نازحون في جنوب لبنان خسروا منازلهم ومصادر رزقهم جراء القصف الإسرائيلي
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
بيروت - منذ نحو أربعة أشهر، فرّت إيناس طحيني مع عائلتها من بلدتها الحدودية في جنوب لبنان مع بدء حزب الله وإسرائيل تبادل القصف، ولم تظنّ أن النزوح سيطول وأن منزلها سيتضرّر جراء التصعيد.
وتتحسّر الأم لثلاثة أطفال على مصير بيتها وعلى ظروف النزوح الصعبة بعدما باتت تقيم في مدرسة تمّ تحويلها على عجل الى مركز إيواء في مدينة صور الساحلية يفتقد لأبسط مقومات الحياة.
وتقول طحيني (37 عاماً) لوكالة فرانس برس "قصفوا (الإسرائيليون) بيت شقيقي ما أدى الى احتراقه بالكامل، بنما تضررت شقتي في الطابق الأسفل".
وطحيني في عداد أكثر من 86 ألف شخص نزحوا، وفق الأمم المتحدة، من منازلهم منذ بدء التصعيد عبر الحدود على وقع الحرب في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وتتعرّض البلدات الحدودية اللبنانية منذ الوقت لقصف إسرائيلي رداً على إطلاق حزب الله صواريخ من جنوب لبنان يقول إنها دعماً لحركة حماس الفلسطينية.
وتعتمد عائلة طحيني التي نزحت من بلدة عيتا الشعب الحدودية على راتب زوجها الجندي البالغة قيمته حاليا 150 دولاراً، والذي لم يكن يكفي العائلة حتى قبل النزوح.
وتوضح بينما تغرورق عيناها بالدموع "لو كنت قادرة على استئجار منزل في صور لفعلت ذلك، لكن ذلك ليس بمقدورنا ولا نعرف ماذا سيحدث لنا".
وعيتا الشعب من البلدات الحدودية الأكثر تضرراً بالقصف الإسرائيلي الذي أدى الى دمار عدد كبير من المنازل.
وتنشر الوكالة الوطنية للإعلام بشكل شبه يومي تقارير عن ضربات تلحق أضراراً بالغة بمنازل وتدمر بعضها الآخر. ويعلن حزب الله بانتظام مقتل عناصر منه في تبادل إطلاق النار مع إسرائيل. ويطال القصف أيضا مدنيين.
وتنقل طحيني عن جيرانها تضرّر ممتلكات لهم جراء القصف الإسرائيلي. وتقول بحرقة "على كل هؤلاء الناس أن يبدأوا مجدداً من الصفر".
انقلبت حياتنا
وتسبّب التصعيد بمقتل 216 شخصاً في لبنان بينهم 161 مقاتلاً من حزب الله و26 مدنياً، ضمنهم ثلاثة صحافيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس، بينما قتل 15 شخصاً في الجانب الإسرائيلي بينهم ستة مدنيين، بحسب الجيش الإسرائيلي.
ويعلن حزب الله استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.
في قاعة تدريس باتت مسكنه في مركز الإيواء ذاته في صور، يروي حافظ مصطفى (46 عاماً) لفرانس برس أن أولاده العشرة انقطعوا عن التعلّم في المدارس والجامعات نتيجة النزوح.
ويقول الرجل الذي كان يعتاش من مزرعتي بقر قبل نزوحه من بلدته بيت ليف "اضطرت ابنتاي الى التوقف عن ارتياد الجامعة بسبب عدم قدرتي على توفير 400 دولار قبل الامتحانات".
واستهدف القصف الإسرائيلي على حد قوله مزرعة يمتلكها مع شريكه، ما أدى الى مقتل عدد من الأبقار وهروب بعضها الآخر. واضطر الى بيع 17 بقرة كانت في مزرعة ثانية بسبب عدم قدرته على تأمين مكان لإيوائها ومن أجل توفير مورد عائلته.
ويقول بحسرة "كنا نعلّم الأولاد ومعنا المال وأمورنا جيدة... الحرب قلبت حياتنا رأسا على عقب".
ويتابع "حتى لو عدت الى بلدتي، فسأبدأ حياتي من الصفر"، مضيفاً "ملّينا من الحرب، لقد طالت كثيراً ولم نعد نحتمل".
وتؤوي منطقة صور العدد الأكبر من النازحين مع هرب أكثر من 27 ألف شخص إليها، وفق الأمم المتحدة. ويقيم قرابة ألف منهم في مراكز إيواء.
