لقد استغرق بات جيلسنجر الكثير من العمل الشاق وبعض الحب الشديد ليشق طريقه إلى وظيفة أحلامه كرئيس تنفيذي لشركة Intel (INTC). بعد أن بدأ جيلسنجر العمل في الشركة في عام 1979، جعل من مهمته الصعود إلى قمة سلم الشركة، مما يساعد إنتل على أن تصبح شركة تكنولوجيا أمريكية رائدة، ناهيك عن اسم مألوف. لكنه لم يكن ليتمكن من القيام بذلك دون معلمه البسيط وبعض المطبات في الطريق على طول الطريق.

يحب جيلسنجر أن يقول إنه وضع السيليكون في وادي السيليكون. وبعد أن شهد انخفاضًا منهجيًا في صناعة الرقائق الأمريكية بعد فترة طويلة من الاستعانة بمصادر خارجية للصين ودول أخرى، فإنه يتطلع إلى تحقيق ذلك مرة أخرى من خلال إعادة تصنيع أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة.

جلس الرئيس التنفيذي ذو الشخصية الجذابة مع أكيكو فوجيتا، رئيس شركة Yahoo Finance، في المقر الرئيسي لشركة إنتل للحديث عن كيفية قيام إنتل بإعادة تصنيع الرقائق إلى الولايات المتحدة، وكيف أصبح القائد الذي هو عليه اليوم. وهو يعزو الكثير من نجاحه إلى معلمه آندي جروف، الرئيس التنفيذي السابق لشركة إنتل. لقد تعلم جيلسنجر كيفية تقديم تعليقات صارمة لموظفيه، بالإضافة إلى الحفاظ على مستوى من الصدق لبناء الثقة.

ينعكس نجاح إنتل في السوق وسعر سهمها حيث تستمر في التعافي مرة أخرى إلى المستويات التي كانت فيها في السابق المطور الرائد في مجال التكنولوجيا. مع استمرار إنتل في تحقيق خطوات واسعة، فإنها تجلب معها صناعة أشباه الموصلات الأمريكية ككل.

 

ليس سرا أن صناعة أشباه الموصلات الأمريكية قد تخلفت عن الركب، وخاصة بالنسبة للمنافسين الأجانب. بات يجعل من مهمته إعادة إنتل وصناعة الرقائق الأمريكية إلى القمة. وهو يفعل ذلك من خلال الاعتماد على مهاراته القيادية، التي شكلها مرشدوه إلى حد كبير، وخيبات الأمل الماضية، والشغف الذي لا يموت لهذا المنصب.

قال بات جيلسينجر إن الصناعة تحتاج  إلى شركة إنتل عظيمة، مثل دور التكنولوجيا، وإعادة بناء التصنيع، وهو الجزء الأساسي الذي يلعب دورًا في التصنيع في أمريكا من أجل المنفعة الاقتصادية، وما يترتب على ذلك من آثار على الأمن القومي. علينا أن نجعل هذا العمل.

أضاف: “كان الرأي هو أنه يمكننا التصنيع في الخارج. هناك ظهور لنموذج المسبك في الصناعة. دعونا نجعل شخصًا آخر يقوم بمهمة التصنيع الصعبة. وفجأة، ندرك أننا وضعنا أنفسنا كأمة، كالعالم الغربي، في موقف محفوف بالمخاطر للغاية، أنا متحمس لأن أكون جزءًا من هذا الجهد لأقول، لا، نحن بحاجة إلى سلاسل توريد متوازنة ومرنة للعالم. سوف نقوم ببناء التصنيع والتكنولوجيا على مستوى عالمي. التصنيع والابتكار أمران مترابطان. يجب أن تقوم بالأمرين معًا إذا كنت ستصبح مزودًا رائدًا للتكنولوجيا في المستقبل”.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

الصراع الجيوسياسي في ليبيا والحراك الأمريكي

‎ذكر الدكتور "محمود جبريل" -رحمه الله- أن الولايات المتحدة الأمريكية كشفت للقذافي، خلال فترة السبعينيات، عن 27 انقلابًا ضده. وكان القذافي وإعلامه يخرج عقب كل محاولة ويدين الإمبريالية والمؤامرات الأمريكية، ويزعم أن أمريكا تعمل على إسقاط حكمه!!

