رأي اليوم:
2025-04-17@15:19:06 GMT

نزار حسين راشد: قصة قصيرة.. جلسة تحقيق

تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT

نزار حسين راشد: قصة قصيرة.. جلسة تحقيق

نزار حسين راشد حادثة سطو صغيرة على ممتلكات المدرسة أثارت سخط وحنق المدير، الذي أقسم بتربة جدّه أن يعرف الفاعل، وصرّح أن مايؤرقه فعلاً هو أن يعرف فيما إذا كان الفاعل أو الفعلة من اللصوص العاديين وفي هذه الحالة لن يكون للأمر كبير أهمية وسيكتفي بإبلاغ البوليس ليتولوا الأمر، أما إذا كان أو كانوا من طلاب المدرسة فسيكون له معهم شأن آخر، واتخذ سير التحقيق منعطفاً جادّاً حين أبلغه أحد الطلاب أن الطالب صقر يسكن في الجهة المقابلة للمدرسة تماماً ولا يفصله عنها إلا عرض الشارع، وأنه من شرفة بيته حيث يسكن في الطابق الثاني، يستطيع أن يرى كل ما يحدث في ساحة المدرسة هذا إذا كان حاضراً، قالها الطالب تخليصاً لضميره  وأبدى تحفظه لافتاً نظر المدير،  أنه ربما كان نائماًحيث أن التسلل والسرقة حدثا تحت جنح اللبل.

في الحقيقة كان المدير يعاني من وخز الضمير، حيث أنه هو الذي منع تعيين حارس ليلي، وأمر بإطفاء الإنارة في ساحة المدرسة في الليل، توفيراً لميزانية المدرسة! استُدعي صقر على عجل ليمثل أمام المدير، صقر الذي لم كان يكتم شيئاً ربما تفضحه نبرة الصوت أو كلمة فالتة او زلّة لسان، قدّر أنه إذا اختار المخرج الأسهل  وأنكر معرفته بأي شيء فربما يثير هذا ريبة المدير خاصة أنه من النوع اللحوح والشكّاك، ولذا فقد صرّح بأنه أرق في تلك الليلة وكان ساهراً على الشرفة يتنسم الهواء، وأنه في ساعة متأخّرة في تلك الليلة ميّز بصعوبة ثلاثة أشباح يقفزون من فوق سور المدرسة ولكنهم لاذوا وراءها بعد ذلك، واعتقد أنهم فارون من شيء ما أو أنهم سيعقدون سهرة شرب كحول بعيداً عن الأعين ولم يخطر له موضوع السرقة على بال. – حسناً يا صقر! هل تستطيع أن تصف لي ملامحهم؟ – بالطبع يا سيدي، فقد كان أحدهم طويلاً والآخر قصيراً أما الثالث فمربوع! وأردف المدير الذي نفد صبره: – غير ذلك يا صقر،  ملامحهم سمر بيض، شعرهم جعدي أملس، لباسهم، ماذا كان يرتدون؟ – كيف لي أن أعرف ذلك يا سيدي، فقد كانت الدنيا ليلاً والظلام دامساً إضافة إلى أن أضواء الساحة كانت مطفأة، ولا أعرف من هو ابن الحرام الذي أطفأها بعد ساعات الدوام! عند هذه العبارة تجهمت ملامح المدير ولكنه كظم غيظه وبالكاد نطق بأي شيء، فأوقف المساءلة عند هذه النقطة وأمر صقر بالانصراف: – شكراً لك يا صقر، كفّيت ووفيت. فيما تلا ذلك من أيام،  لم يوفر طلاب المدرسة صقرا ً وظلوا يطاردونه متندرين: – قصير وطويل ومربوع! أحلى وصف. وأطلقوا عليه ألقاباً، مرة كونان ومرة توغو موري ومرة شرلوك هولمز! أما صقر فبينه وبين نفسه، فقد أدهشه أن المدير غفل عن السؤال الأهم وهو هل كانوا من طلاب المدرسة أم من الغرباء وهو الأمر الأجل الذي كان يؤرقه، ولعل وصفه لهم بقصير وطويل ومربوع جعله يعتقد أنه لا فائدة من مثل هذا السؤال! في الحقيقة فبينه وبين نفسه فقد كان صقر يعرف أنهم من طلاب المدرسة، فقد كان  ضوء القمر غامراً في تلك الليلة وهذا أيضاً ما غفل عنه المدير ، أما ما منع صقر أن يبوح بأسماءهم فهو إشفاقه على والديهم فأحدهم كان عامل نظافة، والآخر بعين واحدة والطلاب لا يكفون عن تعييره: يا إبن الأعور، أما والد الثالث فقد كان مراسلاً في المدرسة نفسها، ولم يرد صقر أن يضيف آلاماً إلى آلامهم ويجعل حياتهم جحيماً ببن الطلاب الذين لن يكفوا عن تعييرهم والتنمر عليهم، فقال بينه وبين نفسه: اللي فيها مكفبها. ومع ذلك فقد ظل يحيك الأمر في نفسه هل فعل الصواب أم لا، إلى أن جاء يستفتيني ذات يوم لأنني ربما كنت الوحيد من بين الطلاب الذي أحرص على صلاة الجماعة، فأنهى إلي بالسؤال هامساً متلجلجاً: – هل ما فعلته حرام أم حلال؟ ربّتّ عل كتفه مطمئناً: – من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة! كنت لا أزال في جلستي بعد الصلاة، فأهوى مقبلاً رأسي وهرول خارجاً متهلل الوجه مستبشر الملامح ولم يُحدث للأمر بعد ذلك ذكرا.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

