نيودلهي- هدمت سلطة تنمية دلهي الحكومية مسجدا أثريا ومدرسة دينية ملحقة به، ونحو مئة من قبور المسلمين بما فيها "مزارات أولياء"، في منطقة مهرولي بجنوب دلهي، قبل أذان فجر الثلاثاء الماضي.

وفوجئ إمام المسجد بأمر الهدم، بعد تطويق المنطقة والاستيلاء على هواتف الأشخاص الموجودين فيه وفي المدرسة التابعة له، وطردهم بالقوة إلى خارج المنطقة.

ولم تسمح السلطات للإمام وطلبة المدرسة ومدرسيها بأخذ أمتعتهم، بما فيها مئات من نسخ القرآن الكريم والكتب الدينية والأموال والأغذية، التى تحطمت كلها تحت ضربات الآليات، بل قامت على الفور بنقل الأنقاض إلى مكان آخر، وجلبت التراب لتسوية المكان، لإسباغ مظهر جديد عليه.

ورغم أن التماسا ضد الهدم قدم لمحكمة دلهي العليا، فإنه لم يصل إلى لجنة المسجد أو المدرسة أي إشعار أو إنذار بالهدم.

ويقول مجلس أوقاف دلهي، وهو هيئة حكومية أيضا، إن هذه الأراضى بما فيها المسجد والمدرسة والقبور هي كلها أراضي أوقاف للمسلمين، ولا يجوز للإدارات الحكومية بسط قبضتها عليها.

وتوجهت لجنة المسجد والمدرسة إلى المحكمة العليا فى اليوم التالي، متظلمة من إجراء سلطة تنمية دلهي التعسفي، وحددت المحكمة يوم 12 فبراير/شباط للاستماع إلى القضية، مع إصدار أمر إلى سلطة تنمية دلهى بعدم التصرف أو إحداث أيّ تغيير فى أراضى المسجد والمدرسة والقبور.

طال الهدم عشرات القبور لمسلمين في ساحة المسجد (الجزيرة) مساجد أثرية وأوقاف

سمي المسجد المهدوم باسم "مسجد أخوند جي" أو مسجد "الجن"، ويُقال إنه يعود إلى عصر مؤسس سلطنة دلهي الملك التتمش، والذي توفي سنة 1236، وتعد المدرسة الدينية الملحقة بالمسجد تاريخية أيضا، وأما القبور فعمرها نحو 4 قرون، وبها قبور بعض الأولياء، وتُعد هذه المعالم محمية ليس فقط لأنها أراضي أوقاف، بل أيضا لأنها آثار تاريخية، ولا يجوز هدمها وفق القانون الهندي.

وتزامن هدم المسجد والمدرسة مع هدم عدة مزارات أخرى فى أنحاء دلهي، كما هاجم الهندوس مقبرة إسلامية فى منطقة (موهان جاردن) في المدينة في الليلة نفسها، وألحقوا أضرارا بعدة قبور.

وفى الشهر الماضي ثارت قضية "سُنَهرِى مسجد" (المسجد الذهبي) فى دلهي، وهو الذي يعود لحقبة المغول، وقد أبقى عليه الإنجليز حين بنوا مدينة دلهي الجديدة التى تعرف بـ"نيو دلهي"، وذلك بسبب أهميته التاريخية، ولأنه كان "مسجدا حيا"، أي كان مستعملا وليس مهجورا.

وزعمت البلدية أن المسجد يعرقل المرور في المنطقة، فسعت لهدمه بحجة توسيع الشارع، رغم أن لجنة رسمية قد قضت سابقا أن هذا المسجد لا يشكل عائقا، لكن أمر الهدم توقف بعد أن ثار الناس وذهبوا إلى المحكمة العليا.

كما سبق وتم هدم مسجد أثري يسمى "مسجد شاهي" (المسجد الملكي) فى مدينة الله آباد (براياغ راج) في 9 يناير/كانون الثاني 2023، بحجة توسيع الطريق العام.

حوادث متكررة

ولا يعد الحادث الأخير الأول من نوعه، بل أصبح هدم المساجد والمزارات والقبور وتكايا الأولياء أمرا معتادا فى أنحاء الهند، وخصوصا فى الولايات التى يحكمها حزب الشعب الهندي، مثل أوتار براديش وأوتار خاند وآسام ومادهيا براديش.

ففي ولاية آسام، هُدم العديد من المساجد والعشرات من المدارس الإسلامية، كما هُدم أكثر من 350 قبرا ومزارا فى ولاية أوتارخاند الشمالية خلال السنتين الماضيتين، إلى جانب محاولة طرد المسلمين من الولاية، بحجة أنها مسكن آلهة الهندوس ولا يجوز لغيرهم العيش بها.

ومنذ عدة سنوات، عملت السلطات الهندية على استخدام الآليات الثقيلة (البلدوزرات) بصورة واسعة لتنفيذ عمليات الهدم، في الولايات التي يحكمها حزب الشعب الهندي، وخصوصا عقب خروج مظاهرات هندوسية ثم الادعاء بأن المسلمين رشقوها بالحجارة.

وهذه التهمة كافية لهدم بيوت المتهمين بواسطة البلدوزرات، التي تصل المكان خلال ساعات، أو على الأكثر في اليوم التالي للمظاهرة، قبل أن يتم إصدار حكم قضائي بذلك.

