كتب منير عقيقي: يشكل الاستحقاق الرئاسي شأنا مارونيا بامتياز، لأن الرئيس اللبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي وفي هذ الشرق يتبوأ هذا المنصب. لذلك، من المفترض ان يعمل القادة الموارنة والكنيسة، على التعاطي مع هذا الاستحقاق من منطلق دورهم التاريخي في هذه الارض، كما من واجبهم ايضا المحافظة عليها مع شركائهم في الوطن.

وعلى المسيحيين ان يعودوا اصحاب دور وخيار، وأن يتمسكوا بفرادة لبنان كوطن عيش واحد ورسالة حضارية دائمة محورهما الحرية والانفتاح. يعتبر لبنان "وطنا آمنا" للمسيحيين، والالتزام الوطني يفرض عليهم وعلى شركائهم في الوطن ان يكونوا صمام امان لبعضهم البعض.



- من الضروري ان يكون للقادة الموارنة والكنيسة، دور فاعل ومؤثر في ايجاد مخرج مشرّف لهذا الاستحقاق، وإبعاده عن المزايدات، وان لا يكون محور خلاف ماروني - ماروني او ماروني - لبناني.

حتى الان، هناك مشاريع رؤساء ومواصفات لهم. ولكن لا يوجد مشروع موحد للمرشحين، يستند الى الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية استنادا الى الدستور، كي يعلنوا ترشيحهم على اساس الثوابت الوطنية لهذا المشروع، ويلتزمون به امام كل اللبنانيين، لا سيما وان موقع رئاسة الجمهورية هو لمصلحة كل اللبنانيين. لذا، من واجب كل مرشح ان ينطلق من طائفته وتاريخها، التي كان لها الدور الاكبر، مع الشريك المسلم، في اعلان لبنان الكبير.

ـ ثانيا: الثوابت والدور:

انطلاقا من الصلاحيات المنوطة برئيس الجمهورية في الدستور ودوره الوطني، من المفيد ان يرتكز المرشح لرئاسة الجمهورية الى ثوابت وطنية تشكل له اساسا متينا لإدارة الحكم في الدولة بالتعاون مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وليس الى مواصفات شخصية او شروط تملى عليه.

يمكن تعداد ثوابت هذا المشروع، الذي على اساسه يتقدم كل مرشح الى رئاسة الجمهورية، كما يلي:

1-الالتزام بمضمون قسم اليمين الدستورية والعمل بموجبه:

"احلف بالله العظيم اني احترم دستور الامة اللبنانية وقوانينها، واحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة اراضيه".

2-بعد حلف يمين الاخلاص للأمة والدستور، يكون رئيس الجمهورية:

• الدستوري والقانوني الاول، انطلاقا من احترامه الدستور والقوانين.

• السيادي الاول، انطلاقا من حفاظه على استقلال الوطن.

• المقاوم الاول، انطلاقا من حفاظه على سلامة اراضي الوطن.

3-الالتزام بالدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، والتعهد بالعمل على استكمال تنفيذ كل بنوده بالتوافق والحوار بين المكونات السياسية كافة.

4-الاشراف، وحث الحكومة الجديدة، على تبني خطط للاصلاح الاداري والاقتصادي والمالي والاجتماعي، وعلى وضع برامج تحديث المؤسسات الرسمية والادارات العامة وتطويرها، ومكافحة الفساد وتفعيل عمل الاجهزة الرقابية والقضائية المختصة.

5-المحافظة على الثروة النفطية، والاشراف على ادارة مواردها وطرق استثمارها، وابرام وتوقيع الاتفاقيات في شأنها.

6-الالتزام بالمواثيق الدولية وعلى رأسها ميثاق الامم المتحدة وميثاق شرعة حقوق الانسان وميثاق جامعة الدول العربية... وتفعيل دور لبنان في محيطه العربي وفي المحافل الدولية.

7-العمل على اعادة احياء العلاقات اللبنانية - العربية والدولية، والحفاظ على افضل العلاقات التاريخية بين لبنان وهذه الدول، وتفعيلها في كل المجالات التي تخدم لبنان.

8-دعم القضية الفلسطينية والقرارات الصادرة عن الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي وجامعة الدول العربية ذات الصلة، لجهة التأكيد على حق العودة ورفض التوطين، وضبط الامن في المخيمات.

9-دعوة المكونات اللبنانية وكل القوى السياسية والحزبية الى "طاولة حوار"، تعقد في القصر الجمهوري، من اجل صياغة "استراتيجية وطنية عامة" تشمل كل القضايا الاساسية المتعلقة بوحدة لبنان وسلامة أراضيه وأمنه وسيادته ومستقبله واستراتجيته الدفاعية.

10-العمل مع الحكومة الجديدة على توحيد كل الوسائل الديبلوماسية والعسكرية المتاحة من اجل استعادة الاراضي اللبنانية المحتلة، وحماية حدود الدولة اللبنانية.

