الكشف عن انسحاب إسرائيلي تكتيكي وبشكل مفاجئ يدفع بـ هدنة غزة إلى الأمام
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
بشكل مفاجئ انسحب الجيش الإسرائيلي من الجزء الشمالي لقطاع غزة، في خطوة تتزامن مع مباحثات مكثفة يحاول فيها الوسطاء التوصل إلى صيغة هدنة إنسانية تؤسس لنهاية الحرب الدائرة بين حركة "حماس" وتل أبيب.
وتراجعت الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية من مناطق واسعة في شمال غزة بشكل كامل، بعد أن ظلت متمركزة فيها مدة طويلة، ولم تنسحب منها على الإطلاق منذ بدء العملية البرية بالقطاع في 27 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.
تموضع قريب من الحدود ومن بين المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي أحياء "التوام والكرامة والسلاطين والعطاطرة" في المنطقة الغربية لشمال القطاع، وأحياء "الأمن العام والاستخبارات والمقوسي وبهلول" في المنطقة الغربية لشمال مدينة غزة، إلى جانب انسحابه من شارع الرشيد على امتداد طول ساحل القطاع بأكمله.
ويعني هذا أن الجيش الإسرائيلي يتمركز في منطقة بيت لاهيا وبيت حانون ومدينة خان يونس فقط، وهي بقع جغرافية قريبة جداً من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل، وإذا جرى فيها تراجع للدبابات فإن الأمر يستغرق دقائق معدودة فقط، ووقتها يختفي وجود المدرعات من كامل القطاع.
دمار هائل في أي حال، فإن عمليات الانسحاب كشفت عن تحويل قطاع غزة إلى كومة ركام، إذ تبين أن حجم الدمار الذي لحق بالمناطق التي غادرها الجيش جعلت المنطقة فارغة من أي شيء على مد البصر، حيث تحولت الأبراج والعمارات السكنية إلى أكوام كبيرة من الركام كما دمر جميع مقار المؤسسات الحكومية التي يتمركز معظمها في تلك البقعة.
ولم تشمل عملية الانسحاب، الطيران الإسرائيلي الذي بقي يحلق على مستويات منخفضة في المناطق التي شهدت تراجعاً للدبابات، وكان معظم القطع الجوية من نوع مسيرات الاستطلاع وكواد "كابتر" المعدلة التي يمكنها إطلاق النار. انسحاب متكرر وعلى رغم أن هذا الانسحاب الضخم من مناطق واسعة داخل شمال غزة يعد الأول من نوعه، فإنه سبقه تراجع للجيش أكثر من مرة في أوقات سابقة.
وقبل أيام، عادت "كتيبة 7107" وهي فرقة هندسية قتالية في الجيش إلى إسرائيل بعد أن كانت تقاتل وتنفذ أعمالاً عسكرية في خان يونس. اقرأ المزيد خبراء أمميون ينددون بقتل الصحافيين وإسكاتهم في غزة صفقة أسرى حرب غزة مشروطة بتهدئة 3 أطراف و3 تيارات ماذا حققت جبهات المساندة من أهداف لحرب غزة؟ ذهب نساء غزة يلمع في إيادي الجنود وهاغاري: نتولى التحقيق ووسط يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأ الجيش في الانسحاب التدريجي من معظم مناطق شمال القطاع، إلا أنه عاد بدفع بعض القوات لتنفيذ عمليات توغل سريعة تعود أدراجها وأماكن تموضعها بالقرب من الحدود.
دوافع الانسحاب
في الواقع، لهذا الانسحاب ثلاثة أسباب، الأول مرتبط بانتهاء القتال في شمال غزة، والثاني إعادة الانتشار لإدارة المعركة بما يتناسب مع طبيعة المرحلة الثالثة في الحرب، والثالث دفع "اتفاق باريس" قدماً وتسهيل عمليات التفاوض. حول السبب الأول، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، "انتهت العمليات العسكرية الكبرى في شمال القطاع، وبدأت المرحلة الثالثة من الحرب، هذا يعني ضرورة سحب قواتنا لأن بقاءها لا يخدم مصلحة إسرائيل".
أما عن السبب الثاني، فإن المرحلة الثالثة من الحرب تنص على تنفيذ عمليات محددة في غزة بالطائرات أو بمشاركة القوات البرية، وبناءً عليها فإن الجيش يعيد انتشاره بالقرب من الحدود ويمكنه دخول القطاع في أي وقت يستدعي تنفيذ عملية برية سريعة.
والسبب الثالث لعملية الانسحاب، يبدو في ظاهره بادرة حسن نية من إسرائيل لدفع صفقة التبادل و"اتفاق باريس"، الذي ما زال الطرفان يدرسانه وهما في طور المباحثات المبدئية.