‎التقى الدكتور جبريل عددا من الدبلوماسيين الأمريكيين، منهم "بلمر" الذي كان سفيرًا أثناء انقلاب القذافي، و"ديفيد نيوسن" الذي كان موجودا في ليبيا ثم أصبح مسؤولًا عن الملف الليبي داخل وزارة الخارجية الأمريكية، وكذلك "جوزيف ساندرز" الذي صار قائمًا بالأعمال بعد تخفيض العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية. وجميعهم أكدوا أن مبررهم في ذلك هو أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتطلع إلى أن تكون ليبيا قاعدة لمواجهة المد الشيوعي. ولكن عندما سأل جبريل وزير الخارجية الليبي الأسبق منصور الكيخيا -رحمه الله- عن مبرر أمريكا في الكشف عن الانقلابات ضد القذافي؛ رد بتلاوته للآية الكريمة: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، لحثه على عدم البحث عن الأسباب.

الحراك الأمريكي
مرة أخرى، تجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أمام تحدٍ متسارع يتمثل في تمدد نفوذ الدول التي كانت تُوصف سابقاً بأنها شيوعية؛ (الصين وروسيا) نحو أفريقيا. الصين تسعى لتعزيز وجودها الاقتصادي القوي في أفريقيا عبر استثمارات واسعة، بينما تعمل روسيا على تعزيز نفوذها العسكري في القارة. وليبيا تعتبر بوابة لهذا الاهتمام الصيني والروسي، مما يخلق منافسة جيوسياسية جديدة في المنطقة.

‎ الحراك الأمريكي النشط في سباق مع الزمن، بعد الفشل المريع للمبعوثين الدوليين "يان كوبيتش" و"عبدالله باتيلي" اللذين أشرفا على عودة الانقسام السياسي واستمراره. هذا الحراك الأمريكي يسعى لتنشيط التوصل إلى حكومة موحدة إما باتفاق سياسي جديد وإما بالاستفادة مما هو موجود. أمريكا ترى أن الوقت ما زال في صالحها، وأن الفرقاء السياسيين، رغم محاولاتهم مد جسور مع الصين وروسيا، لا يزالون في إطار لا يشكل تهديدًا للمصالح الأمريكية. حتى استعانة حفتر بمجموعة الفاغنر، كانت في البداية بضوء أخضر أمريكي، وكان يهدف إلى تمكينه من السيطرة على كامل التراب الليبي في محاولته السابقة في 2019. إلا أن تجاوز الفاغنر للضوء الأخضر واستغلاله للتسلل نحو دول الساحل والصحراء، دفع بأمريكا لتحويل الضوء الأخضر غربًا -وذلك بغض الطرف عن التدخل التركي- بعد أن كان شرقًا بالسماح بتدخل الفاغنر.

اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية لم يقتصر على اللقاءات المختلفة مع الفرقاء السياسيين والعسكريين في ليبيا، بل قدم لهذا الاهتمام بقانون الهشاشة وقانون الاستقرار. قانون الهشاشة يهدف إلى إنشاء حكومة وطنية موحدة في ليبيا قادرة على تقديم الخدمات وضمان الأمن، وتشمل دعم الانتخابات الوطنية وتحسين الوصول إلى العدالة والمساءلة، مع جهود لتهيئة الظروف لنزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين السابقين. بينما يهدف قانون الاستقرار إلى دعم الاستقرار بليبيا من خلال الجهود الدبلوماسية وفرض عقوبات على الكيانات الأجنبية التي تعرقل السلام وترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، إضافةً إلى تعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد، ودعم التعافي الاقتصادي.
تسعى الولايات المتحدة للضغط على الحكومات العربية للاعتراف بالكيان الصهيوني، بينما يرفض العقل الجمعي الليبي ذلك إلا في إطار حل عادل للقضية الفلسطينية، وبإرادة فلسطينية حرة، وبممثلين حقيقيين عنهم.
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتعيين سفير فوق العادة، فمن المتوقع أن تتسلم السفيرة الأمريكية "جينيفر جافيتو" مهامها كسفيرة للولايات المتحدة في ليبيا. وهي دبلوماسية محترفة شغلت مناصب عليا في وزارة الخارجية وعملت في العديد من الدول، بما في ذلك دول من المنطقة. يأتي تعيينها كسفيرة فوق العادة لتتمتع بصلاحيات واسعة في ظل المخاوف الأمريكية من التوسع الروسي في غرب أفريقيا والصحراء الكبرى.

‎ تناغم وتضارب مع المصالح الأمريكية
أمريكا لديها خمس مصالح على الأقل في ليبيا: استدامة تدفق النفط لضمان استقرار إنتاجه كجزء من استراتيجيتها لتأمين مصادر الطاقة العالمية، وتحجيم المشروع الصيني الناعم والمشروع الروسي الخشن، ومكافحة الإرهاب حيث يمكن لليبيا أن تكون قاعدة له أو قاعدة لمكافحته، مما يؤدي إما إلى تعزيز الأمن الإقليمي والعالمي وإما إلى تهديده. المصلحة الخامسة، ما بين ظفرين، هي "نشر الديمقراطية".

