الإعلام الصهيوني والتحريض على الأزهر وشيخه
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
منذ أحداث "طوفان الأقصى"، وموقفُ الأزهر الشريف- مؤسسةً وشيخًا- موقفٌ مشرف، ومساند لأهل فلسطين عامة، وغزة خاصة، وفي القلب منهم: المقاومة. وهذه المواقف أزعجت كثيرًا الساسة الإسرائيليين، وإعلامهم، وقد تكرر هجومهم وتحريضهم معًا منذ بداية الأحداث، حيث إن الراصد خطابَ الأزهر وشيخه سيجده خطابًا متواكبًا مع الكوارث المستمرة في غزة.
فقد نشر- مؤخرًا- موقع وقناة الجزيرة مباشر، تفاصيل هجوم القناة (12) الإسرائيلية على الأزهر وشيخه، وعلى مناهج الأزهر كذلك، وقد طالب سياسيون إسرائيليون من قبلُ بالضغط على شيخ الأزهر لإسكاته، أو تغييره، مما يطرح عدة أسئلة هنا:
هل تغيّر الأزهر فتغيرت نبرة الصهاينة ضده، وضد مناهجه؟ وهل المشكلة في المنهج الأزهري كما يزعم الصهاينة؟ وما الذي فعله الأزهر وشيخه فأزعجهم؟ وما العوامل التي تجعل موقف الأزهر وشيخه قويًا؟
الواضح من خطاب الصهاينة أنهم يريدون القول بصراحة: إن الخطاب الإسلامي والمنهج الإسلامي الأصيل يتعارضان مع المصالح الصهيونية، كقوى احتلال، وهو موقف الإسلام نفسه من أي احتلال، أيًا كان نوعه وجنسه وديانته
هل تغيّر الأزهر؟المتابع هجومَ الإعلام والسياسة الصهيونية على الأزهر وشيخه، يظن أن الأزهر قد تغير، أو غيّر مناهجه وأسلوبه وخطابه، وهو كلام عار تمامًا من الصحة، فالأزهر موقفه ثابت من قضايا الأمة.
والذي ينظر لخطابات الأزهر منذ قرون عديدة، سيجد موقفه من هذه القضايا واحدًا، الذي تغيّر في بعض الأحيان هو موقف بعض شيوخه، بأن تخفّ نبرته، أو يصمت تحت ضغوط، وهو ما لم يحدث مع شيخه الحالي، الذي حوصر إعلاميًا بشكل غير مسبوق في تاريخ المشيخة، لدرجة أن يتم تجرؤ إعلاميي النظام للنيل منه ومن المشيخة والمناهج الأزهرية، دون إتاحة حق الرد المكفول إعلاميًا في كل الوسائل.
والذي تغير حاليًا، هو إسكات جُل المؤسسات الدينية الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، ومن تكلم منها، تكلم في حدود ما ترسمه له سياسة دولته ونظامها، فهذا التغير في الأداء أبرز الأزهر وكأنه وحده من يتولى المهمة، لكن الحقيقة أن الأزهر ثابت على موقفه، وثابت على رسالته ومنهجه، وهو ما يقوم به علماء آخرون وهيئات مستقلة تعبر عن الموقف الإسلامي كما ينبغي أن يكون.
منهج الإسلام أم الأزهر؟السؤال الأهم هنا: هل هو منهج الأزهر، أم منهج الإسلام؟ فليست المشكلة هنا في الأزهر، لأن الموقف ذاته هو الموقف الراسخ والثابت عن المدارس الإسلامية على اختلاف عصورها، واختلاف مشاربها الفكرية والفقهية.
فمن يرجع للجامعات والمدارس العريقة مثل: الزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، وبقية المحاضن العلمية في العالم العربي والإسلامي، لو ترك لها التعبير الحقيقي عن موقفها، ومنهجها، فلن يختلف قِيد أنملة عن موقف الأزهر.
الواضح من خطاب الصهاينة أنهم يريدون القول بصراحة: إن الخطاب الإسلامي والمنهج الإسلامي الأصيل يتعارضان مع المصالح الصهيونية، كقوى احتلال، وهو موقف الإسلام نفسه من أي احتلال، أيًا كان نوعه وجنسه وديانته.
وهو ما حاول الاستعمار في كل حين أن يخرج نسخة ممسوخة مسلوخة عن الإسلام، تداهن وتقرّ بشرعية الاحتلال، وتلغي فريضة الجهاد ومقاومة المحتل، حدث ذلك من الاحتلال البريطاني في الهند، بإخراج فرق كالقاديانية وغيرها، وفي بلدان أخرى بأشكال أخرى.