كما سبق أن هدم حي كامل لصائدي الأسماك المسلمين في "بيت دواركا" على سواحل ولاية كوجرات فى أكتوبر/تشرين الأول 2022، وطالت عملية الهدم مئات البيوت والمتاجر والمساجد والقبور والمزارات، لكن تم الإبقاء على معبد هندوسي يقف وحيدا على الساحل.

مطالبات أممية

ومع اتساع سياسة الهدم، لفت 3 من مقرري منظمة الأمم المتحدة أنظار الحكومة الهندية في يونيو/حزيران 2022، إلى أن هدم بيوت المسلمين بالآليات، فى الولايات التى يحكمها حزب الشعب الهندي، يرقى إلى سياسة "العقاب الجماعي للمسلمين"، وطالبوا الحكومة الهندية بالكف عن هذه السياسة المجحفة.

لكن هذا التحذير لم يردع السلطات الهندية وخاصة في العاصمة دلهي، التى شهدت العشرات من هذه الوقائع خلال السنوات القليلة الماضية.

وتقع هذه الحوادث بحجة تجميل المنطقة أو توسيع الشوارع، أو هدم مبان غير مرخصة، بينما لا يتم التعرض لآلاف معابد الهندوس غير القانونية، والمنتشرة فى كل مكان بالعاصمة وخارجها، بما فيها الحدائق العامة وعلى حواف نهر يامونا الذي يمر عبر المدينة، والتي لا يسمح لأحد بالبناء فيها أو حتى بالقرب منها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بما فیها

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: يجب تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن استراتيجية الأزهر لبناء جسور التعايش، التي انطلقت من تأسيس "بيت العائلة المصرية" عام 2011 بعد الاعتداء الأليم على كنيسة القديسين بالإسكندرية، مشيرا إلى أن هذا البيت يُدار بالتناوب بين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية كل 6 أشهر، وروعي في تشكيله ألا يترجم أي شيء يدل على تفرقة أو تمييز بين دين ودين.

وأضاف شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بأولى حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أنه بعد نجاح تجربة بيت العائلة المصرية داخليا، والتي كانت تجربة رائدة وملهمة، تم التفكير في كيفية محاولة زرع السلام بين طوائف الأمة في عالمنا الإسلامي والعربي، وأن تكون هناك «وحدة علمائية» كبداية، بحيث تشكل هذه الوحدة في وجدان الشعوب رؤية واحدة أو هدف واحد مشترك، قائلا:"من هذا المنطلق فكرنا في أن نلتقي نحن علماء المذاهب الإسلامية، وأن يكون بيننا لقاءات، وأن تكون بلادنا مفتوحة للعلماء".

وأكد شيخ الأزهر، أن مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي في البحرين نجح نجاحا كبيرا، معربا عن خالص تقديره لجلالة الملك حمد بن عيسى، ملك مملكة البحرين، الذي استضاف هذا المؤتمر الجامع لممثلي المذاهب المختلفة من أكثر من ثلاثين دولة، فكان فيه أهل السنة والشيعة الإمامية والإباضية والزيدية، وكان الجميع يشعر بالأخوة والصداقة والمصارحة، كما خرج المؤتمر بتوصيات مهمة جدا، وناقش المؤتمرون فيه الأسباب التي أوجدت هذه الفرقة أو هذا التعصب للمذهب، قائلا: "نحن نقبل التمذهب، وهو أمر لا مفر منه، ولكن نرفض التعصب للمذهب، وعلى الجميع أن يؤمنوا بمبدأ الوحدة في مواجهة العدو».

وشدد الإمام الطيب على ضرورة تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية، موضحا أن الاختلاف "سُنة إلهية" استنادًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾، لكنه حذَّر من تحوُّل الخلاف إلى تعصُّب يُضعف الأمة، مؤكدا أنه ليس بمعقول أن تكون أمانة التمذهب بأكبر من أمانة الوحدة والحفاظ على حياة الأمة، فيجب تقديم واجب الأمة على واجب المذهب، وأن يكون للأمة موقف واحد عند النوائب، كما يحدث مع الاتحادات الموجودة الآن، كالاتحاد الأوروبي والتحالفات الآخرى، قائلا «نحن أولى بها، وما معنا وما بيننا من مقومات التحالف أكثر بكثير جدا مما لديهم».

مقالات مشابهة

  • 80 ألف مصل يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
  • مليشيا الحوثي تغلق مسجداً أثرياً في إب وتصادر محتوياته وسط مخاوف من تحويله سكناً وثكنة عسكرية
  • 80 ألف مصل بالمسجد الأقصى في صلاتي العشاء والتراويح
  • مساجد آل البيت.. في «الحسين» تحلو ليالي شهر رمضان الكريم
  • مسجد بورسعيد التوفيقي أقدم مساجد محافظات القناة| تفاصيل
  • أمين دار الفتوى بـ كاليفورنيا يشرح للمسلمين المغتربين عقيدة العوام
  • تسمم 16 شخصا أثناء صلاة التراويح في أنقرة
  • شيخ الأزهر: يجب تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية
  • خطيب مسجد الأقصى يهنئ بحلول رمضان ويدعو الفلسطينيين لشد الرحال للأقصى
  • الشارقة يعود للانتصارات والوحدة ينتزع المركز الثالث