صحيفة صدى:
2025-02-23@23:35:08 GMT

توبة الصحابي أبي لُبَابة

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT

توبة الصحابي أبي لُبَابة

هو صحابي جليل اشتهر بكنيته “أبي لبابة” واسمه بشير بن عبد المنذر من سادات بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري وترتبط قصة توبته بعامود أو أسطوانة في المسجد النبوي كُتِبَ عليه “أسطوانة أبي لبابة – وتعرف بالتوبة” وموقعها الرابعة شرق المنبر،

وقد بدأت القصة مع الرسول عليه الصلاة والسلام عندما توجه مع أصحابه إلى يهود بني قريضه بعد أن نقضوا العهود وتآمروا مع الأحزاب في غزوة الخندق رغم اتفاقهم مع المسلمين،

ففرض النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عليهم الحصار خمسة وعشرين ليلة متصلة، فقال لهم زعيمهم كعب بن أسد “والله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم” ثم عرض عليهم ثلاث خصال وهي إما أن يُسْلِموا ويدخلوا مع محمد عليه الصلاة والسلام في دينه لِيَأمَنوا دمائهم وأموالهم ونسائهم وأبنائهم وإما أن يَقْتُلوا ذراريهم ونسائهم بأيديهم ويخرجوا لقتال النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين بالسيوف حتى يظفروا بهم أو يُقتَلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه يوم السبت لأنهم أمِنُوا أن يقاتلوهم فيه،

فأبوا أن يجيبوه ولم يبق لهم إلا أن يستسلموا، وبعثوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ليرسل لهم أبا لبابة ليستشيروه لأنه كان حليفاً لهم في الجاهلية، وعندما أرسله النبي إليهم جهش النساء والصبيان بالبكاء في وجهه فَرَقَّ لهم وقالوا له: أترى أن ننزل على حُكْمِ محمد؟ فقال: نعم،

وأشار بيده إلى حلقه، ليقول إنه الذبح (أي ستذبحون)، وشعر أبي لبابة أنه خان الله ورسوله وقال: “فو الله ما زالت قدماي ترجفان حين عرفت أني قد خنت الله ورسوله”،

ثم أنطلق ولم يَأتِ الرسول عليه الصلاة والسلام حتى ارتبط إلى عمود بالمسجد وقال: “لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مِمَّا صنعت” وعاهد الله أن لا يطأ بني قريضه أبداً،

فأنزلَ اللهُ تعالى قوله على رسولِه عليه الصلاة والسلام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال-27) وعَلِمَ الرسول عليه الصلاة والسلام بخبره وكان قد استبطأه فقال: “أَمَا لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ، مَا أَنَا بِالَّذِي يُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ”.

وذكر ابن هشام في سيرته “أقام أبو لبابة مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحلِّه للصلاة ثم يعود فيرتبط بالجذع” وهو دليل قاطع على صدق توبة هذا الصحابي الجليل والتزامه بما عاهد الله عليه.

أما فرج الله وتوبته على أبي لبابة فقد نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام وهو في بيت أمِّ سَلَمَة عندما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السَّحَرِ يضحك، فقلت: ما يضحكك؟ أضحك اللهُ سِنَّك. فقال ” تِيبَ عَلَى أبي لُبَابَة”،

فقلت: ألا أبشِّرُهُ يا رسول الله بذاك؟ فقال: “بَلَى إِنْ شِئْتِ” فقُمْت على باب حجرتي – وذلك قبل أن يُضْرب علينا الحجاب – وقلت: يا أبا لبابة، أبشر، فقد تاب الله عليك، فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، وأطلقه المصطفى عليه الصلاة والسلام لما مَرَّ عليه خارجاً إلى صلاة الفجر.

