"التنظيف الهوسي" يجتاح "تيك توك" وعلماء النفس يشرحون مشكلة هذا "الترند"
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
أطلق مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على الرغبة المفاجئة في التنظيف اسم "التنظيف الهوسي"، وقد اجتاح هذا "الترند" تطبيق "تيك توك" بشكل واسع وجنوني مؤخرا.
ويصف مصطلح "التنظيف الهوسي" الحالة التي يجد فيها الكثيرون أنفسهم أمام أفكار وسواسية لا يمكن السيطرة عليها بالحاجة الملحة للتنظيف، مثل ترتيب خزانة الملابس أو تنظيف حوض المطبخ من الأطباق المتسخة.
ونشر العديد من المستخدمين على "تيك توك" مقاطع فيديو يظهرون وهم يقومون بتنظيف الخزانات المزدحمة وينظفون الأطباق القذرة بشكل محموم، واصفين ذلك بـ "التنظيف الهوسي"، بينما يعتقد البعض أن هذا تصنيف خطير أطلق على سلوك عادي نسبيا.
ويحذر الخبراء من أن مصطلح "التنظيف الهوسي"، قد يكون "غير مناسب"، موضحين أنه على الرغم من أن نوبات التنظيف المكثفة هي سلوكيات شائعة بين الأشخاص الذين يعانون من الهوس، إلا أنها تستمر لفترة أطول بكثير من بضع ساعات، ولا تتم بسبب الملل ويمكن أن يتبعها اكتئاب حاد يمكن أن يستمر من أسابيع إلى أشهر، على عكس ما تتم مناقشته عبر الإنترنت.
وشددت نيلو نيكو، كبيرة المسؤولين السريريين في مجموعة "ألتر هيلث" في كاليفورنيا، على الفرق بين "الهوس" و"الاندفاع".
وقالت في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز ديجيتال": "أعتقد أن كلمة هوس تسعى إلى جذب الاهتمام. إنها ترسم عنصرا سلبيا في الأمر، لأنه إذا كان شخص ما يعاني من خلل وظيفي حقا، أو لديه هذا التشخيص، فقد يكون هذا تصنيفا خطيرا لاستخدامه على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأشار الدكتور آرون تندلر، وهو طبيب نفسي وكبير المسؤولين الطبيين في BrainsWay، وهي شركة تقدم علاجات التحفيز العصبي، إلى أنه لا يشجع أيضا على استخدام مصطلح "التنظيف الهوسي".
مضيفا: "عندما يستخدم الناس هذه المصطلحات بشكل غير مناسب، فإن ذلك يقلل من حجم المشكلة إلى حد ما".
إقرأ المزيدوأوضح تندلر أن الهوس يشير إلى زيادة في "النشاط الموجه نحو الهدف" لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات مثل الاضطراب ثنائي القطب.
وتستمر فترة الهوس الخفيف لمدة أربعة أيام على الأقل، وفقا لتندلر، مع زيادة الطاقة معظم اليوم.
وقال إنه يمكن مقارنة "التنظيف القهري (الهوسي)" بحالة مماثلة تسمى اضطراب الوسواس القهري. إلا أن الوسواس القهري في الواقع هو أقرب إلى أن يكون "مرضا مزمنا، والذي قد يكون له شدة متفاوتة على مدى عمر الشخص. وعندما يعاني الأشخاص من الوسواس القهري، تكون لديهم أفكار ومخاوف غير مرغوب فيها ومتطفلة ... وعادة ما تكون لديهم بعض الأشياء التي يركزون عليها بشكل مفرط للقلق".
وكشف الطبيب أنه يعتبر التنظيف "محور اهتمام مشترك" في الوسواس القهري، حيث غالبا ما تنشأ طقوس، مثل غسل اليدين وتنظيف المنزل.
وتابع: "يقوم الشخص المصاب بالوسواس القهري بالتنظيف المستمر، وغسل الملابس، وارتداء القفازات طوال الوقت. ولن يكون الأمر بمثابة موجة من التنظيف لبضع ساعات مرة واحدة في الأسبوع أو مرتين في الأسبوع".
وقال تندلر إن الاضطرابات العقلية الأخرى، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، يمكن أن تكون أيضا عاملا مساهما في "التنظيف الهوسي"، حيث يمكن للأدوية الموصوفة أن تسبب سلوكا شديد التركيز.