حسين خوجلي: ‎وللكلمة أيضاً ألم وأسف ونصف ابتسامة

(1) وجد المزرعة، فلم يجد التمويل. وجد التمويل ففسدت التقاوي.
‎ما حصده كان دون نصيب المزارعة والمزارعين.
‎حاصره المصرف. استسلم، وقد أثقل الصك الأبدي، بسجن ما ومزرعة غريبة تحفها الأعاصير والتباريح.
‎ولذا فإن حديث الغرباء له وقع خاص في قلوب السمر المعروقين..
(2)

‎قال لرفيقته إننا كثيراً ما نحتاج للفرح والتبسم ولقليل من الضحك غير البعاث، ولكننا أيضاً نحتاج للحزن وبأضعاف ما نرتجيه من الفرح والحزن الذي يقوم على التدبر والشوق والفكرة هو الأبقى ومن سماته أنه يستدعي. فطلبت منه أن يستدعي حادثة محزنة
‎قال: (عن عائشة: لما بلغها موت علي قالت دامعة لتصنع العرب ما شاءت فليس أحد ينهاها). وغاص في لجة من البكاء المستدام حتى أنفضت النجوم والسمار وجف الدمع وتقرحت المآقي.

(3)

‎الأول زوجوه بمن يحب. والثاني أقاموا له المشروع الذي كان يحلم به منذ صباه الباكر، والأخير سلموه مفتاح الدائرة الانتخابية دون أن يتحدث في ندوة أو يجامل منتدى بخطاب عابر.
‎ذهب الأول لحبيبة قلبه متعثراً
‎وذهب الثاني صوب مشروعه متأثراً
‎وذهب الثالث نحو برلمانه متحسراً
‎الجملة أخفوها عن الناس والعبرة كانت (لقد جئنا في زمان باخت فيه الأشياء).
(4)
‎الإفلاس ليس في أننا نفتقد العمر
‎والذكريات والأصدقاء والملتقى عن طواعية وحب
‎الإفلاس أن ترى الوطن يرفل مزهواً في إغلاله وهو سعيد ببئر ماء وسفر طارئ وأن هنالك إرهاصات لدواء جديد للملاريا..

(5)

‎الكثير من الشجاعة التي يجب أن تحتفي بها العشيرة بقليل من الاكتراث.. أن يقف فارسها الأول وشجاع المدن والبيادر ويقولها بمنتهى الفخر إني أعلنها على رؤوس الأشهاد وأقسم عليها بأني خائف.

(6)

‎أليست هذه ذات الشركة التي أسسناها سوياً ودعونا لها العامة والأذكياء وأحرقنا ليوم نصرها وأكتتابها البخور؟
‎قال سكرتير مجلس الإدارة النزق الجديد المفتري بمنصب وأمتياز لا يستحقه، نعم إنها ذات الشركة.
‎قلنا: إذاً لماذا لم تدعنا للجمعية العمومية ولمَ لمْ ترسل لنا شيك الأرباح الضئيلة وفوتوغرافيا الانجازات الهواء..
‎قال لأننا بلغنا بألا نبلغكم حتى لا تموتون غماً ويصبح رحيلكم هو وحده المتنعم باشتغال المحل بحركة المناسبة.

