مجلة أمريكية: واشنطن تركت فصائل إيران تستعد قبل ضرباتها الأخيرة.. ومعادلة التوزان لا تزال مستمرة
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
تسير الولايات المتحدة وإيران حاليا على خط رفيع في الهجمات والهجمات المضادة التي يتبادلانها، الأولى بشكل مباشر والثانية عبر وكلائها في عدة دول بالمنطقة، وفلسفة هذا الخط قائمة على توازن دقيق يمنع تدحرج المواجهات لتتحول إلى حرب شاملة بين الجانبين، ولا يبدو أن الضربات الأمريكية الأخيرة ضد أهداف تابعة لفصائل مقربة من إيران في سوريا والعراق، ردا على مقتل 3 جنود أمريكيين في قاعدة بالأردن، ستغير من هذا التوازن، أو تحريك المؤشر الإقليمي.
ماسبق كان خلاصة تحليل كتبه دانييل بايمان، زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وأستاذ في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مضيفا أن الولايات المتحدة انتظرت أياما قبل الضربات لتعطي الفرصة للفصائل المقربة من إيران بأن تتجهز وتتخذ مواقف دفاعية وتقلل خسائرها.
اقرأ أيضاً
قصف 85 هدفا بـ125 قذيفة دقيقة التوجيه.. تفاصيل الانتقام الأمريكي من إيران في سوريا والعراق
خط رفيعويقول الكاتب إنه مع الضربات الجوية، الليلة الماضية، على العراق وسوريا، تحاول إدارة بايدن السير على خط رفيع.
فمن ناحية، تسعى إلى إنهاء الهجمات، لتظهر لكل من إيران ووكلائها أن هناك ثمنًا يجب دفعه مقابل قتل الجنود الأمريكيين، وتقويض قدراتهم على القيام بمزيد من الهجمات في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى بايدن إلى طمأنة الأمريكيين بأنه لن يقف مكتوف الأيدي في مواجهة العدوان الخارجي.
ومن ناحية أخرى، تريد الإدارة تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط.
وسيكون الحفاظ على هذا التوازن صعباً بسبب السياسات الإقليمية المشحونة وصعوبة استخدام القوة العسكرية بطريقة محسوبة ضد إيران أو وكلائها.
اقرأ أيضاً
تنديد عراقي بالهجمات الأمريكية.. والبيت الأبيض: أبلغناهم قبل القصف
دلائل على سياسة التوازنويسوق الكاتب عددا من الدلائل على سياسة التوازن تلك، قائلا إنه قبل الضربات الأخيرة، شنت الولايات المتحدة هجمات محدودة على وكلاء إيران وأصولهم العسكرية لكنها تجنبت ضرب إيران نفسها، رغم أنه من المؤكد أن ردع إيران سيكون صعبا للغاية من خلال ضرب وكلائها فقط.
إن جزءاً من الأسباب التي تدفع إيران إلى العمل مع الجماعات المسلحة في المقام الأول هو اكتساب القدرة على الإنكار الرمزي على الأقل، مما يسمح لها بالادعاء (ولأعدائها بالتظاهر بالاعتقاد) بأنها ليست مسؤولة عن أي هجمات.
وفي الواقع، تمارس إيران سيطرتها على بعض الوكلاء وتتمتع بنفوذ كبير على آخرين.
بالنسبة لكتائب "حزب الله"، على سبيل المثال، يوجد مسؤول إيراني في مجلس قيادتها، وقد استجابت المجموعة لرغبات إيران بشأن وقف إطلاق النار في الماضي.
أما الحوثيون في اليمن، فهم أقل خضوعاً لسيطرة إيران، لكن إيران تسلحهم وتدربهم وتمولهم، مما يمنح طهران نفوذاً كبيراً.
وهكذا فإن إيران قادرة على القتال حتى آخر عراقي أو آخر يمني دون المخاطرة بقواتها.
اقرأ أيضاً
أمريكا تبدأ ردها على مقتل جنودها في الأردن بقصف سوريا والعراق
مخاطر استهداف إيرانومع ذلك، فإن استهداف إيران بشكل مباشر يخاطر برد إيراني أكبر، مما قد يخلق دورة تصعيدية.
فإيران لديها سياسة أيضًا، ومن الصعب على النظام الإيراني أن يتعرض لهجوم عسكري ولا يفعل شيئًا ردًا على ذلك.
وحذرت طهران مقدما من أنها سترد على أي هجوم أمريكي، يقول الكاتب.
وقد يقوم الوكلاء أيضًا بتصعيد مناهضتهم للولايات المتحدة. الهجمات، وقد يؤدي رد الولايات المتحدة إلى زيادة تنفير الرأي العام في بلدان الوكيل، مثل العراق.
وعلى الرغم من هذه الضغوط، قد تسعى إيران والعديد من وكلائها إلى تجنب حرب أكبر والردود على الضربات الرمزية.
وبعد هجومها في الأردن، اتخذت كتائب حزب الله خطوة نادرة بإعلانها أنها ستعلق هجماتها، وهو القرار الذي وافقت عليه طهران على ما يبدو.
