أجمل معارك باسيل: نقار داخل التيّار
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
كتب نجم الهاشم في" نداء الوطن": لا تسير الأمور بسلاسة داخل «التيار الوطني الحرّ». الإرباك الذي يعيشه «التيّار» على المستوى السياسي ينعكس أيضاً على المستوى الداخلي. ثمّة تراجع مستمر في الحضور والدور والفعل لم يستطع رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل أن يضع حدّاً له. ولذلك يبدو أنّه يخوض مواجهة على جبهتين: جبهة الوضع العام، وخصوصاً في ما يتعلّق باستحقاق رئاسة الجمهورية والعلاقة مع «حزب الله»، وجبهة الوضع الداخلي الذي يمرّ به «التيّار».
انتظر باسيل استحقاق التجديد له في رئاسة «التيار» بالتزكية ليعلن في احتفال 17 أيلول الماضي تولّيه القيادة الحزبية من دون منافس، ولكن لم يقل أنّ الولاية الجديدة ستكون من دون مشاكل. في هذا الإحتفال الذي غاب عنه النواب المعترضون على قيادته وإدارته للتيار، ألان عون وابراهيم كنعان وسيمون أبي رميا والياس بو صعب، وآخرون، أعلن أولاً النصر على معارضيه. قال: «فتحنا باب الترشيح وقدّمنا للجميع الفرصة بالتساوي، لكن رغم الدعوات والتشجيع العلني منّي ومن غيري، لا أحد استفاد من الفرصة وترشّح. هذا يعني تسليماً مسبقاً بالنتيجة المعروفة، وأنّ لا أحد عنده الاستعداد لخوض معركة انتخابية محسومة شعبياً. بهذا المعنى تكون التزكية ديمقراطية بنتائج حاسمة، وتكون أجمل المعارك هي التي تربحها من دون أن تخوضها».
لم يكتف باسيل بذلك بل ذهب بعيداً مع الإعلان عن أنّه بات لديه مساره الخاص محيلاً مؤسّس «التيار» الرئيس ميشال عون إلى التقاعد. قال باسيل: «هذا معنى التزكية للمرّة الثالثة، لأنّ التيّارالذي عنده حريّة الخيار، حدّد خياره... وهو ثقة بمساري وبخياراتي التياريّة والوطنية ودعوة لي لمواصلة المسار نفسه. وأنا أجدّد اليوم التزامي نفسه أمامكم من دون أي تراجع أو تنازل أو تعب. وإذا كان لأحد رأي مختلف، حقه بالاختلاف أو الاعتراض مقدّس، ولكن ضمن بيت التيّار وآليّاته، لا بالصالونات ولا بالإعلام. وعندما يصدر القرار على الجميع الالتزام به، ومن لا يلتزم يضع نفسه خارج النظام وتحت المساءلة والمحاسبة وصولاً إلى الخروج من التيّار. هذه حال الأحزاب وكلفة الانتساب لها... لا أحد مجبر، التيار نعطيه وليس فقط نأخد منه. وأنا على رأس من يلتزم بنظام تيّارنا، وأنا المَثَل، وحتى لو أنّ أموراً كثيرة لا تعجبني».
ما قاله باسيل عن حسم المعركة ضد معارضيه وتهديدهم بفرض الطاعة أو بالطرد لم ينجح في تكريس الأمر الواقع الذي أراده بدليل أنهم استمرّوا في تظهير الخلاف معه وبصورة أكبر وأوضح خارج «التيار» وداخله أيضاً. اختار باسيل معاونين له في قيادته الجديدة من الموالين شخصياً له، ولكن لم يظهر أن القيادة الجديدة قادرة على تأمين حماية رئيس «التيار» في المواجهة المفروضة عليه.
ثمة من يعتبر أن باسيل لا يمكنه أن يتحمّل المعارضة من داخل «التيار» أكثر من ذلك. ففي الحسابات الحزبية بالنسبة إليه سيصل إلى وقت يعتبر فيه أن بقاء المعارضين داخل «التيار» يجعلهم أقوى في مواجهته، وأنّ الخيار الأنسب له قد يكون في تظهير المشكلة أكثر إلى العلن واتخاذ القرار بإبعادهم من «التيار»، لأنّ هذا الأمر يجعلهم أضعف ويُفقدهم أسباب القوة التي لا يزالون يمتلكونها. فمن خلال الوضع القائم لا يمون عليهم ولا يضمن أصواتهم في أي معركة سياسية، خصوصاً في استحقاق رئاسة الجمهورية، وحتى في مناقشة الموازنة كانوا يغرّدون بعيداً عنه فبدا في كلمته خلال جلسة مناقشة الموازنة وكأنّه في مكان وهُم في مكانٍ آخر. قال كلمته ومشى من دون أن يمشوا معه.
قد يكون من الأفضل له أن يتخّذ القرار الصعب لكي يظهر من خلاله أنّه يمسك بالتيار بقوة ولكي يطبق ما قاله في خطاب التنصيب في 17 أيلول الماضي «عندما يصدر القرار على الجميع الالتزام به، ومن لا يلتزم يضع نفسه خارج النظام وتحت المساءلة والمحاسبة وصولاً إلى الخروج من التيّار». هذا الأمر يبقى بالنسبة إليه أفضل من أن يقال عنه أنه بات ضعيفاً أمام معارضيه الذين يجهرون بمعارضتهم. ويبقى السؤال «ماذا سيفعل جبران؟». ليس على مستوى الخيارات السياسية والمعارك الخاسرة فحسب بل على مستوى الأزمة الداخلية في التيار. فهي طبعاً ليست أجمل المعارك التي يخوضها.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
معارك عنيفة تقرب الجيش السوداني من استعادة القصر الرئاسي في الخرطوم
اندلعت معارك عنيفة في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم. وتأتي المعارك في خضم عمليات عسكرية متواصلة للجيش لاستعادة السيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية التي خسرها في الأيام الأولى للحرب قبل نحو عامين، ومنها القصر الرئاسي الذي أحكمت الدعم السريع السيطرة عليه ونشرت فيه قوات النخبة التابعة لها، ونصبت حوله عدداً من المضادات الأرضية وأجهزة التشويش.
وطبقا لمتابعات "العربي الجديد"، فإن وحدات من الجيش تحركت، مساء أمس الأربعاء، من أكثر من محور قتالي نحو القصر، واستخدمت الأسلحة الخفيفة والثقيلة مدعومة بسلاح الطيران. وتمكنت من تدمير عدد من الخطوط الدفاعية للدعم السريع، واقتربت بشكل أكبر من ذي قبل من إعلان سيطرتها على القصر الرئاسي.
ونشر جنود من الجيش مقاطع فيديو وهم على أسوار المبنى السيادي ويتوعدون بالدخول إليه في غضون ساعات. وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن الجيش وفي طريقه نحو دخول القصر، دمر عشرات العربات القتالية وأفشل مخططا للدعم السريع لسحب ما تبقى من جنودها. ولم تعلق قوات الدعم السريع على التطورات الأخيرة وتقدم الجيش، فيما نشرت دوائر إعلامية تابعة لها مقاطع فيديو لجنود من المليشيا قالوا إنهم داخل القصر وقادرون على الدفاع عنه.
وتشهد محاور القتال الأخرى هدوء نسبيا، باستثناء مدينة الفاشر، غرب البلاد، حيث أكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أن قوات الدعم السريع واصلت قصفها المدفعي أمس الأربعاء، ولليوم الرابع على التوالي، لأحياء المدينة المختلفة ومعسكرات النازحين.
ويخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" منذ إبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا. ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة، والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.