كثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر خلال الفترة القليلة الماضية، وقد تركزت في خليج عدن واستهدفت سفن شحن تجارية أميركية بدرجة رئيسية، في ظل تصاعد التوترات في الممرات المائية وتفاقم أزمة الشحن التجاري العالمي، وسط توقعات بتوسع دائرة حرب السفن وانعكاسها على ناقلات النفط التي تعبر خليج عدن وارتفاع مضاعف في تكاليف النقل والتأمين.

 

ونفذ الحوثيون منذ 15 يناير/ كانون الثاني أكثر من 5 عمليات استهدفت عدداً من سفن الشحن في خليج عدن بصواريخ بحرية شملت سفن "أوسين جاز، "زاغروفا"، "كيم رينجر" و"جينكو بيكاردي".

 

يعتبر ميناء وخليج عدن من أهم المنافذ البحرية المتحكمة في البحر الأحمر من جهة الجنوب والمنفذ الرئيسي لليمن على بحر العرب والمحيط الهندي، وهو بذلك يطل على خطوط التجارة والملاحة في العالم.

 

 الخبير الملاحي ياسر المروعي، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن أهمية خليج عدن تنبع من كونه نافذة اليمن على المحيط الهندي ومن موقعه الاستراتيجي الذي يربط البحر الأحمر عبر باب المندب بالبحر العربي، إضافة إلى كون خليج عدن ممراً رئيسياً للسفن التجارية المحملة بالوقود بشكل خاص،.

 

لذا يلاحظ استخدامه بشكل كبير من قبل السفن الأميركية والبريطانية بحكم أن الأخيرة كانت تستعمر جنوب اليمن سابقاً ولديها معرفة واسعة بأهمية استخدام هذه الممرات التي تصل خليج عدن بالمحيط الهندي.

 

ويكتسب موقع هذا الممر اليمني المائي أهمية استراتيجية بالنظر إلى قربه من الخط الملاحي الدولي الذي يربط الشرق بالغرب والذي لا يبعد سوى 4 أميال بحرية من نقطة صعود المرشد، حيث تتمكن السفن المنتظمة من الوفاء بسهولة بمواعيد زيارتها للموانئ الأخرى من دون عناء.

 

إمكانية نقل المعركة

 

الباحث الاقتصادي رشيد الحداد، يفسر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تركز استهداف السفن في خليج عدن يؤكد أن صنعاء قادرة على نقل المعركة إلى خارج مسرح عملياتها وفرض قواعد اشتباك خارج سيطرة سلطتها، إضافة إلى أن تصاعد العمليات يأتي في ظل احتدام الصراع في البحر الأحمر وتمكن قوات صنعاء من منع السفن المتجهة نحو موانئ الاحتلال الإسرائيلي من العبور.

 

يلفت الحداد إلى أن فرض معادلة عسكرية في خليج عدن يؤكد أن صنعاء تمتلك قدرات عسكرية كفيلة بنقل المعركة إلى المحيط الهندي، حيث من الملاحظ أن معظم العمليات العسكرية التي استهدفت سفناً تجارية وعسكرية في خليج عدن طاولت سفناً أميركية، وهذا تحول جديد في مسار العمليات، موضحاً أن تركز الهجمات في خليج عدن يبدد الادعاءات الأميركية بتصاعد المخاطر على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

 

وفق تقارير صحافية، فقد تسببت الهجمات التي شنها الحوثيون في البحر الأحمر ضد السفن المتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي، في أكبر تحويل لمسارات التجارة الدولية منذ عقود، وهو ما أدى إلى ارتفاع التكاليف وطول أمد الرحلات بالنسبة لشركات الشحن في الأماكن البعيدة مثل آسيا وأميركا الشمالية، وهدد بحدوث تداعيات اقتصادية على سلاسل التوريد العالمية.

 

وفي الوقت الذي تجد فيه أكثر من 500 سفينة حاويات صعوبة بالغة في الإبحار عبر البحر الأحمر من قناة السويس وإليها، واستخدام ممرات أخرى مكلفة للغاية، لم تنجح الضربات الانتقامية المتكررة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، فضلاً عن العملية البحرية المتعددة الجنسيات للقيام بدوريات في المياه، في إيقاف هجمات الحوثيين التي تقول الجماعة إنها تنفذها رداً على عمليات الإبادة الجماعية في غزة.

 

ركيزة اقتصاد اليمن

 

وتمثل الممرات المائية والنقل البحري، بحسب خبراء اقتصاد ومختصين في الملاحة البحرية، ركيزة أساسية لاقتصاد اليمن نظراً لطول الساحل اليمني الممتد لأكثر من 2000 كيلومتر، إضافة لامتلاك البلاد نحو سبعة موانئ (عدن، المكلا، نشطون، الحديدة، المخا، رأس عيسى، والصليف)، منها ثلاثة موانئ رئيسية، هي: عدن، المكلا، الحديدة. إلى جانب إطلال اليمن على مضيق باب المندب، وهو الممر الرئيسي للسفن العملاقة الناقلة للنفط، ما يجعل حجم نشاط الملاحة البحرية في اليمن كبيراً جداً.