وتعرف طهران أن جيشها ليس لديه فرصة للفوز في معركة ضد الولايات المتحدة بشكل مباشر.
بالإضافة إلى ذلك، لا يحظى النظام بشعبية كبيرة، مع اندلاع احتجاجات واسعة النطاق ضد حكمه الاستبدادي في الماضي القريب.
اقرأ أيضاً
بايدن يحضر مراسم عودة رفات جنود أمريكيين قتلوا في الأردن
تجربة اغتيال قاسم سليمانيويقول الكاتب إنه عندما قتلت الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، بالحرس الثوري، الذي يدير الدعم الإيراني للجماعات والميليشيات في المنطقة في عام 2020، حدت إيران من ردها الفوري على الهجمات الصاروخية على القوات الأمريكية.
وحتى قبل شنها هجمات كبيرة على القواعد الأمريكية في العراق، بعثت إيران برسالة لتحذير الولايات المتحدة كي تتمكن القوات الأمريكية من اتخاذ مواقع دفاعية.
وحتى عندما بدت الضربات الحالية حتمية، بدا أن كلا الجانبين يحذران من التصعيد.
وزعمت إيران، بشكل مشكوك فيه، أنه لا علاقة لها بالهجوم على القوات الأمريكية في الأردن.
اقرأ أيضاً
وو.ستريت تكشف الموعد المتوقع للرد الأمريكي على هجوم "البرج 22"
ومن جانبها، أرسلت الولايات المتحدة تحذيرا كافيا قبل أيام من الضربات الجديدة، مما سمح لإيران وقادة الجماعات الرئيسية بإعادة نشر أفرادها والبحث عن مأوى، وبالتالي الحد من خسائرهم.
في النهاية، يرى الكاتب أنه من غير المرجح أن تؤدي الضربات الأمريكية إلى تحريك المؤشر الإقليمي بشكل كبير. إن النطاق المحدود للأهداف التي تضربها الولايات المتحدة، حتى لو استمرت لعدة أيام، لن يسبب ألمًا هائلاً لإيران من شأنه أن يغير حسابات طهران، كما أنه لا يخلق حاجة سياسية قوية لإيران لتكثيف عمليات الانتقام.
ويضيف: في أحسن الأحوال، قد تكون طهران وبعض وكلائها أكثر حذراً بشأن هجماتهم المستقبلية، على الرغم من أنه من غير المرجح أن ينهوها بالكامل بينما لا يزال بإمكانهم الحصول على مزايا سياسية واستراتيجية من المواجهة المستمرة.
المصدر | دانييل بايمان / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العلاقات الأمريكية الإيرانية ضربات أمريكية بايدن العراق سوريا الولایات المتحدة اقرأ أیضا فی الأردن من إیران
إقرأ أيضاً:
تكهنات وتحليلات حول رسالة واشنطن إلى طهران عبر أبو ظبي
طهران- في تطور دبلوماسي لافت، قام المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور محمود قرقاش بزيارة إلى طهران التقى فيها نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وسلّمه رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقا لما كشف عنه عراقجي نفسه.
جاء هذا التطور في وقت تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن وطهران، وسط استمرار الضغوط الأميركية، وتزامنا مع خطاب من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي وصف دعوات الولايات المتحدة للحوار بأنها "خداع للرأي العام العالمي".
ما يلفت الانتباه ليس فقط مضمون الرسالة الذي لم يُكشف عنه رسميا بعد، ولكن أيضا الطريقة التي وصلت بها إلى طهران. فبينما كانت موسكو مرشحة للعب دور الوسيط، امتنعت عن حمل الرسالة، في خطوة تعكس حسابات روسية دقيقة تجاه المشهد الإقليمي والدولي.
وسبق هذا الامتناع تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي حملت إشارات إلى طبيعة التحولات الجارية في العلاقة بين موسكو وواشنطن، مما يطرح تساؤلات عن موقف روسيا من هذه الوساطة ومدى تأثير ذلك على المعادلة السياسية القائمة.
وتتزايد التكهنات حول محتوى الرسالة، خاصة مع تسريبات تشير إلى أنها حملت تهديدات مباشرة ومحاولات لممارسة مزيد من الضغط على إيران. وإذا صحت هذه التسريبات، فإن الرد الإيراني على الرسالة سيكون حاسما في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، سواء عبر التصعيد السياسي والدبلوماسي، أو من خلال إعادة تقييم مسار التفاوض وفق معطيات جديدة.
إعلانومع تشابك المصالح الإقليمية والدولية، يبدو أن الرسالة الأميركية قد تفتح فصلا جديدا في المواجهة بين واشنطن وطهران، في وقت تزداد فيه الضغوط على جميع الأطراف المعنية.
ضغط وتهديدفي حديثه للجزيرة نت، قال مختار حداد، رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية في إيران، إن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن طلب الولايات المتحدة من موسكو لعب دور الوساطة بين طهران وواشنطن تعكس توجها جديدا في العلاقات بين موسكو وواشنطن، خاصة مع عودة ترامب إلى المشهد السياسي.