المصدر: نيويورك بوست
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: امراض نفسية تطبيقات تيك توك مواقع التواصل الإجتماعي الوسواس القهری تیک توک
إقرأ أيضاً:
الكلمة رونق
نعيمة السعدية
لعبق الكلام شذاه الخاص الذي ينثره على النفوس ليُعطينا صورًا حيَّة واقعية أو خيالية بما ينسجه من خيوط فكر الإنسان في موضوعات الحياة المتعددة التي يبني عليها أفكارًا تعتمد على تجارب متباينة تعود بالنفع عليه ماديًا ومعنويًا.
والتعبير بالكلمة بيان جليٌّ بما يجمعه الإنسان في خلده من حصاد السنين؛ فتؤثر في حياته خاصة وحياة المجتمع عامة. ومن ذلك نجد أن الكلمة تُعبِّر عن مكنونات النفس، وتصوغها حسب ميول الإنسان وأفكاره التي يرجوها ويطمح إلى حدوثها. والكلمات هي الوسيلة التي تعين الإنسان على إخراج خلجات نفسه؛ سواء أكانت شعرًا أم نثرًا.
الكلمة وما أدراك ما الكلمة؟!
للكلمة أثر عميق في النفس؛ فهي قد تحييها، وقد تُميتها؛ فالكلمة حياة زاهرة بالعطاء والنماء أو موت زاخر بالبطش والفناء، وهي رونق حسنٍ وبهاءٍ وإشراق يأسر الألباب بجماله، ولها جذور متجذرة في أعماق تربة الشعور، لكن البشر لا يدركون أثرها، ولا يعون حجم تأثيرها في النفس البشرية وصورة تغلغلها في أعماقها، ولا يستوعبون أنها قد تكسر، وقد تجبر؛ فهم لا يدرون حقيقة الأمر فيما قد تبنيه وما قد تهدمه.
يظنون أنها مجرد كلمة لا تؤخر ولا تقدم، ولا يعلمون بأنها قد ترفع الإنسان إلى سابع سماء، وقد تهوي به إلى سابع أرض.
فإذا كان القرآن قد أولى عناية خاصة بالكلمة، وحضَّ المسلمين على التحلي بخير الكلام وأحسن القول، وذكر الكلمة الطيبة في آية من آياته الكريمة في قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ" (إبراهيم: 24)، فما بالنا نحن لا نُعطي للكلمة حقها مثلما علمنا ديننا الحنيف؟! لماذا نبخل بها في وقتها، ونشوه مدلولها أثناء قولها؟! لماذا صارت القلوب جوفاء من كل جمال قد يجملها من قول أو فعل؟! لماذا يُحبَس الكلام الجميل في وقت تحتاج إليه النفوس ليبللها؟! لماذا صرنا نقوله فترة ثم ننكفئ عنه؟! هل صارت الكلمة الطيبة مجرد شعور وهمي وخيال مزعوم، أم باتت ثقيلة على اللسان، أم صرنا نحن لا نشعر بأي إطلالة جمال رغم حاجتنا إليها؟!
ليتنا آنسنا معناها قبل ضياع دلالتها، حتى بِتنا لا نفقه سيماءها.
لماذا نغلق القلوب بأقفال صلبة، ونحن نعلم بأنَّ الكلام يكون في القلب في بادئ الأمر ثم ينتقل إلى اللسان؛ ليعبر عما يكنه القلب.
مثلما نجد ذلك في استدلال العرب بهذا البيت: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما // جُعل الكلام على الفؤاد دليلًا.
والكلام مجال للتعبير عما يعتلج في النفوس، لكن إذا حُبس من الخروج أُدمي القلب بما فيه جرمًا وتشويها لمعناه.
إنَّ للكلمة صناعة عجيبة في النفس؛ فلا تحرموا أنفسكم صياغة ترجمان الشعور في قلوب مَن حولكم؛ فتخرج الكلمة الطيبة بعد فوات الأوان فلا تجد ما تصوغه لاختفاء جوهر المصوغ؛ فالحياة لا تُبقي الأشياء على حالها طوال العمر. وإذا كان العمر لا يدوم فكيف لغيره أن يدوم؟!
وتبقى الكلمة غرسًا نغرسه في القلوب بين مفترق الدروب، لكنها قد تصدأ صدأً يغلق باب القلوب على الدوام، وما أقسى أن تحتضر الكلمة قبل وصولها إلى المرمى الذي أُرسلت إليه!