 

الباحث الاقتصادي عصام مقبل، يقول لـ"العربي الجديد"، إن هناك تصاعداً لأسعار النفط العالمية منذ الأسبوع الماضي، ومرشحة للصعود والاضطراب خلال الفترة القادمة مع توسع التوترات لتشمل ممراً مائياً مهماً آخر في اليمن يتصل بباب المندب ويربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي والبحر العربي.

 

وشدد على أن اليمن سيكون في مرمى تبعات هذه الأزمة التي تأتي في ظل تغافل وعدم اهتمام أو استعداد لها من قبل السلطات الرسمية في البلاد التي لا تزال تعاني من صعوبات بالغة لم تستطع تجاوزها في النقل البحري مع تردي وضعية الموانئ وتسببها في تفاقم أزمة التوريد إلى اليمن.

 

تبعات على النقل البحري

 

وتسود مخاوف واسعة من تبعات قد تطاول النقل البحري في اليمن جراء الأحداث المتصاعدة في الممرات المائية، كما هو الحال في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي وخليج عدن، حيث تواصل جماعة الحوثي التي تحكم أجزاء واسعة من اليمن هجماتها التي تؤكد أنها تستهدف السفن الإسرائيلية والمتعاونة معها، في حين أصبح الاستهداف يشمل السفن الأميركية التي تشن بمشاركة بريطانيا هجمات بالصواريخ والطائرات الحربية على ما تقول إنها مواقع عسكرية تابعة للحوثيين.

 

يمتلك اليمن العديد من الموانئ التي كانت حتى نهاية العام 2014 تعمل بصورة مقبولة لاستقبال البضائع والسفن وتقديم خدمات الشحن والتفريغ والتخزين، إلا أن ظروف الصراع والحرب وما نجم من تدمير جزء كبير من البنى التحتية والتجهيزات في تلك الموانئ، إلى جانب الإجراءات الدولية المتعلقة بإمكانية الدخول والخروج من تلك الموانئ وإليها، قد ساهمت في الحد من القدرة التشغيلية للموانئ اليمنية.

 

ونتيجة لعمليات الإغلاق لبعض الموانئ بصورة جزئية أو كلية، إلى جانب إجراءات الحصار البحري الذي فرضه التحالف العربي منذ بداية الحرب في اليمن، وضرورة حصول السفن الواصلة إلى الموانئ اليمنية أو التي تغادرها على تصاريح خاصة من قبل البعثة الأممية ذات العلاقة، فقد شهدت حركة النقل البحري في اليمن تراجعاً كبيراً سواء في أعداد السفن أو كميات البضائع المتناولة في تلك الموانئ.

 

الخبير في الملاحة البحرية المروعي يقول في هذا الخصوص إن تبعات توسع الاستهداف للسفن ليشمل ممرات مائية أخرى في البحر العربي وخليج عدن قد لا تطاول التجارة العالمية فقط بل أيضاً تهدد بتبعات جسيمة على اليمن جراء تداعيات هذه الأحداث في ممراتها المائية.

 

ويشير إلى أنها قد تفاقم أزمة النقل وتشديد الاختناقات التي لا يزال يعاني منها قطاع النقل البحري في اليمن جراء ما تعرض له من تدمير للأصول والبنى التحتية للعديد من الموانئ التي كانت قد بدأت تتخلص بشكل تدريجي من القيود المفروضة عليها، مثل موانئ البحر الأحمر والتي أدت خلال السنوات الماضية إلى تقليص خطوط النقل البحري العاملة من اليمن وإليه وتراجعها بصورة كبيرة من 16 خطاً بحرياً قبل العام 2015 إلى 5 أو 6 خطوط فقط في الوقت الراهن.

 

ويعاني اليمن من تردي وضعية البنية التحتية والأصول التشغيلية للموانئ وقطاع النقل البحري، وذلك قبل انطلاقة حرب السفن التي أطلقها الحوثيون رداً على تجويع أهالي غزة وارتكاب إبادة جماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

 

إذ تعرضت موانئ البحر الأحمر التي تشمل "الحديدة والصليف والمخا" لأضرار جسيمة جراء الاستهداف المتواصل لها منذ العام 2015، حيث تتجاوز نسبة الأضرار 45.5 في المائة من إجمالي الأصول للموانئ اليمنية، الأمر الذي أثر وبصورة كبيرة على القدرة التشغيلية للموانئ اليمنية بشكل عام لتصل الطاقة التشغيلية الحالية لميناء الحديدة، والذي يعد أكبر الموانئ في البلاد إلى أقل من 40 في المائة من طاقته التشغيلية الفعلية قبل العام 2015.

