الخليج الجديد:
2024-12-26@16:25:42 GMT

الموقف من محكمة العدل الدولية

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT

الموقف من محكمة العدل الدولية

الموقف من محكمة العدل الدولية

لا حكمة ولا توازن في شنّ حملة شعواء على محكمة العدل الدولية، بسبب عدم إصدارها أمرا بوقف إطلاق النار.

لا بد للمحكمة كما تقتضي إجراءاتها، في العادة، أن تذهب إلى التحقيق ومناقشة البيّنات، ولمدى، ربما سنوات حتى تصدر قراراتها النهائية.

الأمر الصادر عن المحكمة يتضمن موضوعياً، اتجاها مبطنا لاتهام الكيان الصهيوني، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي تنصّ عليها الاتفاقية الدولية.

قبول محكمة العدل الدولية النظر في دعوى جنوب أفريقيا، ضد "إسرائيل" (الكيان الصهيوني). وجّه صفعة قوية للكيان الصهيوني وأمريكا والغرب عموماً.

الامتحان الحقيقي هو صدور القرار النهائي إن كان هناك، بسبب الضغوط، قرار نهائي ومن ثم من الضروري الإفادة من محكمة العدل الدولية حاليا في تعبئة الرأي العام.

طلبت المحكمة وقفاً لإطلاق النار فوراً بأوكرانيا حيث لا جرائم إبادة فيما تستمر جرائم الإبادة بغزة، وتنفسّ مرتكبوها الصعداء لعدم صدور أمر بوقف اطلاق النار بغزة.

الأهم جرأة المحكمة، بقبول دعوى الإبادة ضد الكيان الصهيوني، ووضعه في قفص الاتهام ومضيّها بإجراءات المحاكمة، رغم تناقضهما مع عدم صدور قرار احترازي بوقف اطلاق النار.

* * *

قبول محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى التي قدمتها دولة جنوبي أفريقيا، ضد "دولة إسرائيل" (الكيان الصهيوني). وجّه صفعة قوية للكيان الصهيوني ولأمريكا والغرب عموماً. لأن محتوى الدعوى يستند إلى اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وهي بالطبع أبشع تهمة توجّه إلى دولة، وأسوأ جريمة ترتكبها دولة. فكيف إذا كانت الدولة المعنية "دولة إسرائيل" التي عوملت، منذ تأسيسها، باعتبارها الدولة الوحيدة فوق القانون، مهما انتهكت من قانون دولي، وارتكبت من جرائم القتل الجماعي، وجرائم حرب.

ولهذا، وبالضرورة يكون مجرد تشكيل محكمة العدل الدولية، ولهذا الغرض، (اتهام الكيان الصهيوني، بارتكاب جرائم القتل الجماعي، انتصاراً مهماً لقضية فلسطين، وحاضراً للمقاومة والشعب في قطاع غزة.

وقد أدّى فوراً، وقبل أن تعقد المحكمة أولى جلساتها، إلى إعطاء دفع قوي للتظاهرات، والرأي العام العالمي للمضيّ، بعزائم أشدّ، في إدانة الكيان الصهيوني باعتباره مجرم حرب، ومجرم إبادة، ومنتهك للقانون الانساني الدولي.

ولا يقللن أحد من أهمية الرأي العام العالمي راهناً ومستقبلاً.

اقتضت الجلسات الأولى للمحكمة أن تدرس حيثيات دعوى دولة جنوبي أفريقيا، وردّ الكيان الصهيوني عليها، وقد انقسم طلب الدعوى إلى قسمين رئيسيين:

- الأول إصدار قرار بوقف إطلاق النار؛

- الثاني مراجعة الحيثيات المتعلقة، بمدى مطابقة الدعوى، مع القوانين الخاصة بجرائم القتل الجماعي فيها. وهو ما يتطلب ما يزيد على سنة، وربما أكثر، لاتخاذ قرار الإدانة.

