قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم  تعمل الفتوى كجسرٍ بين النصوص الدينية وواقع عالمنا المتطور بسرعة، وهذه الوظيفة الجسرية ضروريةٌ لأنها تسمح بتطبيق التعاليم الإسلامية على المواقف الجديدة والمعقدة التي لم تُعالج بشكل صريح في النصوص الأساسية.


وأضاف خلال كلمته الرئيسية في أعمال المؤتمر الدولي "الفتوى في المجتمعات المعاصرة" والذي يعقد في الفترة من 2-3 فبراير 2024 في العاصمة سنغافورة، أن للفتوى قدرتَها على تقديم تفسيرات سياقية وذات صلة بالشريعة الإسلامية في عالمٍ يتميَّز بالتقدم التكنولوجي والتحولات الاجتماعية، إذ تظهر باستمرار أسئلةٌ أخلاقية ومعنوية جديدة وقضايا مستجدة؛ مثل الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي والتعقيدات المالية الحديثة وتحديات التقدم الطبي

 


أشار فضيلة المفتي أن الفتاوى في السياق الحديث لها دورٌ بارزٌ في مكافحة التطرف في عصرٍ يسهُل فيه انتشار المعلومات المضللة والأيديولوجيات المتطرفة بسرعة


أشار مفتى الجمهورية  إنه لا يمكن إصدار فتوى صحيحة بدون الفهم المقاصدي للنصوص ودون إلمامٍ دقيقٍ للواقع المعيش؛ فإذا افتقرت الفتوى لهذه المقومات خرجت مشوَّهة غير منضبطة، وكان لها تأثيرها على حياة الناس بما تُحدثه من الاضطرابات والقلاقل داخل المجتمعات.


أضاف مفتى الجمهورية  الفتاوى المتطرفة هي الأكثر خطرًا على المجتمعات؛ إذ لم يستطع هؤلاء المتطرفون أن يقدموا خطابًا رشيدًا منضبطًا بالقواعد العلمية، فقد قتلوا وسفكوا الدماء تحت اسم التكفير الذي نتج عن الخلل في فهم القرآن الكريم والحديث الشريف، لأن هؤلاء المتطرفين لم يأخذوا من القرآن إلا آيةَ ما أطلقوا عليه أنه السيف وتركوا آياتِ الرحمةِ والعدلِ وغيرهما من قيم الإسلام الأصيلة، كما أنهم لم يُفرقوا بين الاستعمال الحقيقي والمجازي، ولم يفهموا قواعد اللغة، واقتطعوا الآيات والأحاديث من سياقها، فجعلوا الجهادَ غايةً بينما جعله الإسلامُ وسيلةً، كما أنهم جعلوا قرار الجهاد والحرب بأيديهم؛ في حين أنه في الحقيقة قرارٌ لوليِّ الأمر قد كفلته له الشريعةُ الإسلاميةُ ولم تكفله لغيره.

 

الفتاوى المتطرفة رافدًا من روافد الإلحاد

 


بين مفتى الجمهورية أن  الفتاوى المتطرفة تمثل رافدًا من روافد الإلحاد الذي يسلك سبيله إلى عقول الشباب، لذلك فنحن بحاجةٍ شديدةٍ إلى ضرورة تنظيم الفتوى وقَصرها على المختصين؛ حتى لا تستمر هذه العشوائية التي تسعى إلى تغيير المستقِرِّ وإنكارِ المجمَعِ عليه.

 


أكد مفتي الجمهورية أن ضبط الفتوى بالنسبةِ للنوازل التي تعترض المسلمين في البلاد غير الإسلامية  يتوقف عليه وجود الإسلام والمسلمين في هذه البلاد؛ فالفتوى قد تحمِلُ في طياتها مضرةً ومفسدةً وتنفيرًا وتشويها لأهل هذه البلاد من صورة الإسلام الحضارية.