 

ووفق تقرير صادر عن مركز الدراسات والأبحاث العربي "عربيا برن ترست"، تقدر خسائر اليمن بسبب الصراع ما بين 170 إلى 200 مليار دولار من ناتجه المحلي الإجمالي بين الأعوام 2015 و2022.

 

وقال الباحث الاقتصادي منير القواس، لـ"العربي الجديد"، إن "التجار في اليمن واقعون تحت نار تهدد بقاء نسبة كبيرة منهم بالنظر إلى ما يجري من صراع يفاقم الأزمات التجارية والاقتصادية والمعيشية".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن خليج عدن الملاحة الدولية الحوثي أمريكا فی البحر الأحمر العربی الجدید النقل البحری البحر العربی فی خلیج عدن فی الیمن من قبل

إقرأ أيضاً:

قصف أمريكي جديد على اليمن.. وأنصار الله يستهدفون قطعا عسكرية في البحر الأحمر

أعلنت جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثي"، فجر الأربعاء، استهداف قطع حربية أمريكية في البحر الأحمر وعلى رأسها حاملة الطائرات "ترومان" بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة.

جاء ذلك في بيان متلفز للمتحدث العسكري باسم قوات الحوثيين، يحيى سريع.




وقال سريع: "رداً على العدوان الأمريكي على بلدنا استأنفت القوات البحرية والقوات الصاروخية وسلاح الجو المسير لقواتنا المسلحة، القطع الحربية المعادية في البحر الأحمر وعلى رأس أحاملة الطائرات الأمريكية ترومان وذلك بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة في اشتباك مستمر حتى ساعة إعلان هذا البيان وهو الثالث خلال 24 ساعة الماضية".

وأضاف أن "عمليات القوات المسلحة مستمرة ضد العدو الأمريكي باستهداف قطاعه الحربية في منطقة العمليات المعلن عنها بوتيرة متصاعدة إن شاء الله".

وأردف سريع: "عمليات القوات المسلحة ضد العدو الإسرائيلي بمنع ملاحته في البحرين الأحمر والعربي وباستهداف مشآته العسكرية والحيوية تهدف إلى إيقاف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة والمستمرة على مرأى ومسمع العرب والمسلمين وكل العالم".

وتابع أن "هذه العمليات لن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها".




الثلاثاء، أعلنت جماعة الحوثي استشهاد 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين، إثر غارات أمريكية على محافظة الحديدة.

جاء ذلك ضمن سلسلة غارات أمريكية مسائية استهدفت كذلك محافظتي صعدة وحجة وفق قناة "المسيرة".

وقالت القناة إن "عدوانا أمريكيا بغارات جوية استهدف مشروع ومبنى مؤسسة المياه بمديرية المنصورية في محافظة الحديدة".

وأضافت أن الغارات أسفرت، وفق حصيلة أولية، عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين من موظفي وعمال المؤسسة.

وأشارت القناة إلى أن 5 غارات أمريكية إضافية استهدفت محافظة صعدة.

وحسب المصدر نفسه، شن الطيران الأمريكي 3 غارات على مديرية وشحة في محافظة حجة، استهدفت مركزا صحيا ومدرسة.

وفي 15 مارس/ آذار المنصرم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أمر جيش بلاده بشن "هجوم كبير" ضد جماعة الحوثي في اليمن، قبل أن يهدد بـ"القضاء على الحوثيين تماما".

مقالات مشابهة

  • تحذيرات بريطانية: تشويش إلكتروني يعطل أنظمة تحديد مواقع السفن في البحر الأحمر
  • تدخل أمريكي للتشويش على نظام التموضع العالمي GPS في البحر الأحمر يربك عشرات السفن التجاربة ويضلل الاحداثيات على مليشيا الحوثي
  • غارات أمريكية تستهدف قرية الصنيف اليمنية
  • قصف أمريكي جديد على اليمن.. وأنصار الله يستهدفون قطعا عسكرية في البحر الأحمر
  • من اليمن إلى أمريكا.. واشنطن أمام خيارين.. الانسحاب أو الاستنزاف!
  • ترامب يكشف متى ستتوقف الغارات ضد الحوثيين في اليمن
  • ترامب: قدرات الحوثيين التي يهددون بها السفن في البحر الأحمر يتم تدميرها
  • الحوثي: أسقطنا طائرة مسيرة أمريكية من طراز إم كيو - 9 في أجواء مأرب
  • ترامب: الهجمات الأمريكية على الحوثيين ستستمر حتى يتوقف تهديدهم لحرية الملاحة
  • ارتفاع واردات الغذاء وانخفاض الوقود في الموانئ الخاضعة للحكومة اليمنية