام والتعايش داخل المجتمعات وبين الأمم.
واعتمدت الاتفاقية تعريفًا دقيقًا للتمييز العنصري، فعرفته على أنه "أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني". وهو تعريف تميّز بشموله وعدم اقتصاره على الحالات الصريحة فقط، بل وسّع إطار المسؤولية ليشمل السياسات والإجراءات التي تُؤدي إلى نتائج تمييزية، حتى وإن لم تكن مُعلنة أو موجهة بصورة مباشرة.
ونصَّت الاتفاقية على التزام الدول الأطراف باتخاذ كل التدابير اللازمة للقضاء على التمييز العنصري بجميع أشكاله، سواء في التشريعات أو في الممارسات الإدارية أو في تعامل المؤسسات العامة والخاصة. كما طالبت بمراجعة القوانين القائمة لضمان خلُوِّها من أي أثر للتمييز، وبإنشاء آليات تسمح للمتضررين من هذه الممارسات بالحصول على الإنصاف وجبر الضرر. وتضمّنت الاتفاقية مادة خاصة تُجرّم الدعوة إلى التمييز العنصري والتحريض عليه، مُعتبرةً أن هذا النوع من الخطاب يُسهم في تأجيج الكراهية ويُهدد الأمن المجتمعي.
جاءت هذه البنود في ظل اتساع رقعة الأنظمة التي تقوم على الفصل العرقي، خاصة في جنوب إفريقيا آنذاك، ووسط تزايد الحركات المدنية التي تنادي بالمساواة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. وقد تبلور الشعور الدولي بالحاجة إلى اتفاقية شاملة، بعد أن فشلت المواثيق الأخلاقية والنصوص الدينيّة وحدها في كبح جماح الأنظمة العنصرية أو ردع من يمارسون التمييز تحت غطاء القانون أو ما يُسمّى بالعُرف. لذلك، سعت الاتفاقية إلى جعل احترام المساواة والتنوع التزامًا قانونيًا لا يخضع للاجتهاد أو التقدير.
ولم تقتصر الاتفاقية على النصوص؛ بل أسست آلية رقابية دائمة تتمثل في لجنة القضاء على التمييز العنصري، وهي هيئة دولية تتألف من خبراء مستقلين يُنتخبون من قبل الدول الأطراف، ويُناط بهم تلقي تقارير دورية من الدول حول مدى التزامها بتنفيذ بنود الاتفاقية، ومراجعة أدائها وتقديم التوصيات اللازمة. وقد تطورت أعمال اللجنة لتتناول قضايا متعددة مثل وضع اللاجئين، وحقوق السكان الأصليين، وعديمي الجنسية، وضمان وصول الأقليات العرقية إلى التعليم والعمل والسكن والخدمات العامة.
وقد أقرّت الاتفاقية بإمكانية اتخاذ تدابير خاصة ومؤقتة تهدف إلى دعم الفئات المتضررة تاريخيًا من التمييز، على أن يكون الهدف من هذه التدابير تحقيق المساواة الفعلية، وأن تُلغى عند تحقق هذا الهدف. ونصّت الاتفاقية أيضًا على أنَّ الاختلاف في معاملة المواطنين وغير المواطنين لا يُعد تمييزًا عنصريًا، إذا كان قائمًا على قوانين الجنسية والهجرة، بشرط ألا تنطوي هذه القوانين على تفرقة متعمدة ضد جنسية مُعينة.
ومنذ دخول الاتفاقية حيِّز التنفيذ في يناير 1969، انضمت إليها أكثر من 180 دولة، من ضمنها سلطنة عُمان بتاريخ 2 يناير 2003، ودخلت حيّز النفاذ بالنسبة لها في 1 فبراير 2003. ولم تُبدِ السلطنة أي تحفظات عند الانضمام إلى الاتفاقية، فقد نصّ المرسوم السلطاني رقم 87/2002 في مادته الأولى "بالتصديق على انضمام السلطنة للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" دون ذكر تحفظات، مما يلزم مؤسسات الدولة كافة، وعلى رأسها المؤسسة القضائيّة، بتطبيق بنودها كاملة.
وقد مثّلت هذه الاتفاقية التزامًا دوليًا يُعزز من قدرة المجتمعات المدنية على محاسبة الحكومات، ويمنح الأفراد إطارًا قانونيًا للطعن في السياسات التمييزية. وعلى الرغم من التفاوت في تطبيق بنود الاتفاقية بين بلد وآخر، إلا أن وجودها أسهم في ترسيخ مفاهيم المساواة في دساتير وتشريعات كثيرة حول العالم.
ومع مرور الوقت، زادت أهمية الاتفاقية والحاجة إليها مع تنامي الخطابات القومية المتطرفة في بعض المناطق، وعودة أشكال جديدة من العنصرية على خلفيات ثقافية ودينية وعرقية. وفي سياقات كثيرة، أصبحت الاتفاقية مرجعًا للمنظمات الحقوقية والنشطاء ومؤسسات العدالة، كما كانت أداة ضغط ساعدت على تطوير قوانين مُكافحة التمييز في بعض الدول.
إنَّ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وُلدت من رحم مُعاناة الشعوب وتجاربهم المريرة مع الظلم والتفرقة، بعد أن نطقت الشوارع بالغضب، وسالت الدماء البريئة، وارتفعت الأصوات مطالبة بالكرامة والمساواة. وتشكّلت كلماتها من وجع التاريخ ونداءات التغيير، وحملت بين سطورها وعدًا بعالم أكثر عدلًا وإنصافًا. وتظل قيمتها مرهونة بقدرتها على تجاوز النصوص، لتُصبح واقعًا يحمي كرامة الإنسان، ويُعزز العدالة، ويكسر شوكة العنصريّة بجميع أشكالها.