(7)

‎هذا المعرض الفسيح للكتاب لم أجد به كتاباً واحداً يستحق الاقتناء حتى هذا المصنف القديم لمطربنا المعتق وجدنا أن تكنلوجيا الأبناء لا تتقبله..
‎حتى الشوارع لم تقربنا من قريتنا اضطررنا لايقاف سياراتنا قرب شرطة المدينة واستأجرنا سيارة أجرة للنادي القديم وعندما أكملنا ليلة التعازي لم نعرف مكان الشرطة ولا أرقام سياراتنا ولم نحدث أحداً بمأساتنا
‎فالضحك من الدهماء على غباء أهل الفطرة أكثر إيلاماً من فراق التي علمتها الحب فظنت أنه درس عذري لتحب عبره أحد الزناة من أوغاد المدينة بوعد سيارة لن تأتي وشقة سيدفع قسطها الأول بعد مائة عام من الكذبة..
(8)
‎الصحافة السودانية قديما كانت ‎تقاوم معركة التوزيع ‎ومعركة الطباعة وإيجار الصحف وشح الإعلان وتكشيرة أولي العزم من العسس والدرك وكراهية الساسة من كل التيارات وكل هذا مقدور عليه..
‎المعركة الوحيدة التي كانوا لا يحسبون لها حساباً الصحافة الأثيرية المتاحة المجانية التي تملك كل ما نملك بجانب رذيلة الحذر والتسلل والاختلاء.
أما الآن فقد صار هم حلم الإعلام المسموع والمشاهد والمقروء بعد هجمة عصابة دقلو التدميرية (كفن من طرف السوق وشبر في المقابر).

(9)

‎هنالك حضارات وصراعات وإنقلابات في شعوب الطير والنمل والنحل والجراد السوداني.
‎(وآه من حائط اللغة آه)
‎فحتى الآن لا نعلم ماذا يفعلون بانقلاباتهم وأزماتهم وعلاقتهم بدول الجوار وحركاتها المسلحة.. وما هو سعر عسل النحل المعد للتصدير وجيش اللسعات وماذا أعد سلاح الطيران الجرادي لمعركة العبور.
ويبقي أدب الباطنية هو الأكثر وضوحاً من أدب المكشوف.
(10)

‎قال تعالى:
(حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا أحمل فيها من كل زوجين إثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل).
‎صدق الله العظيم
‎وبالرغم من الاقناع والصبر والرسالات والمعجزات والماء المتلاطم الموار بالفجيعة الكبرى القادمة والهلاك .. ورغم كل ذلك ما آمن معه إلا قليل..
‎والبداية الجسورة تبدأ دائماً بالقليل المنفعل بالقضية والإيمان وحرية الإنسان في كسر قيد الإنسان للدخول في رحاب فيوضات خالق الإنسان.. ومن هنا يأتي معنى الاستشراف والنصر القادم فهل أدركتم قيمة (الطليعة) في محيط (الناس الساكت) والأكثرية المغيية؟!

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • في زيارة رسمية قصيرة.. وزير السياحة والآثار يبحث تعزيز التعاون مع البحرين
  • خلال جلسة مجلس الوزراء.. ما الذي طرحه وزراء القوات بشأن السلاح؟
  • إيران على مسافة قصيرة من العتبة النووية
  • «نار نار».. أول تعليق من سما المصري على ظهورها مع نزار الفارس
  • حسين خوجلي: ‎وللكلمة أيضاً ألم وأسف ونصف ابتسامة
  • ننشر كواليس جلسة حسين لبيب مع لاعبي الزمالك حول أزمة المستحقات
  • باحثون صينيون يطرحون طريقة جديدة للتنبؤ الذكي بالرياح قصيرة المدى
  • ناصر ماهر يفاجئ حسين لبيب بطلب تعديل عقده في جلسة «أزمة بيسيرو»
  • التمويلات الميسرة لدعم الموازنة تُطيل آجال الدين وتخفف الأعباء قصيرة الأجل
  • عادل حسين المدير الفني للزمالك لـ"البوابة نيوز": الأخطاء التحكيمية أبعدتنا عن المنافسة