ومنذ أيام يجري على الجانب السياسي تحركات كبيرة جداً، إذ تخوض إسرائيل و"حماس" جولة جديدة من المفاوضات لدراسة "اتفاق باريس" الذي يقضي بوجوب التوصل إلى هدنة إنسانية تؤسس لنهاية الحرب. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، "المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، أفضت إلى إطار عمل يمكن أن يؤدي إلى اتفاق نهائي للحرب، لكن لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به".
في هذا الاتفاق تشترط "حماس" أن توقف إسرائيل هجومها على غزة وتسحب قواتها من القطاع قبل إبرام أي اتفاق.
وأكد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية أنهم يتمسكون بوقف الحرب ومغادرة القوات الإسرائيلية أراضي غزة وعدم العودة مجدداً.
موافقة إسرائيلية من حيث المبدأ وافقت إسرائيل على "اتفاق باريس"، إذ أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عائلات المحتجزين بأنه سيمضي جدياً في صفقة تبادل أسرى حتى لو أدى ذلك إلى انهيار حكومته.
وقال نتنياهو، "إذا كان هناك اتفاق جيد لدولة إسرائيل، يضمن عودة الأسرى وتحقيق أهداف الحرب، سأفعل ذلك، لا يهمني انهيار الحكومة، لقد سألت عن المعارضة المحتملة من داخل الائتلاف ووجدت أنه لا يوجد ائتلاف أصلاً".
أضاف، "إذا اعتقدت أن هذه الصفقة ستعرض أمن إسرائيل للخطر، أو أنها لا تحقق الأهداف التي نريدها، فلن أفعل ذلك، لن تنتهي هذه الحرب من دون تحقيق جميع أهدافها وهي القضاء على (حماس) وإعادة جميع المحتجزين وضمان ألا تشكل غزة تهديداً".
على خلفية ذهاب نتنياهو للموافقة على "اتفاق باريس" واجه سيل من المعارضة، إذ أعرب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أن "أي صفقة غير شرعية ستؤدي إلى حل الحكومة"، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يائير لبيد منح الحكومة مظلة أمان إذ استعد للانضمام إليها، مقابل تحرير المحتجزين وإيجاد حل للحرب
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
دعوات لانسحاب سويسرا من اتفاق باريس للمناخ.. فهل تحذو حذو الولايات المتحدة؟
بعد ساعات فقط من توليه منصبه، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، في خطوة تستغرق عامًا لإتمامها، لكنها سرعان ما ألهمت قادة آخرين لطرحها بدورهم.
عقب تصويت شعبي رفض بأغلبية ساحقة مبادرة "المسؤولية البيئية"، دعا حزب الشعب السويسري، وهو أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، إلى أن تحذو بيرن حذو واشنطن وتنسحب من الاتفاق.
ووصف الحزب الاتفاق بأنه مجموعة من "الأهداف المناخية الطوباوية"، معتبرًا أنه يفرض قيودًا غير مقبولة. لكن إلى أي مدى يمكن أن تكون هذه المطالبة واقعية؟ وما تداعيات ذلك على التزامات سويسرا المناخية المستقبلية؟
في 9 شباط/فبراير، شهدت سويسرا استفتاءً رفض فيه الناخبون بنسبة تجاوزت 60% مبادرة "المسؤولية البيئية".
واحتفى حزب الشعب السويسري ذو التوجه اليميني بهذه النتيجة، واصفًا المبادرة بأنها كانت ستؤدي إلى "إعادة سويسرا إلى العصر الحجري". وفي بيان صحفي، أشار الحزب إلى أن هذه الخطوة كانت ستفرض قيودًا على السكن والتدفئة والغذاء والملابس.
وأضاف البيان: "كان من شأن ذلك أن يجعل قيادة السيارات مستحيلة، ويرفع الأسعار بشكل كبير، ويقوض فرص العمل والتدريب، مما يجعل الفقر أمرًا واقعًا".
كما استغل الحزب البيان للمطالبة بانسحاب سويسرا من اتفاق باريس، مدعيًا أن "الأهداف المناخية الطوباوية لا تؤدي إلا إلى فرض حظر جديد وتكاليف إضافية بمليارات الفرنكات على الشعب السويسري".
وفي مقابلة مع التلفزيون السويسري "آر تي أس"، قال زعيم الحزب مارسيل ديتلينغ إن الحكومة "صادقت على هذا الاتفاق دون استشارة البرلمان أو الشعب السويسري". وأضاف: "بإمكان الحكومة اتخاذ قرار الانسحاب من هذا الاتفاق بشكل مستقل".
هل من السهل على سويسرا الانسحاب؟صادقت الحكومة الفيدرالية السويسرية على اتفاق باريس عام 2017 بعد أن وافق عليه البرلمان في وقت سابق من العام نفسه. وخضع القرار لما يعرف بالاستفتاء الاختياري، والذي يمنح المواطنين السويسريين الفرصة للطعن في القرار خلال فترة 100 يوم. وإن لم يُقدَّم أي طعن، يُعد الاتفاق مُصادقًا عليه ضمنيًا من قبل الشعب السويسري.
