صحيفة صدى:
2024-09-07@04:47:07 GMT

توبة الصحابي أبي لُبَابة

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT

توبة الصحابي أبي لُبَابة

هو صحابي جليل اشتهر بكنيته “أبي لبابة” واسمه بشير بن عبد المنذر من سادات بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري وترتبط قصة توبته بعامود أو أسطوانة في المسجد النبوي كُتِبَ عليه “أسطوانة أبي لبابة – وتعرف بالتوبة” وموقعها الرابعة شرق المنبر،

وقد بدأت القصة مع الرسول عليه الصلاة والسلام عندما توجه مع أصحابه إلى يهود بني قريضه بعد أن نقضوا العهود وتآمروا مع الأحزاب في غزوة الخندق رغم اتفاقهم مع المسلمين،

ففرض النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عليهم الحصار خمسة وعشرين ليلة متصلة، فقال لهم زعيمهم كعب بن أسد “والله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم” ثم عرض عليهم ثلاث خصال وهي إما أن يُسْلِموا ويدخلوا مع محمد عليه الصلاة والسلام في دينه لِيَأمَنوا دمائهم وأموالهم ونسائهم وأبنائهم وإما أن يَقْتُلوا ذراريهم ونسائهم بأيديهم ويخرجوا لقتال النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين بالسيوف حتى يظفروا بهم أو يُقتَلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه يوم السبت لأنهم أمِنُوا أن يقاتلوهم فيه،

فأبوا أن يجيبوه ولم يبق لهم إلا أن يستسلموا، وبعثوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ليرسل لهم أبا لبابة ليستشيروه لأنه كان حليفاً لهم في الجاهلية، وعندما أرسله النبي إليهم جهش النساء والصبيان بالبكاء في وجهه فَرَقَّ لهم وقالوا له: أترى أن ننزل على حُكْمِ محمد؟ فقال: نعم،

وأشار بيده إلى حلقه، ليقول إنه الذبح (أي ستذبحون)، وشعر أبي لبابة أنه خان الله ورسوله وقال: “فو الله ما زالت قدماي ترجفان حين عرفت أني قد خنت الله ورسوله”،

ثم أنطلق ولم يَأتِ الرسول عليه الصلاة والسلام حتى ارتبط إلى عمود بالمسجد وقال: “لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مِمَّا صنعت” وعاهد الله أن لا يطأ بني قريضه أبداً،

فأنزلَ اللهُ تعالى قوله على رسولِه عليه الصلاة والسلام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال-27) وعَلِمَ الرسول عليه الصلاة والسلام بخبره وكان قد استبطأه فقال: “أَمَا لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ، مَا أَنَا بِالَّذِي يُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ”.

وذكر ابن هشام في سيرته “أقام أبو لبابة مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحلِّه للصلاة ثم يعود فيرتبط بالجذع” وهو دليل قاطع على صدق توبة هذا الصحابي الجليل والتزامه بما عاهد الله عليه.

أما فرج الله وتوبته على أبي لبابة فقد نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام وهو في بيت أمِّ سَلَمَة عندما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السَّحَرِ يضحك، فقلت: ما يضحكك؟ أضحك اللهُ سِنَّك. فقال ” تِيبَ عَلَى أبي لُبَابَة”،

فقلت: ألا أبشِّرُهُ يا رسول الله بذاك؟ فقال: “بَلَى إِنْ شِئْتِ” فقُمْت على باب حجرتي – وذلك قبل أن يُضْرب علينا الحجاب – وقلت: يا أبا لبابة، أبشر، فقد تاب الله عليك، فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، وأطلقه المصطفى عليه الصلاة والسلام لما مَرَّ عليه خارجاً إلى صلاة الفجر.

وأختم بأهم الفوائد العظيمة من هذه القصة العجيبة التي حصلت لهذا الصحابي الجليل ومنها، عدم خيانة والله وخيانة الأمانة التي توكل لكل مسلم في أداء عمله أو رسالته، وتَذَكُّرْ رقابة الله علينا في كل وقت وحين والإقرار بالذنب والاعتراف به، والمبادرة إلى الصدق والتوبة النصوح وانتظار الفرج والتوبة من الله مهما طال الزمان، وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله، والمبادرة بالتبشير والتهنئة بين المسلمين وبينهم البعض،

وحُبّ الصحابة رضوان الله عليهم لبعضهم البعض وعِظَم مقام التوبة والفرح بها لما فيها من عودة العبد للدخول إلى رضوان الله تعالى، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيها “إنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأنَّهُ قاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه،

وإنَّ الفاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبابٍ مَرَّ علَى أنْفِهِ فقالَ به هَكَذا (قالَ أبو شِهابٍ: بيَدِهِ فَوْقَ أنْفِهِ)، ثُمَّ قالَ: لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ، ومعهُ راحِلَتُهُ، عليها طَعامُهُ وشَرابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ نَوْمَةً، فاسْتَيْقَظَ وقدْ ذَهَبَتْ راحِلَتُهُ، حتَّى إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ والعَطَشُ أوْ ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: أرْجِعُ إلى مَكانِي، فَرَجَعَ فَنامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فإذا راحِلَتُهُ عِنْدَهُ” (صحيح البخاري).