وأختم بأهم الفوائد العظيمة من هذه القصة العجيبة التي حصلت لهذا الصحابي الجليل ومنها، عدم خيانة والله وخيانة الأمانة التي توكل لكل مسلم في أداء عمله أو رسالته، وتَذَكُّرْ رقابة الله علينا في كل وقت وحين والإقرار بالذنب والاعتراف به، والمبادرة إلى الصدق والتوبة النصوح وانتظار الفرج والتوبة من الله مهما طال الزمان، وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله، والمبادرة بالتبشير والتهنئة بين المسلمين وبينهم البعض،

وحُبّ الصحابة رضوان الله عليهم لبعضهم البعض وعِظَم مقام التوبة والفرح بها لما فيها من عودة العبد للدخول إلى رضوان الله تعالى، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيها “إنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأنَّهُ قاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه،

وإنَّ الفاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبابٍ مَرَّ علَى أنْفِهِ فقالَ به هَكَذا (قالَ أبو شِهابٍ: بيَدِهِ فَوْقَ أنْفِهِ)، ثُمَّ قالَ: لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ، ومعهُ راحِلَتُهُ، عليها طَعامُهُ وشَرابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ نَوْمَةً، فاسْتَيْقَظَ وقدْ ذَهَبَتْ راحِلَتُهُ، حتَّى إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ والعَطَشُ أوْ ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: أرْجِعُ إلى مَكانِي، فَرَجَعَ فَنامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فإذا راحِلَتُهُ عِنْدَهُ” (صحيح البخاري).

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الرسول علیه الصلاة والسلام النبی علیه الصلاة والسلام الله علیه الله ع ه علیه

إقرأ أيضاً:

هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»

أكدت الدكتورة ابتسام عبد اللطيف، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الراية السوداء التي يرفعها تنظيم "داعش" الإرهابي ليست راية النبي صلى الله عليه وسلم، كما يزعمون، بل هي محاولة لاستغلال الرموز الدينية لخداع الشباب واستقطابهم.

وأوضحت الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن الروايات الصحيحة تُثبت أن رايات النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن بلون واحد فقط، بل وردت روايات بأنها كانت بيضاء، وسوداء، وصفراء، وحمراء، ما ينفي ادعاء التنظيمات المتطرفة بأن الإسلام لم يعرف إلا راية سوداء مكتوب عليها "محمد رسول الله"، كما أن استخدام الرايات في الحروب كان تقليدًا قديمًا يسبق ظهور الإسلام، ولم يكن مرتبطًا برمز ديني مقدس كما يروج له المتطرفون.

وأضافت أن هناك اختلافًا واضحًا بين راية النبي صلى الله عليه وسلم والرايات التي ترفعها التنظيمات الإرهابية اليوم، مؤكدة أن أي ادعاء بأن "داعش" أو غيرها من الجماعات المتطرفة يحملون راية النبي هو افتراء محض، كما أن تعدد الرايات بين هذه التنظيمات يثبت تناقضهم، فكل مجموعة تحمل راية مختلفة، ما يدل على أنهم لا يتبعون راية شرعية موحدة.

وحذرت من أن التنظيمات الإرهابية تستغل العاطفة الدينية لدى الشباب، وتخدعهم بشعارات كاذبة، وتوهمهم بأنهم يقاتلون تحت راية الإسلام، بينما الحقيقة أنهم يعملون على تخريب الدول، وإضعاف المجتمعات، ونهب الأموال، وهدم البيوت، وهو ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح، حيث قال: "من قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية، فقتل فقتلة جاهلية" (رواه مسلم).

وختمت الدكتورة ابتسام عبد اللطيف بالتأكيد على أن رايات التنظيمات المتطرفة ليست سوى أدوات للتضليل والاستقطاب، ولا علاقة لها برايات الإسلام الحقيقية، داعية الشباب إلى عدم الانخداع بهذه الرموز، والتمسك بالفهم الصحيح للدين.

مقالات مشابهة

  • فلاح المدادحه رجل المبدأ والكرامة . . !
  • حديث البرد عدو.. ماذا قال النبي عن موجة الصقيع وما نهى عنه؟
  • الشارقة.. افتتاح مسجد الصحابي «سليم بن عمرو» بالحمرية
  • هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
  • كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ اغتنم هذه العبادة سماها النبي «الغنيمة الباردة»
  • دعاء البرد الشديد ودعوة النبي المستجابة.. اللهم نستودعك من لا مأوى لهم
  • كلمة جامعة.. خطيب المسجد الحرام: يحتاجها المعافى والمبتلى والحي والميت
  • خطيب المسجد الحرام: العافية في الدين بالثبات على الحق والبعد عن الباطل
  • ردّ السلام في خطبة الحجاج بأهل العراق
  • دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة