موقع النيلين:
2025-02-23@05:38:52 GMT

إثيوبيا: لماذا؟ «2-2»

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT


مر بنا فى المقال السابق مدى استمرارية العوامل التاريخية والعوامل الجيو-سياسية التى تحكم طبيعة العلاقات بين مصر وإثيوبيا. والنقطتان الأكثر أهمية، وحساسية أيضًا، فى هذا الشأن مسألة التهديدات الإثيوبية، ومنذ العصور الوسطى وحتى الآن، فى التأثير على إمدادات مياه النيل إلى مصر، والنقطة الثانية هى أمن باب المندب وحرية الملاحة فى جنوب البحر الأحمر والقرن الإفريقى.

ورغم المشاعر غير الودية من جانب أباطرة الحبشة- إثيوبيا- تجاه مصر، فإن الأخيرة حرصت دائمًا على بقاء الدبلوماسية، بل القوى الناعمة كعامل ود وربط بين مصر وإثيوبيا. ربما لا يعلم البعض أن المسيحية دخلت إلى إثيوبيا من خلال مصر. وترتب على ذلك أن الكنيسة الحبشية أصبحت هى الابنة للكنيسة الأم، الكنيسة القبطية. وحرصت الأخيرة على رعاية الحياة الدينية فى الحبشة. واعتادت الكنيسة القبطية على إرسال مطران قبطى ليرأس الكنيسة الحبشية، ويعطى البركة للنجاشى إمبراطور الحبشة. واستضافت الكنائس والأديرة القبطية الرهبان الأحباش، حيث تلقوا التعليم والرعاية الدينية. ولعبت الكنيسة القبطية أدوارًا مهمة فى تهدئة، بل تحسين، العلاقات بين القاهرة وأباطرة الحبشة.

لكن السلطات فى الحبشة لم تنس العداء مع مصر، والتنافس التاريخى سواء فى حوض نهر النيل، أو فى جنوب البحر الأحمر. ويروى لنا التاريخ أنه كان من أهداف الاستعمار البرتغالى، زمن الكشوف الجغرافية، تنشيط طريق رأس الرجاء الصالح بالالتفاف حول إفريقيا، والتحالف مع الحبشة، وخنق طريق التجارة العالمى الرئيسى عبر البحر الأحمر، لإضعاف مصر، التى كانت تجارة الترانزيت، قبل حفر قناة السويس، تشكل المورد الأكبر فى الخزانة المصرية.

من ناحية أخرى، عمدت السلطات الحبشية إلى إثارة النزعة القومية الإثيوبية، فى محاولة للتغطية على الخلافات العميقة بين مختلف الأعراق واللغات التى تعيش تحت حكم الإمبراطورية الحبشية.

ومرة ثانية تتحالف السلطات الحبشية مع الاستعمار الأوروبى فى حملة منظمة لتشجيع التبشير الكاثوليكى ثم البروتستانتى بين الأحباش، لضرب نفوذ الكنيسة المصرية فى الحبشة. وبالفعل نجحت السلطات الإثيوبية فى الفصل بين الكنيسة الأم، الكنيسة القبطية، والكنيسة الحبشية، تحت زعم القومية الإثيوبية، وكيف تُشرِف كنيسة «أجنبية»، أى الكنيسة القبطية، على الكنيسة الوطنية الإثيوبية. والأكثر من ذلك هو تحالف السلطات الإثيوبية مع السلطات الإسرائيلية فى مسألة تمكين الرهبان الأحباش من دير السلطان فى القدس رغم أنه من الأديرة القبطية.

ومع ذلك وافقت القاهرة مع تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام ١٩٦٣ على أن تكون أديس أبابا هى دولة المقر، وليس القاهرة، حفاظًا على سلامة العلاقات بين أديس أبابا والقاهرة، ودرءًا لدعاوى ظهرت آنذاك بأن دولة المقر لا بد من أن تكون فى إفريقيا السوداء، وليست إفريقيا شمال الصحراء، إفريقيا العربية، وكان الهدف من ذلك ألا تكون القاهرة دولة المقر.

العلاقات الإثيوبية المصرية تمر الآن بمنعطف خطير، جراء تهديد سد النهضة لإمدادات مصر المائية، ثم تمدد إثيوبيا فى منطقة القرن الإفريقى وتعديها على وحدة الأراضى الصومالية، والصومال دولة عربية شقيقة، وهكذا تستمر إثيوبيا فى سياستها العدائية حتى الآن.