لكنه أكد أن هذا لا يعني أن روسيا ستساوم على الملفات التي تهمّ حلفاءها، بل ستسعى لتخفيف التوترات، مشددا في الوقت ذاته على أن نجاح أي وساطة مرهون بسلوك ترامب، الذي وصفه بأنه "متوتر وغير قابل للتقييم".
وأوضح حداد أن موسكو امتنعت عن تسليم الرسالة الأميركية لطهران بسبب التسريبات التي أشارت إلى أن مضمونها كان قائما على الضغط والتهديد، وهو ما ترفضه إيران بشكل قاطع.
وأضاف أن طهران أعلنت مرارا أن أي حوار يجب أن يكون في إطار الاتفاق النووي، وهو ما لم تلتزم به واشنطن في رسالتها، مما دفع روسيا إلى اعتبار أن نقلها قد يعقد الوضع أكثر، وأشار إلى أن هذا الموقف الروسي دفع الولايات المتحدة للبحث عن قنوات أخرى لإيصال رسالتها، إذ لجأت إلى الإمارات رغم وجود وسطاء تقليديين بين طهران وواشنطن.
وبخصوص الموقف الإيراني، أكد حداد أن جميع التيارات السياسية داخل إيران متفقة على رفض أسلوب الضغط الذي تمارسه إدارة ترامب، مشيرا إلى أن هذا الموقف شكل نقطة التقاء بين مختلف التوجهات السياسية في البلاد، كما شدد على أن إيران لن تقبل بأي مفاوضات خارج إطار الاتفاق النووي، خاصة في ظل استمرار سياسة التهديد والعقوبات.
وفي ما يتعلق بالمشهد الدبلوماسي، أشار حداد إلى أن الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي، بما في ذلك الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بالإضافة إلى الصين وروسيا، تواصل مسار المفاوضات المتعددة الأطراف، إذ أجرت إيران مؤخرا جولات عدة من المحادثات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي.
إعلانوأضاف أن هناك مفاوضات ثلاثية مرتقبة بين إيران وروسيا والصين في بكين، وذلك يعكس دخول جميع الأطراف، باستثناء الولايات المتحدة، في مرحلة جديدة من المشاورات.
واختتم حداد حديثه بالقول إن واشنطن أمام خيارين: إما العودة إلى إطار الاتفاق النووي لعام 2015، أو الاستمرار في سياسة الضغوط القصوى التي أثبتت التجربة أنها لن تحقق أهدافها وستؤدي فقط إلى تصعيد التوترات في المنطقة.
مستوى العلاقاتومن جانب آخر، صرّح المحلل السياسي محمد حسين واحدي بأن الرسالة المذكورة ليست مجرد رسالة عادية إلى إيران للتفاوض، بل إنها تحدد مستوى العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.
وأكد أن ترامب -وفق التسريبات- قد أدرج فيها خيار التفاوض أو الحرب، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي يعتمد دائما على سياسة الترهيب لانتزاع تنازلات، كما فعل مع كندا وبنما وأوكرانيا، وهو الآن يسعى لتطبيق الأسلوب نفسه مع إيران.
وأضاف واحدي للجزيرة نت أن روسيا تُعتبر عنصرا حاسما لكل من الولايات المتحدة وإيران، لافتا إلى أن ترامب حاول التقرب من موسكو بهدف تفكيك التحالف الثلاثي بين الصين وروسيا وإيران، لكنه أشار إلى أن الاتهامات الموجهة لترامب بشأن تواصله مع روسيا جعلته مترددا في إظهار تقارب واضح معها أو منحها دورا محوريا في التعامل مع إيران.
وفي هذا السياق، أوضح أن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حملت رسالة مهمة لطهران تؤكد استعدادها لتحسين علاقاتها الدولية، لكنه أشار إلى وجهة نظر أخرى ترى أن أي تقارب بين الولايات المتحدة وروسيا قد يكون ضارا بالمصالح الإيرانية.
وأشار واحدي إلى أن ترامب ربما كان يسعى لإيصال رسالة جديدة ومختلفة هذه المرة، موضحا أن الرسالة لم تُرسل عبر القنوات التقليدية مثل سويسرا أو قطر أو عُمان، بل اختيرت الإمارات لتكون الوسيط.
وبشأن رد طهران على الرسالة، أكد واحدي أن ذلك سيعتمد على محتواها وشروطها، موضحا أنه إذا كان ترامب يسعى إلى نزع كل أوراق القوة الإيرانية، بما في ذلك وكلاؤها الإقليميون، وقدراتها النووية، وصواريخها، وطائراتها المسيّرة، فمن المؤكد أن طهران سترفض ذلك.
إعلانوأضاف أنه إذا رفضت إيران هذه الشروط، فإن ذلك قد يؤدي إلى تكرار السيناريو السوري ويمهد لاحقا لهجوم إسرائيلي على إيران. لكنه ختم بالإشارة إلى أن إيران قد تكون منفتحة على أي خيار ثالث أو نهج أكثر اعتدالا في الرسالة، إذا كان متاحا.