استرداد الأموال المنهوبة في تونس أكثر صعوبة وأقل ربحية مما كان متوقعا
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن استعادة أصول رجال الأعمال المتهمين بارتكاب جرائم اقتصادية ومالية أكثر صعوبة وأقل ربحيّة مما كان متوقعًا بالنسبة للسلطات التونسية. والسؤال المطروح: هل سيُعاد توزيع الأموال التي سرقها الأثرياء على الفقراء؟ في الواقع، يبدو طرح هذه المعادلة أسهل من حلّها، حتى عندما رفعها الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى مستوى السياسة الاجتماعية.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن استرداد أصول رجال الأعمال المتّهمين بارتكاب جرائم اقتصادية ومالية مقابل عفو قضائي مصحوب بغرامات، يعتبر أحد المحاور الرئيسية للسياسة الاجتماعية لحكومة قرطاج. على الورق، يُفترض أن يتيح هذا الإجراء للدولة التونسية استعادة ما لا يقل عن 13.5 مليار دينار (قرابة 3.7 مليار دولار)، لكن جمع الأموال أصبح أكثر صعوبة وأقل ربحيّة مما كان متوقعًا بالنسبة للسلطات.
لم تجمع الهيئة المسؤولة عن "الصلح الجنائي" - التعبير المستخدم لوصف عمليات استرداد الأموال هذه - سوى 26.9 مليون دينار (8.6 ملايين دولار) بين شهري آذار/ مارس 2022 وكانون الثاني/ يناير 2024. وأمام هذا السجل الهزيل مقابل تسهيل إجراءات الاسترداد، عدّل البرلمان القانون يوم الأربعاء 17 كانون الثاني/ يناير للسماح للرئيس قيس سعيّد ومجلس الأمن الوطني التابع له بفرض إرادتهما على رجال الأعمال المتمردين، دون إمكانية الاستئناف. وعلى ضوء ذلك، أشار القاضي السابق أحمد صواب "إما أن تتنازل، وإما تواجه المقصلة. إنه مشروع يرقى إلى مستوى 'الابتزاز' الحقيقي".
وذكرت الصحيفة أن فكرة "الصلح الجنائي" عُرضت بالتفصيل في 28 تموز/ يوليو 2021، أي بعد ثلاثة أيام من الانقلاب الذي استحوذ في نهايته قيس سعيّد على السلطات الكاملة، وهي مستوحاة من تقرير نشرته اللجنة الوطنية للتحقيق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 حول جرائم الفساد والاختلاس التي يرأسها المحامي عبد الفتاح عمر. بفضل هذا العمل، تم التحقيق في 463 قضية اختلاس تتعلق بأشخاص متهمين بالاستغلال غير المبرر للنظام المطبّق في ظل دكتاتورية الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وإحالتهم إلى العدالة بمبالغ تقدر بـ 13.5 مليار دينار - التي يأمل قيس سعيد استردادها لإعادة استثمارها في مشاريع تنموية لصالح المناطق الأكثر حرمانا في البلاد.
"لقد أصبح سوقا"
يرى العضو السابق في اللجنة الوطنية للتصرف في الممتلكات والأموال المعنية بالمصادرة للرئيس بن علي وأقاربه، أحمد سعاد، أن مهمة استرداد هذه المبالغ محكوم عليها بـ"الفشل"، خاصة أنها تشمل الممتلكات التي صادرتها الدولة أو أعادت بيعها بعد سقوط النظام القديم. وتساءل قائلا: "معظم أصول العديد من الأشخاص المتضررين مملوكة بالفعل للدولة. فماذا سيستردون؟".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس التونسي لا يزال متمسكا بعناده، ورغم التحفظات التي أبداها، إلا أنه لا يخفي انزعاجه. وخلال زيارة لمقر الهيئة في الثامن من أيلول/ سبتمبر 2023، قال أحمد: "لماذا كل هذه المفاوضات والإجراءات؟ لقد أصبح سوقا". وأضاف: "لا توجد مفاوضات، لسنا هنا للمناقشة، نحن نطلب منهم التوقيع على شيك (...). إذا كنت تريد أن تدفع، فمرحبا بك، وإلا فستكون هناك محاكمة جنائية".