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الرسول علیه الصلاة والسلام النبی علیه الصلاة والسلام الله علیه الله ع ه علیه

إقرأ أيضاً:

من المسافة صفر.. إيمان مُجاهدي غزة ونُهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم

 

 

يُعدّ القتال من المسافة صفر مُصطلحًا يُعبّر عن شجاعة وثقة مُقاتلي المقاومة في غزة في مواجهة العدو، فهم يواجهون جيشًا مُسلّحًا بكامل إمكانياته وتكنولوجيته، إلا أنّ إيمانهم وارتباطهم بمُثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبقيهُم صامدين في وجه التحدّيات. ولنستعرض بعض أبرز جوانب هذا النهج:
1. الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نموذجًا: في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم نرى كيف كان يتعامل مع الأعداء من المسافة صفر في عدّة مواقف:
غزوة بدر: عندما واجه المسلمون جيشًا مُسلّحًا في غزوة بدر، كان الرسول صلى الله عليه وسلم في مقدّمتهم وهم يُحاربون بأسلحتهم البسيطة من أجل نشر رسالة الإسلام.
غزوة أحد: رغم الخسائر التي تعرض لها المسلمون في غزوة أحد، ظلّ النبي صلى الله عليه وسلم صامدًا في وجه الأعداء، وبقيت روح المقاومة والجهاد حاضرة في قلوب الجنود.
الهجرة إلى المدينة: عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، واجه مطاردة من قِبَل المشركين، لكنّ الله حماه وأغشاهم في وجهه بسبّب إيمانه وثباته.
حروبه مع اليهود: لم تقتصر مواجهات النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، فقد واجه أيضًا عدوان اليهود في معارك مثل غزوة بني قينقاع، وغزوة بني النظير، وغزوة خيبر، وغيرها.
2. المقاومة في غزة:
إنّ مُجاهدي غزة يُجسّدون نفس روح المقاومة التي أظهرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يواجهون جيشًا مُسلّحًا بكلّ أشكال التقنية المتطورة، وفوق ذلك دعم أمريكا وأوروبا وأعوانهم لكنّ إيمانهم يُعطيهم القوة والثبات.
المُقاومة من المسافة صفر: تُعدّ عمليات المقاومة من المسافة صفر أحد أبرز أشكال التصدّي للعدو الصهيوني، فهم يُحاربونه بكلّ ما أوتوا من قوة واستعداد في وجه التكنولوجيا الحديثة.
الثقة في النصر: يُؤمن مُجاهدو غزة بالنصر من أجل تحرير أرضهم ومقدساتهم، وهم يَصبرون على المُحنة والمصاعب في طريق النصر.
3. الربط بين الإيمان والمُقاومة:
إنّ الربط بين الإيمان والمُقاومة هو من أبرز أركان النجاح في مواجهة العدو، فالإيمان هو الوقود للصمود والثبات في وجه المُصاعب، والقتال في سبيل الله تعالى والدفاع عن الأرض والعرض والدين هو من أصول الإيمان وتحقيق النصر.
4. مُثل عليا:
إنّ مُجاهدي غزة والمُقاومة في كل مكان يُجسّدون مُثلًا عليا في التصدّي للمُعتدي، وهم يُؤمنون بأنّ النصر يُمكن أن يتحقق بالتضحية والتصميم والإيمان.
5. مُلهم للأجيال المُقبلة:
إنّ مقاومة غزة تُلهم الأجيال المُقبلة على التصدي للمُعتدي وتحقيق العدالة والتحرير، وهم يُثبتون للعالم أنّ الظلم والظالمين لا يمكن أن يستمر أبدًا.
في الختام، إنّ مُجاهدي غزة هم نموذج لِـ المُقاومة المُستمرة من أجل تحرير أرضهم وحماية دينهم، وهم يُذكرون العالم أجمع أنّ الإيمان هو الأساس لكلّ نجاح في وجه الشدة والتحدّيات.

مقالات مشابهة

  • متى يجب أن نُصلى على النبي خلال اليوم
  • صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة
  • التسامح في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • معاني الرحمة في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • أدعية مستحبة في يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • أذكار أوصانا بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
  • من المسافة صفر.. إيمان مُجاهدي غزة ونُهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • خالد الجندي: سيدنا النبي لم يكن يفتي في الأمور الطبية (فيديو)
  •  أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • فضل الصلاة على النبي