وذلك رغم أن هذه التهمة الموحهة للكيان الصهيوني، لا تحتاج من محكمة العدل الدولية، إلى أي تحقيق، وتقديم بيّنات، لأن ارتكاب الكيان الصهيوني لجرائم الإبادة، طوال مائة يوم، مشهودة أمام العالم كله، كما أمام قضاة المحكمة، وبالصوت والصورة، فضلاً عن تصريحات كبار مسؤولي الحكومة الصهيونية المعلنة، وبلا محاولة نكران، أو نفي، بإظهار النية والتصميم لارتكاب الجريمة، وصولاً إلى مطالبة وزير الآثار الصهيوني بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.

ومع ذلك، بالطبع، لا بد للمحكمة كما تقتضي إجراءاتها، في العادة، أن تذهب إلى التحقيق ومناقشة البيّنات، ولمدى، ربما سنوات حتى تصدر قراراتها النهائية.

وبالمناسبة، في هذه القضية، وطوال المائة يوم، أعلنت عشرات الملايين، أو مئات الملايين من المتظاهرين والمتظاهرات في كل بلدان العالم، إدانتهم للكيان الصهيوني باقتراف الجرائم، وبأكثر، مما هو مطلوب من المحكمة أن تصل إليه. وطبعاً مع ذلك، لا بدّ للمحكمة أن تأخذ وقتها، ولا بد لنا من أن ننتظر.

من هنا ما كان لأمريكا، بسبب نفوذها وسطوتها العالمية، ومعها عدد من الدول الغربية، إلاّ أن ترفض الإقرار بما رأته عيناها، وشاركت فيه بنفسها، بأن ثمة جرائم حرب وإبادة، ليس هذا فحسب، وإنما، وبلا حاجة إلى معلومات، راحت تمارس مختلف الضغوط (التهديدات والإغراءات) على أعضاء المحكمة لعدم إصدار قرار، حتى بوقف إطلاق النار، ولو من قبيل الاحتراز من استمرار جرائم الإبادة.

وذلك لبدء الضغوط الأشدّ لتسييس قرارها النهائي. ولهذا تجنبت المحكمة إصدار قرار لوقف إطلاق النار، على العكس مما فعلت، وبسرعة البرق (29 يوماً) حين أصدرت قراراً ضد روسيا، ونصّه "يجب على روسيا الاتحادية أن تعلق فوراً العمليات العسكرية التي بدأتها في 24 من فبراير/شباط 2022 على أراضي أوكرانيا".

وذلك إلى جانب ما أبدته من شعور "بقلق عميق إزاء استخدام القوة" (الروسية)، وما يثيره من "مشاكل خطيرة جداً بالقانون الدولي". فقد طلبت وقفاً لإطلاق النار فوراً حيث لا تهمة بارتكاب جرائم إبادة. فيما جرائم الإبادة في غزة مستمرة، وقد تنفسّ مرتكبوها الصعداء، لعدم صدور الأمر بوقف اطلاق النار في عدوانهم على غزة.

حقاً ليس من الحكمة، ولا بدّ من إقامة التوازن الصحيج، أن تشنّ حملة شعواء على محكمة العدل الدولية، بسبب عدم الأمر بوقف إطلاق النار. وذلك لأن الأهم جرأة المحكمة، بقبول دعوى الإبادة ضد الكيان الصهيوني، ووضعه في قفص الاتهام من جهة، ومضيّها، من جهة أخرى، بإجراءات المحاكمة، على الرغم من تناقضهما مع عدم صدور القرار الاحترازي بوقف اطلاق النار.

فتلك الجرأة هي الأهم في حساب هذين المتناقضين في موقف المحكمة. الأمر الذي يجب إبراز الأهمية التاريخية والاستراتيجية، لمجرد إدخال الكيان الصهيوني في قفص الاتهام، بأخطر جريمة ترتكبها دولة.

ما ينبغي للموقف الأمريكي أن يحسب بأنه وراء الانحياز الأعمى للكيان الصهيوني فحسب، وإنما هو أيضاً موقف لحساب إدارة بايدن الشريكة في استراتيجية جرائم الإبادة المستمرة في قطاع غزة، ولم تزل.

وهي شريكة في اتخاذ القرار في التاسع والعاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023. أي قرار الرد على السابع من أكتوبر، كما في استخدام الكيان الصهيوني للطائرات الأمريكية، والقذائف الأمريكية في تنفيذ جرائم الإبادة ضد المدنيين مسنين ومسنات، ورجالاً ونساءً وأطفالاً، وبيوت سكن ومنشآت مدنية من مساجد وكنائس ومدارس ومستشفيات.

هذا، وإلى جانب إبقاء التقدير العالي، لجرأة قبول محكمة العدل الدولية، للدعوى المقامة من قِبَل دولة جنوب أفريقيا ضد "دولة إسرائيل"، فإن باقي محتويات قرارها الذي لم يأمر بوقف إطلاق النار، تضمنت حثاً للكيان الصهيوني بضرورة الالتزام بكل البنود التي تضمنتها الاتفاقية الدولية لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة.

الأمر الذي يتضمن موضوعياً، اتجاها مبطنا لاتهام الكيان الصهيوني، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي تنصّ عليها الاتفاقية الدولية.

ولكن الامتحان الحقيقي فهو في صدور القرار النهائي إن كان هناك، بسبب الضغوط، قرار نهائي.

ومن ثم فإنه من الضروري الإفادة من محكمة العدل الدولية في المرحلة الراهنة في تعبئة الرأي العام.

*منير شفيق كاتب ومفكر وسياسي فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: احتلال فلسطين الكيان الصهيوني جنوب أفريقيا القرار النهائي الإبادة الجماعية محكمة العدل الدولية من محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة بوقف إطلاق النار بوقف اطلاق النار للکیان الصهیونی الکیان الصهیونی جرائم الإبادة عدم صدور

إقرأ أيضاً:

الكيان الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤوليته عن اغتيال إسماعيل هنية

أفادت مصادر إعلام عبرية، أن يسرائيل كاتس، وزير جيش الاحتلال الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤولية الكيان الصهيوني عن اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في العاصمة الإيرانية طهران، جويلية  الماضي.

وبحسب ما نقلته القناة الـ12 الصهيونية، فقد أدلى وزير الدفاع الصهيوني بتصريحات مساء اليوم الاثنين، قال فيها: “سنضرب الحوثيين بقوة، وسنستهدف البنى التحتية الاستراتيجية لهم، وسنقطع رؤوس قادتهم، تمامًا كما فعلنا مع هنية، والسنوار، ونصر الله في طهران، غزة، ولبنان، سنفعل ذلك في الحديدة وصنعاء”.

وللإشارة، اغتيل هنية بتاريخ 31 جويلية الماضي، في العاصمة الإيرانية طهران بعدما كان في زيارةٍ لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.  كما استشهد إلى جانبِ هنية حارسه الشخصي القيادي الميداني في كتائب القسّام وسيم أبو شعبان.

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى يطالب رابطة مجالس الشيوخ بالتحرك دوليا لإيقاف جرائم الكيان الصهيوني بغزة
  • المقاومة مستمرّة: الكيان الصهيوني تحت مجهر القانون
  • “العدل الدولية” تبدأ إجراءات الفتوى بشأن إلتزامات الكيان الصهيوني بتواجد الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية
  • الأمم المتحدة تطلب رأي “العدل الدولية” في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
  • الكيان الصهيوني يطلب تمديد إخلاء المستوطنات الحدودية شمالاً وجنوبا
  • الأمم المتحدة تطلب رأي العدل الدولية في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
  • عمرو خليل: نتنياهو وجالانت محاصران بملاحقات المحكمة الدولية
  • حماس تثمن مواقف وهجمات الحوثيين ضد الكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤوليته عن اغتيال إسماعيل هنية
  • الكيان الصهيوني يعلن اغتيال البيك رئيس جهاز الأمن في حماس