11-العمل على وضع خطة لمعالجة ملف النزوح السوري، ضمن القوانين الدولية والمصلحة اللبنانية العليا، لإعادة السوريين الى بلادهم بالتنسيق مع الدولة السورية والمجتمع الدولي، ورفض كل اشكال وبرامج دمج السوريين في المجتمع اللبناني مقدمة لتوطينهم.

12-تطبيق قانون منح الجنسية اللبنانية بشفافية مطلقة، والعمل على تسهيل اجراءات استعادة اللبنانيين من اصول لبنانية لجنسيتهم استنادا الى القوانين النافذة.

-ثالثا: الواقع الحالي للاستحقاق الرئاسي:

- ان مصير الاستحقاق الرئاسي، حتى الان، مرهون بأمرين:

اولا: ما ستكون عليه نتائج الحرب على غزة وفي المنطقة.

ثانيا: قدرة اعضاء مجموعة الدول الخمس على الاتفاق على اسم الرئيس المقبل.

-رابعا: لبننة الاستحقاق الرئاسي:

من اجل لبننة هذا الاستحقاق واخراجه من الاطار المكبّل بداخله، ارى انه من المفيد ان يلتزم  المرشحون الى الرئاسة الاولى بهذه الثوابت، (طبعا هي قابلة للنقاش)، وان يتقدموا بترشيحاتهم على اساسها، فيتحرّروا من الشروط والمواصفات التي تُفرض عليهم، (وكأنهم في مباراة او مسابقة)، في حين ان رئيس الجمهورية هو اكبر من ان تُفرض عليه شروط، لا بل العكس هو من يجب ان يطلب من جميع الافرقاء في الداخل التقيد بالدستور والقوانين لينجح واياهم في ادارة الحكم، واعادة بناء الدولة بعيدا من اي مصلحة شخصية او سياسية ضيقة.

تشكل هذه الثوابت مشروعا موحدا لكل المرشحين الموارنة، وعامل ارتياح عند كل اللبنانيين، فيتوحّد المرشحون على مبادئ هم وضعوها لانفسهم، بدلا من ان يختلفوا على مواصفات سياسية او مزايا اقتصادية واجتماعية، بحيث يضطرون الى تقديم اوراق اعتمادهم الى مَن يفرضها عليهم.

في حال الموافقة على هذه  الورقة، نكون حقيقة قد اعدنا هذا الاستحقاق الى موقعه الطبيعي، فتُفتح طبيعيا ابواب المجلس النيابي في دورات متتالية لإنجاز العملية الانتخابية، ومَن يفوز يكون فوزه مبنيا على الثوابت الوطنية التي التزم بها امام الله والشعب، وليس مبنيا على مواصفات وشروط فرضهما عليه هذا الطرف او ذاك، ان في الداخل او من الخارج.

اخيرا، هل من مرجعية مستعدة وجاهزة وقادرة على الإمساك بـ"جمرة" الاستحقاق الرئاسي وتبريدها واستعادة الدور، ولبننة هذا الاستحقاق؟

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الاستحقاق الرئاسی هذا الاستحقاق انطلاقا من

إقرأ أيضاً:

لبنان أولا : عون يطالب بعدم عرقلة تأليف الحكومة اللبنانية داخل «زواريب مذهبية»

بيروت - بولا أسطيح - دعا الرئيس اللبناني، جوزيف عون، إلى عدم «عرقلة تشكيل الحكومة في زواريب مذهبية وطائفية وسياسية ضيقة»، وسط عقبات ومطالبات من الكتل وممثلي القوى السياسية بتمثيلها في الحكومة الجديدة؛ مما يهدد بتأخير تشكيلها إلى حين تذليل تلك العقبات.

وقال عون الأربعاء: «لقد بدأنا إعادة الثقة بين الشعب والدولة، ونأمل تأليف حكومة بأسرع وقت؛ تكون ملائمة لتطلعات الشعب، على أن نقوم تباعاً بمد جسور الثقة مع العالمين العربي والغربي. وهذا ليس بالأمر الصعب إذا ما وجدت نوايا صادقة تجاه المصلحة العامة».


وقال الرئيس اللبناني إنه «من أولى الإشارات الإيجابية التي يجب أن نُظهرها للعالم هي تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لا أن تتم عرقلة التشكيل في زواريب مذهبية وطائفية وسياسية ضيقة»، مضيفاً: «نحن أمام فرص يجب ألا نتركها تضيع منا، بل علينا الترفع عن جميع الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل».

نواب «التغيير»

ويرفض نواب «التغيير»، الذين كان لهم دور في توحيد صفوف المعارضة للسير نحو تسمية القاضي نواف سلام لتشكيل حكومة لبنانية جديدة، التعاطي مع ما يُتداول إعلامياً عن عودة منطق المحاصصة الطائفية والحزبية لتسيير عملية تشكيل الحكومة. ويجمع هؤلاء النواب راهناً على وجوب تجاوز آليات التشكيل التقليدية وفرض آلية جديدة تعتمد حصراً مبدأ الكفاءة، وتتماشى مع الجو «التغييري» الذي لفح استحقاقَي انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. وينقسم نواب «التغيير» منذ مدة إلى 3 أقسام بالنظر إلى مقارباتهم المختلفة لعدد من الملفات والاستحقاقات، لكنهم جميعاً صوّتوا لنواف سلام رئيساً للحكومة.