ويقول رئيس وحدة إدارة الكوارث التابعة لاتحاد بلديات صور مرتضى مهنا "هناك متطلبات كثيرة يحتاجها النازحون لسنا قادرين على تأمينها"، مضيفاً "لم نتوقّع أن تطول فترة النزوح.. والوضع يزداد تعقيداً".
"هدنة"
ويحتاج النازحون المتحدرون من 87 قرية وبلدة معظمها حدودية، الى مساعدات على الصعد كافة، وفق مهنا الذي كان يتحدث من غرفة إدارة الكوارث محاطاً بمتطوعين وموظفين حكوميين يعملون دون توقف وقربهم شاشات وقوائم عليها أسماء وأرقام هواتف.
على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق وتدهور قيمة العملة المحلية منذ العام 2019 في لبنان، تضاءلت قدرة السلطات على تقديم الخدمات الأساسية. ولم يتلق النازحون في منطقة صور، وفق مهنا، حصصاً غذائية إلا مرة واحدة في غضون نحو أربعة أشهر، وسط نقص في الحاجات الرئيسية من فرش وأغطية ووسائد.
ويتابع "هذه العائلات خسرت ممتلكاتها وأشغالها وليست قادرة على شراء ما تحتاج اليه".
وعلى غرار مصطفى، يؤكد كثر أنهم وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها نازحين بعدما كانوا ميسورين وقادرين على تأمين كل احتياجاتهم.
واختار عباس فقيه (40 عاماً) النزوح مع زوجته وأطفاله الأربعة من قرية رب تلاتين إلى بلدة صريفا الواقعة على بعد 15 كيلومتراً من الحدود والتي بقيت يمنأى عن القصف الإسرائيلي.
ويعتبر نفسه محظوظاً كونه يقيم مع عائلته الكبيرة في منزل من دون دفع بدل إيجار، ولتمكنّه من نقل ماشيته الى قطعة أرض قريبة.
لكن ذلك لم يحل دون خسارته بعضاً من مصدر رزقه.
ويقول لفرانس برس بينما يلهو أطفاله مع أولاد عمهم قربه "كان لدي 250 رأساً من الماعز، بعت قرابة ستين منها حتى الآن من أجل تأمين الطعام للعائلة والعلف لبقية الماشية".
ويوضح أن العديد من الجديان المولودين حديثاً ماتت بسبب البرد ولعدم جهوزية قطعة الأرض التي نقلها اليها. ويتحسّر لعدم قدرته هذا العام على زرع مواسم القمح والعدس.
ويأمل فقيه أن يتوقف القصف ويعود الى قريته.
ويقول "نتابع الأخبار بفارغ الصبر على أمل سماع أخبار عن هدنة".
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: القصف الإسرائیلی حزب الله
إقرأ أيضاً:
اجتماع بنّاء بين عون وأورتاغوس بشأن جنوب لبنان
عقد الرئيس اللبناني جوزيف عون اجتماعا اليوم السبت مع مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط بحثا خلاله الوضع في جنوب لبنان.
وأفاد بيان الرئاسة اللبنانية بأن "أجواء بناءة" سادت اللقاء الذي عقد في القصر الجمهوري في بعبدا، مضيفا أنهما بحثا "ملفات الجنوب اللبناني، وعمل لجنة المراقبة الدولية، والانسحاب الإسرائيلي والوضع في الجنوب".
كما ناقشا الوضع على الحدود اللبنانية السورية إضافة إلى الإصلاحات المالية والاقتصادية ومكافحة الفساد غداة تسلّم الحاكم الجديد لمصرف لبنان كريم سعيد منصبه الجمعة متعهّدا بمكافحة "غسيل الأموال" و"تمويل الإرهاب".
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تأتي زيارة أورتاغوس الثانية إلى لبنان على وقع عودة الجدل بشأن نزع سلاح حزب الله إلى الواجهة وفي وقت تواصل فيه إسرائيل شن غارات على جنوب وشرق لبنان رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
ومنذ بدء سريان اتفاق وقف النار ارتكبت إسرائيل 1384 خرقا له.
وأثارت أورتاغوس غضب حزب الله في فبراير/شباط الماضي بعدما أعلنت أن "زمن ترهيب حزب الله في لبنان وخارجه قد انتهى"، داعية في الوقت نفسه إلى التوصل "لحل سياسي" على الحدود.
إعلانوتترأس الولايات المتحدة مع فرنسا لجنة للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار، تضم أيضا الأمم المتحدة الى جانب لبنان وإسرائيل.
وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، وقتلت خلاله أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت 17 ألفا آخرين، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.