د. محمد عفيفي – جريدة الدستور

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الکنیسة القبطیة

إقرأ أيضاً:

الكاردينال تشيرني: تحديات كبيرة امام الكنيسة في لبنان منها ازمة النزوح السوري

تستمر الصحافة الإيطالية ولاسيما الكاثوليكية بتسليط الضوء على زيارة عميد دائرة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال مايكل تشيرني، لبنان، موفدا من قداسة البابا فرنسيس الذي اراد التعبير عن محبته وقربه من "البلد المتالم" كما جاء عنوان صحيفة مجلس مطارنة روما " افينيري" .


وذكرت الصحف بمشاركة  الكاردينال تشيرني، في الجلسة الختامية لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ولقاؤه بالمنظمات الخيرية المحلية.

وكتب موقع "فاتيكان نيوز": "من خلال الحوارات والشهادات، برزت العديد من التحديات والمشاكل في لبنان، بدءًا من العجز عن التعامل مع قضية اللاجئين السوريين، مرورًا بنقص المساعدات الخارجية، وصولًا إلى الضغوط التي تمارسها جهات تعارض المبادئ الكاثوليكية".

وأضاف الموقع نقلا عن الكاردينال: "تكافح الكنيسة في لبنان بين دعوتها لاستقبال اللاجئين السوريين ومساعدتهم، وبين العبء الثقيل الذي يحمله لبنان، خصوصا ان الازمة طالت مع "الوضع الجديد" في سوريا. يضاف إلى ذلك تداعيات الحرب في الجنوب، التي أفرغت القرى من سكانها وخلّفت جروحًا جديدة، والأزمة الاقتصادية التي تخنق العائلات والمؤسسات، فضلًا عن كارثة انفجار مرفأ بيروت التي عمّقت المعاناة وزادت من عدم الاستقرار. وفي ظل هذه الظروف، تواجه الكنيسة تحدي مساعدة الفقراء واللاجئين وضحايا النزاعات، وسط شحّ في التمويل الخارجي".

كما ذكرت وكالة "فيديس" باشادة  الكاردينال تشيرني بجهود الكنيسة اللبنانية في التعامل مع الأزمة رغم غياب الدولة، مشددًا على أن "مسؤولية قضية اللاجئين تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة اللبنانية"، وقال: "حتى الآن، لم يكن هناك دور فعّال للدولة، ولكن هناك مرحلة جديدة بدأت، ومسؤولية الدولة معالجة القضية. إنَّ الكنيسة لا يمكنها أن تحلّ محلّ الدولة في هذا الشأن". 

وأشار إلى أن الحلّ يكمن في دعم الكنيسة السورية لتعزيز الاستقرار والتنمية في سوريا، مما قد يشجّع اللاجئين على العودة، مضيفًا: "ابحثوا عن سبل ملموسة للحوار مع الكنيسة في سوريا".

 واقترح تشكيل مجموعة عمل متخصصة لمعالجة القضية، مع تأكيد استعداد الدائرة الفاتيكانية لدعم هذه الجهود وتوفير الخبرات اللازمة.

مقالات مشابهة

  • تاريخ الصوم الكبير في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. يبدأ بعد غد
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك باحتفال الكنيسة الجيرمانية لمرور 125 عاما على خدماتها بأسوان
  • الكاردينال تشيرني: تحديات كبيرة أمام الكنيسة في لبنان منها النزوح السوري
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال الكنيسة الجيرمانية بأسوان بمرور 125 عامًا على خدماتها
  • الكاردينال تشيرني: تحديات كبيرة امام الكنيسة في لبنان منها ازمة النزوح السوري
  • الكنيسة الكاثوليكية بمصر تشارك في اللقاء قبل الأخير لأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين
  • اللاجئون السودانيون في إثيوبيا.. إنتهاكات متواصلة ومضايقات من حكومة أديس أبابا
  • وحدة الكنيسة بين الواقع والمرتجى
  • للمرة الثانية.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تستقبل لقاء الصلاة من أجل وحدة المسيحيين
  • إثيوبيا: حرائق الغابات تشتعل منذ أسبوع في أوروميا.. والسلطات عاجزة عن المواجهة