عوامل ثبات الأزهر على موقفهلا شكّ أن هناك عدة عوامل تسهم في ثبات الأزهر- مؤسسةً وشيخًا – على هذا الموقف القوي تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الأمة، لعل أهمها في تصورنا ما يلي:
الميراث الأزهريمن أول العوامل: الميراث الأزهري الأصيل، الذي كلما حاول البعض – تحت الضغوط – الانفكاك منه ردَّه إليه، فلا يُعلم عن الأزهر وتاريخه التخلي عن قضايا الأمة، رغم مروره بسنوات ضعف أحيانًا، لكن يظل الموقف من قضايا العالم الإسلامي ثابتًا، لأنه بالأساس مؤسسة تملكها الأمة ولا تملكها السلطة.
وكانت علاقة السلطة به علاقة إدارية محدودة، وفي أشدّ حالات الاستبداد العسكري في عهد عبد الناصر، كان يترك للأزهر حرية التعبير عن موقفه في قضايا الأمة، دون التدخّل في القضايا الداخلية.
وهذا الميراث هو ما لجأ إليه الشيخ الطيب خروجًا من التضييق على المؤسسة في قضية غزة وفلسطين حاليًا.
فبجانب بياناته القوية المواكبة للأحداث، والمحملة لكل شخص مسؤوليته في الأمة، نراه بمعاونة الفريق العلمي المجتهد، سواء في مجمع البحوث الإسلامية، أو مكتب إحياء التراث بالأزهر، والمؤسسات الأخرى – هذه الجهات العلمية لها دور غير منكور، في البحث والتنقيب عن ميراث الأزهر في هذه القضايا، ومن ذلك: ما صدر عنها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، من سلسلة كتب بعنوان: موقف الأزهر من القضية الفلسطينية، في عدة أجزاء – تم جمع بحوث ومقالات قديمة للأزهر وعلمائه عن فلسطين، فالقضية ليست جديدة، والعدوان كما هو، لكن الجديد هو الارتكاز على هذا الميراث الأزهري الضخم.
الموئل الأخير للأمةيستشعر الأزهر وشيخه، أنهم ملاذ أخير -بعد الله تعالى- في اتخاذ الموقف الإسلامي المناسب في مثل هذه الملمات الكبيرة، ورغم محدودية الإمكانات، لكن في ظل الضعف العام، والسيطرة السلطوية على المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، يظل للأزهر مكانته عند الأمة، ويظل له هيبته عند أنظمة الحكم، وهو ما عبّر عنه رئيس مصر السابق محمد نجيب في مذكراته، حين قال: إن من يريد السيطرة على حكم مصر، لا بد أن تدين له مؤسستان: الجيش، والأزهر.
هيبة المقامهذا الشعور لدى الأمة، بقيمة وقامة الأزهر، يجعل المشيخة -مؤسسةً وشيخًا- تستشعر هذه المسؤولية، وتتلبّسها هيبة المقام، وهيبة الموقع، لدى الأمة، ولدى المسؤولين، ولدى عدوّ الأمة، كل هذه المشاعر ترفع من درجة الاستشعار بالمسؤولية، والقيام بالواجب الدينيّ نحو قضايا الأمة عامة، وقضية غزة وفلسطين خاصة.
وتحريض وهجوم الإعلام الصهيوني لا يزيدان المؤسسة والشيخ إلا شعورًا بالقيمة والقامة للمنصب والمنهج، وتمسكًا بالدور المنشود منه.
يومًا ما سينتهي هذا الاحتلال، وسيزول، وهو ما عبّر عنه الإمام الأكبر الطيب، في أحد بياناته القوية، وهو ما أغاظ الصهاينة وإعلامهم، وهي عبارة دالة بشكل واضح على أنها موضوعة نصب عين الإمام، ولذا فليس باكيًا – ولا المؤسسة – على رضا أو سخط الصهاينة، أو غيرهم، وهي جملة تدل على صغر حجم الاحتلال في عينه، وعلى عظم الأمة وقدرها عنده، ولذا لا يخشى إلا ربّه وربّها.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: موقف الإسلام قضایا الأمة خطاب ا وهو ما
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. البرهان يتفقد النازحين من شرق الجزيرة ويطمئن على أوضاعهم
قام رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان اليوم بزيارة للمواطنين الذين نزحوا من شرق الجزيرة لولاية نهر النيل. والذين تعرضوا لإنتهاكات وإعتداءات وحشية من مليشيا آل دقلو الإرهابية . وإطمأن سيادته، على مستوى الخدمات المقدمة لهم من حيث الإيواء والغذاء والعلاج، مؤكداً تسخير كافة إمكانيات أجهزة الدولة للوقوف مع هؤلاء المواطنين وتقديم أفضل الخدمات لهم. وذلك لضمان سلامتهم وإستقرارهم. ووجه الفريق أول ركن البرهان، وزارة التنمية الاجتماعية والمؤسسات المعنية بضرورة تقديم كل ما من شأنه تحسين أوضاع النازحين من شرق الجزيرة وتخفيف المعاناة عنهم. إعلام القوات المسلحة إنضم لقناة النيلين على واتساب