«حصتنا رئيس الحكومة»

وجرى التداول مؤخراً بأنه سيكون لنواب «التغيير» حصة في الحكومة المقبلة من وزيرين أو 3، إلا إن أكثر من نائب «تغييري» ينفي نفياً قاطعاً أن يكونوا قد طالبوا سلام بحصة معينة. وعن هذا الموضوع، تقول النائبة بولا يعقوبيان: «نحن لا نريد حصة وزارية، ونرفض منطق المحاصصة. حصتنا نأخذها حين نبني البلد الذي نطمح إليه وحين يجري تعيين وزراء أكفاء وأوادم». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا حصتنا هي رئيس الحكومة الذي هو من جونا، وبالتالي نحن آخر من سيضع شروطاً ومطالب على طاولته، فهو أدرى كيف يشكل حكومته وفق المعايير التي يراها مناسبة»، لافتة إلى أن «كثيراً مما يجري التداول فيه عن توزيع حقائب ووزارات، لا يمت للواقع بصلة».

مقاربة جديدة

وكما يعقوبيان، ينفي النائب فراس حمدان أن يكون النواب «التغييريون» طالبوا بوزارات معينة أو بحصص في الحكومة المقبلة، لافتاً إلى أن ما يسعون إليه هو أن تكون هناك «مقاربة سياسية جديدة لشكل ومهمة الحكومة؛ مما يشكل امتداداً لمشهد انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف نواف سلام، فتكون الحكومة قادرة على إنجاز الإصلاحات ومواكبة مضمون خطاب القسم كما ورد في كلمة الرئيس المكلف بُعيد تكليفه».

ويشدد حمدان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على رفضهم المطلق تشكيل الحكومة «وفق منطق المحاصصة الطائفية والسياسية الذي كان معتمداً في تشكيل الحكومات خلال السنوات الماضية، بصفته منطقاً أثبت فشله الذريع»، مشيراً إلى أن موقفهم بصفتهم «نواب تغيير» يتخذونه بناء على مرسوم التشكيل وليس بناء على تشكيلات تُتداول إعلامياً.

ورداً على سؤال عن كيفية تأمين الرئيس المكلف الثقة لحكومته في حال لم يقف عند طلبات القوى والأحزاب السياسية، أكد حمدان أنه «على القوى السياسية التقليدية أن تتحمل مسؤولياتها أمام الشعب والمجتمع الدولي، فتسمية سلام كانت تسمية رأي عام وليست تسمية أشخاص، وأتت نتيجة الضغط السياسي الشعبي، حتى جماهير الأحزاب عادت وطالبت به بعدما أطلقنا نحن المبادرة ودفعنا باتجاه انتخابه».

نظام «تغييري» أم «تقليدي»؟

لا ينكر مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أنه كان لـ«التغييريين» دور كبير في إيصال نواف سلام، «لكن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه: هل نظام الحكم الجديد سيكون تغييرياً أم نسخة عن نظام الحكم السابق؟! وفي حال كنا بصدد السيناريو الثاني، فيمكن معاملة (التغييرين) عندها كأنهم حزب وفريق سياسي يمكن إرضاؤه بتمثيل وزاري معين. لكن هذا سيكون أمراً مؤسفاً؛ ويعني أننا عدنا إلى نظام المحاصصة الذي يعدّ من خارج الأصول الديمقراطية وأصول الحكم الرشيد؛ لأن نظاماً كهذا يجعل من الحكومة برلماناً مصغراً ويلغي الدور الرقابي لمجلس النواب ويقضي على مبدأ تداول السلطة بين معارضة وموالاة».

ويرى نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل الأمثل هو تشكيل حكومة تكنوقراط لا تتمثل فيها كل القوى السياسية، وتكون هناك معارضة تراقبها من البرلمان؛ مما يؤدي إلى انتظام العمل السياسي».

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • مباراة العلوم 2025.. فرصة لطلاب لبنان لعرض ابتكاراتهم العلمية في الجامعة اللبنانية
  • إعلام عبري: الجيش لن ينسحب من كامل الأراضي اللبنانية حتى الأحد
  • رئيس الجمهورية اللبنانية يستقبل وزير الخارجية
  • لبنان أولا : عون يطالب بعدم عرقلة تأليف الحكومة اللبنانية داخل «زواريب مذهبية»
  • رئيس الجمهورية يتلقى رسالة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي
  • رئيس الحكومة اللبنانية: الحقائب الوزارية ليست حكراً على أحد
  • بمناسبة انتخاب عون رئيساً.. إليكم ما فعله الاتحاد الوطني للمؤسسات اللبنانية البرازلية
  • أبو الحسن يشيد باحتضان الكويت للجالية اللبنانية وهذا ما يأمل به
  • السيسي وبوتين يبحثان التطورات في لبنان وأوكرانيا وجهود استعادة الاستقرار بالسودان وليبيا
  • اتحاد كتاب مصر: تكريم المثقفين استعادة لوضعهم التاريخي الثري |فيديو