 

مفهوم المواطنة


وجَّه مفتى الجمهورية رسالة إلى المشتغلين بشئون المسلمين في البلاد غير الإسلامية، مطالبًا بضرورة  وضع وثيقة تؤطِّر لمعاملات المسلم في هذه البلاد، بحيث تتضمَّن هذه الوثيقة التركيزَ على مفهوم المواطنة باعتباره مصطلحًا أصيلًا في ثقافتنا الإسلامية، حيث طبَّقه النبي ﷺ في أول مجتمع إسلامي أسَّسه وهو دولة المدينة، والذي يقوم على مساواة الناس في الحقوق والواجبات في الوطن الواحد بمجرد الانتساب إليه، بِغَضِّ النظر عن الدين أو اللون أو العِرْق.

أضاف مفتى الجمهورية أن هذه المواطنة ترتبط بالتعايش الذي ورد في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، ومن ثم فالمسلمون الذين ولدوا وعاشوا أو هاجروا واندمجوا في تلك البلدان سيسعون دائمًا وبكل قوة وحماس إلى إقامة علاقات في الدول التي يحيون فيها حياة أساسها المحبة والرحمة والتعايش البنَّاء، والانفتاح على الآخر وقبول تعدد الثقافات والحضارات والفلسفات والأديان، دون أن يؤدي ذلك إلى محو الهُوية الدينية لكل فرد منها.


كما تتضمَّن هذه الوثيقة المقترحة التأكيد على الرجوع في الفتوى للمفتين المعتمدين في هذه البلاد، ولهذا كانت دار الإفتاء المصرية حريصةً على دعم مختلف دُور الإفتاء وتطويرها علميًّا وإداريًّا من خلال الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم؛ وعملت الأمانة العامة على تحقيق طفرةٍ كبيرةٍ في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لخدمة الإفتاء ومؤسساته.

 


قال مفتي الجمهورية إن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم  شرعت في كتابة دليل إرشادي للمسلم الذي يعيش في مجتمع غير مسلم يقدم له فهمًا سديدًا لدَوره الحضاري الفعال وترسم له ما له وما عليه من حقوق وواجبات تراعي المبادئ الإسلامية والسياقات المختلفة داخل مجتمعه الذي يعيش فيه. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الفتوى النصوص الدينية مفتى الجمهوریة الأمانة العامة هذه البلاد

إقرأ أيضاً:

تحذير جديد.. برمجيات تجسس متطورة تستهدف أجهزة iPhone رغم نظام Apple المتطور

في تطور جديد يعكس مدى تعقيد التهديدات الإلكترونية، أظهرت تقارير حديثة أن مستخدمي أجهزة iPhone قد يكونون عرضة لبرمجيات تجسس متقدمة تستهدف الأجهزة بشكل مباشر، رغم التحذيرات التي ترسلها Apple لمستخدميها.

نظام تحذير Apple: جهود بلا دعم مباشر؟

منذ عام 2021، قامت Apple بإطلاق نظام تنبيهات للتحذير من هجمات التجسس، حيث أرسلت إشعارات لمستخدمين في أكثر من 150 دولة. ومع ذلك، بدلاً من تقديم دعم مباشر، توجه Apple المستخدمين إلى منظمات غير ربحية مثل Access Now للحصول على الإرشادات.

هواتف Galaxy S25 تواجه تحديات السعر أمام AppleApple Pay لسحب النقود.. كيف تستخدمها مع ماكينات ATM؟هتفتح عربيتك بالساعة.. Apple مفتاح سيارات تسلا الجديدة

أحد الأمثلة على هذه التنبيهات كان نصه:
"اكتشفت Apple أنك مستهدف بواسطة هجوم تجسس مرتزقة يهدف إلى اختراق جهاز iPhone المرتبط بحسابك. على الرغم من صعوبة تحقيق يقين مطلق عند اكتشاف مثل هذه الهجمات، إلا أن Apple لديها ثقة كبيرة في هذا التحذير — يرجى التعامل معه بجدية."