ورغم تصريحات ديتلينغ، فإن أي مبادرة لسحب سويسرا من الاتفاق يجب أن تحظى بموافقة البرلمان من خلال مرسوم اتحادي، مما يعني أيضًا أنها ستخضع لاستفتاء عام وتحتاج إلى موافقة الناخبين.
وفي هذا السياق، يؤكد سيباستيان دويك، مدير حملة حقوق الإنسان والمناخ في مركز القانون البيئي الدولي، أن "الانسحاب من اتفاق باريس لن يعفي سويسرا من التزاماتها القانونية في اتخاذ إجراءات مناخية تستند إلى العلم، بل سيجردها فقط من أي تأثير في رسم القرارات المناخية العالمية المستقبلية". وأضاف: "دبلوماسيًا، سيكون ذلك بمثابة انتكاسة لمكانة سويسرا الدولية".
هل يرغب الناخبون السويسريون في الانسحاب من الاتفاق؟عقب الاستفتاء، صرح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ثاني أكبر حزب في سويسرا، بأن المبادرة كانت ببساطة "الحل الخاطئ للتحديات المناخية الحالية"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن التصويت الأخير أظهر أن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات مناخية لا تزال أولوية لدى السكان.
ويتبنى وزير البيئة ألبرت روستي الموقف ذاته، رغم عضويته في حزب الشعب السويسري، حيث عارض دعوات حزبه للانسحاب من الاتفاق. وفي مؤتمر صحفي عقب الاستفتاء، أوضح روستي أن "الرفض لم يكن بالتأكيد رفضًا لحماية البيئة".
وأشار إلى أن 60% من الناخبين أيدوا في حزيران/يونيو 2023 قانونًا مناخيًا جديدًا يهدف إلى تسريع انتقال سويسرا إلى الطاقة المتجددة وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وفي حديثه لموقع Nau.ch السويسري، أكد أنه لا يزال يدعم اتفاق باريس، رغم انتقادات حزبه، قائلاً: "لقد وافق الشعب بوضوح على قانون المناخ والابتكار لعام 2023، مما يعني التزامه بأهداف اتفاق باريس".
من جهته، شدد دويك على أنه "رغم تأييد بعض السياسيين الشعبويين السويسريين لنهج دونالد ترامب في الانسحاب من الاتفاق، فإن غالبية الشعب السويسري لا تزال تدعم العمل المناخي، كما أظهرت نتائج استفتاء 2023".
وأضاف: "كما أن الحكومة السويسرية أعلنت مؤخرًا التزامها في إطار الاتفاق".
ويشمل هذا الالتزام، المعروف باسم المساهمة المحددة وطنيًا (NDC)، تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة لا تقل عن 65% بحلول عام 2035. وكانت سويسرا من بين 15 دولة فقط قدمت تحديثها لهذا الالتزام بحلول الموعد النهائي في 10 شباط/فبراير.
ما هي الدول الأخرى التي تدرس الانسحاب من اتفاق باريس؟حتى الآن، تبقى الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي بدأت رسميًا إجراءات الانسحاب من اتفاق باريس. ومع ذلك، فقد أثارت الفكرة اهتمام زعماء سياسيين آخرين خارج أوروبا.
فقد طرح الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إمكانية انسحاب بلاده منذ فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية العام الماضي. وكان أول رئيس دولة يلتقي ترامب في مارالاغو بولاية فلوريدا بعد فوزه، ووصف الجهود المناخية الدولية سابقًا بأنها "كذبة اشتراكية".
أما في إندونيسيا، فقد تساءل المسؤولون أيضًا عن ضرورة البقاء في الاتفاق بعد فوز ترامب. وخلال منتدى حول الاستدامة في مطلع شباط/فبراير، قال هاشيم دجوجوهاديكوسومو، مفوض المناخ في البلاد: "إذا كانت الولايات المتحدة لا ترغب في الالتزام بالاتفاق الدولي، فلماذا يجب على إندونيسيا أن تمتثل؟"
وأشار المسؤول إلى الفجوة الكبيرة في انبعاثات الكربون للفرد بين البلدين، حيث تطلق الولايات المتحدة حوالي 13 طنًا من الكربون للفرد الواحد سنويًا، مقارنةً بثلاثة أطنان فقط للفرد في إندونيسيا.
واعتبر أنه "ليس من العدل" أن يُطلب من إندونيسيا إغلاق محطات الطاقة العاملة بالفحم في الوقت الذي تخرج فيه واحدة من أكبر الدول المسببة للانبعاثات من الاتفاق.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية علماء يحذرون.. انبعاثات النظام الغذائي العالمي تهدد أهداف اتفاق باريس للمناخ إردوغان يعلن في الأمم المتحدة أن تركيا ستصادق على اتفاق باريس للمناخ قمة افتراضية لمضاعفة الجهود من أجل المناخ بعد 5 أعوام على اتفاق باريس استفتاءاتفاقية باريس للمناخسويسراالأمم المتحدةسويسرا- سياسةتغير المناخ