وأوردت الصحيفة أن النظام القضائي التونسي سارع إلى وضع هذه التهديدات موضع التنفيذ مع اعتقال العديد من رجال الأعمال، من بينهم مروان مبروك، الصهر السابق للرئيس المخلوع، وعبد الرحيم الزواري، وزير النقل السابق، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. وتم إطلاق سراح بعضهم، ومن بينهم الزواري، بعد دفع كفالة قدرها عدة ملايين من الدنانير وما زالوا يخضعون للمحاكمة.
وبفضل تعديل القانون، بات رئيس الدولة - الذي يرأس مجلس الأمن القومي - يستطيع أن يقرر بنفسه المبلغ الذي يجب دفعه بشكل نهائي وغير قابل للنقض، وبالتالي تعزيز سلطته القسرية. حيال هذا، قال أحمد سعاد ساخرًا: "في أيلول/ سبتمبر، قال قيس سعيّد إن أي شخص يريد تجنب المحاكم والسجن عليه أن يدفع الثمن. الآن، من يريد الخروج من السجن هو الذي سيضطر إلى الدفع".
تزايد الدعاوى القضائية
نقلت الصحيفة عن لؤي الشابي، رئيس جمعية "آلارت" التي تحارب الاقتصاد الريعي في تونس: "إنها آلية ابتزاز مؤسسي حيث نقوم بهيكلة نظام الابتزاز من خلال إجبار رجال الأعمال على رعاية وتمويل مشروع قيس سعيّد. من خلال سجن أشخاص مثل كمال اللطيف أو مروان مبروك، فإننا نسعى أيضا إلى الحصول على شرعية سياسية، نظرا لفقدان الشرعية الانتخابية بعد أن عبثوا باللعبة الديمقراطية بطريقة غير قانونية". وحسب الخبير الاقتصادي، فإن هذا الأسلوب لا يهدف إلا إلى "السيطرة على النظام الاقتصادي وليس تنظيمه، بالإضافة إلى تبرير الإخفاقات الاقتصادية بإسنادها إلى نظام يقاوم".
ومنذ عدة أشهر، تضاعفت الدعاوى القضائية في عالم الأعمال وفي القطاع المصرفي، ومُنع عشرات الأشخاص من السفر، واتُهم المعارضون السياسيون بتعزيز التلاعب بهدف زعزعة استقرار السلطة، في الأثناء تتفاقم الأزمة الاقتصادية مع عجز في الميزانية يقدر بنحو 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2024، والحاجة إلى تمويل خارجي مجهول المصدر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في نيسان/ أبريل 2023، رفض الرئيس التونسي شروط خطة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار تمت مناقشتها لعدة أشهر بين تونس وصندوق النقد الدولي، مما أثار مخاوف من خطر "الانهيار" الاقتصادي الذي عبّر عنه خاصة الاتحاد الأوروبي ووكالات التصنيف. وأعلن بعد ذلك أن "البديل هو أن نعتمد على أنفسنا"، ولا سيما طرح مشروع "الصلح الجنائي" المتعثّر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية التونسية الفساد قيس سعيد تونس فساد قيس سعيد سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رجال الأعمال قیس سعی د
إقرأ أيضاً:
كيفية استرداد مقدم جدية حجز شقق الإسكان الاجتماعي في حالة عدم القبول
يبحث الكثير عن كيفية استرداد مقدم جدية حجز شقق الإسكان الاجتماعي، حيث يواجه بعض المتقدمين لحجز وحدات الإسكان الاجتماعي مشكلة عدم القبول، إما لعدم استيفاء الأوراق المطلوبة أو لعدم مطابقة الشروط المحددة من قبل وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ممثلة في صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري.
وفي ظل الإقبال الكبير على المشروعات المطروحة، قد يتجاوز عدد المتقدمين عدد الوحدات المتاحة، مما يجعل الأولوية للمستوفين لكافة المعايير.
أوضحت مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي، أن العملاء الذين لم يتم قبولهم يمكنهم استرداد مقدم جدية الحجز بسهولة عبر الموقع الإلكتروني للصندوق بعد غلق باب الحجز. https://cservices.shmff.gov.eg/
تتم العملية من خلال تسجيل الدخول باستخدام الرقم القومي وكلمة السر، ثم اختيار خدمة "استرداد مقدم الدفع" والموافقة على الإقرار المطلوب.