من يتعرض لهذه الهجمات؟

توضح Apple أن الغالبية العظمى من مستخدمي iPhone لن يتلقوا مثل هذه الإشعارات، حيث تركز الهجمات على فئات محددة للغاية من الأشخاص الذين يعملون في مهن حساسة أو يتعاملون مع بيانات شديدة الحساسية. وتصف الشركة هذه الهجمات بأنها "أكثر تعقيدًا بكثير من الأنشطة الإلكترونية الإجرامية التقليدية".

كيف يمكنك التحقق من أمان جهازك؟

إذا كنت قلقًا بشأن احتمالية تعرض جهازك للاختراق، توصي التقارير باستخدام تطبيقات مثل Am I Secure؟ أو iVerify. التطبيق الأول، المستخدم بالفعل من قبل حكومات ومنظمات دولية، يقدم إمكانيات متقدمة للكشف عن برمجيات التجسس مثل Pegasus من مجموعة NSO.

ميزات تطبيق Am I Secure؟سهولة الاستخدام: تثبيت التطبيق يتم في لحظات، وعمليات الفحص تستغرق بضع ثوانٍ فقط.التحليل المتقدم: يعتمد التطبيق على بيانات تشخيص النظام لاكتشاف الشذوذات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.الخصوصية: لا يتطلب التطبيق الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون، ولكن لإجراء فحص متقدم يتطلب تشغيل تقرير تشخيصي للنظام ومشاركته مع خوادم التحليل.لماذا لا تكشف Apple عن المزيد من التفاصيل؟

برغم أهمية نظام تحذير Apple، تساءل خبراء الأمن السيبراني عن سبب عدم توفير دعم مباشر للمستخدمين المتضررين. ورغم محاولة الحصول على توضيح من Apple، لا تزال الإجابة غير واضحة.

التحديات الأمنية لأنظمة iOS

يشير خبراء إلى أن طبيعة نظام iOS تجعل من الصعب اكتشاف التهديدات المتقدمة، حيث تمنع ميزة "الحماية عبر صندوق الرمل" (sandboxing) معظم التطبيقات من الوصول إلى بيانات النظام اللازمة للتحليل. لذلك، تعتمد أدوات مثل Am I Secure؟ على تحليل الشذوذات بدلاً من مؤشرات الاختراق التقليدية.

نصائح أساسية للحمايةالتحديث المنتظم: حافظ على تحديث جهازك دائمًا بأحدث إصدارات النظام.إعادة التشغيل المنتظم: يمكن أن تعيق إعادة تشغيل الجهاز مؤقتًا عمل برمجيات التجسس.استخدام أدوات فحص موثوقة: تأكد من تشغيل فحص دوري للتأكد من أمان جهازك.

في النهاية، يظل أمن الأجهزة الذكية تحديًا معقدًا يتطلب من المستخدمين البقاء على دراية بالتطورات الأمنية واتخاذ خطوات استباقية لحماية بياناتهم.

مقالات مشابهة

  • عام ميلاديّ جديد وواقع عربيّ مضطرب
  • يون سوك يول.. رئيس كوريا الجنوبية الذي أعلن الأحكام العرفية فعزله البرلمان
  • هل يجوز الذهاب لعمل العمرة وأنا مدين.. أمين الفتوى يجيب
  • تحذير جديد.. برمجيات تجسس متطورة تستهدف أجهزة iPhone رغم نظام Apple المتطور
  • مفتي الجمهورية من المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي: لا حرج في تهنئة المسيحيين في أعيادهم وكل عام وأنتم بخير
  • "فقدنا كل شيء في هذه الحرب".. نساء غزة في مخيمات النزوح بين غياب الخصوصية وواقع قاسٍ لا يُحتمل
  • الإفتاء تطلق حملة سلوك المسلم في استقبال العام الجديد
  • بحضور مفتي الجمهورية.. المركز الثقافي القبطي ينظم ندوة بعنوان «التسامح والمحبة أساس البناء والتقدم»
  • اليوم.. مفتي الجمهورية يشارك في صالون “التسامح والمحبة” بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي
  • حكم التباهي بالطاعات والعبادات .. أمين الفتوى يحذر