تختلف ليبيا مع أمريكا في ثلاث قضايا أساسية: أولاً، في تعريف الإرهاب وبالذات في تصنيف الحركات كإرهابية أو حركات تحرر مشروعة، وهي مشكلة عالمية تعكس صعوبة الوصول إلى تعريف موحد للإرهاب. 

القضية الثانية تتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث تسعى الولايات المتحدة للضغط على الحكومات العربية للاعتراف بالكيان الصهيوني، بينما يرفض العقل الجمعي الليبي ذلك إلا في إطار حل عادل للقضية الفلسطينية، وبإرادة فلسطينية حرة، وبممثلين حقيقيين عنهم.

‎أما الخلاف الثالث فهو التفسير العملي لنشر الديمقراطية، فالسائد في المنطقة أن العمل على نشر الديمقراطية يكون بتمكين مستبد بثوب ديمقراطي، وهذا لا يجب أن يكون بحال. نتوقع من الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أن تحترم التضحيات التي قدمت من أجل إنهاء الاستبداد، وعليها أن تساعد ليبيا لتمهيد الطريق نحو الانتخابات؛ من خلال حوار ينتج عنه ميثاق وطني، وعدالة انتقالية منجزة، ومصالح وطنية جادة، ومن ثم يُعاد صياغة مشروع الدستور ليعكس مخرجات هذا الحوار، وتجرى الانتخابات على أساسه وليس قبله.

إنهاء الانقسام الخارجي ينهي الانقسام الداخلي
المبعوث الدولي الدكتور "غسان سلامة" ونائبته "ستيفاني وليامز" تنبها مبكراً للأثار السلبية للصراعات الدولية في ليبيا وتأثيراتها على الاستقرار، وقادا جهوداً حثيثة لمعالجة هذا الانقسام الخارجي ومن ثم الانقسام الداخلي من خلال إيجاد حكومة وحدة وطنية. ثم عاد الانقسام إلى الواجهة من جديد في عهد المبعوث الأممي السابق "يان كوبيتش" بسبب أخطاء فادحة ارتكبها، مما أعاد إشعال الخلاف الخارجي بين الدول المتدخلة في الشأن الليبي. 

من مصلحة ليبيا أن توازن علاقاتها الخارجية لتحقيق المصالح المشتركة، خاصة مع الدول الكبرى، على الرغم من التحديات التي تواجهها بسبب الانقسام السياسي. بعض مصالح هذه الدول في ليبيا متضاربة، ومن هنا يجب على الفرقاء السياسيين تبني استراتيجية تتيح تحقيق أقصى قدر ممكن من المصالح الوطنية، والتعامل مع هذا التضارب ضمن إطار هذه الاستراتيجية، رغم صعوبة المهمة المركبة المتمثلة في إنهاء الانقسام الداخلي والخارجي وضمان تناغمهما لتحقيق المصالح الوطنية في ظل المصالح المتضاربة بين الدول الكبرى.

في ظل تعيين السفيرة جافيتو وتواجد سفراء الدول الكبرى والدول المتدخلة في الشأن الليبي بطرابلس، يمكن للممثل الخاص المساعد للأمين العام، ستيفاني خوري، أن تسير بخطى متسارعة باستثمار هذا التواجد لبناء استراتيجية مشابهة لجهود سلامة ووليامز؛ تهدف إلى ضمان دعم الدول المتدخلة في الشأن الليبي لعملية سياسية شاملة تدعم الحوار الوطني وتحترم مبادئ السيادة وإرادة الشعب الليبي.

مقالات مشابهة

  • نقابة الصيادلة: صناعة الدواء المصري الأفضل على مستوى الشرق الأوسط
  • أمريكا وأكلاف الكيان الصهيوني الباهظة
  • «فورين بوليسي»: خطة ترامب لإضعاف الدولار ليس لها أي معنى
  • الملك يهنئ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني
  • الصراع الجيوسياسي في ليبيا والحراك الأمريكي
  • شعبة صناعة الذهب تطالب بفتح مجال لـ تصنيع الذهب في مصر
  • القيادة تهنئ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بذكرى استقلال بلاده
  • سمو أمير البلاد يبعث ببرقية تهنئة إلى الرئيس الأمريكي بالذكرى الـ248 لاستقلال الولايات المتحدة
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون الرئيس الأمريكي بذكرى الاستقلال
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون الرئيس الأمريكي بذكرى استقلال بلاده