عقب تقديم الطلب، يقوم بنك التعمير والإسكان بتحويل المبلغ المستحق، كما يتلقى العميل رسالة نصية تؤكد استرداد المبلغ، مع تحديث حالة الطلب على الموقع إلى "تم رد جدية الحجز".
ضوابط الانتفاع بوحدات الإسكان الاجتماعيأكدت عبد الحميد أن الانتفاع بوحدات الإسكان الاجتماعي يخضع لشروط صارمة، حيث يُشترط على المستفيد السكن في الوحدة بشكل دائم له ولأسرته لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ويحظر التصرف في الوحدة سواء بالبيع أو الإيجار قبل انقضاء هذه المدة، إلا بموافقة مجلس إدارة الصندوق.
كما حذرت من أن مخالفة هذه الضوابط تعرض صاحب الوحدة لعقوبات قانونية قد تصل إلى الحبس لمدة عام، إضافة إلى إمكانية سحب الوحدة في بعض الحالات، وفقًا لقانون الإسكان الاجتماعي.
يحق للمتقدمين غير المقبولين استرداد مقدم جدية الحجز بسهولة عبر المنصة الإلكترونية للصندوق، مع تحويل المبلغ مباشرة من خلال بنك التعمير والإسكان.
كما يتعين على المستفيدين من الوحدات الالتزام بالسكن بها وفقًا للضوابط المحددة، تجنبًا لأي إجراءات قانونية قد تُتخذ في حالة مخالفة الشروط.
ترأس المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماع مجلس إدارة صندوق الإسكان الاجتماعى، ودعم التمويل العقارى، حيث تم استعراض الموقف التنفيذى للوحدات السكنية لمنخفضي ومتوسطي الدخل، التى تم ويجرى تنفيذها ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، "سكن لكل المصريين"، وموقف إعلان سكن لكل المصريين 5، ومؤشرات الأداء.
وأوضح المهندس شريف الشربينى، أنه تم وجارٍ طرح نحو مليون وحدة سكنية ضمن المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين – محور منخفضى الدخل"، لافتاً إلى أنه تم الانتهاء من تنفيذ 721 ألف وحدة لمنخفضي الدخل، وجارٍ استكمال تنفيذ 251 ألف وحدة سكنية أخرى، وتتضمن 54.6 ألف وحدة سكنية ضمن برنامج الإسكان الأخضر بـ9 مدن جارٍ تنفيذها والإسناد ضمن المبادرة، بالمرحلتين الخامسة والسادسة، كما أنه جار تنفيذ 27944 ألف وحدة إسكان متوسط واستثماري بـ15 مدينة ومحافظة.
واستعرضت مى عبدالحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، موقف إعلان سكن لكل المصريين 5" بإجمالي 78 ألف وحدة سكنية، لافتةً إلى أن عدد المواطنين الذين قاموا بشراء كراسات الشروط حوالي 762 ألفا من بينهم نحو 589 ألف مواطن قاموا بسداد جدية الحجز، ونحو 571 ألف مواطن تقدموا بالموقع الإلكتروني للصندوق.
واستعرضت مى عبدالحميد، الموقف المالى لتنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين"، وموقف المواطنين المتقدمين لحجز الوحدات السكنية، موضحة أنه تم حتى الآن طرح 19 إعلاناً منذ 1/6/2014، تقدم للحجز بها 2.1 مليون مواطن، وبلغ عدد المستفيدين من التمويل العقاري 617.5 ألف مستفيد، حيث بلغ حجم التمويل العقارى الممنوح للمستفيدين حتى الآن نحو 81.22 مليار جنيه، والدعم النقدى 10.13 مليار جنيه، من خلال 22 بنكا و8 شركات تمويل.
كما استعرضت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، مؤشرات الأداء، حيث بلغ متوسط التمويل العقاري للعميل الواحد 131.5 ألف جنيه، مشيرة إلى أن مركز الاتصالات تلقى 13 مليون مكالمة منذ 2015، كما تم استقبال 323 شكوى واستفسار تم الرد على 99% منها وذلك خلال الفترة من نهاية عام 2020 حتى الآن.